سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 13 مايو 1805.. زعماء الشعب يختارون محمد على واليا لمصر.. وخورشيد باشا يرد: «إنى من طرف السلطان ولا أعزل من طرف الفلاحين»

خورشيد باشا
خورشيد باشا
اجتمع وكلاء الشعب ونقباء الصناع فى دار المحكمة العليا بالقاهرة لليوم الثانى على التوالى ليتداولوا فيما يمكن فعله مع الوالى خورشيد باشا، بعد أن بقى ألف وخمسمائة من جنوده فى  القاهرة يرفضون الخروج منها على عكس مطالب الناس.. حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الأول من كتابه «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر «قصة هذه الساعات التى انتهت بتتويج محمد على حاكما على مصر..» راجع ، ذات يوم ، 12 مايو 2021».
 
يذكر «الرافعى» أن الناس احتشدوا فى فناء المحكمة وحولها يوم 13 مايو، ليتداولوا فيها الموقف، واتفق الرأى على عزل «خورشيد باشا» وتعيين محمد على واليا بدلا منه، وعندئذ قاموا وانتقلوا إلى دار محمد على لتنفيذ قرارهم، وأبلغوه ما اتفقوا عليه.. قالوا: «إننا لا نريد هذا الباشا واليا علينا ولا بد من عزله من الولاية».. ونادى عمر مكرم بالنيابة عنهم وقال: «إننا خلعناه من الولاية».. فقال محمد على: «ومن تريدون واليا؟»، فقال الجميع بصوت واحد: «لانرضى إلا بك وتكون واليا بشروطنا لما نتوسمه فيك من العدالة والخير».
 
تصرف أمام محمد على أمام هذا الموقف بذكاء لافت، فأظهر ترددا وامتناعا حتى لا يقال أنه هو المحرض على الثورة ضد خورشيد باشا، وفقا لما يشير إليه «الرافعى».. رد على زعماء الشعب، بأنه لايستحق هذا المنصب، وأن هذا التعيين قد يمس حقوق السلطان العثمانى، فهو الذى فى يديه هذا القرار، لكن وكلاء الشعب ألحوا عليه وقالوا جميعا : «اخترناك برأى الجميع والكافة، والعبرة برضا أهل البلاد».
 
أخذ زعماء الشعب العهود والمواثيق بأن يسير محمد على بالعدل وألا يبرم أمرا إلا بمشورتهم ، وهكذا قبل قرارهم بأن يكون هو الوالى الجديد.. يذكر «الرافعى»: «نهض عمر مكرم والشيخ الشرقاوى وألبساه خلعة الولاية، وكان ذلك وقت العصر، وأمروا بأن ينادى به فى أنحاء المدينة واليا لمصر»، ويعلق الرافعى: «تلك أول مرة فى تاريخ مصر الحديث يعزل الوالى ويختار بدله بقوة الشعب وإرادته بقرار.. كان الولاة يعزلون بقوة الجند وإرادة رؤسائهم من المماليك، لكن هذه المرة كان الانقلاب شعبيا، فوقع بإرادة الشعب وبقوة الشعب.. تم انتخاب محمد على الولاية على الرغم من صدور الفرمان السلطانى بإسنادة ولاية «جدة» له، وكان معروفا أن الحكومة التركية تؤيد خورشيد باشا وتناصره فى موقفه».
 
كان «خورشيد» بطبيعة الحال يعلم مايدور فى دار المحكمة عبر جواسيسه، وهو الجالس فى مقر الحكم بالقلعة، وانتظر اللحظة التى سيتم فيها إبلاغه بالقرار..يذكر الرافعي: «أبلغ زعماء الشعب قرارتهم إلى خورشيد باشا، وذهب وفد منهم إلى القلعة لمقابلته، فأجابهم : «إنى مولى من طرف السلطان فلا أعزل بأمر من الفلاحين، ولا أنزل من القلعة إلا بأمر من السلطنة».. معنى ذلك أنه رفض الإذعان لمطالب وكلاء الشعب، وكبر عليه أن يصدر منهم أمر أو نهى، فلم يكن بد من نشوب القتال بين الشعب والوالى».
 
أخد الوالى يحصن القلعة ويزودها بالمؤن والذخيرة، ويستعد للقتال لإخماد الثورة وإخضاع المدينة، وأخذ زعماء الشعب من ناحيتهم يعدون الناس فدعوهم إلى حمل السلاح وحصار القلعة، واحتشد الثائرون فى ميدان الأزبكية حتى ملأوه، واعتزم الزعماء أن يعيدوا إبلاغ الوالى قرارهم، فبعثوا برسالة إلى اثنين من خاصة مستشاريه هما «عمر بك وصالح قوش»، يذكرون فيها ما اجتمع عليه رأى الجمهور فى اجتماعهم بالمحكمة، فرد المستشاران بأنهما يطلبان سندا شرعيا مكتوبا لعزله، فاجتمع الزعماء يوم الخميس 16 مايو 1805 بدار المحكمة (بيت القاضى ) وحرروا محضرا فى شكل سؤال وجواب على نحو الفتاوى التى كانت تصدر بخلع السلاطين فى الآستانة، ووقعوا على المحضر وأرسلوه  إلى الوالى ومستشاريه، فلم يقتنعوا به ولم يتعقلوه، واستمر الوالى على عناده، فأخذ عمر مكرم يحرض الناس على الاجتماع والاستعداد للقتال من أجل تنفيذ إرادتهم، ولبى الأهالى متطوعين يحملون فى أيديهم ما وصل إليهم من الأسلحة والعصى، وأقاموا المتاريس والاستحكامات بالقرب من القلعة وتحصنوا بها وحمل السلاح كل قادر على حمله.
 
اشتعلت القاهرة، وتواصلت الاشتباكات كل ليلة بين الثوار وجنود خورشيد باشا، فى نفس الوقت الذى كان فيه زعماء الشعب وعلى رأسهم عمر مكرم يزيدون الناس حماسا، وظلت الحرب سجالا إلى أن جاء من الآستانة يوم 9 يوليو 1805 رسول يحمل فرمانا يتضمن تعيين محمد على باشا واليا على مصر وخلع خورشيد باشا.  
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ترامب يعلن حضور نهائى كأس العالم للأندية 2025

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

بطل من الحماية المدنية.. صاحب اللقطة الأشهر ظل ساعات أمام الأدخنة حتى إخماد حريق سنترال رمسيس

إحباط تهريب 300 كائن حى نادر بمطار القاهرة.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراضا وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصالا لها.. وتتسبب فى خسائر فى الثروة الحيوانية

مديرية الشباب والرياضة تخاطب الإسماعيلى بسبب استمارات سحب الثقة


السجن 10 سنوات لـ7 متهمين بدفن شاب حيا داخل ماسورة مياه فى المحلة

إيران تستلم بطاريات صواريخ أرض جو من الصين

بالدموع والحزن.. ميت غمر تودع المهندس محمد طلعت ضحية سنترال رمسيس (فيديو)

نتنياهو: سنهزم حماس ونقضي على قدراتها

المصرية للاتصالات: لا نتنصل من مسؤولية حريق سنترال رمسيس والخطط عجلت عودة الخدمة


وزير الخارجية البريطاني: سنتخذ مزيد من الإجراءات ضد إسرائيل إذ لم يتغير الوضع في غزة

أسر شهداء حادث سنترال رمسيس يتسلمون جثامين ذويهم استعدادًا لتشييعها

التنظيم والإدارة: فرصة جديدة للمتخلفين عن امتحان "معلم مساعد" بسبب الظروف الطارئة

ليبيا تطرد وزراء داخلية إيطاليا واليونان ومالطا ومسؤولا أوروبيا

37 مترشحًا بانتخابات مجلس الشيوخ فى اليوم الرابع من فتح باب تلقى الأوراق

أول تقرير من تحقيقات الشرطة الإسبانية: السرعة الزائدة سبب حادث جوتا

مجهول انتحل شخصية وزير خارجية أمريكا وتواصل مع مسئولين برسائل نصية وصوتية

إيلون ماسك يخسر 15.3 مليار دولار من ثروته بعد إعلان تأسيس حزب أمريكا

الزمالك يستعد للموسم الجديد بـ8 تدعيمات قوية.. وحسم موقف الراحلين قريبا

بطل من ضهر بطل.. ابن الشهيد امتياز كامل يكتب فصلا جديدا من الفداء بحريق رمسيس

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى