هل نعيش عصر المادة أم الغلبة للعواطف؟.. كتاب "عبادة المشاعر" يجيبك

عبادة المشاعر
عبادة المشاعر
رامى سعيد
ميزة الدراسات الرصينة، قدرتها على تغيير مفاهيمك، وفتح عينيك على واقع لم تكن تراه أو تنتبه إليه، ففى الوقت الذى تعقد فيه جازمًا أنك تعيش عصرا تحكمه وتتحكم فيه المادة، يسوق إليك الفيلسوف الفرنسى ميشيل لاكروا عشرات الحجج، تُقنعك بعكس ما تظن.
 
إذ يرى لاكروا فى كتابه "عبادة المشاعر" وهو -يقصد العنوان كمعنى ومضمون- أن هناك ردة ورجوعًا للمشاعر بسبب الفراغ الذى أحدثه انهيار الإيديولوجيات حول العالم وضبابية الرؤية المستقبلية، إضافة إلى سطوة العولمة والعالم التقنى على الكوكب الذى يشعر معه الإنسان بأنه يعيش تطورًا ليس فاعلا فيه، وأن كل ما يجرى حوله خارجا تماما عن سيطرته، ومن هنا ومع تعذر قدرته على الفعل، تنمو والعاطفة وتنشط كتعويض وبديل عن العجز.
 
ويقول لاكروا إن الصحوة العاطفية التى يشهدها القرن سيطرت تماما على كل المجالات تقريبا، بدءا من الصحف والدعاية والإعلان والسياسية والعبادات وصولا بالسينما والألعاب الرياضية.
عبادة المشاعر
 
ويدلل لاكروا على فرضيته بمثل قوى الدلالة، من مجال الدعاية والإعلان، حيث اعتمدت إحدى شركات رهانات سباق الخيول شعار حملتها الدعائية تحت عنوان "العبوا بمشاعركم" وهو ما فسره لاكروا بإدراك الشركة أن المشاعر التى يحسها المراهن أعلى قيمة بكثير من الربح، إذ أن المخاض النفسى الذى يحسه المراهن أثناء اللعب أهم من كسب النقود ذاتها.
 
وفى السياسية يُسوق لاكروا واقعة غضب الرأى العام الروسى من الرئيس فلاديمير بوتين بسبب ما أسماه بـ"انعدم الحس"، إذ أشار إلى حادثة عام 2000 التى شهدت غرق الغواصة كورسك، وتعامل بوتين معها خلال أول يومين بلا مبالاة، إذ ارتأى أنه لا داعى لقطع إجازته.
 
ويلفت لاكروا إلى أن ما أغضب الرأى العام آنذاك أن بوتين لم يبد أى "مشاعر" تجاه الحادث، وهو ما اعتبره الرأى العام وقتها "انعداما للحس" وأثر بشكل سلبى على شعبيته فيما بعد. 
 
ويسوق لاكروا مثلا آخر معاكسا فى السياسية، وهو تعامل الرئيس الفرنسى جاك شيراك مع حادثة الكونكورد، بأكثر مما هو سياسى وبرتوكولى إذ لم يكتف شيراك بتقديم عبارات العزاء لعائلات الضحايا بل آثر التصريح بهذا التعبير "أحس بمشاعر قوية" وهى كلمات عاطفية قوية الدلالة.
 
ومن جملة الأشياء التى يعيد تفسيرها لاكروا، هى الألعاب الرياضية الخطرة التى لا هدف من ورائها حسب تعبيره سوى زيادة المشاعر وتحديدا التوتر، إذ يصف رياضة التزحلق بأنه نوع مولد للخوف الشبقى والرهبة. 
 
كما يرى لاكرو أن علم النفس الحديث يعيد تفسير الأشياء كلها على نحو شعوري، الأمر الذى لم يكن يوليه علماء النفس فى السابق أى أهمية مثلما يفعل المعاصرون، فهم يرون على سبيل المثال أن العذاب النفسى لا يأتى من الاحاسيس التى نعبر عنها، ولكن من تلك التى نبذل مجهودًا لكبتها، والنهاية يقترن كل شيء عند المدرسة الحديثة بالشعور والاحاسيس.
ويذهب أنصار هذا المذهب العلاجى إلى أن المرض النفسى سببه كبت الشعور خصوصا فى مراحل الطفولة التى يحاول من خلالها الأبوين تحجيم شعور الطفل بالتوجيهات كـ :" الولد الكبير لا يبكي" " البنت اللطيفة لا تغضب" " من البشاعة أن تكون عابسا" "من القبح أن تكون غيورا"، "لا ينبغى الصراخ ولو عند الفرح".
 
ويستخلص لاكرو من تلك الأمثلة العديدة أننا أمام إنسان جديد يقدس المشاعر ويعمل على تضخيمها بأكثر مما هو ضروري، استعاضا عن عجزه فى مواجه العالم التقني.
 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأحزاب السياسية وثقافة السلام

الأحزاب السياسية وثقافة السلام الثلاثاء، 20 مايو 2025 07:00 ص

الأكثر قراءة

ذكرى رحيل سمير غانم.. تفاصيل الخلاف بين ثلاثى أضواء المسرح بسبب الأهلى والزمالك

البرلمان الأوروبى يتفق على منح الحكومة المصرية 4 مليارات يورور

الطقس اليوم.. حار بالقاهرة شديدة الحرارة جنوبا ونشاط رياح والعظمى بالقاهرة 31

المجر تناشد الاتحاد الأوروبى بعدم عرقلة التسوية السلمية المرتقبة فى أوكرانيا

موعد مباراة الأهلي أمام فاركو فى الدوري المصري والقناة الناقلة


قطار تالجو.. مواعيد وأسعار الرحلات على خطوط السكة الحديد

"تيك توكر" شهيرة تتهم صانع محتوى بالاعتداء عليها فى الطالبية

قرارات النيابة فى واقعة سرقة فيلا نوال الدجوى.. تعرف عليها

الأهلى يستقبل وفد فياريال الإسبانى.. وبحث التعاون فى تنظيم مباريات ودية

شواطئ البحر الأحمر تستقبل طيور أوروبا المهاجرة.. تتوفر لها الراحة والغذاء.. ظهور النسور والصقور فى المناطق الجنوبية.. المختصون يرسمون مسار هجرتها.. ومصر تمتلك ثانى أكبر مسار لها فى العالم.. صور


محمد العمروسى: بشكر المتحدة وسينرجى على توفير عوامل نجاح مسلسل حكيم باشا

تامر عبد المنعم يعلن خطة البيت الفنى للفنون الشعبية فى عيد الأضحى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى