فى ذكرى جلاء آخر جندى بريطانى.. هل الثورة العرابية كانت السبب المباشر لاحتلال مصر؟

الثورة العرابية -أرشيفية
الثورة العرابية -أرشيفية
كتب محمد عبد الرحمن
بعد أكثر من 72 عاما على الاحتلال البريطانى لمصر، نالت مصر استقلالها التام، بجلاء آخر جندى بريطاني، وبالتحديد فى 18 يونيو عام 1953، لتبدأ مرحلة جديدة من حياة مصر المستقلة.
 
الاحتلال البريطانى لمصر، بدأ فعليا بعد هزيمة الجيش بقيادة الزعيم أحمد عرابى فى معركة التل الكبير أمام البريطانيين، وهو السبب الذى يسوقه البعض ويتمسك باتهامه بأنه سبب احتلال مصر، ويرى أن الثورة العرابية هى التى مهدت لدخول الإنجليز إلى القاهرة، وبداية عهد من الاستعمار.
 
هزيمة عرابى حملته وحدة أسباب الاحتلال البريطانى، لكن لم يحمل أحد الخديوى توفيق، التى تآمر على عرابى بإيعاز من قناصل إنجلترا وفرنسا، حيث كان يقلقه تزايد شعبية أحمد عرابى والحركة العرابية كلها يوما بعد يوم، حتى إن الخديوى بدأ يؤمن بأن عرابى ربما يخطط للإطاحة به وربما بحكم الأسرة العلوية كله!، ومن ثم استعان بالقوات البريطانية، وأعلن عصيان عرابى، ليفتح الباب أمام انقسامات وخيانات تعرضت لها القوات المصرية فى التل الكبير.
 
لكن بعيدا عن ذلك، ماذا لو لم تكن قامت الثورة العرابية، هل كانت ستتفادى مصر وقوعها تحت الاستعمار لأكثر من 7 عقود، أم أن الاحتلال كان أتا لا محالة مهما كانت الظروف، بغض النظر عن "هوجة" الزعيم أحمد عرابى ورفاقه فى الجيش المصرى.
 
الدكتور محمد عبد الستار البدري، فى دراسة نشرت تحت عنوان "تأملات سياسية فى الثورة العرابية" يرى أن محاولة تحميل الزعيم الوطنى أحمد عرابى مسؤولية الاحتلال البريطانى لمصر يعتريه الكثير من الظلم لشخصه وللتاريخ المصرى، مما لا شك فيه أن الجيش المصرى لم يكن باستطاعته صد الاحتلال، وعلينا ألا ننسى أن «معاهدة لندن» التى قادت جهودا سنّتها بريطانيا نفسها فى عام 1840، وضعت سقفًا لعدد الجيش بثمانية عشر ألفًا وقلمت أظافر الدولة المصرية الحديثة. 
 
ومن ثم، لم تنجح محاولات زيادة الجيش كثيرا إلا فى استثناءات تاريخية محددة. كذلك فإن الجيش لم يكن محل اهتمام الحكومة الخديوية، وتقويته لم تكن أولوية إلا فى أوقات محددة، ومن ثم لم يكن قادرًا على مواجهة قوات الاحتلال عندما جاءت لاحتلال البلاد. 
 
وهنا لا بد من تذكر أن بريطانيا كانت يومذاك تملك أقوى جيش فى العالم، وكان لديها أيضًا أقوى أسطول عرفته البشرية حتى ذلك التاريخ. وبالتالى فمن الغبن أن يصار إلى إلقاء اللوم على عرابى ورفاقه، وتحميلهم مسؤولية هزيمة معركة «التل الكبير»، حتى وإن عكست ضعفًا فى القيادة العسكرية لعرابى ورفاقه.
 
عرابى والجيش المصرى ما كانا ندين حقيقيين فى الأساس للجنرال البريطانى وولزلى والقوة التى كانت تحت إمرته. ثم إن الجيش المصرى كان ينقصه التسليح والخبرة لمواجهة أقوى جيش فى العالم.
 
ويشير الدكتور "البدرى" فى دراسته إلى أن هناك سؤال حائر تتداوله بعض المصادر التاريخية إلى اليوم. هل كانت هناك علاقة سببية بين حركة عرابى ورفاقه والاحتلال البريطانى للبلاد؟ حقيقة الأمر أن كل المؤشرات تشير إلى أن الاحتلال البريطانى لمصر كان آتيًا لا محالة. ذلك أن مصر كانت رقعة استراتيجية حيوية لبريطانيا، خاصة بعد شق قناة السويس، وهى أول من اغتنم الفرصة للحصول على أسهم القناة، كما أن فكرة احتلال مصر كانت موجودة منذ جلاء الحملة الفرنسية عن مصر عام 1801، وهى الفكرة التى تجسدت عمليًا فى 1807 من خلال ما هو معروف بـ«حملة ماكنزى فريزر» التى هزمها المصريون. 
 
أيضًا كانت بريطانيا هى الدولة التى قادت التوجه الدولى لتقويض الدولة المصرية الفتية فى عهد محمد على، وانتهت بالصدام العسكرى مع مصر فى 1840 من خلال تحالف دولى كانت بريطانيا أساسه.
 
بالتالى فإن هناك من التأكيدات التى تعكس أن الاحتلال كان مسألة وقت لا غير مهما طال أمد انتظار لندن، واستطراد، فإن تحميل الثورة العرابية مسؤولية الاحتلال يمثل إجحافًا كبيرًا، وظلمًا للحقيقة. إذ لم يكن من مصلحة بريطانيا أصلاً نجاح الحركة الليبرالية فى مصر، وذلك مع كل التحفظات الراجحة لمحدودية القدرات الدبلوماسية لأحمد عرابى ورفاقه وضعفهم فى إدارة الدفة السياسية للعلاقات مع الدول الغربية - خاصة بريطانيا - وهو أمر لا خلاف عليه. سلوك عرابى ورفاقه لم يدفع حقًا لاحتلال البلاد كما روّج البعض. ومن ثم فإن إلباسه مسؤولية احتلال البلاد أمر منافٍ للحقيقة لكنه قد يكون مفهومًا.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الخارجية الصينية: ندعم إجراء مفاوضات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا لإنهاء الصراع

القاهرة 37 درجة فى الظل.. تحذير عاجل من الأرصاد بسبب طقس الساعات المقبلة

أهم أخبار العالم والعرب حتى الظهيرة.. الموت الرحيم.. البرلمان الفرنسى يناقش فرض قيود على المراهقين.. مساجد السعودية تخصص خطبة الجمعة عن "تعليمات الحج".. ومستشفى شهداء الأقصى: الاحتلال يستهدف المستشفيات والإسعاف

مصطفى محمد يرفض المشاركة فى جولة دعم المثليين بالدوري الفرنسي: إيماني يمنعني

السعودية: تأشيرات الزيارة بجميع أنوعها لا تخول لحامليها أداء فريضة الحج


جلسة خاصة بين الأهلي وريفيرو خلال ساعات لمناقشة الجهاز المعاون وآلية العمل

خطة برشلونة للاحتفال بالثلاثية مع الجماهير

الموت الرحيم.. مناقشات داخل البرلمان الفرنسى لفرض قيود على المراهقين

مرحبا ألكسندر ترامب.. الرئيس الأمريكى يرزق بحفيده "اللبنانى".. صورة

ريفيرو يتابع مباراة الأهلي والبنك من أرض الملعب غداً قبل قيادة تدريبات الأحمر


دغموم يدخل دائرة المرشحين لتدعيم الزمالك بعد سام مرسى والملالى

تامر حسني والشامي ينتهيان من تصوير ديو جديد باللهجتين المصرية والسورية

الطقس اليوم الجمعة 16-5-2025.. موجة شديدة الحرارة والعظمى بالقاهرة 37 درجة

النصر يستقبل التعاون لمواصلة انتصاراته فى الدوري السعودي

الطلاق الغيابى يثير الجدل بعد أزمة بوسى شلبى وأسرة الفنان محمود عبد العزيز

موعد مباراة كريستال بالاس ضد مانشستر سيتي فى نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي

المدارس اليابانية: تدريس الفرنسية كلغة ثانية.. و18 ألف جنيه مصروفات الدراسة

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 16 - 5 - 2025 والقنوات الناقلة

برشلونة يتوج بلقب الدوري الإسباني للمرة الـ28 فى تاريخه بعد فوزه على إسبانيول

وفاة سيدة إثر حريق بشقة سكنية بقسم ثانِ سوهاج

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى