الحفاظ على اللغة العربية واجب مقدس.. وهذا ما يجب فعله

أحمد التايب
أحمد التايب
بقلم أحمد التايب

مما لا شك فيه أن لغة الأمة هى سجل ثقافتها، ووعاء معارفها، ومرآة حضارتها، وذاكرة تاريخها، لكن ما تشهده اللغة العربية من مظاهر التراجع والانهيار، أمر يحتاج إلى تجديد دق ناقوس الخطر بل الصراخ، وخاصة أن مظاهر هذا التراجع أصبح جليا ومستفزا سواء فى محيط الأسرة أو الشارع، وعلى شاشات الفضائيات والبرامج الإعلامية، فأصبحنا للأسف أمام مستوى حوار هابط ومفردات لغوية ما أنزل الله بها من سلطان وكأننا أمام لغة جديدة لا نعرفها من قبل، فوجدنا ألفاظا ومفردات وحوارات كنا نسمعها فقط فى المناطق العشوائية، لكنها الآن اقتحمت البيوت وتسللت للفضائيات والإعلام والدراما، وكأننا أمام مافيا لنشر هذه اللغة السمجة التى تصر على إفساد الأذواق وتتعمد طمس الهوية العربية.

 

والملفت للنظر، أننا نعلم أن ضياع اللغة يمثل ضياع للهوية، ورغم ذلك نجد أن كافة الدول العربية أمام تغلغل واضح وصريح لحوارهابط فى الشوارع والمدارس والفضائيات، غير عابئين بـأن ما يحدث يمثل جريمة فى حق أجيالهم، متناسين أن العالم كان يحسدهم على توحد لغتهم ودينهم.

 

والمبكى المضحك في نفس الوقت، أن هناك غزوا أجنبيا حادث الآن، حيث لافتات المحال والإعلانات في الشوارع معظمها تحمل أسماء بلغات أجنبية ما يعكس جريمة مع سبق الإصرار والترصد فى حق اللغة الأم، إضافة إلى أن البعض أصبح يتفاخر بالتحدث باللغات الأجنبية، معتقدا أن التحدث بلغة أجنبية مقياس للرقى والتحضر.

 

غير أن الطامة والكارثة، أن كثيرًا من الأسر تحرص على أن يتعلم الأبناء اللغة الأجنبية بل وتكون وسيلة التحدث الرئيسية فيما بينهم سواء فى البيت أو فى المدرسة أو خارجها، وهذه الظاهرة آخذة فى الاتساع، رغم ما تنطوى عليه من مخاطر وبمثابة جريمة في حق الأجيال مستقبلا.

 

فلا بقاء لأمة يتخلى أبناؤها عنها؛ لذا بات الحفاظ عليها الآن واجب مقدس ووطنى وشرعى فى ظل سطوة الغزو الإلكترونى الحادث الآن، فلابد من مشروع قومى عربى تشارك فيه كافة الحكومات العربية، قائم على بحث ووضع آليات جديدة لإنقاذ اللغة من هذه الانهيار والتراجع، لأن هذه المسئولية ليست مسئولية دولة بعينها بقدر ما هي مسئولية العرب والأمة الإسلامية، وهنا مواجهة هذا التحدى يجب أن تكون مواجهة جماعية لا فردية، لإيجاد حلول ناجزة.

 

بل أن الأمر المهم أيضا يجب أن تعى كل أسرة عربية حجم هذه المأساة، وأن عليها مسئولية أيضا، لأن مسئولية البيت مهمة وعظيمة وأكثر إيجابية، فقيام الأسرة بمسئولياتها اليوم يجنبهم من وقوع كارثة بعدم معرفة أبنائهم لغة دينهم غدا.

 

ومن المهم أن تكون نواة هذا المشروع من عند الأزهر الشريف، المؤسسة صاحبة القبول والتأثير والتاريخ وباعتباره المؤسسة الدينية الذى اعتنت عناية كبيرة باللغة العربية منذ التأسيس، فأنشأ لها كليات اللغة العربية والعديد من الأقسام بكليات التربية، وتعليمها وتدريسها لغير الناطقين بها، إضافة إلى دور مجمع الخالدين لما فيه من رموز وأعلام يشهد بعلمها القاصى والدانى، بل يعد القلعة الحصينة للغة العربية والدرع الواقية لها فى الوطن العربى.

 

نعم مشروع تتبناه كافة الحكومات العربية والمؤسسات العربية والإسلامية، وحتى ولو تحت مظلة جامعة الدول العربية، أو مظلة يرتضونها العرب، المهم حماية اللغة، وإجبار المدارس الأجنبية والمراكز العلمية بتدريسها للحفاظ على هوية ملتحقى تلك المدارس والمراكز، وكذلك  تدريس وحفظ القرآن الكريم وجعله مادة رئيسية، وأعتقد أن الأمل ما زال موجودا فى فعل شىء، فكلنا رأينا مبادرة "اتكلم عربى"، وكيف حققت نجاحات فى خلق حلقات من التواصل والاتصال، وتعريف أبنائنا بالخارج بالتراث والعادات والتقاليد والقيم المصرية، والرد على الشائعات والأكاذيب التى تحاك ضد الوطن، لتكون بمثابة نموذج باعث للأمل، بل أن ما يشجعنا أكثر أن لدينا حقيقة ثابتة، وهى أن العربية صمدت وقاومتْ، وستبقى بجلالها وجمالها وسموها وشموخها، لكن يبقى علينا حكومات وأفراد القيام بدورنا تجاه حمايتها.

 

وختاما.. علينا أن نتذكر جميعا ولا ننسى ما قاله الأديب الكبير، مصطفى صادق الرافعى، "ما ذلّت لغة شعبٍ إلاّ ذلّ، ولا انحطّت إلاّ كان أمره في ذهابٍ وإدبارٍ.. "

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بعد إعلان رؤية هلال ربيع الأول.. تعرف على موعد المولد النبوى الشريف 1447

نائب رئيس مجلس الوزراء يقرر تكريم عامل مزلقان بني سويف لشجاعته

مقتل 4 عناصر إجرامية شديدة الخطورة فى مواجهات أمنية بقنا.. صور

أول تعليق من بيب جوارديولا بعد خسارة مان سيتى ضد توتنهام

شاهد تصوير جوي لأعمال تركيب القضبان وتشطيبات محطات القطار السريع.. صور


دعما لمصر.. المصريون فى فرنسا يقبلون على الانضمام لمبادرة "وطنك أمانة"

أبناء الجالية المصرية بميلانو يعلنون دعم مواقف الدولة وينضمون لـ"وطنك أمانة"

"العش بديلا".. ثنائية بيكهام وداري تقود دفاع الأهلى أمام غزل المحلة

ذكرى ميلاد عبد السلام النابلسي.. أشهر 10 أفلام جمعته بإسماعيل ياسين والعندليب

إسرائيليون من أمام مقر إقامة رئيس وزراء الاحتلال: نتنياهو سيقتل الرهائن فى غزة


إصابة 3 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين ملاكى بالفيوم

سيدة تطالب بتعويض 20 مليون جنيه من الزمالك لظهور رقمها في إعلان "الدباغ"

بعد المغرب.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا

صفقة إيزاك إلى ليفربول تعجل برحيل 4 لاعبين من الريدز

ورم في رقبتها وصعوبة بالنطق.. عجز المنظومة الصحية بغزة يهدد حياة الطفلة جوليا

فيولا ديفيس تحتفل بعيد ميلادها الستين.. وتصف شعورها في هذا العمر بـ"الحرية"

تفاصيل الاعتداء على شاب أثناء سيره بصحبة زوجته فى الحوامدية

موجة حر شديدة تودي بحياة أكثر من 1300 شخص في البرتغال

أرقام تصنع الثقة.. مصر على الطريق نحو اقتصاد أكثر صلابة: مارس 2024 لحظة التحول الكبرى.. تراجع التضخم لـ12.8% فبراير 2025 إنجاز محورى وبيئة أكثر استقرارا للمستثمر.. طفرة فى الاستثمارات الأجنبية خلال عام واحد

مقر عبادة الإله جحوتى.. مدينة الأحياء الأثرية تحكى تاريخ المنيا القديمة.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى