"دفاتر الوراق" جماليات سردية تُقيم الحبكة الروائية

دفاتر الوراق
دفاتر الوراق
كتب رامى سعيد
لا أظن أن هناك ما يُعينك على فهم بلد ما، خير من رواية جيدة، تطوف بك فى الشوارع وتُجلسك على المقاهى مع الناس لتسمع منهم وعنهم الحكايات برؤية من ولد وعاش وخبر وتعلم من المكان، لا من جاء بعين غريبة واستطلع ومسح البنايات بنظرة سياحية سطحية ثم غادر.
 
فى روايته دفاتر الوراق الحاصلة على جائزة البوكر هذا العام سيصطحبك الأديب جلال برجس بسرده الساحر الناعم فى رحلة شيقة داخل نفوس طبقات الدينا ومثقفيها ومهمشيها لترى بأعينهم بلدهم "الأردن" وكيف يتألمون ويتعذبون فيه، ستسمع منهم حكايات تُفطر القلب وتبكى العين دون أن تملك القدرة على التخفيف عنهم أو إزالة جزء من القبح المتربع على وجه العالم.
 
 
صحيح أنك فى لحظات ليست قليلة ستتعثر فى فهم بعض الأحداث وسيخيل إليك أن الحبكة الدرامية بها بعض المشاكل الفنية خصوصًا فى منتصف الرواية، لكن السرد البسيط الذى اعتمد لغة جميلة واضحة ليس بها تَزيد لغوى أو طنطة بلاغية مقعرة سيدفعك لمواصلة القراءة استمتاعا بأسلوب برجس الشاعرى.
 
سبب آخر فى تقديرى سيجعلك تُعجب بالرواية، هو طريقة تصاعد الأحداث التى اختار لها برجس بداية ملحمية على طريقة الأساطير الاغريقية المأساوية، مستهلا إياها بوفاة أم البطل إبراهيم الوراق متأثرة بإصابتها بمرض السرطان، ليتخذ أخوه الكبير قرارًا بالرحيل، ثم يقرر الأب بعدها الانتحار فى منتصف صالة شقته شنقا، وهو ما يشهده إبراهيم دون أن يمتلك الجراءة أو القدرة على منعه سواء بالنداء عليه أو بالظهور، كل ذلك يدور أمامك فى أول فصل الذى ينتهى بإبراهيم الوراق وحيدًا فقيرًا بلا أسرة وعمل بعدما قررت البلدية إزالة كشك بيع الكتب خاصته لصالح أحد رجال الأعمال.
 
الأحداث ما أن تفتر أمام عينيك وتذهب نحو الرتابة، حتى يجد جلال برجس خطًا دراميا مثيرا يرفع من وتيرة الأحداث، بالذهاب بك داخل نفس إبراهيم الوراق الذى بدء يعانى من بدايات انفصام، لتبدأ معه رحلة محاولاته فى القضاء على الصوت الذى يظهر له من بطنه ويدفعه لارتكاب الجرائم.
 
المحاولات شيقة ورائعة فى خطها الدرامى إذ يبدأ إبراهيم الوراق أولى محاولاته بالذهاب إلى طبيب نفسى للقضاء على الصوت فيفشل، ليذهب بعدها إلى قسم الشرطة للإبلاغ عن نفسه، فيسخر منه رجال الأمن ويطلقون سراحه، ثم يحاول الانتحار فتظهر له امرأة جميلة تقدم على الانتحار فى نفس المكان الذى اختاره، فيسقط فى حبها ويتراجع عن قتل نفسه.. كل ذلك يدور فى إطار ناعم ساحر، يحملك بخفة إلى نهاية مليئة بكثير من المفاجآت قد تدفعك لمعاودة قراءتها مرة ثانية بعد معرفة نهايتها.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

جيش الاحتلال: استهدفنا موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف ومحطة كهرباء مركزية

مارسيلو يكشف عن النهائى "الحلم" فى كأس العالم للأندية

الأهلى يضع الرتوش الأخيرة على صفقة ضم ياسين مرعى من فاركو 5 مواسم

حلمى عبد الباقى وطارق الشيخ وهانى الأسمر وأمينة يقدمون واجب العزاء فى أحمد عامر

الاتحاد السكندرى يترقب رد الأهلى على طلب استعارة عبد الله ضمن صفقة مروان عطية


كواليس المران الأول للزمالك تحت قيادة يانيك فيريرا.. ممر شرفى لعواد

سعد الصغير وعمر كمال ومصطفى حجاج فى عزاء أحمد عامر.. صور

مسؤولون أمريكيون: ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على شروط إنهاء حرب غزة

عبد الناصر محمد: أعمل بكامل طاقتى مع الزمالك ولا أعلم مغزى تصريحات رئيس إنبى

البنك الأهلى يحدد شروطه لرحيل أحمد ربيع بعد جلسة مع مسؤولى الزمالك


الإسماعيلى يقرر تعديل موعد الاختبارات والتصفيات النهائية

الشوارع لن تنسى شيكابالا.. صفحة كأس العالم تعلق على اعتزال الأباتشي

أحمد السقا ضيف برنامج كلام كبير مع مها الصغير على قناة ON E.. فيديو

جيش الاحتلال يعلن البدء في تجنيد 54 ألفا من الحريديم للقتال في صفوفه

غلق اتجاه القادم من تقاطع الإقليمي مع إسكندرية الصحراوي حتي طريق السويس أسبوعا

كريم عبد العزيز ينفرد بصدارة نادى الـ 100 فى إيرادات السينما المصرية

"مخدر الزومبى" يثير قلق المكسيك ودول أمريكا اللاتينية لانتشاره بشدة

تحركات الزمالك تصطدم برغبة بيراميدز.. وجلسة تفاوضية لحسم الأمور

هيئة العمل الوطني الفلسطيني: فرص وقف إطلاق النار في غزة كبيرة جدا

9 آلاف دولار للفرد بإجمالى 5 مليارات.. شركة أمريكية تضع تكلفة تهجير الفلسطينيين

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى