سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 8 يونيو 1967.. إسرائيل تدمر سفينة التجسس الأمريكية «ليبرتى» قبالة مدينة العريش ومقتل 34 وجرح العشرات.. والرئيس الأمريكى والإعلام والكونجرس يبررون

سفينة التجسس الأمريكية ليبرتى
سفينة التجسس الأمريكية ليبرتى
سعيد الشحات
حلقت طائرة الهليكوبتر الإسرائيلية على ارتفاع عال فوق السفينة الأمريكية «ليبرتى»، فى محاولة للاقتراب من سطحها، لكن الغضب الذى بلغ مبلغه بالأحياء من بحارة وضباط السفينة دفعهم إلى توجيه نيران أسلحتهم الصغيرة، وبينما هم على هذا الحال فوجئوا بإلقاء ثقل من الرصاص عليهم، ومعه رسالة مكتوبة من الملحق البحرى الأمريكى فى تل أبيب تقول بالنص: «هل لديكم أية خسائر؟»، حسبما يذكر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «الانفجار، حرب الثلاثين عاما، 1967».
 
لوح قائد السفينة غاضبا بإشارة بذيئة وصرخ بأعلى صوته بسباب أكثر بذاءة، ثم بصق على الأرض، وفقا لـ«هيكل»، مضيفا أنه ولمدة 16 ساعة لم تأت نجدة أمريكية من الجو أو البحر، لمساعدة «ليبرتى» فى محنتها، وأسوأ من ذلك جاءت حاملة صواريخ سوفيتية فى منتصف الليل، ووقفت بالقرب منها، وأفصحت عن شخصيتها بأضواء الـ«مورس»، وسألت قائدها: «هل تحتاجون إلى أى مساعدة؟، فأجابت ليبرتى: «لا، شكرا».
 
كانت «ليبرتى» واقفة فى عرض البحر بقتلاها وجرحاها، ومعها أسرار هجوم إسرائيل عليها للتخلص منها يوم 8 يونيو، مثل هذا اليوم، 1967، وقصتها من أغرب مشاهد معارك 5 يونيو 1967، حسب وصف «هيكل»، فرغم أنها واحدة من سفينتين للتجسس تملكهما «البحرية الأمريكية» فإن إسرائيل أقدمت على تدميرها فقتلت 34 وجرحت 54 ممن كانوا عليها من طاقمها ومن الضباط والجنود الذين يمارسون مهام التجسس، وحدث بهذا الحجم فرض سؤالا: «لماذا؟».
 
يقدم «هيكل» إجابته المعتمدة على الوثائق الأمريكية، وتكشف أسرارا مذهلة فى القضية، تبدأ من أن «ليبرتى» وصلت البحر المتوسط ورست فى موقع يمثل نقطة التقاء بين العريش والقدس قبل فجر 5 يونيو بساعات، وفور وصولها اكتشفت أن الإسرائيليين يتسمعون على الشبكات المصرية الأردنية، وتمكنت من اختراق بعض الشفرات الإسرائيلية، والظاهر أن تلك كانت مهمتها الأساسية، وكانت فى تلك الساعات تحصل لنفسها على ميزة ضخمة، بإطلاعها على أسرار الكل دون أن يكون لأحد منهم علم بتواجدها.
 
يذكر «هيكل»، أن سبب إرسالها إلى مياه البحر المتوسط ووقوفها قبالة مدينة العريش، هو تحقيق ضمان اتفاق الرئيس الأمريكى جونسون مع إسرائيل بألا تتجاوز الحدود فيما يتعلق بالأردن، وإذا حدث أى ضربة لها تظل فى حدود الدرس فقط، واكتشفت أن إسرائيل تتدخل لـ«طبخ» الرسائل الشفرية المتبادلة بين القاهرة وعمان، وعلى سبيل المثال كانت هناك رسالة شفرية تقول: «إن الجيش المصرى فى سيناء يواجه موقفا عسكريا صعبا لا يستطيع معه أن يقدم أى مساعدات لها قيمة للجبهة الأردنية، وأن الطيران المصرى بدوره تعرض لضربة إسرائيلية تعوق قدرته على الوصول بأى تأثير إلى الجبهة الأردنية».
 
اعترضت المحطات الإسرائيلية هذه الرسالة وقامت بصياغتها على النحو التالى: «إن الموقف العسكرى فى سيناء جيد للغاية، وأن ضربة الطيران الإسرائيلى ضد مصر فشلت وخسرت فيها إسرائيل ثلاثة أرباع قوتها الجوية، وأن هناك ثلاثمائة طائرة مصرية جاهزة للعمل، وتقديم المساعدات الجوية اللازمة للجبهة الأردنية».
 
بدت هذه «الطبخة غريبة على الجالسين فى غرفة عمليات ليبرتى»، وحسب هيكل: «تنبهوا بسرعة إلى أن هناك قصدا مطلوب منه إغراء الأردن على التورط فى توسيع القتال على جبهته بما يعطى لإسرائيل عذرا فى التقدم أسرع وأجرأ فى الضفة الغربية»، وبعد متابعة برقيات أخرى ثارت فى وزارة الدفاع الأمريكية شكوك حول تطمينات جونسون للملك حسين، وبعد ظهر 5 يونيو كلف رئيس هيئة الاتصال العسكرى الأمريكى فى تل أبيب أن يقابل وزير الدفاع «موشى ديان» ومدير الموساد «مائير آميت» لينقل إليهما شكوك واشنطن دون إطلاع أى منهما على المصدر، وأدركت إسرائيل أن أمريكا أعطت نفسها وسائل معلومات من وراء ظهرها «إسرائيل»، لتبدأ رحلة البحث عن هذه الوسائل.
 
انتبهت إسرائيل إلى وجود ليبرتى، وخلال ساعات كان موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلى، مكلفا بإعداد طريقة لمواجهة خطرها، وكان القرار بتدميرها للتخلص من كل الأسرار التى حصلت عليها، وفى الساعة الثامنة وخمسين دقيقة بدأت طائرتان حربيتان تحلقان فوق «ليبرتى»، وفى الثالثة تم التدمير، وكانت الطريقة التى عولجت بها الأزمة داخل أمريكا مهزلة سياسية، فكل وسائل الإعلام ونواب الكونجرس والشيوخ تسابقوا لتقديم المبررات للتصرف الإسرائيلى.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

المصرى يبدأ فى إنهاء إجراءات السفر لتونس لانطلاق المرحلة الثانية من الإعداد

تعويض مليون جنيه لمطلق بسبب تهديد زوجته السابقة له.. اعرف التفاصيل

تعرف على مواعيد القطارات على خط القاهرة الإسكندرية والعكس اليوم الثلاثاء

محمد حماقى يُحيى سهرة غنائية بمهرجان جرش بداية أغسطس

نتنياهو: إيران كانت تدير سوريا والآن هناك فرصة لتحقيق الاستقرار والسلام


معلومات عن محاكمة المتهمين بقضية خلية المطرية.. بعد نظر أولى الجلسات

الأهلى يجهز بدائل "عادل وفيصل" فى صفوف اليد

انتحار نائب بالبرلمان الفرنسى شنقا فى منزله

غادة عادل وأبطال وتر حساس 2 يبدأون تصوير أول مشاهد المسلسل 20 يوليو

مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 8 - 7 - 2025 والقنوات الناقلة


جلسة مرتقبة فى الزمالك مع لاعبى العقود المنتهية فى صفوف اليد

بعد عام على استشهاده فى غزة.. العثور على رفات اللاعب رامز الكفارنة

زلزال بقوة 5 درجات يضرب البحر المتوسط قبالة سواحل تركيا

تعرّف على سبب تأخّر وصول آدم كايد بعد التوقيع الإلكترونى للزمالك

شركات المحمول: تأثير حريق سنترال رمسيس قيد التقييم.. وفرق الدعم تتابع

الحوثيون يغرقون سفينة تتعامل مع إسرائيل في البحر الأحمر بخمس صواريخ

شاهد مهارات شيكو بانزا نجم منتخب أنجولا ولاعب آستريا أمادورا المرشح للزمالك

رسميًا.. كالوم ويلسون يودّع نيوكاسل بعد خمسة مواسم

الهيئة الوطنية تعلن انتهاء اليوم الثالث لتقى طلبات الترشح لانتخابات الشيوخ

الدين مادة أساسية فى جميع المسارات ومادتان تخصص.. مواد 3 ثانوى بالبكالوريا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى