سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 12 يوليو 1974.. أحمد بهاء الدين يكتب: «الانفتاح ليس سداح مداح» والمقال يثير ضجة وغضبا حكوميا

أحمد بهاء الدين
أحمد بهاء الدين
جمع الرئيس السادات بين رئاسة الجمهورية والحكومة من 27 مارس 1973 إلى 25 سبتمبر 1974، وكان الدكتور عبدالعزيز حجازى، نائبه الأول فى رئاسة الحكومة ووزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية من 26 أبريل 1947 حتى 25 سبتمبر 1947، وأثناء ذلك أصدر «حجازى» قانون استثمار المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة رقم 174 لسنة 1974» المشهور باسم «قانون الانفتاح»، والذى أثار تطبيقه انتقادات عنيفة، كانت أشهرها مقال «الانفتاح ليس سداح مداح» للكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين، رئيس تحرير الأهرام، المنشور فى الصفحة الأولى بالأهرام، 12 يوليو، مثل هذا اليوم، 1947.
 
يكشف «بهاء» ظروف هذا المقال، والضجة حوله، فى كتابه «محاوراتى مع السادات» قائلا: «كانت عواصف الانفتاح قد هبت بالفعل قبل صدور هذا القانون، فقد هجمت على البلاد شتى أنواع السلع الاستهلاكية، وبدأت تظهر أول فصائل المستثمرين الجادين، كما ظهر النصابون المحليون والدوليون المعروفون، ودارت كل أجهزة الإعلام مرئية ومسموعة ومقروءة، تندد بما سمى «فترة الانغلاق»، وتهاجم كل مشروع وطنى أقيم فى مصر ابتداءً من السد العالى إلى أصغر المشروعات، ووصل الأمر إلى حد تحقير كل ما هو مصرى، والتهويل على الناس بمزايا كل ما هو أجنبى، حتى الملابس المستعملة التى بدأ التجار يجلبونها من الخارج ويبيعونها للناس حاملة الكلمة السحرية الجديدة، وهى «أنها مستوردة».
 
أغضبت هذه الحالة «بهاء»، فكتب مقاله وتناول قضية الانفتاح فى ثلاثة مستويات، المستوى العالمى، فالمستوى العربى، ثم المستوى المصرى، وقال عنه: «ظن بعض الناس أن سياسة الانفتاح معناها أن تصبح مصر الاقتصادية والاجتماعية «سداح مداح»، كل شىء فيها مباح، وكانت خلاصة هذا الرأى إذا جردناه من التحفظات الكلامية الشكلية، هى الأخذ فورًا بنظام الاقتصاد الحر الكامل، الذى لم يعد موجودًا إلا فى كتب الاقتصاد القديمة، فالعالم الرأسمالى ذاته يعرف البنوك والصناعات الكبرى التى تملكها الدولة، ويعرف حقوق العمال والتأمينات المختلفة، ويعرف قوانين منع الاحتكار، ويعرف أساليب الحماية من المنافسة الأجنبية، ولم يعد قول زعيم اليمين الأمريكى «جولد ووتر» قبل عشر سنوات: «إن الفقير مسؤول عن فقره ولا حل له، كما أن من يولد بقدمين كبيرتين لا يمكن له تغييرهما».. لم يعد هذا واردًا، فقد أزاح هذا القول فى أمريكا ذاتها مرشح للرئاسة على هامش المسرح».
 
يضيف «بهاء»: «لم يدرك دعاة «السداح مداح، وكل شىء مباح» أنه حتى الرأسمالية الوطنية يهددها هذا المنطق، فالاقتصاد الحر بمعناه المطلق أن البقاء للأقوى، وبالتالى فلو أقيم فى مصر غدًا مصنع أجنبى ضخم متقدم لصناعة الأحذية مثلًا، فهو كفيل بأن يغلق أكثر من عشرة آلاف ورش أحذية يعمل فيها عشرات الآلاف من المصريين.لا بد أن يجىء يومًا طبعًا تدخل فيه الآلات الحديثة التى تنتج الرخيص ولا تستخدم إلا القليل من اليد العاملة، ولكن السؤال هو متى وكيف وفى أى إطار حتى لا تحدث خلخلات اجتماعية مباغتة وخطيرة، وليس هدف الانفتاح هنا أن يكتب أحد ذات يوم ما كتبه لورد كرومر «المندوب السامى البريطانى فى مصر»: لقد اختفت الصناعات المحلية من الأسواق، وصارت السلع الأوروبية فى كل مكان».
 
يواصل «بهاء»: «لم يدرك دعاة «السداح مداح، وكل شىء مباح» أنه حتى الدول الرأسمالية الغنية، كانت إذا شعرت ببوادر خلل فى اقتصادها الوطنى تسرع إلى إجراءات حماية منفردة، مخالفة لقوانين السوق المشتركة بمجرد إحساسها بالخطر، تارة بتخفيض العملة، وتارة بفرض رسوم جمركية عالية على استيراد بعض السلع، فرغم كل الانفتاح فى العالم، نحن نمر فى نفس الوقت بمرحلة من «الوطنية الاقتصادية» التى يمارسها الجميع ربما لموازنة معطيات الانفتاح الجديدة، وقد أخذنا بسياسة الانفتاح فى وقتها المناسب، فقبل الثورة «23 يوليو 1952» كان البلد مفتوحًا تمامًا، ولكن لم يأت إلينا شىء يذكر وقتها، لم يكن المال الفائض متوفرًا بهذه الدرجة، المال الغربى الشرقى مكرس لإصلاح ما خربته الحرب هناك، والبترول العربى إيراداته بسيطة ولا سيطرة لأصحابه عليه، وكنا بلادًا ضعيفة محاطة بالاستعمار، والمال ما زال يحمل معه السيطرة السياسية، ثم لم يكن لدينا ما خلقته حركة التصنيع عن طريق القطاع العام من صناعات أساسية كبرى ومن خبرات فنية واسعة».
 
انتقل «بهاء» فى مقاله إلى تسجيل ملاحظات حول مرحلة الانفتاح السائد وقتئذ، وأهمها «وضع خطة لتوفير المرافق الأساسية من طرق وموانئ وقدرات محلية وعمال مهرة وخبراء، وخطة لمشروعات مدروسة صالحة للتنفيذ، والشرح للرأى العام بأن القروض والاتفاقات التى نعقدها ليست معناها تحويل آلاف الملايين إلى البنوك المصرية لنتصرف فيها، وإنما تكون مرتبطة بوجود مشروعات مدروسة جاهزة للتنفيذ».
 
أحدث المقال ضجة واتصل السادات ببهاء فى اليوم التالى؟   
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

حبس السائق المتسبب فى حادث مصرع طالبة وإصابة 11 بالشرقية

أسماء ضحايا حريق سنترال رمسيس من موظفي المصرية للاتصالات

وزير الاتصالات: عودة الخدمات بشكل تدريجى خلال 24 ساعة

ريبيرو يستفسر عن تطورات الصفقات الجديدة فى الأهلي قبل التحضير للموسم الجديد

فلومينينسي يصارع تشيلسي على بطاقة نهائى كأس العالم للأندية 2025


التعليم تكشف طريقة تغيير المسار الدراسى بالبكالوريا.. التفاصيل

رؤية شاملة لقانون الأحوال الشخصية للكنائس.. حماية حقوق الطفل وأهمية الأسرة في التبنى.. مراحل تحضيرية وضمانات قانونية في الخطوبة والقائمة.. والتوازن بين الشرع والعدالة الاجتماعية في قضايا الميراث

الطقس اليوم.. شديد الحرارة وشبورة ورطوبة عالية والعظمى بالقاهرة 37 درجة

تحول مفاجئ فى مستقبل إندريك مع ريال مدريد

الزمالك يجهز بدائل شلبى والزنارى بعد رحيلهم فى صفقة ربيع


إمام عاشور يبدأ جلسات العلاج الطبيعي في الأهلي

المرور يبدأ غلق الطريق الإقليمى لتنفيذ أعمال إصلاحات لمدة 7 أيام

حول الشوارع إلى جنة.. شاب قنائي يتطوع ويزرع 1000 شجرة على نفقته الخاصة بمدينته.. أحمد عبد العزيز: البداية كانت منذ عام وأحلم بزراعة المدينة كلها بالأشجار المثمرة.. وأسعى لتحقيق الفائدة العامة لأبناء بلدي.. صور

نتنياهو يرشح ترامب لجائزة نوبل للسلام

بعد عطل الاتصالات والإنترنت.. إقلاع 36 رحلة طيران وجار العمل على 33 أخرى

مقتل 5 جنود إسرائيليين وإصابة 10 آخرين في "كمين كبير" بغزة

بايرن ميونخ يكشف آخر تطورات حالة موسيالا بعد خضوعه لعملية جراحية ناجحة

اتحاد بنوك مصر: استمرار العمل بشكل طبيعي اليوم الثلاثاء

طلعت يوسف يعلن اعتزاله التدريب بعد قيادة 476 مباراة

المصرية للاتصالات: فصل التيار خلال الحريق سبب تأثر الخدمة.. وتعويض المتضررين

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى