تربية الأبناء.. ما لا يزرع فى الطفولة لا ينتظر حصاده فى الكبر

أحمد التايب
أحمد التايب
أحمد التايب

فى ظل الانفتاح الحادث الآن بسبب تداعيات العولمة وتأثيراتها على الأسرة والقيم المجتمعية، وخاصة أن العالم الآن قرية صغيرة بعد سيطرة مواقع التواصل الاجتماعى التى أصبحت الحياة بدونها مستحيلة، هناك تحديات وصعاب فى تربية الأبناء، بل هناك صعوبة فى إيجاد نموذج خاص يعبر عن ثقافتنا وعاداتنا وهويتنا كما كان فى الماضى.

 

والمزعج فى هذه القضية، هو تيه الآباء ليصبحوا هم أنفسهم عبئا في ظل حرص كثير منهم على استيراد نماذج غربية ما أنزل الله بها من سلطان، فقرروا على سبيل المثال، أن يلبسوا أبناءهم الملابس الغربية، وأن يعلموهم اللغات الأجنبية قبل العربية، بل المؤسف أنهم  يتفاخرون بالمدراس الأجنبية ويتجاهلون عاداتنا وثقافتنا العربية، وليس معنى ذلك أننا ضد تعلم اللغات أو معرفة ثقافات العالم، لكننا ضد الانصهار الكامل والمبالغ في أحضان هذه الثقافات بشكل يجعلهم ينهلون منها كل شىء دون ضابط أو رقيب، فتكون النتيجة طمس الهوية وضياع الثقافة وغياب النموذج.

 

غير أن القدوة التى تعتبر ركيزة أساسية في التربية الصالحة، حيث الأب يكون قدوة بأخلاقه وحكمته وعفة لسانه وصدق حديثه وعزوته ومصدرا للقوة والدعم، والأم تكون قدوة بشرف ملبسها وحنانها وطهارة يدها وحسن مظهرها وعفة لسانها ورعايتها، للأسف قد غابت كثيرا أيضا فى ظل عصر العولمة والانفتاح، فشوهت معالم هذه التربية وضاع النموذج فأصبحنا كالراقصين على السلم ما بين التشبث بنموذج مستورد والحنين إلى نموذجنا النابع عن هويتنا، فوجدت الأسر نفسها أمام نموذج لا هو غربى ولا شرقى، نموذج خليط لا قيمة له، سلبياته أكثر من إيجابياته.

 

خلاف أن هناك مظاهر اقتحمت بيوتنا، مثل الإفراط في تدليل الأطفال والأولاد، سواء بمنحهم كل ما يريدون من وسائل الترفيه والمادة بداعى أن لا نحرمهم كما حرمنا نحن، متجاهلين أن هذا يعزز التكاسل والتواكل لديهم في المستقبل، بل وصل الأمر أن هناك آباءً وأمهات لم يتركوا فرصة لأبنائهم ليثبتوا أنهم قادرون على تحمل المسئولية، حيث يقومون ببذل كثير من الجهد لبناء لهم مسكن الزوجية بل تزويجهم، وأحيانا الإنفاق عليهم بعد زواجهم، بل الملفت أن هذا يحدث ليس نتيجة لسعة رزق ومقدرة هؤلاء الآباء! غير أن الكارثة أن هذا يحدث على حساب التربية نفسها، إما لذهاب الآباء للغربة أو العمل طوال الليل والنهار، أو لجوء الأم للعمل، فيبعدون عن أولادهم، ويغيبون عن البيوت فيضحى الأبناء فريسة مواقع التواصل والثقافات الأخرى، وتكون الشكوى الدائمة التي نسمعها كثيرا في أيامنا هذا، لماذا لم يُقدر أبنائنا تعبنا وتضحياتنا، بل نشتكى من كثرة مظاهر العقوق والجحود.

 

وختاما.. فإن تربية الأبناء تحتاج إلى نموذج خاص بنا يتسق مع هوية مجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا، وهذا ما نطالب به لإكساب أبنائنا مناعة أخلاقية تحميهم من آفات الانفتاح العشوائى على ثقافات العالم، وأيضا نحتاج إلى نموذج يحمى الآباء والأمهات أنفسهم، ويعلمهم كيف يربون أبناءهم، ويكون بمثابة بوصلة لهم، لذا أصبح من المهم مراجعة منظومة التربية لتتوافق مع الأثر الذى ستؤديه في عصر العولمة والانفتاح، لأن الأسرة هى النواة التى يتشكل منها الضمير الاجتماعى والوطنى، فنعم لنموذج يساعدنا على غرس قيم المجتمع فى عقول أولادنا  بثقة وحب ورعاية وإطلاع لخلق جيل واعٍ قادرا على التعامل مع مفردات العصر، فما لا يزرع فى الطفولة يا سادة لا ينتظر حصاده فى الكبر..

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

الدروس الخصوصية والتفوق الوهمى

الدروس الخصوصية والتفوق الوهمى الثلاثاء، 13 يوليو 2021 12:18 ص

الكتاب لا الكباب

الكتاب لا الكباب الثلاثاء، 06 يوليو 2021 12:44 ص

القرار الصح

القرار الصح الإثنين، 05 يوليو 2021 12:49 ص

عيد الأب.. رسالة للأبناء

عيد الأب.. رسالة للأبناء الثلاثاء، 22 يونيو 2021 12:03 ص

"جبر الخواطر".. عبادة يحبها الله

"جبر الخواطر".. عبادة يحبها الله السبت، 12 يونيو 2021 12:09 ص

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمد صلاح يدعم منتخب مصر قبل انطلاق بطولة أمم أفريقيا 2025 فى المغرب.. فيديو

سيدة مُسنة تحاصرها مياه الفيضانات فى أسفى بالمغرب.. فيديو

تعرف على بدائل يزن النعيمات لتدعيم هجوم الأهلى فى يناير

وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال

عمر متولى ينعى والدته ويطالب الجمهور بالدعاء لها


تقرير مغربى: بلعمرى فى الأهلى مقابل 500 ألف دولار

صور نادرة لـ إيمان شقيقة الزعيم عادل إمام وأرملة الراحل مصطفى متولى

ارتفاع عدد ضحايا هجوم احتفال الحانوكا اليهودي في أستراليا إلى 16 قتيلا

7 معلومات عن شقيقة عادل إمام أرملة مصطفى متولى

ترامب يشيد بالبطل الأسترالي أحمد الأحمد: أنقذ أرواحا كثيرة في هجوم سيدني


تحذير عاجل.. نوة الفيضة الصغرى تضرب الإسكندرية غدا والأمواج ترتفع 3 أمتار

أحمد الأحمد المسلم بطل اليوم في أستراليا بعد تصديه للهجوم الإرهابى.. فيديو

نتيجة كلية الشرطة كاملة لعام 2025/ 2026 ثانوية عامة ومتخصصين.. فيديو

الطقس غدا.. انخفاض بالحرارة وأمطار وشبورة والصغري بالقاهرة 13 درجة

نتيجة كلية الشرطة 2026 كاملة لجميع التخصصات.. بالأرقام

مستشار الرئيس للصحة يوصى بالبقاء بالمنزل عند الشعور بأعراض الأنفلونزا "A"H1N1

سعد الصغير ينتقد غياب المطربين عن عزاء أحمد صلاح: مهنتنا مناظر أمام الكاميرات

5 آلاف إثيوبي ملزمون بمغادرة أمريكا خلال 60 يوما.. ما السبب؟

موعد مباراة منتخب مصر ونيجيريا الودية فى البروفة الأخيرة لأمم أفريقيا

قبول 1550 طالبًا من خريجي الحقوق بأكاديمية الشرطة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى