وائل السمرى يكتب عن قاتلة زوجها بطوخ.. الجميع يبحث عن الرواية المؤثرة ولا أحد يبحث عن الحقيقة الناصعة.. لم نسمع رواية الفتاة وحكمنا عليها بالإعدام.. النساء يتبرأن منها.. والرجال لإثبات أسطورة المرأة الغدارة

المجنى عليه
المجنى عليه


فجأة وبلا مقدمات انشغل الرأى العام فى مصر بقصة "قاتلة زوجها بطوخ". 

 هكذا أطلق عليها المجتمع اسم " قاتلة زوجها بطوخ" هكذا قال التريند ومادام التريند قد قال إن اسمها هكذا فاسمها سيبقى هكذا شاء من شاء وأبى من أبى.

لا يعرف الكثيرون أن اسم البنت "ريهام" وهذا دليل على أن "الفعل" يقهر "الاسم" والتريند يقهر الاثنين. 

 

 
بالنسبة لى كان الخبر صادما، ففكرة أن تقتل امرأة زوجها بسكين فى قلبه أمر مستبعد بالنسبة لي، أمر صعب على الرجال قبل النساء، فالقتل أمر شاق ومرهق وليس كما تصوره الأفلام البوليسية، أمر عصى حتى على القتلة المأجورين، فكيف لفتاة مسالمة أن ترتكبه دون أن نتساءل: كيف؟ 
 
تاريخيا السم هو الأداة الرسمية للزوجات القاتلات، لكن هذا لا يمنع عن وجود أساليب أخرى، فسمعنا مثلا عن سيدة ذبحت زوجها أثناء نومه، أو بعد تخديره، أو سيدة غافلت زوجها وضربته على رأسه فمات، وهذا لأن الأنثى بطبيعة تكوينها الجسمانى أضعف من الرجل، ومسألة أن تقرب سيدة من رجل حاملة السكين ثم تتمكن من غرسها فى قلبه فهذا أمر يتطلب قوة كبيرة، قوة الجسم وقوة "القلب" فى آن واحد، وهذا بالطبع إذا ما افترضنا أن الرجل لم يقاوم، إنما لو قاوم فستكون المسألة أصعب وحتى لو تمكنت من أصابته فمن المستبعد أن تتمكن من قتله. 
 
هنا يبرز السؤال: لماذا انتشرت القصة محملة بإدانة دامغة؟ برغم أنها ليست أول واقعة قتل زوجية، ولا هى الأقسى؟ فهناك سيدات كثيرات ارتكبن نفس الجناية وبطرق أشنع، فرأينا من قطعت زوجها بالسكين وألقت فى كل شارع بقطعة، وهناك من وضعت زوجها فى "مية نار" وفتحت عليه الدش فلماذا أخذت هذه القصة كل هذا الحيز من التفكير؟ لدرجة جعلت المصريين ينسون "الهري" فى قضية "سد النهضة" وامتحانات الثانوية العام ودورة الألعاب الأولمبية وأصبحت "قاتلة زوجها بطوخ " هى قضية الرأى العام الأولى!
 
فى اعتقادى أن السبب هو المفارقة، والمفارقة هنا تؤكد أن الحقيقة ليست مهمة ولا يحزنون، المهم الحبكة، المهم الدراما، زوجان تزوجا عن حب، والزوج يكتب على الفيس بوك أن زوجته هى أعظم انتصاراته، ويشترى لها تكييف وعباءة بـ 1500 جنيه ويحجز لها مصيف فى شرم الشيخ أو الغردقة، وتكون نهايته طعنة ثاقبة فى القلب. 
 
مسرحية مؤثرة، والبنت هنا تجسد الجحود والنكران والرجل يجسد التضحية والفداء، والنهاية المأساوية للرجل الطيب جعلت من القصة فاجعة فانتشرت، وأصبحت "ريهام" "قاتلة زوجها بطوخ" مثلما يصفها "التريند" وحكم المجتمع على البنت بالإعدام لأن كل الرجال يريدون تصديق الرواية ليثبتوا أسطورة "المرأة الغادرة" وكل النساء يردن تصديق الرواية ليتطهرن منها ورواد السوشيال ميديا يهاجمون أنفسهم يريدون تصديق الرواية ليثبتوا أن السوشيال ميديا كاذبة، وروادها كاذبون منافقون يكتبون على عكس ما يعيشون، ولا أحد يريد تصديق الحقيقة أو على الأقل يسأل الأسئلة الصحيحة 
 
 
 
لم يسأل أحد عن الحقيقة لأنه لا أحد يهتم بالحقيقة، لم يسأل أحد نفسه: كيف لفتاة بلا خبرة فى القتل أن تقتل بالسهولة هذه وبطريقة غير معتادة وفقا لتاريخ القاتلات، لم يفكر أحد أن يدرس حالات الطلاق المبكر والعنف بين حديثى الزواج الذى أصبح فى تزايد مستمر، ولم يفكر أحد فى عرض الفتاة على طبيب نفسى ليعرف الدوافع الحقيقة لهذا الانقلاب فى المشاعر، ولم يدرس أحد الواقعة بكل تفاصيلها ليستطيع الكشف عن ملابساتها وآلياتها. 
 
لا تحسب هنا أنى أدافع عن الفتاة أو أحاول التماس العذر لها أو تبرير موقفها، فالقضية الآن أمام جهات التحقيق وعما قريب ستمثل أمام قضاء مصر العادل وهو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة فى القضية، لكنى فحسب أحاول رصد ردود أفعال الناس وطبيعة تلقيهم للوقائع والأحداث، وفى الحقيقة لم أجتهد كثيرا لأكتشف أن المجتمع يفضل الافتعال على الدقة يرحب بالاستعراض ويلفظ الصدق يغرم بالمخرج "محمد سامي" وينفى "شادى عبد السلام" يغنى مع محمد رمضان "نمبر وان" ويتجاهل المبهر "محمد فهيم" يفضل القصص التى يمصمص فيها شفاهه، وليس القصص التى يعمل فيها عقله. 
 
المجتمع هنا حكم بأمراضه التاريخية على الفتاة لأنه يفضل "الرواية المؤثرة" وللأسف فإن هذه العادة السلبية الخطيرة لم تكن وليدة اليوم، لكنها ضاربة فى عمق التاريخ ومتجذرة فى باطن الوجدان الجمعي، ولهذا اختلق صراعات تاريخية لا وجود لها وروجها بدرجة عصية على التشكيك، فما زالنا نتساءل عن قتل أم كلثوم لأسمهان، ومازلنا نردد خطبة طارق ابن زياد العصماء التى قال فيها "العدو أمامكم.. والبحر خلفكم" وحرقه لمراكبه برغم أن غالبية المؤرخين يؤكدون أنه لم يكن يعرف العربية من الأساس وأنه استعمل المراكب نفسها فى نقل التعزيزات من الجانب الآخر، ومازلنا نتداول قصة تلحين زكريا أحمد لأغنية "الأولة فى الغرام" حينما مات ابنه برغم أن ابن زكريا مات فى الخمسينات والأغنية لحنت فى الأربعينات، وهكذا نعيد إنتاج "الإثارة" على حساب الحقيقة، دون حتى أن نمنح أنفسنا فرصة للنظر.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رئيس هيئة الدواء لليوم السابع: مصر الأولى أفريقيا والـ 15 عالميا فى الحصول على اعتماد منظمة الصحة العالمية.. ويؤكد: لدينا 459 مصنع دواء و2370 خط إنتاج لتأمين احتياجات الدولة من الدواء الآمن والفعال

مجلس الدولة الليبى يعلن سحب الشرعية من حكومة الوحدة الوطنية

عمرو أدهم: فيفا أخطرنا بسقوط حق الزمالك فى قضية بوبيندزا بعد وفاته

استقالة 5 وزراء فى حكومة الوحدة الوطنية انحيازا لإرادة الشعب الليبى

شقيقة سعاد حسنى عن الخطاب المنسوب للسندريلا: مش خطها والورقة تبدو حديثة


أول تعليق من محمد الشافعى بعد توليه منصب المعد البدنى لفريق الزمالك

حصاد الرياضة المصرية اليوم الجمعة 16 - 5 - 2025

الإسماعيلى يتقدم على مودرن سبورت بهدف فى الشوط الأول.. فيديو

الناتو يجدد دعوته لروسيا لـ"الجدية فى السعى إلى السلام" خلال القمة الاوروبية فى تيرانا

حاملة الطائرات الأمريكية هارى ترومان فى طريقها لمغادرة الشرق الأوسط


أسرة العندليب تظهر جواب بخط يد حبيبة عبد الحليم تكشف حقيقة زواجه منها

أحمد مكي يعلن وفاة نجل شقيقته ويطالب جمهوره بالدعاء له

الأهلي يكلف ريفيرو باختيار الصفقة الأجنبية الوحيدة خلال ميركاتو الصيف

وزير العدل يقرر تعيين محمد فاروق قائما بأعمال رئيس مصلحة الشهر العقارى لمدة 6 أشهر

قانون الثروة المعدنية يعزز ضرورة استخراج تصاريح لممارسة العمل بالمحاجر واستغلال خاماتها.. لا يستمر العمل بالترخيص أكثر من 15 عامًا.. والحبس سنة وغرامة لا تزيد على 5 ملايين جنيه لاستخدام محجر بدون ترخيص

خلايا نحل لإنهاء العمل بممشى أهل مصر ببنها.. محافظ القليوبية: سيمنح رؤية جديدة لكورنيش النيل بصورة لم نعهدها من قبل.. وزيادة المساحات المفتوحة للتنزه.. والانتهاء من تدبيش مساحة 450 مترا تمهيداً لبدء الأعمال

السيلفي الأخير.. إسرائيل تقتل عائلة بالكامل في بيت لاهيا شمال غزة.. صور

المولود الجديد يحمل أصولا عربية.. حقائق مثيرة حول حفيد ترامب الحادى عشر

حبس متهم بالتعدى على طفلة فى مدينة نصر

سفيرة الاتحاد الأوروبى: نثمن جهود مصر فى دعم القضية الفلسطينية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى