حياة المصريين.. مصر تنقسم على نفسها والغرباء يحتلونها

موسوعة مصر القديمة الجزء التاسع
موسوعة مصر القديمة الجزء التاسع
أحمد إبراهيم الشريف
نتابع سلسلة "حياة المصريين" ونتوقف مع موسوعة مصر القديمة لعالم المصريات سليم حسن، ونطلع على الجزء التاسع  الذى يأتى بعنوان "نهاية الأسرة الواحدة والعشرين وحكم دولة اللوبيين لمصر".

ويقول سليم حسن فى التمهيد:

وصل بنا المطاف فى "الجزء الثامن من تاريخ أرض الكنانة" إلى فترة حاسمة أخذت بعدها البلاد تتجه وجهة أخرى غير التى كانت عليها أكثر من نحو خمسة وعشرين قرنًا من الزمان، فقد فقدت البلاد وحدتها الداخلية بانتهاء أسرة الرعامسة الضعفاء حوالى عام ١٠٨٥ق.م، ثم انقلبت إلى حالتها الأولى من الانقسام قبل أن تتوحد على يد بطلها الأول "مينا" فمصر المتحدة أصبحت مصر الشمالية أو الوجه البحرى وعاصمتها "تانيس"، ومصر العليا أو الوجه القبلى وعاصمتها "طيبة"، وكانت حكومة الوجه البحرى حكومة سياسية تسيطر على كل البلاد المصرية من جميع أقطارها، ولكنها سيطرة اسمية، كما كانت حكومة الجنوب حكومة دينية تدين لها مختلف بقاع الوجه القبلى بالزعامة الدينية المعقودة لطيبة، وكان أمراؤها يحكمون باسم الإله وأوامره وما يوحى به إليهم، ولم يكن لهم من الأمر شيء ظاهر إلا تنفيذ أحكام إلههم "آمون" — ملك الآلهة — التى كان يصدرها بالوحى فى صوره المختلفة، وقد ظلت الحال فى البلاد على هذا المنوال طوال عهد الأسرة الواحدة والعشرين كما فصلنا القول فى ذلك فى "الجزء الثامن" من هذا المؤلَّف.
 
وفى تلك الفترة من تاريخ البلاد — التى مُزِّقتْ فيها وحدتها على أيدى أبنائها أنفسهم — كان ملوك "تانيس" يستعينون على قضاء مآربهم وتنفيذ أغراضهم بالجنود المرتزقة الأجانب الذين كانوا قد وطدوا أقدامهم فى داخل البلاد باحتلال المناصب العالية والتدخل فى شئون إدارة البلاد اجتماعيًّا وحربيًّا منذ أوائل الأسرة العشرين، وذلك عندما أخذ ملوك الرعامسة يُكثرون من استخدام جنود لوبيا الأشداء البطش، ولا غرابة فى أن يصير لهم هذا الشأن؛ فقد اشتبك معهم المصريون فى مواقع حربية جبارة عَجَمُوا فيها عُودهم، وخبروا قوتهم؛ ولذلك ألَّفوا منهم فرقًا عديدة وضعوها فى العاصمة وفى أمهات المدن المصرية حامياتٍ لحفظ النظام وقمع الثورات التى كانت تهب من وقت لآخر، ولم تلبث هذه الحاميات أن تَكَاثَرَ عددها واشتد بأسها وأصبح رؤساؤها هم المسيطرون على أهم المدن وأعظمها خطرًا من الناحيتين الإدارية، والسياسية، فكسر ذلك من شوكة ملوك "تانيس" وأمراء طيبة شيئًا فشيئًا إلى أن أصبح ملوك "تانيس" لا حول لهم ولا قوة، كما أصبح أمراء طيبة فى خوف ووجل من سلطان طوائف الجنود اللوبيين المرتزقة وتزايد قوتهم فى مختلف جهات القطر.
 
ولم يمضِ طويل زمن حتى وجدنا أحد كبار رجال اللوبيين يعتلى عرش الكنانة ويلبس التاج الأبيض والتاج الأحمر إيذانًا بأنه صار ملك مصر الموحدة ثانية.
 
وهذا الأمير الكبير الذى أصبح ملك مصر هو "شيشنق الأول" فاتحة ملوك الأسرة الثانية والعشرين، ومؤسس الدولة اللوبية فى مصر حوالى عام ٩٥٠ق.م.
 
وملوك هذه الأسرة كانوا فى ظاهرهم أجانب، غير أنهم قد تمصروا بمكثهم فى البلاد أجيالًا عديدة، ومَثَلُ ملوك هذه الدولة اللوبية كمَثَلِ ملوك المماليك من نواحٍ كثيرة؛ فقد دخلوا كالمماليك لخدمة المَلِك والاشتراك معه فى شن الحروب على أعداء مصر، ولكن بعد أن قَوِى سلطانهم واستولوا على كثير من مرافق البلاد وانتشروا فى جهات متفرقة من المملكة أخذوا يعملون فى الخفاء على إضعاف المَلِك وسحب السلطة منه شيئًا فشيئًا إلى أن حان الوقت، وقفزوا إلى عرش المُلك دون كبير عناء، أو عنيف مقاومة.
وقد دلت الوثائق التاريخية التى فى متناولنا على أن أسرة "شيشنق" هذا كانت تقطن مصر منذ ثلاثة عشر جيلًا فى "أهناسية" المدينة التى اتخذوها موطنًا ومعقلًا لهم، وقد توارث حكم مقاطعة هذه المدينة هؤلاء الأمراء اللوبيون الذين يُنسبون إلى قبيلة "المشوش" صاحبة الكلمة النافذة فى عهد الأسرة العشرين فى بلاد لوبية.
وكان لأمراء مقاطعة «أهناسية المدينة» شأن يذكر فى عهد الأسرة الواحدة والعشرين، كما تدل على ذلك الوثائق التى وصلت إلينا عنها؛ فقد كانت فروعها منتشرة فى أنحاء البلاد وبخاصة "منف" فقد ظهر أن أصل الكهنة العظام للإله "بتاح" فى هذه العاصمة القديمة من قبيلة "المشوش"، ولهم صلة رحم "بشيشنق الأول" وقد دلت الآثار فيما بعد على أنه عند فتح "بيعنخى الكوشى" للبلاد المصرية وتوحيد كلمتها كرَّة أخرى فى عهد الأسرة الخامسة والعشرين أن كان كل الأمراء حكامُ المقاطعات من أصل لوبى يلبسون على رءوسهم الريشة التى كانت تعد شعارهم الخاص، وهنا نجد نقطة تشابه بينهم وبين المماليك عندما تولى "محمد على" ملك مصر؛ إذ كانت كل مديريات القطر فى قبضة حكام من المماليك. فإذا كانت الحالة على هذا الوضع عندما تولى «شيشنق الأول» مقاليد الأمور فى مصر، فإنه لم يكن أمامه صعوبات أو عقبات يجتازها ليصل بعدها إلى اعتلاء عرش الفراعنة
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

شباب الطائرة في مواجهة المغرب ببطولة العالم بالصين

الإسماعيلي يتقدم باحتجاج رسمى ضد طاقم تحكيم لقاء الاتحاد السكندرى

زى النهارده.. الأهلى يكتب التاريخ في الظهور الأول لمجموعات بطولة أفريقيا

الصحة: 125 مليون شخص حول العالم يتأثرون نفسيا وجسديا لإصابتهم بالصدفية

هيئة الدواء: وثيقة سحب الأدوية منتهية الصلاحية ملزمة لأطراف المنظومة لحماية المريض.. فترة إضافية 3 أشهر للمصانع والموزعين والمخازن لاستكمال السحب.. وتحميل الصيدلى أى مسئولية بعد انتهاء فترة التسجيل أمر غير صحيح


الخارجية الإيرانية: لا يحق لأوروبا تفعيل العقوبات بموجب آلية الزناد

محمد علي بن رمضان يؤكد جاهزيته للمشاركة مع الأهلي أمام غزل المحلة

أرسنال يتحرك بقوة لخطف إيزي قبل توتنهام

أهداف مباراة سيراميكا وإنبى فى دورى Nile.. تسديدة السولية تخطف الأنظار

هدى الإتربى مطربة معتزلة فى فيلم هيروشيما بطولة أحمد السقا


متحدث جيش الاحتلال: بدأنا المرحلة الثانية من عملية "مركبات جدعون"

مصدر مقرب من أنغام يكشف آخر مستجدات حالتها الصحية

قطع المياه بين الهرم وفيصل من المساحة وحتى ابن بطوطة الجمعة 6 ساعات للصيانة

محمد صلاح يعادل إنجازًا تاريخيًا من توقيع كريستيانو فى الدورى الإنجليزى

الأهلى يصعق القادسية 4-1 فى شوط أول نارى بكأس السوبر السعودى.. فيديو

قبلة محمد صلاح وأليسيا ليست الأولى بين نجم ونجمة الدورى الإنجليزى.. فيديو

خلال اتصال هاتفى تلقاه من ماكرون.. الرئيس السيسى يؤكد موقف مصر الثابت والرافض لأية محاولات لتهجير الشعب الفلسطينى أو المساس بحقوقه المشروعة.. ويرحب مجددًا بقرار فرنسا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية

النرويج تتبرع بأرباح مباراة إسرائيل فى تصفيات كأس العالم لدعم غزة

كل ما تريد معرفته عن غيابات الأهلي في مباراة غزل المحلة

أدان هجوم نتنياهو الأخرق ضد ألبانيز.. مجلس يهود أستراليا يدعو لإنهاء التصعيد

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى