رهان عالمى فى مواجهة الأزمات

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى

أزمات متلاحقة، بين لبنان وتونس، مرورا بالجزائر، بل وتجاوزت إلى اليونان وقبرص، وحتى ألمانيا وبلجيكا، اختلفت أسبابها، بين السياسة، على غرار المستجدات التي تشهدها الساحتين التونسية واللبنانية، بينما تراوحت الكوارث الطبيعية، بين فيضانات ضربت بعض الدول، وحرائق طالت الأخرى، إثر ظاهرة التغيرات المناخية، والتي باتت تمثل تهديدا صريحا، قد يأكل الأخضر واليابس، حال الفشل الدولى في احتوائه، لتضع العديد من التحديات الإضافية التي قد تساهم في مزيد من الضغوط على الاقتصاد العالمى، ناهيك عن حالة الدمار والخراب التي قد تخلفه تلك الكوارث، والتي تأتى في توقيت حساس مازال العالم فيه يعانى إثر تداعيات وباء كورونا، والذى أضر بأقوى الاقتصادات حول العالم.

ولكن بعيدا عن الكوارث والأزمات وأسبابها وتداعياتها، تبقى معضلة حقيقية ملفتة، وهى الكيفية التي يمكن بها إدارة الأزمة، سواء كانت سياسية، أو في صورة كارثة طبيعية، لنجد أن ثمة اتجاه صريح في الغالبية العظمى من الدول المذكورة، للاعتماد على مؤسساتها العسكرية، لتقوم بالدور الأكبر، إن لم تضع مسئولية التعامل مع الأزمة من الألف إلى الياء على عاتقها، وهو الأمر الذى يجد ترجمته الصريحة، في قدرة الجيوش على تحقيق أكبر قدر من الانضباط، ليس فقط بين عناصرها، وإنما فرضه على كافة الأطراف الأخرى، وهو ما يمثل الجزء الأكبر من حل الأزمة، حيث تبقى حالة الفوضى التي دائما ما ترتبط بمراحل الأزمات الأولى، سببا رئيسيا في تأجيجها، سواء عبر الشائعات تارة، أو التشكيك تارة أخرى، مما يؤدى في كثير من الأحيان إلى تفاقمها.

ولعل الاعتماد على الجيوش لم يقتصر على داخل دولة الأزمة، بينما امتد ليصبح المؤسسة المؤهلة لتقديم الدعم والمساعدة من قبل الدول الأخرى، وهو ما يبدو على سبيل المثال في اعتماد روسيا على جيشها، للقيام بتعقيم المستشفيات والمؤسسات الإيطالية، إبان ذروة أزمة كورونا، أو مؤخرا عبر إرسال طائرات عسكرية للمشاركة في إطفاء الحرائق المستعرة في اليونان، وهو ما يمثل انعكاسا صريحا للثقة الكبيرة في قدرة الجيش على حل الأزمات سواء عبر التدخل المباشر، من خلال الاعتماد عليه للقيام بالدور الأكبر في إنهاء الأزمة، أو بصورة غير مباشرة عبر تقديم المساعدات الإنسانية، للدول الأخرى، وهو ما يساهم بطبيعة الحال في تعظيم النفوذ الذى تحظى به الدولة، وخلق ارتباط بينها وبين الشعوب الأخرى، إلى جانب الأنظمة الحاكمة.

ولم يتوقف الأمر على دول بعينها، حيث امتد الأمر إلى دول أخرى ربما شهدت ظروفا استثنائية، بينما لم تسعفها مؤسساتها المدنية، على غرار الولايات المتحدة التي لجأت بدورها للجيش لاحتواء الغضب بين قطاع كبير من الأمريكيين في أعقاب الإعلان عن فوز بايدن بالانتخابات الرئاسية الأخيرة على حساب الرئيس السابق دونالد ترامب، مما أدى إلى احتجاجات واسعة، بلغت ذروتها باقتحام الكونجرس في يناير الماضي.

وهنا يصبح استدعاء ورقة الجيش أحد الاختيارات الهامة التى تلجأ إليها الدول لاحتواء الأزمات باختلاف طبيعتها، سواء كانت كوارث طبيعية أو احتجاجات أو أعمال عنف خرجت عن نطاق السيطرة، في انعكاس صريح لتنوع الأبعاد للدور الذى تلعبه المؤسسات العسكرية سواء عسكريا أو أمنيا أو حتى إغاثيا أو دبلوماسيا.

ويعد الدور الذى تلعبه المؤسسات العسكرية، في مواجهة الأزمات، دليلا دامغا، على أبعاد جديدة، لا ينبغي تجاهلها، ربما أهمها، قدرة الجيوش، على المزج بين طبيعتها الخشنة، والمرتبطة بدورها، كـ"ذراع عسكرى" للدولة، من جانب، ودور ناعم، يبدو مستحدثا بعض الشيء من شأنه، إنهاء الأزمة في أقرب وقت ممكن، أو تقديم الدعم والمساعدة للدول الأخرى، لاحتواء أزماتها الصارخة، لتصبح أحد أهم المؤسسات ذات الشعبية الكبيرة في الداخل، بينما تقوم في الوقت نفسه بدور دبلوماسي، لا يقل في أهميته عن وزارات الخارجية في بعض الأحيان، نظرا للطبيعة الإنسانية لدورها غير القتالى.

وللحقيقة، فإن الطبيعة الدبلوماسية للجيوش، ليست بالأمر الجديد تماما، فالحماية العسكرية التي طالما قدمتها واشنطن لحلفائها، كانت سببا رئيسيا في قوة العلاقة، التي منحت الولايات المتحدة القيادة الدولية للغرب لعقود طويلة من الزمن، إلا أن الجديد، في هذا الإطار، هو مغازلة الشعوب عبر مساعدات الجيوش في أوقات الأزمات، لتتوطد العلاقة بالشعب، تزامنا مع الأنظمة الحاكمة، وهو الأمر الذى يعكس تفوق المؤسسات العسكرية، على الكثير من أقرانها، في بعض الأحيان للقيام بدور أكبر وبفاعلية أعظم، عبر إضفاء صبغة إنسانية، ربما تتجلى بوضوح في أوقات الأزمات.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

المغرب يبدأ رحلة التتويج باللقب القاري ضد جزر القمر فى أمم أفريقيا 2025

جدول امتحانات الفصل الدراسى الأول لطلاب الصف الثانى الإعدادى

قبل صرف معاشات يناير.. التأمينات الاجتماعية تتيح تعديل جهة صرف المعاش

الأهلى يبدأ اليوم الاستعداد لمواجهة غزل المحلة فى كأس عاصمة مصر

موعد مباراة الزمالك القادمة أمام سموحة فى كأس عاصمة مصر والقناة الناقلة


ننشر صور حريق سيارة تريلا امتد لعقار سكنى عقب سقوطها من أعلى دائرى المريوطية

وفاة سائق إثر سقوط سيارة نقل من أعلى دائرى الطالبية واشتعال النيران بعقار سكنى

موعد مباراة الأهلى وغزل المحلة فى الجولة الثالثة بكأس عاصمة مصر

طقس أوروبى فى بلاد الخليج.. موجة قطبية تضرب العواصم الخليجية.. ضباب وأمطار غزيرة بالإمارات وقطر.. شتاء قارس بالكويت.. ثلوج فى الرياض.. وأخرى تكسو قمم تروجينا وحائل بالمملكة بمشهد لم يتكرر منذ 3 عقود.. فيديو

حالة الطقس اليوم الأحد 21 ديسمبر.. انخفاض جديد بالحرارة وأجواء شديدة البرودة


عرض قطرى لـ جراديشار واللاعب يشترط راتب الأهلى للموافقة على الرحيل

الجمهور يستقبل تامر حسنى بالورود واللافتات بعد أزمته الصحية فى حفل عابدين

ناصر منسى يهدى الزمالك الفوز على حرس الحدود 2 - 1 فى كأس عاصمة مصر.. صور

دار الإفتاء توضح أفضل أوقات صيام التطوع.. وحكم صيام الاثنين والخميس

معاقبة سيدة بتغريمها 120 ألف جنيه بتهمة إرسال صورها لشاب بقنا

تعرف على موعد أذان فجر أول أيام شهر رمضان المبارك

حرس الحدود يتعادل مع الزمالك 1 - 1 بتسديدة صاروخية فى الدقيقة 36

ما حكم الدعاء فى أول ليلة من شهر رجب؟.. اعرف رد دار الإفتاء

النيابة تبدأ التحقيق فى واقعة حرق شقيق ناصر البرنس لنفسه أمام مطعم الشيخ زايد

جورج كلونى يودّع مشاهد الرومانسية على الشاشة وزوجته وراء القرار

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى