سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..13سبتمبر 1882الخديو توفيق يتلقى تلغرافا فى قصر رأس التين بهزيمة عرابى فى التل الكبير واحتلال مصر وأجانب يقذفون قبعاتهم أمامه ابتهاجا

 الخديو توفيق
الخديو توفيق
كان الوقت صباحا، حين تلقى الخديو توفيق، وهو فى الإسكندرية، تلغرافا من«سلطان باشا» رئيس مجلس النواب، يقول فيه:«حصل الهجوم على استحكامات التل الكبير فى فجر ذلك اليوم 13 سبتمبر، مثل هذا اليوم، عام 1882، والقتال كان قصيرا، ولم يطل أكثر من عشرين دقيقة، وأسفر عن انهزام العرابين شر هزيمة، بعد أن قتل منهم ألفان، وأسر منهم مثل هذا العدد، والغنائم كثيرة»، حسبما يذكر أحمد شفيق باشا فى الجزء الأول من مذكراته «مذكراتى فى نصف قرن»، ويسجل فيها مشاهداته عن أحداث الثورة العربية، حيث كان يعمل فى معية الخديو توفيق وقتئذ، ثم أصبح رئيسا لديوان الخديو عباس الثانى الذى خلف والده توفيق.
 
ينقل «شفيق» حالة الفرح لدى الخديو وبطانته والمعادين للثورة، بالرغم من أن هزيمة «عرابى» على أيد القوات الإنجليزية بقيادة «ولسلى»، أدت إلى احتلال مصر.. يقول:«ما كاد هذا الخبر يذاع فى الإسكندرية حتى هرع إلى سراى رأس التين جمهور كبير من المصريين والأجانب، لتهنئة الخديو بانخذال العرابين، ورأيتهم بنفسى محتشدين فى فناء الطبقة العليا من السراى، وهم يهتفون لسموه وللإنجليز، وبلغ التحمس والسرور ببعض الأجانب أنهم كانوا يخلعون قبعاتهم ويقذفون بها إلى السقف ابتهاجا بهذا الانتصار».
 
يذكر«عرابى» فى مذكراته أسباب هزيمته، قائلا: فى الأيام السابقة كان الخديو يبعث برسائل إلى كبراء الضباط يتوعدهم فيها، ويعلنهم أن الجيش الإنجليزى حضر بأمر السلطان«العثمانى» خدمة للخديو وتأييدا لسلطته، وكانت تلك الرسائل توزع بواسطة «سلطان باشا» ومن معه من الذين كانوا مع الإنجليز فى الإسماعيلية بأمر الخديو وبواسطة الجواسيس من المصريين كأحمد بك عبدالغفارعمدة تلا، والسيد الفقى عضوى مجلس النواب عن مديرية المنوفية، ويضيف:«استمر ذلك إلى أن كانت ليلة الأربعاء 13 سبتمبر 1882، فأشاع على بك يوسف «خنفس باشا» أنه علم من الجواسيس أن الإنجليز لا يخرجون فى هذه الليلة من مراكزهم، ولذلك لم يفعل ما أمره به «على باشا الروبى» من عمل خط الاستحكام من الحجارة، وجمع عساكره فى نقطة واحدة».
 
يؤكد عرابى: «سارت العساكر الإنجليزية من أول الليل، وفى مقدمتها بعض ضباط أركان حرب من المصريين الذين انحازوا إلى الخديو مع الإنجليز، وأمامهم عربان الهنادى يرشدونهم إلى الطريق، واستمروا سائرين إلى أن بلغوا المقدمة فى آخر الليل، وكانت من السوارى تحت حكمدارية أحمد بك عبدالغفار
وعبدالرحمن بك حسن، فبدل أن تنازل العدو عن القتال وتوقف سيره، رجعت أمامه كأنها تقوده إلى أن بلغوا محل آلاى على بك يوسف «خنفس باشا» الذى كان خاليا من عساكره، فمروا بلا مانع يمنعهم، وأطلقوا النار على الاستحكامات من الخلف والأمام، ووقعوا بالجند على حين غفلة منهم، إذ كانوا راقدين، فدهشت العساكر وتولاها الذهول، حيث ضرب النار من خلفهم وأمامهم، فألقوا أسلحتهم وفروا طالبين النجاة لأنفسهم، إلا أحمد بك فراج، ومحمد بك عبيد، وعبدالقادر بك عبدالصمد، فإنهم قاتلوا أعداءهم حتى النهاية، فاستشهد منهم من استشهد، وجرح من جرح، وصار الميدان ظلاما من دخان البارود، واختلط الجند المنهزم بالحيوانات المنتشرة فى تلك الصحراء الواسعة، واشتعلت النار بعربات السكة الحديدة التى بها الذخيرة الحربية وما جاورها من عربات المؤنة».  
 
يختتم عرابى روايته عن أكثر المشاهد حزنا فى تاريخ مصر قائلا:«هكذا كانت نهاية الحرب والخسارة العظيمة بسعى الخديو ومن كان معه من المصريين الذين انحازوا إليه، وقد نشأوا عبيد الاستبداد، واستمرأوا عيش الاستعباد، وبمساعدة المنافقين من عمد وأعيان المنوفية وعرب الهنادى بالشرقية الذين كافأهم الخديو جميعا، والشيخ أحمد أبوسلطان وأخوته من عربان الهنادى القاطنين بالشرقية خصوصا، فإن الخديو أقطعهم 5 آلاف فدان فى رأس الوادى مكافأة على خيانتهم للدين والوطن الذى نشأوا فى خيراته». 
 
يذكر الإنجليزى «بلنت» فى كتابه «التاريخ السرى لاحتلال إنجلترا لمصر» أن الضابطين عبدالرحمن بك حسن، وعلى بك يوسف «خنفس باشا» يجب أن يدون اسميهما تخليدا لعارهما وفضيحتهما».. يضيف:«كان على يوسف دائب الشكوى من قلة مكافأته على خيانة وطنه، فقد دفع له ألف جنيه قبل المعركة، وكان قد وعد بعشرة آلاف جنيه بعدها، ولكن الحكومة لم تدفع له سوى معاش شهرى 12 جنيها مدة حياته».
فى مقابل هذه الخيانة، يذكر محمود الخفيف فى كتابه«أحمد عرابى الزعيم المفترى عليه»، «كان هناك نفر من المصريين حفظوا شرف قومهم من الانهيار، فثبتوا فى مستنقع الموت أرجلهم والهول محيط بهم، والموت يأتيهم من كل مكان وهم الشهداء الأبطال، محمد عبيد، أحمد بك فرج، عبدالقادر بك عبدالصمد، حسن أفندى رضوان». 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمد صلاح يحصد الجائزة الـ 104 في مسيرته مع ليفربول

غدا جنازة وعزاء الإعلامي عاطف كامل بكنيسة مارمرقس مصر الجديدة

تنسيق الدبلومات الفنية.. كليات يشترط الالتحاق بها اجتياز اختبارات القدرات

العثور على طفلة حديثة الولادة على سلم عمليات مستشفى قطور بالغربية

تنسيق المرحلة الثالثة.. معامل حاسبات الجامعات تقدم الدعم الفني لطلاب الثانوية


اختبار طبي يحسم موقف إمام عاشور من دخول قائمة مباراة بيراميدز

وزارة التعليم تحدد ضوابط اختيار المعلمين بنظام الحصة ودورهم فى الامتحانات

حسام حسن يعلن قائمة منتخب مصر لمعسكر سبتمبر الأحد المقبل

تايلور سويفت وكيلسى يعلنان خطبتهما بعد عرض زواج سرى فى حديقة.. صور

ريبيرو يجري تعديلات على تشكيل الأهلي قبل موقعة بيراميدز


الزمالك يؤجل ملف تجديد محمد السيد

الطقس اليوم الأربعاء 27-8-2025.. حر ورطوبة نهارًا وأجواء مائل للحرارة ليلاً

المهدى سليمان يستفسر عن سبب الاستبعاد فى الزمالك

تنسيق الجامعات 2025.. الحد الأدنى للمرحلة الثالثة 205 درجات للنظام القديم

سياح العالم يتحدون حرارة الأقصر ويكتشفون سحر الحضارة الفرعونية.. صور

تقدم الأهلي والزمالك وتراجع بيراميدز في تصنيف أندية العالم

قانون التأمينات الاجتماعية يحدد شروط للحصول على المعاش الإضافى.. التفاصيل

أحمد عبد القادر ميدو بعد خروجه: شكرا للرئيس السيسى ومؤسسات الدولة والشعب المصرى

بارقة أمل جديدة.. المفوضية الأوروبية توافق على دواء مبتكر يقى من الإيدز

حماية المستهلك: ضمان سنة كاملة على خدمات التشطيبات والصيانة المنزلية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى