سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 14 يناير 1904.. اللورد كرومر يتمسك ببقاء الإمام محمد عبده فى منصب مفتى الديار المصرية ويرفض دسائس الخديو عباس الثانى ضده

اللورد كرومر
اللورد كرومر
سعيد الشحات
«مهما كانت الأحوال، لا أوافق على فصل الشيخ المفتى من الإفتاء ما دام موجودا»، هكذا حسم المعتمد البريطانى فى مصر اللورد كرومر مسألة بقاء الإمام محمد عبده فى منصب مفتى الديار المصرية، وذلك أثناء مقابلته للخديو عباس الثانى فى 14 يناير، مثل هذا اليوم، 1904، حسبما يذكر أحمد شفيق باشا، رئيس ديوان الخديو، فى الجزء الثانى من مذكراته «مذكراتى فى نصف قرن».
 
كان الرفض رسالة قاطعة من ممثل الاحتلال الإنجليزى لمصر، إلى حاكمها، وإلى كل الأطراف النشيطة فى دس الفتن التى كان الخديو يدبرها بنفسها ضد الشيخ، ليتخلص منه، بالرغم من أنه هو الذى قرر تعيينه فى منصب المفتى يوم 3 يونيو 1899، وعهد إليه بالعمل لإصلاح الأزهر بتعيينه فى مجلس إدارته، يذكر «شفيق»: «فوض الخديو للشيخ أمر السير بحركة الاصلاح، معتقدا أن الشيخ فى مقابل ذلك لا يعارضه فى تصرفاته ورغباته، ولكن الخديو خاب ظنه فى تقدير صلاته بالشيخ واستقلاله».
 
يكشف «شفيق» فى مذكراته نوعية الدسائس ضد الشيخ الإمام ووجدت هوى لدى الخديو، يذكر أن محمد توفيق البكرى، نقيب الأشراف، والطرق الصوفية كان نشيطا فيها، يضيف: «زاد فى غضب الخديو على الشيخ محمد عبده، ما كان من توثق العلاقة بين الشيخ واللورد كرومر، فقد كان اللورد يجله ويقدره قدره، ويستشيره فى بعض المسائل الحكومية المهمة، ولما ذاع أمر حادث الخلاف بين الخديو والإمام حول توجيه كسوة من كساوى التشريف العلمية بموت أحد كبار علماء الأزهر، قام المشاغبون الناقمون على الإصلاح بالأزهر بتعضيد من الخديو ضد الشيخ، وأكثر «البكرى» من التردد على سموه فى هذه الأيام، وكان يعمل على إيذاء المفتى لأنه عدوه وعدو الخديو كما يعتقدان».
 
فى قصة هذه الدسائس يطفو على السطح سر العلاقة بين الإمام، وكرومر، ويطرح حولها الشاعر كامل الشناوى سؤالا فى جريدة «الأخبار» 4 مارس 1956، قائلا: «ما سر هذا الود المتبادل بين محمد عبده وممثل الاحتلال البريطانى؟ هل مجرد تقدير من كرومر لعبقرية إنسانية عظيمة؟ هل هو انتهاج الإمام سياسة أخرى غير السياسة الثائرة التى بثها فى نفسه أستاذه جمال الدين الأفغانى؟ ولماذا عدل عن الثورة إلى المهادنة؟ هل سئم الكفاح والنضال؟ هل يئس من السياسة لأنها - كما يقول - ما دخلت شيئا إلا أفسدته؟».
 
يرد الدكتور عثمان أمين، فى كتابه «رائد الفكر المصرى - الإمام محمد عبده»: «بعد استتاب الاحتلال فى مصر، عاد محمد عبده من المنفى، فوجد أن السبيل الصحيح إلى الإصلاح ليس عن طريق السياسة، كما كان يرى أستاذه جمال الدين، بل عن طريق التربية والتعليم، فوجه همته إلى هذا المجال، وبدأ مشروعاته بإصلاح التعليم فى الأزهر، والمحاكم الشرعية، ونشر التعليم المدنى فى المدارس الإسلامية، ورسم خطة شاملة لذلك كله، وهى أن يوطد صلاته باللورد كرومر، ليستعين على تنفيذ مشروعاته الإصلاحية التى لا تتعرض للأمور السياسية، والتى كان يناوئها الخديو عباس باسم الدين، فلم يكن فى هذا الموقف ممالأة للإنجليز، ولم يكن الإمام راضيا عن احتلالهم للبلاد برغم إرادة أهلها، كما صرح فى كل مناسبة».
 
لم يهدأ الخديو رغم رفض «كرومر» كل محاولات فصل «الإمام» من منصب المفتى، بل استمر فى بث الدسائس ضده، حسب تأكيد شفيق باشا، قائلا: «أثار على الشيخ جريدتى اللواء والظاهر، وعلى الأخص فى فتوى صدرت منه ردا عن سؤالين من بعض مسلمى الترنسفال، وهما: بقر ضرب على رأسه بالبلطة حتى تضعف مقاومته، ثم يذبح قبل أن يموت بدون تسمية، هل يجوز أكل لحمه؟ السؤال الثانى: يوجد أفراد فى هذه البلاد «الترنسفال» يلبسون البرانيط لقضاء مصالحهم وعود الفوائد إليهم، فهل يجوز ذلك أم لا؟.
 
يؤكد «شفيق»: «أفتى المفتى بالإباحة فى الحالتين، فقام العلماء وقعدوا بخصوص الفتوى الأولى على الأخص، يُحرمون فيها أكل لحوم هذه الأبقار باعتبار أنها موقوذة، ويطعنون على الشيخ، فرد عليهم بأن الموقوذة هو ما ضرب بغير محدد، كالخشب والحجارة حتى انحلت قواه، يضيف «شفيق»: «لم يكتف الخديو بذلك، بل حرض العلماء عليه، فرموه بأنه وهابى، كما رموه بالزندقة لعدم أخذه بآراء شيوخ المذاهب، فرد عليهم الشيخ بما يدحض فريتهم»، يقول «شفيق»: «زاد خصوم الشيخ على ذلك بأن لفقوا له صورة شمسية له مع بعض نساء الأفرنج وحملوها إلى كرومر، وأفهموه أن هذا فى عرف المسلمين ازدراء بالشيخ ومنصبه، وأنه ينبغى إقالته مراعاة لشعورهم، فتبسم اللورد ساخرا من هذه السخافة، وأبدى ريبة فى صحة هذه الصورة، وقال لهم إن الأستاذ يزورنا هنا وتحضر مجلسه ليدى كرومر وغيرها من عقائلنا، فهل يصح أن نعد هذه إهانة له أو لنا؟.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مستأنف أسرة القاهرة تنظر دعوى الحجر المقامة من أحفاد نوال الدجوي ضد جدتهم 26 يونيو

نص محضر أبناء شريف الدجوي ضد بنات عمتهم منى بتهمة الاستيلاء على أموال الأسرة

عمر مرموش يقود مانشستر سيتي لسحق بورنموث بثلاثية فى الدوري الإنجليزي (صور)

رياح وأتربة وحر شديد.. الأرصاد تُحذر من طقس الأربعاء 21 مايو 2025

الأهلي يطلب من عماد النحاس تجهيز تقرير فنى لـ ريفيرو عقب مواجهة فاركو


مسلم يكشف كواليس إطلالته فى ليلة زفافه: أحب أكون مختلف ويا رب يكتر من أفراحنا

الأهلى يستقر على تسديد راتب يونيو لـ مارسيل كولر انتظارا لحل الأزمة

رامي ربيعة يحتفل بعيد ميلاده مع أسرته بتورتة الأهلي .. صور

عمر مرموش وهالاند يقودان هجوم مان سيتي ضد بورنموث في الدوري الإنجليزي

حقائب غامضة.. تداول فيديو يوثق لحظة السرقة من منزل نوال الدجوى


أسرة عبد الحليم حافظ تصدر بيانا بخصوص زواجه من سعاد حسنى

مدافع كريستال بالاس يكشف سبب منح هالاند ركلة الجزاء لـ مرموش

تدعيم الدفاع قبل مونديال الأندية يتصدر أول جلسة رسمية بين الأهلى و ريفيرو

ننشر أسماء مصابى حادث سقوط أسانسير بمستشفى شبين الكوم الجامعى بالمنوفية

موعد مباراة الزمالك القادمة فى الدورى

انتهاء التحقيق مع بوسى شلبى فى اتهام أسرة محمود عبد العزيز لها بالتزوير

مجلس السيادة السودانى: انتهاء المرحلة الأولى من إعادة تأهيل القصر الجمهورى

موعد أول سحور فى ذى الحجة.. وقت أذان الفجر وحكم صيام العشر الأوائل

الطقس غدا.. حار نهارا معتدل ليلا واضطراب بالملاحة والعظمى بالقاهرة 31

النيابة تستمع لأقوال أحفاد نوال الدجوى فى واقعة سرقة الذهب والدولارات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى