مصر وكوريا الجنوبية.. شراكة جديدة تتجاوز الجغرافيا التقليدية

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى

"الرهان على مصر".. شعار تبنته العديد من القوى الدولية والإقليمية، منذ عقود، فيما يتعلق بالعديد من القضايا الدولية والإقليمية، سلبا وإيجابا، عبر دعم الدور الذى تلعبه القاهرة باعتبارها البوابة الرئيسية للقوى المتنافسة، من أجل توطيد نفوذها في العديد من المناطق، تارة، أو تحييدها، إذا ما تعارضت الرؤية المصرية معهم، تارة أخرى، وهو النهج الذى يتجلى بوضوح في محاولات تحجيم الدور المصري، لعقود طويلة، من قبل القوى الدولية المهيمنة، بحيث لا تتجاوز منطقة الشرق الأوسط، وتحديدا القضية الفلسطينية، والتى شهدت هي الأخرى محاولات لتحييد نفوذ مصر بها، خاصة بعد أحداث ما يسمى بـ"الربيع العربي"، والذى كان بمثابة فرصة ذهبية لمحاولات صريحة لاستبدال الدور المصري، بقوى أخرى، حاولت الترويج لنفسها باعتبارها أنظمة "إسلامية"، مستخدمين خطابا دينيا من شأنه دغدغة عواطف الشعوب واستمالاتها، ولكن دون جدوى.

إلا أن الرهان ربما بات يحمل وجوها أخرى، في السنوات الأخيرة، تزامنا مع انطلاق عهد "الجمهورية الجديدة"، حيث تحولت الدولة المصرية إلى الطرف الفاعل في المعادلة الدولية، بعيدا عن سياسة الرضوخ للإملاءات القادمة من الخارج، فنجحت في تقديم نفسها للعالم، باعتبارها قوى مؤثرة في كافة دوائرها الدبلوماسية، وليس فقط في الشرق الأوسط، كما كان محدد سلفا، وهو ما يبدو في تحركات عديدة، في منطقة المتوسط، عبر التقارب مع اليونان وقبرص، وإفريقيا، عبر تجاوز منطقة حوض النيل، إلى مناطق أخرى، عبر الشراكة ونقل التجربة المصرية لتحقيق التنمية الشاملة، لتتحول القاهرة، إلى منطقة استقطاب دولي، لتتجاوز دوائرها التقليدية نحو دوائر أخرى جديدة، تسعى القوى الرئيسية بها إلى الشراكة مع مصر، لتحقيق المصالح المشتركة.

ولعل الزيارة الحالية التي يقوم بها الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه إن، إلى القاهرة، وهى الأولى من نوعها منذ ما يقرب من عقدين من الزمان، دليلا دامغا على حالة التحول الكبير التي يشهدها الدور الذى تلعبه مصر في المرحلة الراهنة على الساحة الدولية، في ظل متغيرات كبيرة، أبرزها حالة المخاض التي يعيشها النظام العالمي، وبروز قوى جديدة يمكنها المنافسة بقوة لإنهاء الهيمنة الأحادية من قبل الولايات المتحدة، على غرار روسيا والصين، ناهيك عن حالة التخلي التي تتبناها واشنطن تجاه العديد من حلفائها، وبالتالي أصبح الاعتماد على حليف واحد، بمثابة "رهان خاسر"، وبالتالي تبقى الحاجة إلى تنويع التحالفات، بالإضافة إلى تناول العديد من القضايا الملحة، على رأسها مسألة التغيرات المناخية، في ضوء، ليس فقط استضافة مصر لقمة المناخ العالمية المقررة في وقت لاحق من هذا العام، وإنما أيضا في ظل حرص الدولة على التركيز على البعد البيئي في إطار مساعيها نحو تحقيق التنمية المستدامة.

فلو نظرنا إلى طبيعة الأزمات الجديدة، وعلى رأسها أزمة التغيرات المناخية، نجد أنها تحمل طابعا شاملا، يتجاوز حدود الجغرافيا والزمن، ليس فقط من حيث تداعياتها، وإنما أيضا فيما يتعلق بالتحالفات الناشئة للتعامل معها دوليا، وهو ما يبدو في انقسام العالم بين معسكرين، أحدهما يمثل الدول النامية، والآخر للدول المتقدمة، منذ بداية الحديث عن الوضع المناخي العالمي، في ظل تبادل الاتهامات وحرص كل طرف على النأى بنفسه بعيدا عن الالتزام بمسألة تقليص الانبعاثات الكربونية، على اعتبار أنه غير مسؤول عما آلت إليه البيئة من تمرد وعصيان.

وهنا أصبحت التحالفات الدولية تحمل شكلا مختلفا، حيث لم تعد تقتصر على نطاق إقليمى بعينه، أو أيديولوجية محددة، وإنما باتت أكثر شمولا، لتتحول المعسكرات الجديدة، بمثابة بوتقة، تذوب فيها الجغرافيا والأيديولوجية والدين واللون، بينما تحمل على عاتقها الدفاع عن المصالح المشتركة لدولها، في مواجهة الطرف الأخر الذى تتعارض معه المصالح، وهو ما يحقق مبدأ الشراكة الدولية الذى تبنته الجمهورية الجديدة منذ انطلاقها قبل سنوات.

وتعد الزيارة التي يقوم بها الرئيس مون جيه إن إلى القاهرة بمثابة نموذجا لطبيعة الشراكات الدولية الجديدة، والتي تتجاوز الجغرافيا التقليدية، أو مفاهيم النفوذ المعروفة، بينما تقوم في حقيقتها على فكرة تحقيق المصالح المشتركة، سواء للدولتين، أو للمجتمع الدولي بأسره عبر مواجهة التحديات الجديدة، في ظل الحاجة إلى شريك موثوق به، ولديه تجربه، يمكن الاستفادة بها، ورؤية تتعلق بكافة القضايا الدولية الملحة، وهو ما يترجمه التوجه الذى تتبناه عدة دول آسيوية، ومن بينهم كوريا الجنوبية ومن قبلها الصين واليابان، نحو التقارب مع مصر، ناهيك عن السعي نحو اقتحام العديد من المناطق، التي تتقاطع جغرافيا مع مصر (البحر المتوسط وإفريقيا والشرق الأوسط)، بالإضافة إلى التنسيق فيما يتعلق بالقضايا الدولية المثارة حاليا، والتي باتت تتجاوز النطاق الإقليمى التقليدى.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مصدر في الزمالك لـ "اليوم السابع" : تم قيد أوشينج فى اتحاد الكرة

رئيس وزراء بريطانيا يعرب عن تطلعه لزيارة مصر فى أقرب فرصة

حماس: إصابة زوجة خليل الحية وزوجة نجله فى الهجوم الإسرائيلى على قطر

ترامب متوعدا من يفكر بمهاجمة أمريكا خلال رئاسته: لهذا أسميتها وزارة الحرب

تأجيل محاكمة قاتل أخيه بطلق ناري وإلقاء جثته في مصرف مياه بالعامرية


حركة حماس تنعى شهداء الاعتداء الصهيونى على دولة قطر

حسين الشحات يطالب الأهلي بحسم موقفه للحاق ببعثة الاتحاد الليبي في مصر

تشييع شهداء العملية الإسرائيلية الفاشلة فى الدوحة بحضور أمير قطر

لا أريد لأطفالى سماع الأذان.. ماذا قال تشارلى كيرك عن الإسلام في أمريكا

موعد مباراة منتخب مصر القادمة أمام جيبوتى فى تصفيات كأس العالم 2026


أنكر وجود فلسطين.. تشارلي كيرك: غير موجودة وتسمى "يهودا والسامرة".. فيديو

تقليل الاغتراب.. الضوابط الكاملة لقبول التحويلات بين الجامعات والمعاهد

ترامب يطالب نتنياهو بعدم ضرب قطر مجددا.. أكسيوس تكشف التفاصيل

النيابة العامة تحقق مع محمد فاروق "سيد شيبا".. وصديقه يؤكد إخلاء سبيله

موقف إضافة فئات جديدة على بطاقات التموين.. اعرف التفاصيل

موعد انتهاء التوقيت الصيفي .. تأخير الساعة 60 دقيقة في هذا الموعد

موعد مباراة الأهلي وإنبي فى الدوري المصري والقناة الناقلة

ذكرى ميلاد صالح سليم.. حكاية وليمة جمعته بالعندليب الأسمر وصباح

محمد شحاتة يترقب تعديل عقده فى الزمالك وترقيته للفئة الأولى

اليوم.. ذكرى ميلاد المايسترو صالح سليم رئيس النادى الأهلى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى