سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 29 يناير 1916..مظاهرة «الرديف» أمام سراى عابدين احتجاجا على سوء معاملتهم فى خدمة الإنجليز أثناء الحرب العالمية الأولى وفرار بعضهم وعيشهم بأسماء مستترة

مظاهرة «الرديف»
مظاهرة «الرديف»
لم تترك سلطة الاحتلال البريطانى العسكرية لمصر أثناء الحرب العالمية الأولى (28 يوليو 1914 - 11 نوفمبر 1918) أى جمل أو حمار صالح للعمل إلا واستولت عليه بأبخس الأثمان حسب تأكيد عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «ثورة 1919».
 
دارت الحرب بين «قوات الحلفاء» وتشمل «بريطانيا، فرنسا، روسيا» و«دول المركز»، وتشمل «ألمانيا والنمسا والدولة العثمانية «تركيا»، وكانت مصر تحت الاحتلال البريطانى منذ 1882 وفى نفس الوقت تخضع اسميا لسيادة الدولة العثمانية، التى تراخت تدريجيا، وحسب «الرافعى» : «لم يكن يبقى من مظاهرها سوى الجزية السنوية التى التزمت مصر بها حيال تركيا ومقدراها «750 ألف جنيه عثمانى» وكان يعادل ما يزيد على 681 ألف جنيه مصرى حتى قرر جمال عبدالناصر إلغاءها بعد ثورة 23 يوليو 1952، وفى 18 ديسمبر 1914 أعلنت بريطانيا وضع مصر تحت الحماية البريطانية، وفى نص الإعلان جاء «زالت سيادة تركيا على مصر وستتخذ حكومة جلالة ملك بريطانيا العظمى التدابير اللازمة للدفاع عن مصر وحماية أهلها ومصالحها»، وبهذه «الحماية» أصبح كل شىء فى مصر مرهونا بقرار الاحتلال وموجها لخدمة أهداف بريطانيا من الحرب.
 
 فى هذا السياق وحسب «الرافعى»: «أخذت السلطة العسكرية منذ بداية الحرب تجمع ما تستطيع من العمال والفلاحين بطريق الإكراه لإرسالهم إلى مختلف النواحى فى شبه جزيرة سيناء، أو فى العراق وفلسطين والدردنيل وفرنسا للعمل فى ما تحتاج إليه الجيوش».. يضيف «الرافعى» : «كان ظاهر الدعوة جمع هؤلاء العمال بطريق الاختيار والتطوع ولذلك سموا «متطوعين»، ولكن الحقيقة أنهم كانوا مكرهين، يؤخذون بطريق التجنيد، ووضعت الحكومة المصرية سلطتها وموظفيها رهن أوامر السلطة العسكرية البريطانية، فكان الحكام الإداريون من المديرين إلى عمد البلاد وخفرائها يقومون بعملية جمع الرجال قسرا وتجنيدهم فى هذه الأعمال، واغتنم كثير من العمد هذه الفرصة لسوق خصومهم إلى هذا التجنيد الذى كان بمثابة النفى والاستهداف للأخطار، وكان كثير منهم أيضا يتخذون الدعوة إلى هذا «التطوع» وسيلة للرشوة يبتزونها من الأهلين لإعفائهم من هذا التجنيد، واشترك فى الرشوة مع الأسف كثير من الحكام الإداريين»، ويقدر «الرافعى» عدد العمال والفلاحين والهجانة المصريين الذين أخذوا من مصر حتى نهاية تلك الحرب بمليون و 170 ألف عامل مات كثير منهم، ويؤكد: «كانوا عونا كبيرا لإنجلترا فى إدراكها للنصر فى هذه الحرب».
 
لم تكتف السلطة العسكرية بجمع العمال والمؤن والدواب وإنما وحسب «الرافعى»: «طلبت الرديف من الجيش المصرى لتستخدمه فى الأعمال الحربية، وفى 20 يناير 1916 أصدر إسماعيل سرى باشا وزير الحربية قرارا بناء على ترخيص من مجلس الوزراء بطلب جميع الموجودين بالرديف للخدمة العسكرية ماعدا المستخدمين منهم بمصالح الحكومة»، يضيف:  «كان الظاهر من مذكرة وزير الحربية إلى مجلس الوزراء بشأن هذا القرار أن الباعث هو الاستجابة لطلب قائد الجيش البريطانى بمصر، إذا كان هذا الجيش يعمل فى تنظيم فروع للتشهيلات اللازمة للدفاع عن قنال السويس، وأن تنظيم هذه التشهيلات تجعله فى حاجة إلى طائفة من العمال المتعودين على النظام العسكرى كالذين يمكن الحصول عليهم من أفراد «رديف الجيش»، وبلغ عدد من جمعوا الرديف تنفيذا لهذا القرار نحو 12 ألف مجند».
 
تم تنفيذ القرار بجمع الرديف قسرا من كل ناحية فى مصر.. تذكر الدكتورة لطيفة سالم فى كتابها «مصر فى الحرب العالمية الأولى»: «أخذت وزارة الحربية ترسل إلى المحافظات والمديريات كشوفا بأسماء رجال الرديف المطلوبين حسب أقسامهم فى السلك العسكرى وتاريخ مدتهم وانفصالهم من الجيش، ومنذ البداية لم يكن الرديف المصرى راضيا عما أصابه».
 
 جاء رد الفعل حسبما يقول «الرافعى»: «وقع تذمر شديد بين أفراده لسوء معاملتهم، ورداءة الغذاء الذى كان يعطى لهم، وحدثت مظاهرة منهم أمام «سراى عابدين» فى 29 يناير، مثل هذا اليوم، 1916، إذ اجتمع المجندون منهم بثكنات عين شمس، وساروا فى شكل مظاهرة إلى ميدان عابدين، وهناك ضجوا بالشكوى من سوء معاملتهم، فاستدعى رئيس الوزراء على عجل إلى السراى، فحضر ولما علم بتفاقم المظاهرة استدعى مندوبين عن الرديف، وعدهم بأن تنظر الحكومة فى شكواهم، على أن يعودوا إلى ثكناتهم، فعادوا، لكن تجددت المظاهرة فى اليوم التالى «30 يناير » وجاءوا إلى ميدان عابدين، وكانت الحكومة قد اتخذت احتياطات عسكرية لمنع اجتماعهم، فوقع تصادم بينهم وبين رجال البوليس الراكب، وحدث هرج ومرج، وأصيب بعض رجال الرديف بجروح بالغة، وصارت هذه المظاهرة حديث الناس فى مجالسهم، وكان لها صدى بعيد فى النفوس».. تذكر لطيفة سالم: «البعض منهم فر من بلدة إلى أخرى عاش فيها عيشة مستترة حتى لاتراه الأعين».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بعد هجوم بيت حانون.. "القسام": سندك هيبة جيشكم وجنائزكم ستصبح حدثا مستمرا

وزارة الطيران: تأخر محدود في إقلاع الرحلات لعطل بشبكات الاتصالات والإنترنت

اتحاد بنوك مصر: استمرار العمل بشكل طبيعي اليوم الثلاثاء

للمرة الثانية..السيطرة على حريق مبنى سنترال رمسيس والإطفاء تبدأ التبريد.. صور

بوتين يوقع قانونًا يسمح للأجانب بالانضمام للجيش الروسي


تجدد اشتعال النيران في مبنى سنترال رمسيس والإطفاء تحاول السيطرة. صور

وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ القاهرة عمليات إخماد حريق سنترال رمسيس

نقل حركة الإنترنت الثابت لعملاء المصرية للاتصالات لمركز الحركة بالروضة

الصحة تنشر أرقاما للرعاية الحرجة والعاجلة بديلا عن 137 بعد حريق السنترال

رجال الحماية المدنية يعلنون السيطرة على حريق سنترال رمسيس وبدء عمليات التبريد


تمركز 12 سيارة إطفاء للسيطرة على حريق سنترال رمسيس.. صور

"تنظيم الاتصالات": تعويض العملاء المتأثرين بتعطل الخدمة بعد حريق السنترال

المؤبد على سائق توك توك لاتهامه بالاعتداء على فتاة فى البحيرة

رسامة جديدة تعلن: مها الصغير نسبت لوحتى لنفسها.. لست الأولى فقد سرقت 3 آخرين

تأثر خدمات الاتصالات جزئيًا بعد حريق سنترال رمسيس.. ومحاولات لإعادة التشغيل

فاركو يؤكد رحيل ياسين مرعى.. والأهلى يعلن عن الصفقة خلال ساعات

مها الصغير: أنا غلطت فى حق الفنانة ليزا.. أنا آسفة وزعلانة من نفسى

عصام السقا بعد التفاف الجمهور للتصوير معه: محبتكم دي رزق من ربنا

أحمد داود يتعاقد على فيلم الكراش وميرنا جميل تشاركه البطولة

ريبيرو يخطر الأهلى برفض رحيل 7 نجوم بسبب أزمة وسام أبو علي

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى