الدبلوماسية المصرية وأبعاد جديدة لـ"الوساطة الدولية"

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
حالة أشبه بالوساطة.. هكذا يمكننا وصف الدور الذى تلعبه مصر في المرحلة الراهنة، قبيل انطلاق قمة المناخ المرتقبة، في نوفمبر المقبل، والتي سوف تستضيفها مدينة شرم الشيخ، بين دول العالم المتقدم والنامي، في ظل خلافات تبدو عميقة بين الجانبين، إثر عملية الالتزام بتقليل الانبعاثات الكربونية، والاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، حيث تبقى تبادل الاتهامات حول المسؤولية عما آلت إليه البيئة من تمرد، والحرص الكبير من قبل كلا الطرفين على تحقيق التنمية الاقتصادية، وهو الصراع الذى بدأ منذ اللحظة الأولى للحديث الدولي عن ظاهرة التغيرات المناخية وتداعياتها الكبيرة على المستوى العالمي، والتي قد تأكل الأخضر واليابس، إذا لم يتم احتوائها مباشرة.
 
ولعل اختيار مصر لاستضافة قمة المناخ في نوفمبر المقبل، يمثل في جوهره العديد من الأبعاد، منها الاهتمام الكبير من قبل "الجمهورية الجديدة"، بالبعد البيئي في إطار مساعيها لتحقيق التنمية المستدامة، وهو ما يبدو في مشروعات عملاقة، تعتمد مصادر الطاقة النظيفة، وأخرها مجمع بنبان لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في أسوان، في مشروع عملاق، من شأنه تحقيق التنمية الاقتصادية، دون تجاهل البعد البيئي، بينما يبقى للاختيار العديد من المحاور الأخرى، ربما أبرزها تقديم النموذج المصري، باعتباره أحد النماذج التي يمكن الاحتذاء بها، لدولة نامية، ربما كانت تعانى تحديات ضخمة قبل سنوات معدودة، إثر الفوضى الممزوجة بالتدهور الاقتصادي الحاد، لكنها نجحت في غضون زمن قياسي، ليس فقط في العودة التقليدية إلى سابق دورها، وإنما كانت عودتها بمعايير الحقبة الدولية الجديدة، وفى القلب منها معايير المناخ والبيئة.
 
النموذج المصري، ليس المعيار الوحيد في حقيقة الأمر لاختيار مصر لاستضافة قمة المناخ العالمي، وإنما هناك بعدا أخر لا يقل أهمية، يتمثل في النجاح منقطع النظير الذى حققته الدبلوماسية المصرية في السنوات الأخيرة، في تحقيق تقارب كبير مع كافة دوائرها الإقليمية، وبالأخص في إفريقيا والشرق الأوسط، والتي تشكل كتلة كبيرة جدا من المعسكر النامي، وهو ما يؤهللها للقيام بدور أكبر لتحقيق تقارب في الرؤى، فيما يتعلق بالالتزامات المناخية فى المرحلة المقبلة، مما يسمح بالوصول إلى توافق، يؤدى فى نهاية المطاف إلى التزام كافة أطراف المجتمع الدولي باحترام المعايير البيئة عند العمل لتحقيق التنمية الاقتصادية.
 
الدور الذى تلعبه مصر، ربما عبر عنه باقتدار الرئيس السنغالي، ماكي سال خلال لقائه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، أثناء زيارته الهامة للقاهرة، عندما أكد أن "مصر صوت إفريقيا"، في انعكاس صريح لعودة مصر القوية لمحيطها الإفريقي، ليس فقط بالأبعاد التقليدية، والتي انحصرت قبل ذلك في دول حوض النيل، حيث اتسع الدور ليشمل كل أنحاء القارة، وهو ما يبدو بوضوح في التقارب مع العديد من القوى القارية الهامة، وهو الأمر الذى يؤهل القاهرة للقيام بدور بارز في الدفاع عن قضاياها، أمام العالم، بينما يمكنها في الوقت نفسه أن تكون بمثابة "رسولا" عالميا للدول النامية، خاصة في إفريقيا، فيما يتعلق بالمسألة المناخية، عبر تقريب وجهات النظر دبلوماسيا من جانب، وتعميم النموذج التنموي الذى تتبناه مصر من جانب أخر.
 
وهنا يصبح الدور الذى تقوم به مصر متجاوزا النطاق التقليدي لمفهوم الوساطة الدولية، والذى اقتصر، خلال العقود الماضية، على تحقيق توافقات ومصالحات محدودة النطاق، في إطار صراعات تقليدية، تقوم في الأساس على رأب الصدع بين دولتين، أو بعض أطراف النزاع داخل أحد الدول لتحقيق الاستقرار، حيث امتدت الوساطة المصرية إلى تحقيق التوافق بين كتلتين دوليتين (الدول المتقدمة والنامية)، في إطار صراع محتدم مع الطبيعة، لا يبدو محدودا بنطاق زمنى أو جغرافي، بينما تبدو تهديداته كارثية لتطال الكوكب بأكمله.
 
وهنا يمكننا القول بأن الدولة المصرية، في إطار "الجمهورية الجديدة"، نجحت باقتدار في استكشاف أبعاد جديدة لمفهوم الوساطة الدولية، تقوم على الجماعية، بينما تبقى القضية محل الخلاف في ذاتها تحمل استثنائية، كونها بعيدة عن مفهوم الصراعات الدولية والأهلية التقليدية، وإنما في حقيقتها "صراع مع الطبيعة"، وهو الأمر الذى يزيد من خطورتها وبالتالي يتطلب موقفا دوليا جماعيا حاسما، بعيدا عن لغة المصالح الفردية.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ترتيب مجموعة تحديد البطل فى دوري nile قبل انطلاق الجولة الأخيرة

ريان رينولدز يقترح على ديزني فيلم "حرب النجوم" للبالغين.. اعرف الحكاية

مواعيد القطارات على خط القاهرة أسوان والإسكندرية أسوان والعكس

"أسابيع فى عش الزوجية".. صراع بين زوج وزوجته بسبب المصوغات تنتهى بطلب الطلاق

ملخص وأهداف مباراة مان يونايتد ضد أستون فيلا 2-0 في الدوري الإنجليزي


ترامب: قد يكون لدينا أخبار سارة مع حركة حماس بشأن قطاع غزة

موعد مباراة الزمالك وفاركو فى الدوري والقناة الناقلة

أخبار 24 ساعة..رفض 48 دعوى ضد قرار وزير التعليم بهيكلة المرحلة الثانوية

تأجيل محاكمة سفاح المعمورة لجلسة الثلاثاء المقبل لاستكمال سماع الشهود

هلال ذى الحجة لعام 1446 هجريا يولد الثلاثاء المقبل.. 7 لجان تستطلعه بالتنسيق مع دار الإفتاء.. المفتى يعلن موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025 بعد غروب شمس يوم الرؤية.. والجمعة 6 يونيو أول أيام العيد فلكيا


فحص الكاميرات والاستماع لأقوال الأسرة حول العثور على جثة حفيد نوال الدجوى

الأردن يسمح لمواطنيه بالسفر برا إلى سوريا دون موافقة مسبقة

لحظة وصول جثمان حفيد نوال الدجوى وأسرته لمشرحة زينهم

وزير العمل يعلن تطورات إيجابية بشأن عامل مصرى عنفه صاحب عمل سعودى

إخلاء سبيل طفل المرور فى واقعة التعدى على طالب بالمقطم بكفالة 20 ألف جنيه

متحدث الوزراء يكشف حقيقة إلغاء شهادات الحلال على اللحوم والألبان

أول صور لحفيد نوال الدجوي بعد العثور على جثته مصابا بطلق ناري

الأهلي ملك البطولات في العالم بعد هدية أبردين الأسكتلندي

مصادر أمنية: العثور على جثة حفيد نوال الدجوي مصابًا بطلق نارى بمسكنه بأكتوبر

الأعلى للإعلام: اعتماد قرار قناة TEN بالإيقاف الفوري لرضا عبدالعال

لا يفوتك


صحوة أوروبية.. هل يتم اغتنامها؟

صحوة أوروبية.. هل يتم اغتنامها؟ الإثنين، 26 مايو 2025 12:57 ص

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى