سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 يناير 1970.. «هيكل» يكشف حقيقة انسحاب عبدالناصر من مؤتمر القمة العربية بالرباط الذى فجره تقرير ياسر عرفات

محمد حسنين هيكل وجمال عبد الناصر
محمد حسنين هيكل وجمال عبد الناصر
كان ياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، يعرض تقريره أمام الجلسة الصباحية للقمة العربية بالرباط يوم 23 ديسمبر 1969، وكان فى مطلعه عبارة تقول: «بعد أن تم الحشد العربى لجهود الدول العربية من أجل المعركة، فإن المقاومة الفلسطينية تبدأ بعرض احتياجاتها لمواصلة النضال».
 
رنت عبارة «عرفات» فى سمع «عبدالناصر»، بوصف الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، فى مقاله «بصراحة» فى «الأهرام، 5 يناير، مثل هذا اليوم، 1970» بعنوان: «من الرباط إلى الخرطوم.. لحظات ومواقف فى المؤتمر»، ويكشف فيه أسرار ما دار فى هذه الجلسة التى انسحب منها عبدالناصر، ليدخل المؤتمر بعدها فى أزمة، وأصبح فى تاريخ القمم العربية مثالا على عدم نجاحها، وفى محاولة للتخفيف رأى هيكل: «لم ينجح مؤتمر القمة لأنه لم يكن هناك مؤتمر قمة.. كان هناك فى الرباط لقاء أو مقابلة بين أربعة عشر رئيسا وملكا، وفى هذه الحدود حقق الاجتماع شيئا كثيرا من النجاح». 
 
علق عبدالناصر، على ما سمعه من عرفات، قائلا: «هل نحن حقيقة حشدنا جهود الدول العربية؟.. إذا كنا هنا نظن أننا فعلنا ذلك ولو جزءا منه، فنحن على خطأ كبير».. يذكر هيكل: «التفت عبدالناصر إلى عرفات وقال له: ومع ذلك يا أخ ياسر أرجوك أن تستمر، وعاد ياسر إلى تقريره حتى انتهى منه، ثم راح يلتفت يمنة ويسرة فى انتظار رد على ما قال، لكن اليمين كان صامتا، وكذلك كان اليسار، لا أحد يريد أن يتكلم، ولا أحد يريد أن يتقدم».
 
طال الصمت حتى قطعه «عبدالناصر» مرة أخرى، قائلا لعرفات: «يا أخ ياسر أنت تعرف أن كل ما تملكه الجمهورية العربية المتحدة تحت تصرف المقاومة بغير حدود وبغير حساب، قد لا نستطيع فى الظروف الحاضرة أن نعطى للمنظمة ما تريده من النقد الصعب، ولكن الإمكانيات المصرية كبيرة، خذ ما تريد كله من السلاح وما يلزم للمقاتلين من إنتاجنا وهو كثير».. رد عرفات: «سيادة الرئيس، نحن نعرف ذلك، ونحن نأخذ منكم دائما ما نحتاج إليه، ونعرف فى كل الظروف أن أبوابكم مفتوحة أمامنا».
 
يتذكر هيكل: «عاد عبدالناصر إلى حديثه، الذى كان بدأه عن الحشد.. شرح أبعاد المعركة، وما تقوم به مصر فيها، وما يتحمله شعبها، وشرح موقف العدو وأصدقائه، وحتمية الصراع بالسلاح، وكل احتمالات المواجهة المستمرة، وكانت فى صوته نبرة حزن عميق، ثم قال فى النهاية.. لقد فرغ الكلام كما أرى.. كان الأخ ياسر عرفات كما رأيت يلتفت يمينا ويسارا ولا يجد جوابا شافيا.. رد ياسر: إن الكعبة لها رب يحميها، وفلسطين لها الله».. وعاد عبدالناصر يستأنف حديثه قائلا: «لسنا هنا لإحراج أحد.. ولقد فرغ الكلام كما نرى.. ولانريد أن نطيل آلام هذا الموقف وعذابه، ولذلك فإنه لم يبق غير أن ينتهى اجتماعنا، ولعل الأخ الملك الحسن يدعو إلى جلسة المؤتمر الختامية لكى يعود كل منا إلى ما ينتظره».. يؤكد هيكل: «نهض عبدالناصر واقفا.. لم يكن انسحابا من الجلسة، ولم يكن احتجاجا على أحد بالذات، ولم يكن مقاطعة للمؤتمر، وإنما لأنه لم يبق هناك كلام يقال».
 
يكشف «هيكل» عما تحقق فى «لقاء الـ14 ملكا ورئيسا» حسب تسميته، أبرزها موقف الرئيس الجزائرى هوارى بومدين، قائلا: «فى الجلسة الثالثة، وكان جمال عبدالناصر يشرح ظروف المعركة، كانت عيون بومدين تتابعه، وكان واضحا أن القائد الجزائرى منفعل إلى أبعد حد بما يقوله عبدالناصر، ودار حوار إنسانى مؤثر اشترك فيه القائد الجزائرى مع الرئيس جمال عبدالناصر وملك المغرب.. قال بومدين وصوته يختلج عاطفة: «يظهر أننا فعلا لا نرى الصورة الحقيقية لما يجرى الآن فى ميدان القتال.. لا أتصور أن تشعر مصر لدقيقة واحدة أنها بمفردها فى الميدان، إننا نعد الجيش الجزائرى بكل قوته ليشارك فى المعركة.. ليس هناك هدف لبناء قوة الجيش الجزائرى غير هذا الهدف، إذا كنا لم نرسل إلى الجبهة ما فيه الكفاية، فلأننا كنا ننتظر يوم اقتراب المعركة».. يذكر هيكل: «اتخذ بومدين بصلابة الثائر وهو جالس على مائدة الاجتماع قرارا لا أستطيع أن أخوض فى تفاصيله، ولكنى أثق أن تنفيذه تدعيم عظيم لقوى المعركة».
 
ويكشف «هيكل» عن موقف لياسر عرفات، قائلا: «كانت بعض الدول العربية قد غطت لمصر عقود تسليح عاجلة فى حدود 25 مليون جنيه، ووجد الرئيس عبدالناصر أن منظمة التحرير الفلسطينية لم تحصل على ما كانت تريده، وقال على الفور: إن مصر تتنازل للمقاومة الفلسطينية عن هذا المبلغ، إن قدرات مصر تستطيع أن تغطيه والمقاومة أكثر حاجة إليه، وترقرقت الدموع فى عينى عرفات، وقال لعبدالناصر: يا سيادة الرئيس أرجوك أن تبقى هذا المبلغ فى مكانه، إن الجبهة الأصلية التى تتعلق بها آمال الأمة العربية هى جبهة الجيش المصرى، ومهما كانت حاجة المقاومة الفلسطينية إلى أى مبلغ من المال لا نتصور أن يؤدى حصولنا عليه إلى تعطيل عقود جاهزة لتسليح الجيش المصرى.. ومسح ياسر عرفات دموعه».

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

منافسة إٍسبانية فى قمة سلة الأهلى والزمالك الليلة

الزمالك يهزم ريد ستار الإيفوارى ويتأهل إلى نصف نهائى الكؤوس الأفريقية لليد

توقف جميع شبكات الاتصالات فى إسبانيا بعد 4 أسابيع من أزمة انقطاع الكهرباء

محامى عمرو وأحمد الدجوى: آخرون من العائلة سرقوا وادعوا على موكلينا

مروة عبد المنعم تتصدر الترند بسبب مناجاتها لله.. اعرف التفاصيل


الجيش الإسرائيلى يعلن اغتيال قائد منظومة الصواريخ التابعة لحماس شمال غزة

إنتر ميامى يوقف مفاوضات تجديد عقد ميسى

بمشاركة مصر.. قطر تعلن تفاصيل قرعة بطولتي كأس العرب ومونديال الناشئين

موعد مباراة بيراميدز وصن داونز فى نهائى دوري أبطال أفريقيا

رئيس الوزراء يفتتح المصنع الجديد لـ "سوميتومو" العالمية لإنتاج الضفائر الكهربائية.. مدبولى: أحد أكبر المصانع المتخصصة على مستوى العالم.. يوظف أكثر من 12 ألف عامل وحجم التصدير يصل لأكثر من 300 مليون يورو سنوياً


نيويورك تايمز: قطر أرادت "بيع" طائرتها الفاخرة حتى وضع ترامب عينيه عليها

إيلي كوهين.. ماذا تعرف عن أشهر جواسيس إسرائيل فى الستينيات

الهلال يقنع إنزاجى بعرض ضخم قبل كأس العالم للأندية

سيارة بنتايج تكشف حقيقة الرحيل عن الزمالك

موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025

موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 للعاملين بالدولة

تطورات واقعة سرقة مبالغ مالية ومشغولات ذهبية من فيلا نوال الدجوى

ذكرى رحيل سمير غانم.. تفاصيل الخلاف بين ثلاثى أضواء المسرح بسبب الأهلى والزمالك

البرلمان الأوروبى يتفق على منح الحكومة المصرية 4 مليارات يورو

نهاية الرحلة.. الأهلي يوجه الشكر إلى علي معلول نهاية الموسم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى