حكايتي مع بهاء سلطان والرهاب الاجتماعى

سما سعيد
سما سعيد
سما سعيد
"قومي وري خالتوا بتعملي إيه في المدرسة".. تلك الجملة التي كانت تفزعني وأنا صغيرة، عندما نكون في زيارة عائلية لأحد أقاربنا، عندما تتحول كل العيون والاهتمام إلي، وإحساسي بأنني في اختبار، وليس اختبارا لفترة مؤقتة ولمرة واحدة، بل اختبار دائم، ويجب عدم الإخفاق فيه.
 
تلك الحالة التي انتابتني كثيراً وأنا صغيرة، لم أكن أعرف ماهيتها إلا مؤخراً، وهي عبارة عن رهاب اجتماعي أو الخوف من المواجهة، مرتبط بالظهور أو تقديم أداء أمام جمهور أو حتى التحدث أمام مجموعة صغيرة.
 
وفي حالتي كان التحدث أمام مجموعة من الأشخاص كافياً لحدوث توتر مبالغ فيه، قد يجعلني أبحث بل وأدقق في عيوب شخصيتي أكثر من مميزاتي، أعترف وبشكل ما أن الأمر يتحسن كلما مر بي الوقت، وأصبحت أتعامل مع عدد أكبر من الأشخاص والشخصيات المختلفة، ولكنه مازال مرتبطا عندى بكم الجمهور حتى الآن، فأتلعثم وأزداد قلقا وتوترا كلما تلمح عيني كاميرا تصوير أو فيديو أو حضور لقاء مهم. 
 
لم يحضرني هذا الموقف أبداً في ذكرياتي، إلا بعد موقف المطرب بهاء سلطان والذي حدث معه في أحد الأفراح، عندما ذهب بهاء لأحد الأشخاص مصاب بالرهاب الاجتماعي، ووجد العريس أن في وجود بهاء راحة نفسية نسبية لاختطاف الأضواء والضغط والقلق عنه وتحوله لبهاء نفسه، ليجد العريس بهاء يقول له "أنا حاسس إن الناس مخنوقة مني، ولا أنت شايف إية؟" لتتحول أزمة الرهاب الاجتماعي إلى نطاق أوسع وشكل أكبر، الأمر الذي جعل العريس يمسك المايك ويطالب من المعازيم الرقص والغناء كما يحلوا لهم، مواقف كثيرة تحدث عنها الكثيرون عن المطرب بهاء سلطان توضح مدى أخلاقه وحبه بأن لا يكون سبباً في إزعاج أحد، أو أنه يشعر بأن هناك شخصا لا يرغب في سماع صوته جعلته أيقونة للطيبة والتقوقع حول ذاته، بل وإنه قد يصل به الأمر بأنه لا يقدر قيمته الفنية ولا مدى حب جمهوره له.
والحقيقة أن الابتعاد والانعزال وعدم الثقة الكافية بالنفس هم السبب في رأيي الرئيسي لهذه المشكلة، فكلما ازدادت ثقتك بنفسك وتعاملك مع الاخرين، اكتسبت جرأة وقدرة على توصيل الفكرة في عقول المتلقين بشكل أسهل وأكثر سلاسة ومرونة، أو كما يقال دائماً في دورات التنمية البشرية "الامر يحتاج إلى تدريب" 
عودة سريعة إلى قصتي والتي أعتبرها إحدى نجاحاتي وانتصاراتي الصغيرة التي حققتها في تاريخي، هو تحولي من تلك الفتاة التي كانت تخجل من تنادي أمها بصوت عال أمام ضيوف، حتى وإن كانوا من العائلة، إلى فتاة تشارك في الإذاعة المدرسية في المرحلة الإعدادية، وإلى مشاركة في العروض الفنية والمسرحية والاستعراضية في مسرح المدرسة الثانوية، ولا أنسى ابداً ذلك الاستعراض على أغنية داليدا "حلوة يا بلدي" في احتفالات أكتوبر أمام طلاب ومدرسي الإدراة التعليمية بالكامل، حتى وأن مازلت أتمتع برهاب اجتماعي طفيف مثل بهاء سلطان، سلطان الأخلاق وطيبة القلب.
هذا التوتر ناتج عن عدة عوامل أولها الخوف، الخوف من عدم قدرتك الاداء بافضل شكل ممكن، فيزيد شعورك بالتوتر ما يجعلك تخطئ، أو الخوف من الآخرين وانتقادتهم، والحقيقة أن الإنسان مهما فعل لن يمنع الآخرين عن انتقاده بأي شكل، ثانيهما الانعزال، وعدم قدرة الإنسان على التعامل مع الآخرين وعدم فهمهم وفهم غاياتهم بشكل واضح، ثالثهم الشعور الذاتي بعدم الكمال، وإن كان هذا الموضوع صحيحا ولا يمكن لأحد ادعاء الكمال، إلا أن الوازع الداخلي يرى أن ما يستحق الناس رؤيته ينبغي أن يكون في أكمل صورة، ولكن هنا يقع الإنسان في خطأ، فليس هناك الكامل والأكمل منه، بل هناك الملائم والمناسب والجيد ودرجات عديدة يغفلها الإنسان لشعوره بالنقص وعدم الثقة بالنفس. 
 
حالتي أستطعت السيطرة عليها والتعامل معها تدريجياً، أما حالة بهاء فأنها حالة فريدة، وهي محاولة إرضاء الجميع وإسعادهم بكل ما في وسعه، فلا يمكن إرضاء الجميع، لا اقول بان بهاء مخطئ ولا ادعي الكمال لنفسي، بل اقول بأننا او اغلبنا مررنا بتلك المرحلة، بعضنا من تجاوزها بدرجة مختلفة عن غيره ومنا من لم يتجاوزها بعد وقليلاً يستعيدها مع أول موقف يتعرض له، وبالنسبة لنا جميعاً فأننا نحاول ونسعي لتقديم أفضل ما فينا، ولكن علينا وضع ثقتنا وإيماننا بأنفسنا أمام أعيننا طوال الوقت، ويبقى الخوف صغيراً مدام هنا بهاء أخلاق يسيطر على قلوبنا وأفعالنا.
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بدء غلق مؤقت للطريق الإقليمي لمدة أسبوع بدءا من اليوم

مدرب فلومينينسي يتحدى تشيلسي: هدفنا صناعة التاريخ

انطلاق تصوير فيلم Dune: Messiah فى بودابست وطرحه فى ديسمبر 2026

وزارة الطيران: إقلاع جميع الرحلات التى تأثرت نتيجة عطل الاتصالات والإنترنت

حول الشوارع إلى جنة.. شاب قنائي يتطوع ويزرع 1000 شجرة على نفقته الخاصة بمدينته.. أحمد عبد العزيز: البداية كانت منذ عام وأحلم بزراعة المدينة كلها بالأشجار المثمرة.. وأسعى لتحقيق الفائدة العامة لأبناء بلدي.. صور


نتنياهو: إيران كانت تدير سوريا والآن هناك فرصة لتحقيق الاستقرار والسلام

انتحار نائب بالبرلمان الفرنسى شنقا فى منزله

عقوبات مشددة لمخالفة قانون ممارسة الحياة السياسية.. الحبس وغرامات تصل إلى مليون جنيه.. 500 غرامة المتخلف عن التصويت واسمه بالبيانات بغير عذر.. واحذر إتلاف أو سرقة صندوق الانتخابات أو التعدى على أعضاء اللجان

بعد عطل الاتصالات والإنترنت.. إقلاع 36 رحلة طيران وجار العمل على 33 أخرى

بعد هجوم بيت حانون.. "القسام": سندك هيبة جيشكم وجنائزكم ستصبح حدثا مستمرا


شاهد مران الإسماعيلى الأول تحت قيادة الجزائرى ميلود حمدى

أخبار الرياضة المصرية اليوم الإثنين 7 - 7 - 2025

تجدد اشتعال النيران في مبنى سنترال رمسيس والإطفاء تحاول السيطرة.. صور

بعد عام على استشهاده فى غزة.. العثور على رفات اللاعب رامز الكفارنة

الصحة تعلن أرقاما بديلة للإسعاف فى بعض المحافظات بعد تعطل الخط الساخن 123

الزمالك يواجه أورانج فى أولى ودياته استعدادا للموسم الجديد

سر ظهور آمال ماهر بفستان زفاف أبيض.. اعرف الحكاية

"تنظيم الاتصالات": تعويض العملاء المتأثرين بتعطل الخدمة بعد حريق السنترال

حين انتصرت الشعوب على الهيمنة.. دول تحدّت الطاعة العمياء لأمريكا وفضّلت مصلحة مواطنيها.. رفضت مقايضة الكرامة الشعبية بالرضا الغربي تمسكا بالقرار السيادي.. وأكدت: واشنطن لا تملك وحدها مفاتيح الشرعية

تأثر خدمات الاتصالات جزئيًا بعد حريق سنترال رمسيس.. ومحاولات لإعادة التشغيل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى