ليس منَّا من لم يرحم صغيرنا

أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف

تحدث أشياء كثيرة في حياتنا منذ الطفولة، مع الأيام ننساها، شيئان فقط لا يمكن للواحد منَّا أن ينساهما أبدًا، هما مواقف القسوة، ومواقف الرحمة، فإننا لا ننسى أبدًا ما فعله أحد المدرسين فى المدرسة عندما قال لنا كلمة طيبة أو أشفق بنا ورحمنا أو صدق حلمنا وراح يتمنى لنا غدًا أفضل، ولا ننسى أبدًا غلظة القلب وكسرة الخاطر التي مارسها علينا مدرسون آخرون، كل ذلك مدون على نفوسنا كأطفال لذا وجب الانتباه.

جاءت الأديان جميعًا لتقدم لنا حياة أفضل، لتنقلنا فعلًا من ظلام الجهل إلى نور المعرفة، وكي تجعلنا نعرف أن الإنسان مهما قوي ضعيف، وساعدت على بناء مجتمع متكامل بأخلاقه وقيمه، ومن هذه القيم الرحمة بالصغير.

لو  توقفنا عند تراث الدين الإسلامي مثلاً، وتأملنا قيمة رحمة الصغير تجد مثلاً حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "قال رسول الله ﷺ: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا"، وهو حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وللعلم فإن الرحمة بالصغير هي من أمور الفطرة، حتى أن الحيوانات فى الغابات والبرية بها رحمة بصغارها، هكذا نعرف ونشاهد، فما بالنا بالإنسان الذي خصه الله سبحانه وتعالى بالعقل الذي يجعله يرى المصلحة فيما يفعل.

لو عدنا للحديث الشريف سنجد جملة خطيرة هي "ليس منا" أي ليس من جماعة المؤمنين بالله، وفى ذلك تهديد عظيم، تهديد خطير بالخروج من جماعة الخير إلى جماعة الشر التي تستبيح القيم وتلقى في النهاية أسوأ مصير.

والمجتمعات المتحضرة فى العالم كله هي تلك التي تمنح أطفالها فرصة للحلم، تمنحهم طاقة لحياتهم، وتصدق أفكارهم، وتؤمن بخيالهم، فلا شيء يصنع المستقبل سوى الخيال، وخيال الأطفال خصب وحالم ودال على الاستمرارية وعلى قدرة الله.

والرحمة ترقق القلوب تجعلها تنبع بالخير والعطاء، والأطفال أحباب الله، وهم قلوب بريئة تحتاج رعاية وعناية، إنهم مثل النباتات، تحتاج اهتماما كي تثمر وتزهر، وتؤتي أكلها بعد ذلك خدمة للوطن.

والمجتمعات التي تنشأ على الغلظة لن تخرج لنا سوى متطرفين متعصبين لا يرأفون بأحد ولا يقدرون ظروفا ولا يؤمنون بسياق مجتمعي، إنهم غلاظ القلوب يرون الرحمة ضعفا والتودد قلة حيلة، حدث ذلك لأنهم عندما كانوا أطفالا لم يشفق عليهم أحد، عاملهم أهلهم والمحيطون بهم بقسوة أو بتجاهل، لم يرحموا ضعفهم ولم يشفقوا على طفولتهم ولم يعلموهم الخيال والفن، بالتالي نشأوا  وقلوبهم قدت من صخور  فلا دم يتدفق فيها ولا مشاعر  ترققها.

تقول لنا كتب السيرة إن النبي ﷺ قبّل صبيًّا فسأله أعرابى قال: أتقبِّلون صبيانكم؟، والله إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم، فقال النبي ﷺ: أوَ أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك؟  كما أن سيرة سيدنا النبي مع أحفاده خاصة الحسن والحسين دالة على هذه القيم ودورها فى صنع الحضارة، كما أن المسح على رأس الصغير له أثر كبير في نفسه، هكذا علمنا الدين، وهكذا تعلمنا الحياة وتؤكد لنا أن "الراحمون يرحمهم الرحمن".

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

حضور جماهيري كبير لدعم منتخب الناشئين أمام إسبانيا فى ربع نهائي بطولة العالم لليد

اجتماع حاسم بين فليك وديكو لرسم ملامح برشلونة قبل انطلاق الليجا

البوستر الرسمى للموسم الخامس من سلسلة Only Murders in the Building

الرئيس السيسى يصدّق على تعديل بعض أحكام قانون التعليم

الرئيس السيسى يصدّق على قانون بعض قواعد وإجراءات التصرف فى أملاك الدولة الخاصة


اتحاد السلة يعلن مد فترة قيد الأندية لمدة 24 ساعة إضافية

تأهل 4 مصريات لنهائي السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عاما

الأرصاد تحدد موعد انكسار الموجة الحارة وتحذر من أمطار رعدية.. فيديو

تعرف على تشكيل زد وسيراميكا لمباراة الفريقين فى الدورى

الطفل يزن العيسوى ابن ياسمين رئيس ومحمد عبدالرحمن فى فيلم ماما وبابا


وزير خارجية بريطانيا يبلغ عن نفسه بعد رحلة صيد مع نائب ترامب بسبب "سنارة"

تأخير مباراة طلائع الجيش والمصري نصف ساعة بسبب منتخب الناشئين

باختصار..أهم أخبار العرب والعالم حتى الظهيرة..استشهاد 8 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى لحى الزيتون..بريطانيا: تمديد التحذيرات الخاصة بارتفاع الحرارة للأسبوع المقبل..نشوب حريق بمصفاة نفط فى فولجوجراد بعد هجوم أوكراني

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى