مسائل في العمل الخيري.. ما بين النية الحسنة و فرضية العدم (1)

محسن سرحان
محسن سرحان
بقلم محسن سرحان
في بروتاغوراس ، اعتقد أفلاطون أن الجهل هو أصل كل الشرور، وفي العلوم الاجتماعية اليوم نسمع دائمًا عن "مصيدة الفقر"، وهي دائرة مغلقة محكمة على الإنسان، يستحيل عليه الخروج منها بمفرده، وفي أبسط صورها تنشأ المصيدة بنشأة الطفل في أسرة فقيرة، فلا يحظى بغذاء مناسب يساعده على النمو السليم عقليًا وجسديًا، و لا يحظى بأفضل فرصة تعليمية موجودة، وإن حظي بتعليم جيد فلا يستفيد منه الاستفادة المثلى،  فتقل تنافسيته في سوق العمل ليكون نواة لأسرة أيضا في حالة فقر، أي إنه إرث ثقيل الظل، ليس للإنسان ذنب فيه، وهو في رأيي "الفقر" أصل كل الشرور.
 
ماذا نستنتج؟
 
إن الفقر ليس خطأ الإنسان، ولا هو خطأ الظروف، و لا هو الآن أشد من قبل، ولا هو ظرف عارض يزول بزوال مؤثرات ما خارجية، بل هو سنة كونية، وجزء لا يتجزأ من تصميم الدنيا، ومن تجربة حياة الانسان علي الارض، بغض النظر تماما عن الزمان و عن المكان.
 
و ماذا نستنتج أيضا ؟
 
أن المسؤولية الآن تقع على عاتق التنمويين، ان نعي أننا نعمل في مجال له أصول ثابتة، وأن نظل على حافة الابتكار والإبداع  فيما يخص مجالنا المتخصص و الدقيق لأن ببساطة شديدة إن كان من الممكن لأي إنسان مساعدة من يبدو عليهم الاحتياج بالاموال و فوائض الأغذية أو الملابس، فلماذا يحتاج العالم إلى مؤسسة وهياكل إدارية وأنظمة معقدة في العمل الخيري؟  ماذا تقدم الكيانات الخيرية ما لا يستطيع الفرد الحر أن يقدمه منفردا ؟ والإجابة هي التخصص في خدمة الإنسان، و الاستناد على الأدلة العلمية الصارمة بالإضافة إلى النية الصادقة.
 
و لذلك فالمظلة العامة الحاكمة للعمل الخيري المؤسسي ستظل دائما أن النوايا الطيبة أساسية و لكنها لا تكفي، بل يكملها العلم و العمل و الاجتهاد والإبداع في الإحسان.
 
و كلما ذكرنا الإبداع و هو توليد الأفكار فيجب أن نذكر الابتكار و هو تطبيق تلك الأفكار، و يجب أيضا أن نسعى لترسيخ الفارق الكبير ما بين الابتكار و الاختراع، حيث ان في أحيان كثيرة يتم خلط المفاهيم، الاختراع الآن لم يعد له إلا مجال محدود جدا في التقدم البشري، و لكن يظل الابتكار، وهو إعادة التطويع عبر السياقات و الأزمنة وهو المحرك الأساسي لما نراه كل يوم من نمو.
 
و عبر هذه السلسلة من المقالات سنحاول أن نرد سويا العمل الخيري إلى جذوره الثابتة علميا وإنسانيا، عن طريق شرح بعض المفاهيم، وتذكر بعض المحطات الفارقة في تاريخ العمل الخيري، لعلنا جميعا نستطيع التفكير بشكل أكثر كفاءة خارج الصندوق، بعض تسليط الضوء على ما هو بداخله بالفعل.
 
و دمتم خيرين.
                                                                        
- الرئيس التنفيذي لبنك الطعام المصري
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

5 معلومات عن مباراة الأهلى وسيراميكا فى كأس عاصمة مصر

مواعيد مباريات منتخب مصر فى كأس أمم أفريقيا بالمغرب

انتخابات النواب 2025.. أرقام الحصر العددى لدائرة الزقازيق فى الشرقية (فيديو)

خطوات التسجيل فى برنامج تكافل وكرامة والفئات المستحقة

إعلان نتيجة الحصر العددى لأصوات الناخبين بفاقوس وكفر صقر فى الشرقية


ظاهرة فلكية مهمة فى شهر رمضان المقبل.. تعرف عليها

مواعيد مباريات اليوم الجمعة فى ثانى جولات كأس عاصمة مصر

موعد انتهاء لجان حصر وحدات الإيجار القديم نهائيا

حسام حسن يسجل المشاركة الأولى فى قيادة منتخب مصر بأمم أفريقيا 2025

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 19-12-2025 والقنوات الناقلة


انتخابات مجلس النواب 2025.. الحصر العددي للدائرة التاسعة بأجا فى الدقهلية

هل نشهد شتاءً قارس هذا العام؟.. هيئة الأرصاد: فصل البرودة يتخلله حالات عدم استقرار وأمطار وانخفاضات ملحوظة بالحرارة.. ومعدلات المطر ستكون قريبة الشبه بالعام الماضى.. وتكشف: الحرارة تصل لـ«- 4» بهذه المناطق

برودة شديدة وشبورة.. حالة الطقس اليوم الجمعة 19 ديسمبر 2025 فى مصر

حسام حسن يجتمع بصلاح ومرموش.. ومفاجأة خاصة لمحمد الشناوى

ترامب: الرئيس عبد الفتاح السيسى صديق لى وأرغب فى استضافته

تسرب غاز يسفر عن اختناق 5 أشخاص فى الجيزة

رحلة نيفين مندور من النجومية للوفاة ودخول المشرحة لدموع فراق الأحباب بالمقابر

العثور على جثة طفلة بعد اختفاءها في ظروف غامضة بالصف

جميلة دائما من الشباب لآخر العمر.. صور تنشر لأول مرة للراحلة كريمان

الأردن ضد المغرب.. نهاية المباراة بالتعادل 2-2 واللجوء لوقت إضافي.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى