وكيل الأزهر: الدعوة الإسلامية منذ مهدها تواجه تحديا تلو الآخر لكنها تنجو بحفظ الله

الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر
الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر
كتب لؤى على
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إن السلام مبدأ من المبادئ التي عمق الإسلام جذورها في نفوس المسلمين، فأصبحت جزءا من كيانهم وإيمانهم، ولقد صاح الإسلام -منذ طلع فجره وأشرق نوره- صيحة مدوية في آفاق الدنيا، ودعا إلى السلام، ووضع الخطة الرشيدة التي تبلغ بالإنسانية إليه، ورسم الطريقة المثلى لتعيش الإنسانية في ظلاله، كما أن الإسلام لم يقف بالدعوة إلى السلام عند انعدام الحرب فقط، بل جعل من السلام كل ما يؤدي إلى استقرار الحياة، على نحو يشمل علاقات الإنسان الكبرى والصغرى، وتمثل ذلك في شريعة الإسلام وعقيدته وأخلاقه.
 
وأضاف وكيل الأزهر خلال كلمته بالمؤتمر العالمي الدولي الثاني " الدعوة الإسلامية والسلام العالمي .. تحديات الواقع وآفاق المستقبل"، أن مع  الدعوى العريضة للسلام ولتحقيقه بين كل البشر على اختلاف توجهاتهم إلا أن الدعوة الإسلامية منذ مهدها وهي تواجه تحديا تلو الآخر، لكنها تنجو منه بحفظ الله لها، وبوجود رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه قاموا على ثغورها ونشر قيمها وتعاليمها السمحة، والمتابع المدقق لما تمر به الأمة الإسلامية اليوم يجد أنها تعاني من أشد أنواع الأمراض خطورة، وهو المرض الفكري الذي أدى إما إلى التطرف الذي نتج عنه الإرهاب بأنواعه وإما إلى التفريط الذي نتج عنه الانحلال الأخلاقي والإلحاد، الأمر الذي يوجب على جميع العلماء النهوض وبقوة لمواجهة هذا المرض العضال وحماية المجتمعات الإسلامية من خطورته.
 
وبين الدكتور الضويني أنه مع تسليمنا أن لكل عصر خصائصه، فإن عصرنا الحالي الذي تهيمن عليه الصناعات الثقافية والإعلامية الغربية من خلال شركات عابرة للقارات عملاقة وضخمة تتوفر لديها إمكانيات هائلة وموازنات ضخمة جدا يفرض علينا تحديا كبيرا، وهو كيف نقوم بواجب الدعوة الإسلامية في العالم، وكيف تصل رسالة السماء إلى أهل الأرض؟، وكي نكون واضحين أمام أنفسنا، فإن الفرصة المتوفرة أمام المسلمين لاستغلال الإعلام الجديد للقيام بالدعوة والتعريف بالإسلام والرد على الصور النمطية والتشويه والتضليل والحملات الدعائية المغرضة فرصة يجب أن تستثمر على الوجه الأتم، الذي يحقق عالمية الدعوة وعالمية الرسالة. 
 
وأكد وكيل الأزهر أنه من الواجب علينا ونحن نتعامل في هذا الميدان أن نكون على يقظة وحذر ووعي بهذه القوى التي تسيطر على هذا الميدان، والتي تقدر أن تجعل من الشيطان الرجيم ملاكا رحيما والعكس بالعكس، ومن ثم فإن إشكالية نشر الدعوة والثقافة والإسلامية في العصر الرقمي تتمحور حول الاستغلال الأمثل للوسائل والإمكانيات المتاحة من تكنولوجيا حديثة لوسائل الاتصال ومن وسائط متعددة، مع الأخذ في الاعتبار قوة الكيانات عابرة القارات التي تعمل على التشويه المستمر للإسلام والمسلمين، كما أن من الواجب علينا   أن نصل إلى مرحلة الاستثمار في الفكر الإسلامي؛ فالحضور الدعوي، والتأثير الثقافي على المستوى الدولي بحاجة إلى مجهودات كبيرة منسقة ومنظمة تخاطب الآخر بلغة العصر وبمنهجية علمية وبمنطق عقلي حتى تحقق المبتغى منها، ويحتاج إلى إنتاج فكري وعلمي، ومنتج بجودة ونوعية تقدر على منافسة ما هو موجود على الساحة العالمية. 
 
وأوضح فضيلته أن أكبر مرجع للدعاة هو حياة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالواجب على كل منشغل بالدعوة أن ينظر في هذه السيرة العظيمة التي تعبد لنا طرائق الدعوة إلى الله فيتخذ منها دستورا في دعوته، فتصل به إلى بر الأمان، فيكون من أحسن الناس قولا، وقد كان صلى الله عليه وسلم سلاما ورحمة للعالمين، والأزهر الشريف أقدم جامعة عرفها التاريخ الإنساني مهموم ومعني ببيان حقيقة رسالة الإسلام، وحريص على الحفاظ على الدعوة الإسلامية وحمايتها من كافة الأفكار والآراء التي تحاول بث سمومها من أجل تشويه رسالة الإسلام، مما يدعونا إلى أن نعيد التفكير في مستقبل الدعوة الإسلامية، وإنتاج مشروع فكري جديد يستمد أسسه من ماضيه ويستند إلى الواقع ويستشرف المستقبل ليخرج الأمة من كبوتها ويعيد للرسالة الإسلامية مكانتها وللأمة ريادتها.
 
وأكد الدكتور الضويني أن التحديات المعاصرة كثيرة جدا، تجعل الأمر في غاية المشقة، وإن لم نتدارك ونضع آليات المعالجة، ونبدأ على الفور في وضع برنامج عمل لغرقنا في هذا الطوفان الهائل، الذي يرمينا مرة إلى إلحاد وتشدد، ومرة إلى تحلل أخلاقي وشكلية في التدين، وهذا كله يضعف الأمة، ويؤثر سلبا على دعوتها، كما أن الدعوة الإسلامية في حاجة ملحة إلى برنامج عمل ننزل فيه إلى أرض الواقع يدمج فيه التراث بالحاضر، ويجمع الداعية فيه بين علوم الشريعة وعلوم النفس والاجتماع والإدارة، فالدعوة الإسلامية اليوم مدعوة للتفاعل مع المتغيرات العالمية من أجل تفعيل دورها وأداء مهامها الشرعية المنوطة بها على الصعيد الإسلامي الداخلي وعلى الصعيد الخارجي، وذلك من خلال العمل على ترسيخ الفهم الإسلامي الوسطي المعتدل، والاهتمام ببناء الشخصية الإسلامية المتوازنة، وتطوير الخطاب الديني مضمونا وصياغة حتى يمكنه الإجابة عن الإشكالات المثارة في الساحة الغربية والشرقية على حد سواء، تلك الإشكالات التي تحتاج إلى أجوبة واضحة ومقنعة.
 
وشدد وكيل الأزهر على ضرورة العمل في إطار واحد من أجل تطوير العمل الدعوي، والتنسيق بين المؤسسات المعنية والمهمومة بأمر أمتها من أجل تأهيل الدعاة وتدريبهم على الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للإرشاد والمتابعة في أنحاء العالم، كما يجب الاهتمام بالخطاب الإعلامي الدعوي، وضبط أسسه وقواعده، وتطويره بما يتلاءم مع ثقافة الأمة ومتطلبات العصر، فضلا عن  وضع استراتيجية مشتركة حول ثوابت العمل الدعوي، وتنسيق الجهود والبرامج حول أولوياته بما يؤدي إلى جمع الكلمة وتحقيق المصلحة العليا للدعوة الإسلامية، والبعد عن كل  ما يثير العداوة والفرقة بين المسلمين، وبما يحقق السلام العالمي المنشود.
 
واختتم وكيل الأزهر كلمته بأننا نبحث اليوم عن دور الدعوة الإسلامية وأثرها في خدمة السلام العالمي فإن ما يقوم به الأزهر الشريف بتوجيهات ومشاركة مباشرة من فضيلة الإمام الأكبر - حفظه الله- لهو خير دليل على أن مؤسسة الأزهر تعي جيدا وتدرك حجم التحدي الذي تواجهه الدعوة الإسلامية، ونحن اليوم نترقب بكل اهتمام تلك القمة الدينية الروحية التي ستعقد على أرض مملكة البحرين الشقيقة برعاية جلالة الملك حمد بن عيسي، يومي الخميس والجمعة المقبلين،  بحضور  بابا الفاتيكان يؤكد على قيام مؤسسة الأزهر الشريف بواجبها تجاه الدعوة الإسلامية ونشر السلام العالمي، وما توقيع «وثيقة الأخوة الإنسانية» بين شيخ الأزهر الشريف، وبابا الفاتيكان، في أبوظبي 2019، إلا جهد مبارك يسهم بشكل فعال ومباشر في نشر السلام العالمي، وتحقيق العيش المشترك، من خلال تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة التي أدت إلى الإرهاب والعنف وعدم الاندماج الإيجابي في بعض المجتمعات الإنسانية، وهو ما يولي له الأزهر أهمية خاصة تنطلق من دوره ورسالته العالمية في إقرار السلم المجتمعي بين جميع الأمم والشعوب.

موضوعات متعلقة

شيخ الأزهر الشريف يلتقى سفير البحرين

شيخ الأزهر الشريف يلتقى سفير البحرين الثلاثاء، 04 أكتوبر 2022 12:18 م

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مؤمن شريف يقود هجوم منتخب الشباب أمام المغرب بنصف نهائي أمم أفريقيا

ليلى محمود تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجمهورية للجمباز الفنى تحت 8 سنوات

رابطة الأندية تقدم حيثيات قراريها بخصم 3 و6 نقاط للجنة التظلمات

"صفعة وشلوت".. شاهد علقة وزير الأمن القومى الإسرائيلى وزوجته بشوارع القدس

إصابة وسام أبو علي بالتواء في الكاحل والأشعة تحدد مدة غيابه عن الأهلي


مسئولو شركة أنجلو جولد أشانتى: السكرى أحد أكبر 20 منجما على مستوى العالم

جلسات تحفيزية في منتخب الشباب قبل مواجهة المغرب في نصف نهائي أمم أفريقيا

القبض على فرد أمن لتسهيله دخول طالب للامتحان بدلا من رمضان صبحى بأبو النمرس

الداخلية: بدء مغادرة أول فوج من حجاج القرعة.. فيديو

طارق حامد وسام مرسى وحمزة علاء يقتربون من الزمالك


ليلة الأفلام العالمية مع العائلة: ضحك كثير وقلوب أكبر

كيف يفكر الزمالك في تدعيم حراسة المرمى؟

مستشفى الزمالك .. شحاتة ومنسى وبنتايج ينضمون لقائمة المصابين

التظلمات تجتمع في الخامسة مساء اليوم لحسم أزمة مباراة القمة

ترامب يطرح فكرة السيطرة على غزة مجددا.. ويؤكد: سأحولها لـ "منطقة حرية"

كهربا على رأس الفوج الثانى للرياضيين العائدين من ليبيا

تشكيل منتخب مصر تحت 16 سنة أمام بولندا فى دورة الاتحاد الأوروبى للتطوير

أزمة مباراة القمة.. 3 سيناريوهات أمام لجنة التظلمات فى اجتماع اليوم

مقتل إنفلونسر فى المكسيك خلال بث مباشر.. والسلطات تؤكد إجراء تشريح للجثة.. صور

السكة الحديد تشغل قطارات إضافية فى إجازة عيد الأضحى بداية الشهر القادم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى