سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 20 نوفمبر 1882.. الإمام محمد عبده يكتب من سجنه إلى سعد زغلول عن شخص أحسن إليه فرد بكتابة تقرير ضده فيه أقبح الأشياء

الإمام محمد عبده
الإمام محمد عبده
فور هزيمة الثورة العرابية بزعامة أحمد عرابى، ودخول الجيش الإنجليزى إلى القاهرة عصر يوم 14 سبتمبر 1882، بدأت عملية القبض على زعماء الثورة لمحاكمتهم، وكان من بينهم الشيخ الإمام محمد عبده، وحسب مذكراته التى حققها وعلق عليها طاهر الطناحى، فإن «الإمام أودع السجن رهن مثوله أمام المحكمة العسكرية التى ألفها الخديو توفيق، وبقى ثلاثة أشهر وأياما، ثم حوكم، وحكم عليه بالنفى إلى بيروت مدرسا بمدرسة جمعية المقاصد الخيرية للأدب والتوحد وعلوم الدين، ثم فر إلى باريس».
 
لقى محمد عبده صنوفا مختلفة من الإهانات داخل سجنه وهو ينتظر ما تقضى به المحكمة بشأنه، ويذكر الإنجليزى صديق العرابيين «بلنت» فى كتابه «التاريخ السرى لاحتلال إنجلترا لمصر»، أن الخديو توفيق أرسل أغواته لإهانة زعماء الحركة القومية فى السجن، وأن الشيخ محمد عبده كان من أوائل المقبوض عليهم وكان من ضحايا هذه الإهانات.
 
وينقل محمود الخفيف فى كتابه «الزعيم أحمد عرابى المفترى عليه» عن مستر بردلى محامى العرابيين فى كتابه «كيف دافعنا عن عرابى؟»، أنه زار كلا من، على فهمى وعبدالعال حلمى والشيخ محمد عبده فى حجراتهم، وذكر له عبدالعال، أن إبراهيم أغا «توتونجى الخديو»، دخل حجرتى ومعه ثلاثة أشخاص، وقال لى: «يا عبدالعال أتعرف من أنا؟ فقلت: كلا، لست أعرفك، فقال: أنا إبراهيم أغا، توتونجى الخديو، ثم دنا منى وبصق على وجهى وضربنى بقلم كان فى يده على وجهى مرتين، وقال: انتظروا لقد وقعتم يا أولاد الكلب سأريكم».
 
أما الإمام محمد عبده فشكا إلى بردلى، قائلا: «حضر إبراهيم أغا إلى فى الخامس من هذا الشهر «أكتوبر» وأهاننى، وكان معه بعض أتباع الخديو، وفتشونى وأخذوا منى ثلاثة مجلدات، اثنان منها هما «كتاب العقد الفريد»، والثالث هو الجزء الأول من تاريخ العصور الوسطى وهو معرب عن الفرنسية، ولما سألتهم: لماذا يأخذون منى الكتب، ألكى يعيدوها إلى بيتى؟ قال لى: ألك بيت؟ فرأيت أن أسكت».
 
كانت هناك معاناة أخرى لكنها أقسى على «الشيخ الإمام» يذكرها الطناحى وهى: «الخونة المنافقون الذين انتهزوا فرصة القبض عليه، وكتبوا فيه تقارير حشدوها بالكذب والبهتان»، وعن هذا كتب خطابا إلى أحد أصدقائه من داخل سجنه يرد عليهم، ويصف الطناحى هذا الخطاب ويتوقع اسم الصديق المرسل إليه، قائلا: «هو قطعة من الأدب، أما الصديق فلعله سعد زغلول، فقد تبادل معه عدة خطابات أثناء نفيه فى بيروت، وكان زميلا له فى تحرير «الوقائع المصرية» فى عهد الثورة العرابية»، فماذا قال الإمام فى هذا الخطاب الطويل الذى يحمل تاريخ 20 نوفمبر، مثل هذا اليوم، من عام 1882، ويأتى بنصه فى ختام المذكرات؟
 
يوجه محمد عبده خطابه إلى «عزيز» عليه «لم يذكر اسمه» ويستهله ببيت شعر: «تقلدتنى الليالى وهى مدبرة / كأننى صارم فى كف منهزم»، ويضيف: «سقطت الهمم، وخربت الذمم، وغاص ماء الوفاء، وطمست معالم الحق، وحرفت الشرائع، وبدلت القوانين، ولم يبق إلا هوى يتحكم، وشهوات تقضى، غيظ يحتدم، وخشونة تنفذ، تلك سنة الغدر، والله لا يهدى كيد الخائنين، ذهبت أرباب السلطة فى بحر الحوادث الماضية، يغوصون لطلب أصداف من الشبه ومقذوفات من التهم، وسواقط من اللمم، وقد وجدوا لذلك أعوانا من حلفاء الدناءة، وأعداء المروءة، وفاسدى الأخلاق، وخبثاء الأعراق، رضوا لأنفسهم قول الزور وافتراء البهتان واختلاق الإفك، وقد تقدموا إلى مجلس التحقيق بتقارير محشوة من الأباطيل، ليكونوا بها علينا من الشاهدين، كل ذلك لم تأخذنى فيه الدهشة، ولم تحل قلبى منه وحشة، بل أنا على أتم أوصافى التى تعلمها، غير مبال بما يصدر به الحكم أو يبرمه القضاء، عالما بأن ما يسوقه القدر وما ساقه من البلاء، فهو نتيجة ظلم لا شبهة للحق فيه، لأن الله يعلم - كما أنت تعلم - أننى برىء من كل ما رمونى به». 
 
يضيف الشيخ الإمام: «قدم فلان وفلان تقريرين جعلا فيهما تبعات الحوادث الماضية على عنقى، ولم يتركا شيئا من التخريف إلا قالاه، وذكرا أسماءكم فى أمور أنتم جميعا أبعد الناس عنها، ولكن لا حرج عليهما فإنى أعدهما من المجانين، ولم أتعجب من هذين الشخصين إذ يعملان مثل هذا العمل، لكن أخذنى العجب إذ أخبرنى المدافع عنى بتقرير قدمه «فلان» الذى أرسلت إليه السلام، وفيما بلغنى أنه شاهده بأقبح شىء، لا يشهد به إلا عدو مبين، هذا اللئيم الذى كنت أظن أنه يألم لألمى ويأخذه الأسف لحالى، ويبذل وسعه إن أمكنه فى المدافعة عنى، فكم قدمت له نفعا، ورفعت له ذكرا، وجعلت له منزلة فى قلوب الحاكمين».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزارة التعليم تتابع وصول أسئلة امتحان الرياضيات والجيولوجيا للجان الثانوية

توافد طلاب الثانوية العامة بالجيزة على اللجان لأداء امتحان الرياضيات البحتة

شيرى عادل تُصوّر حكاية ديجافو من مسلسل ما تراه ليس كما يبدو آخر يوليو

ريبيرو يرفض صفقات تدعيم الجبهة اليمنى للأهلى بسبب هانى وعمر كمال

طلاب الثانوية نظام قديم يؤدون اليوم امتحانات الجيولوجيا والجبر وعلم النفس


كيف نحول مخلفات القمح إلى كنوز اقتصادية وبيئية؟

كهرباء الإسماعيلية يتعاقد مع محمد أوناجم لاعب الزمالك السابق

محمد مكي يرفع اللياقة البدنية للاعبي المقاولون استعدادا للموسم الجديد

الشرقية تبدأ خطة جادة لتحويل مكامير الفحم العشوائية إلى صديقة للبيئة.. 20 فدانًا فى صحراء بلبيس لاستيعاب 225 مكمورة مطورة دون انبعاثات.. جهاز شؤون البيئة: إزالة مكامير مخالفة وتحرير 20 محضرًا العام الماضى

وداعا للبلطجة.. محافظة القاهرة تطبق منظومة جديدة لتقنين وضع السايس.. فيديو


محمد عواد حارس مرمى الزمالك يحتفل بعيد ميلاده الـ"33" اليوم

الزمالك يجدد عقد عبد الله السعيد لمدة موسمين

موعد مباراة ريال مدريد ضد باريس سان جيرمان فى نصف نهائى مونديال الأندية

أجمل الشواطئ تقع على البحر المفتوح غربى مدينة مرسى مطروح.. شواطئ الكورنيش الجديد والأُبَيض وأم الرَخَم وعجيبة الأكثر بكارة وهدوء.. تتميز بالمياه النقية والرمال البيضاء والخصوصية وعدم الزحام.. صور

ريال مدريد يهزم دورتموند ويواجه باريس في نصف نهائي مونديال الأندية.. فيديو

فرص عمل للصيادلة بمرتبات شهرية تصل إلى 9400 جنيه.. تفاصيل

الأهلى يرفض ضغوط وكيل وسام أبو على للرحيل ويحدد شروطه لرحيل اللاعب

تنسيق الجامعات 2025.. دليل الطالب لاختبارات القدرات

تحذير عاجل من الأرصاد الجوية لهذه المحافظات خلال الـ48 ساعة المقبلة

الأرض تدور أسرع.. استعدوا لأقصر أيام فى التاريخ خلال صيف 2025

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى