صندوق COP 27.. الوجه الآخر لاتفاقية باريس المناخية

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى

يبدو أن تدشين صندوق الخسائر والأضرار، والذى يعد أحد أهم نتائج قمة المناخ التي عقدت في مدينة شرم الشيخ، أحد أهم الاختراقات التي تحققت في إطار مكافحة ظاهرة التغيرات المناخية، باعتباره انتصارا مهما لـ"معسكر" الدول النامية، خاصة وأنه يمثل اعترافا ضمنيا بأهمية، بل وأولوية، تعويض هذه الدول عن الأضرار التي لحقت بها، ليس فقط نتيجة تداعيات الظاهرة عليها كأكثر الدول المتضررة منها، ولكن أيضا بسبب سنوات التجريف، التي شهدتها لعقود طويلة من الزمن، من قبل الدول المتقدمة، بسبب استنزاف مواردها، بهدف تحقيق طفرات تنموية متتالية، بعيدا عن النظر، تداعيات مثل هذه الحالة، سواء على شعوبهم، والذين عانوا سنوات من الفقر، أو على الكوكب بأسره، وهو ما بدا في التهديد المحدق به في اللحظة الراهنة، ويكافح العالم لمجابهته.

 

والمتابع لقضية المناخ ربما يلحظ مسارين للانقسام العالمي، أولهما يتجسد في مسألة تخفيض الانبعاثات الكربونية، في ظل الرغبة العارمة لدى الدول المتقدمة في تحقيق معدلات تنمية ضخمة، وهو ما يرتبط في الأساس، بالاعتماد على مصادر الوقود الأحفورى الملوث للبيئة، وكذلك احتفاظ الدول النامية بحقها في التنمية، هو ما خلق الحديث عن مسار اخر يدور حول تعويض الدول الفقيرة، عبر تقديم الدعم لهم، في إطار سياسات الدعم التقليدية أولا، ثم تحول بعد ذلك نحو مساعدتهم لتدشين مشروعات "صديقة للبيئة"، من شأنها تحقيق التنمية المرجوة، في إطار نهج من الشراكة الدولية، مما يؤهلهم للاعتماد على أنفسهم في تحقيق طموحاتهم وطموحات شعوبهم المشروعة في "حياة كريمة".

 

ولعل اتفاق باريس، والذى وقعته الدول خلال قمة المناخ التي انعقدت في العاصمة الفرنسية عام 2015، ارتكز في جوهره على معالجة المسار الأول، والمتمثل فى قضية الانبعاثات والعمل على تخفيضها، بينما بقى المسار الاخر مجمدا، أو بالأحرى مؤجلا، حتى انطلاق قمة شرم الشيخ، ليكون تأسيس الصندوق، بمثابة خطوة كبيرة نحو احتواء الطبيعة "الثائرة"، في ظل ما يفرضه من التزام أخلاقي، مع تفاقم التداعيات المترتبة على ظاهرة التغيرات المناخية من جانب، بالإضافة إلى كونه التزاما سياسيا مهما، على الدول التي أعلنت موافقتها عليه، خلال الحدث العالمي.

 

ويحمل الحديث عن تدشين هذه الخطوة التاريخية من مدينة شرم الشيخ، في طياته العديد من الأبعاد، ربما أبرزها ارتباط الصندوق الوليد باسمها، لتصبح أحد عواصم العالم المناخية، وهو ما يعزز مكانة مصر الدولية، باعتبارها أحد أهم المدافعين عن حقوق الدول النامية، والتي تمثل، في جزء منها، محيطها الإقليمي وعمقها الاستراتيجي، بالإضافة إلى أنه بات لا يقل أهمية عما توصل إليه الموقعون في باريس، قبل 7 أعوام، على اعتبار أن تدشينه يبقى نقطة انطلاق جديدة في تاريخ القضية المناخية، وعلاجا للمسار الخلافي الثاني، بين دول العالم، المتعلق بتعويض الدول المتضررة، وهو ما لا يقل أهمية عن المسار الأول والمتعلق بالانبعاثات.

 

ويعد تدشين الصندوق، خلال قمة شرم الشيخ، جنبا إلى جنب مع إطلاق منتدى الهيدروجين الأخضر، بالشراكة بين مصر وبلجيكا، انعكاسا لحالة من الانسجام التي اتسمت بها الرؤية المصرية حول مجابهة ظاهرة التغيرات المناخية، حيث يبقى المنتدى تعزيزا لفكرة تحويل الخلافات القائمة إلى شراكة، فيما يتعلق بتعزيز استخدام المصادر النظيفة للطاقة، خاصة مع إمكانية انضمام دول أخرى من كلا المعسكرين (المتقدم والنامي)، بينما يبقى الصندوق بمثابة وسيلة لمساعدة الدول المتضررة، حتى يمكنها النهوض مجددا والانطلاق نحو التنمية، وهو ما يمثل رؤية جديدة، بعيدا عن أساليب الدعم التقليدية، القائمة على إسكات الدول الفقيرة بحفنة من النقود، دون رؤى حقيقية وفعالة لعلاج أزماتها.

 

وهنا يمكننا القول بأن قمة شرم الشيخ أصبحت الوجه الأخر لاتفاقية باريس، ولا تقل أهمية عنها، في ظل نجاحها الكبير في تحقيق التوافق الدولي حول ضرورة تقديم المساعدة الفعالة والبناءة للدول المتضررة من الظاهرة المناخية من جانب، بالإضافة إلى التغيير الكبير في تقديم مفهوم "الدعم"، والقائم على فكرة التحول نحو "الشراكة" الدولية لمجابهة الأزمات التي يمر بها العالم، بعيدا عن المفاهيم التقليدية، من جانب أخر، وهو ما يمثل أساسا مهما يمكن إرساءه، سواء فيما يتعلق بهذه القضية تحديدا خلال القمم المقبلة، وعلى رأسها القمة المقرر انعقادها في دولة الإمارات في العام المقبل، أو فيما بتعلق بأزمات دولية أخرى، بات من الصعب تحديد مدى زمني أو جغرافي لها.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد مشروع شركة المانع القابضة القطرية بالسخنة

جنايات المنصورة تحيل أوراق عربي الجنسية للمفتي لقتله صديقه وقطع جزء من جسده

تشكيل مانشستر سيتي ضد كريستال بالاس بالدوري الإنجليزي.. مرموش على الدكة

الطقس غدا.. انخفاض بالحرارة وأمطار وشبورة والصغري بالقاهرة 13 درجة

وزير الداخلية يعتمد نتيجة قبول دفعة جديدة بأكاديمية الشرطة للعام 2025/2026.. قبول 2757 طالبا بعد اختبارات دقيقة بأحدث التقنيات.. 48 ألف متقدم والنتيجة تعتمد على الشفافية.. اختيار عناصر نسائية وخريجى الحقوق


نتيجة كلية الشرطة 2026 كاملة لجميع التخصصات.. بالأرقام

تقارير: غياب مرموش ضربة قوية للسيتي ومصر ثاني المرشحين لحصد أمم أفريقيا

بدء إبلاغ المقبولين بكلية الشرطة بنتائج القبول للعام الدراسى الجديد

مستشار الرئيس للصحة يوصى بالبقاء بالمنزل عند الشعور بأعراض الأنفلونزا "A"H1N1

سعد الصغير ينتقد غياب المطربين عن عزاء أحمد صلاح: مهنتنا مناظر أمام الكاميرات


قبول 800 طالب من الحاصلين على الثانوية بأكاديمية الشرطة

رئيس أكاديمية الشرطة يعلن قبول 2757 طالبا بعد اجتياز الاختبارات

الزمالك يتمسك بضم حامد حمدان في يناير بعد حل أزمة القيد

اعرف الرابط الرسمى للاستعلام عن نتائج اختبارات كلية الشرطة

صحيفة إنجليزية تحذر رونالدو من انتقال محمد صلاح إلى الدوري السعودي

دموع وتصفيق وأرقام قياسية فى ليلة عودة محمد صلاح التاريخية.. فيديو وصور

اعرف كيفية الحصول على نتيجة كلية الشرطة لعام 2025/2026

التنمية المحلية: تخفيض رسوم ترخيص المحال العامة لمدة 6 أشهر بنسبة تصل لـ50%

100 مليون جنيه إسترليني تهدد بقاء محمد صلاح في ليفربول

أكاديمية الشرطة تعلن نتيجة الطلاب المتقدمين لها اليوم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى