أكرم القصاص يكتب: مصر وطموح عربى واقعى للخروج من المعادلة «صفر»

أكرم القصاص
أكرم القصاص
الأمة العربية ليست بحاجة إلى التنسيق والتوحد مثلما هى الآن، وعلى مدى عقود كانت هناك تحديات تفرض نفسها، وتحولات كبرى شهدها العالم وانعكست على الإقليم، وأيضا تحولات إقليمية فرضت نفسها على ما يجرى، لكن الواقع الآن أكثر وضوحا، والتغيرات والتحولات وجودية، وبالطبع هناك تنوع فى الرؤى والتوجهات لدى كل دولة، ومصالح وتشابكات، وهى أمور كانت ولا تزال قائمة. 
 
وبالرغم من وجود تحولات كمية على مدى خمسة عقود، فإن هذه التغيرات أثمرت فى شكل ومضمون جديد للعالم، تتشكل فيه المصالح، وتسعى القوى الكبرى لإعادة صياغة موازين القوة والنفوذ سياسيا واقتصاديا، وبشكل سوف ينتج المزيد من التغيير، يتجاوز ما هو جار الآن. فقد غيرت هجمة فيروس كورونا من شكل العالم بسرعة، ووضعت القوى كلها أمام تحد جديد غير مسبوق، ثم أتت الحرب الروسية الأوكرانية لتشير من جديد إلى أن العالم الذى ظهر بعد الحرب العالمية الثانية لا يزال يتشكل ويصنع تفاعلاته، فلم يكن هناك إدراك لخطورة منطقة الصراع بين روسيا وأوكرانيا، ومدى ما تحمله هذه المنطقة الصغيرة من تأثير على أسواق الطاقة والغذاء، وحجم الاعتماد الأوروبى على مصادر الطاقة والغذاء والمواد الخام فى مجال الصراع، ثم إن الصراع استقطب الاهتمام الأكبر من المنظمات الدولية والدول الكبرى، بشكل يجعل هناك ضرورة لأن تلتفت الدول المختلفة لأهمية بناء تحالفات يمكنها الصمود فى عالم معقد ومتشابك.  
فى الشرق الأوسط والإقليم العربى، لم تتوقف التفاعلات طوال العقود، لكنها الآن تبدو فى مجال متعدد ومتشابك، يتأثر بالعالم أكثر مما يستطيع التأثير فيه، وبقى العالم العربى فى حالة رد الفعل، وحتى عندما بدأ التفكير فى أن يكون صاحب تأثير فى أسواق الطاقة، واجه مخاوف ومحاولات اعتراض. 
 
نظريا، فإن الدائرة العربية والأفريقية تمتلك أغلب ثروات العالم من الخامات والبشر، ومع هذا فإنها لا تمتلك القدرة على الفعل والتأثير، وتبقى فى مجال التأثر، فى كل المجالات، بينما لديها الفرصة لبناء تحالفات اقتصادية وسياسية يمكنها الصمود فى عالم صعب، وبالطبع فإن كل دولة عربية لديها طموحات فى التقدم والتنمية، داخليا وأيضا استغلال الفرص المتاحة إقليميا أو دوليا، ثم إن هذه الدول تتأثر بالتحولات الجارية فى دول الجوار، أو دول المنطقة التى تعيش اضطرابات أو تهديدات وجودية.
 
لأن الصراع فى ليبيا أو سوريا أو اليمن، أو الاضطرابات فى العراق، والاختلال فى لبنان، كله ينعكس على الدول العربية كافة، بدرجات متفاوتة، فهو يضيع ثروات وينتج لاجئين، ويوقف فرص الاستثمار والتنمية، وبالتالى له تأثيرات إقليمية، ثم إن تجربة الصراعات التى واجهتها دول مثل ليبيا وسوريا واليمن، تنتج المزيد من التداعيات الخطرة، والتهديد والإرهاب ويفتح الباب للتدخلات الخارجية من كل اتجاه، ومهما طال الاحتراب الداخلى فسوف ينتهى بجلوس كل الأطراف للتفاوض، بعد أن تكون الدولة فقدت وجودها، وكما قال الرئيس السيسى فإن «الصراعات لن تحل بمعادلة صفرية ينتصر فيها طرف أو ينهزم آخر»، وبالتالى الأفضل هو دعم الدولة الوطنية ووجود قدرة جماعية على مواجهة الأزمات استناداً على أسس واضحة تقوم على تكريس مفهوم الوطن العربى الجامع من ناحية، والدولة الوطنية ودعم دور مؤسساتها الدستورية من ناحية أخرى».
 
وربما لهذا بدا خطاب أغلب الزعماء العرب منطلقا من واقعية، ونضوج نحو ضرورة إنهاء الخلافات الداخلية داخل بعض الدول العربية حتى تتمكن من مد جسور التعاون وإبعاد التدخلات الخارجية، فى عالم ليس لديه الوقت للتدخل فى قضايانا، باستثناء التدخلات الضارة، واستمرار الصراع.
 
ربما لهذا أيضا جاءت التوصيات من القمة بناء على هذه الرؤية، وبجانب مساندة الشعب الفلسطينى، والتمسك بمبادرة السلام العربية لعام 2002، مع دعم  توحيد الصف الفلسطينى، تأتى قرارات مساندة الدول العربية التى تواجه اضطرابات ومعاناة، وتعزيز العمل العربى المشترك لحماية الأمن القومى بمفهومه الشامل، كمقدمة لإبعاد التدخلات الخارجية، وإنهاء الأزمة الليبية بما يحفظ الوحدة ويصون أمنها وأمن جوارها، ودعم الحكومة الشرعية اليمنية، ودور جماعى للتوصل إلى حل سياسى للأزمة السورية، ودعم تجربة العراق، والتضامن مع لبنان، لحفظ أمنه، ودعم الصومال.
 
كل هذه التوصيات وغيرها، بالرغم من بداهتها، لكنها تتطلب المزيد من العمل الجماعى العربى، من منطلق الفعل، وليس رد الفعل، ودون انتظار لأى خطوات غير عربية، هذا الطموح للخروج العربى من المعادلة صفر، هو الطريق لاستعادة فرص ضاعت على مدى عقود.
 

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بدرية طلبة تواجه عقوبة الإيقاف أو الشطب بعد إحالتها لمجلس التأديب

إجراءات جديدة فى الأردن لصالح العمالة الوافدة

مخدرات ودولارات.. تفاصيل القبض على التيك توكر "نورهان حفظى"

التعادل السلبى شعار غزل المحلة بعد 3 جولات فى الدورى.. لا سجل ولا استقبل

4 رسائل تطمئن الجمهور على الحالة الصحية للفنانة أنغام.. صور


رئيس التشيك: من الصعب علينا مواصلة دعم إسرائيل بسبب سياساتها في غزة

قانون الإيجار القديم 2025.. بند جديد يمنح المالك حق الإخلاء الفورى دون إنذار

تفاصيل بلاغ أرملة جورج سيدهم ضد منتحلى شخصيتها لجمع تبرعات باسمها

نيويورك تايمز: إسرائيل تتحدى الغضب العالمى بتحركاتها فى غزة والضفة الغربية

ذكرى رحيل عملاق الطرب محمد عبد المطلب.. عاش بفنه رغم الغياب


إقالة مسئول رفيع بالخارجية الأمريكية بسبب عبارة "لا ندعم التهجير القسرى للفلسطينيين"

مفاجأة فى عينة تحليل المخدرات لسائق حادث كورنيش الشاطبى بالإسكندرية

قفزة غير مسبوقة بالحزمة الاجتماعية: علاوة الحد الأدنى تتضاعف 5 مرات بـ4 سنوات

الرئيس السيسى يتوجه إلى السعودية تلبية لدعوة الأمير محمد بن سلمان

القبض على البرلمانى السابق رجب هلال حميدة فى كفر الشيخ

تنفيذ حكم الإعدام فى دبور "سفاح الإسماعيلية"

الطقس اليوم.. حار بأغلب الأنحاء ونشاط للرياح وسحب والعظمى بالقاهرة 35 درجة

محكمة جنايات دمنهور تصدر حكمها اليوم على توربينى كفر الدوار

النائب العام الليبى يقرر حبس صاحب مزرعة أطلق أسده على عامل مصرى

فرص عمل فى الأردن برواتب تصل إلى 24 ألف جنيه.. اعرف الشروط والتفاصيل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى