سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 4 نوفمبر 1956.. استشهاد الرائد جلال دسوقى والسورى جول جمال وآخرين فى معركة «البرلس البحرية».. والمآذن تكبر والكنائس تدق الأجراس فى مدينة حلب

جول جمال
جول جمال
كانت زوارق الطوربيد المصرى تقوم بجولة تفتيشية على حدود ساحل البحر الأبيض، حتى لاح لها الطراد الفرنسى الكبير «جان بارت» يوم 4 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1956، وبين الطرفين دارت معركة «البرلس البحرية» الخالدة، فى اليوم السادس من أيام العدوان الثلاثى على مصر، حسبما يذكر محمد عبدالرحمن حسين، فى كتابه «نضال شعب مصر-1798-1956».
 
كان الطراد الفرنسى يحاول إنزال دفعة من الجنود الفرنسيين فى اتجاه بحيرة البرلس، وعلى بعد 10 كيلو مترات منها، فتصدى له ثلاثة زوارق طوربيد مصرية، وكانت الساعة حوالى العاشرة صباحا.. يؤكد حسين:  «أطلق الزورق الأول، وكان تحت قيادة الرائد البحرى جلال الدسوقى طوربيدين عليها، ثم أعقبه الزورقان الآخران، فأصيب الطراد إصابة مباشرة، وأرسل استغاثات لاسلكية إلى قيادته يستنجد بها، وعندما قفلت الزوارق الثلاثة عائدة إلى قاعدتها فخورة منتصرة، لاح فى الجو سرب من طائرات العدو جاء على أثر الإغاثة اللاسلكية التى تلقتها، ونشبت بينها وبين الزوارق معركة رهيبة، وتمكنت الطائرات من إغراق زورق واحد، واستشهد الأبطال، جلال الدسوقى، الضابط السورى جول جمال، إسماعيل عبدالرحمن، صبحى نصر، على صالح صالح، عادل مصطفى، محمد ياقوت عطية، جمال رزق الله، محمد البيومى زكى، ومصطفى طبالة».
 
يؤكد حسين، «أنه من مفارقات القدر أن الزوارق الثلاثة، عندما خرجت للاستكشاف فى مساء 3 نوفمبر 1956، لم يكن مقدرا للرائد جلال دسوقى أن يذهب مع من ذهب لأداء هذا العمل الكبير، ولكنه عندما رأى الزوارق تتحرك قفز فى أحدها ليشارك زملاءه شرف قتال العدو، وكأنه كان يتعجل حكم القدر، وقاد جلال دسوقى إخوانه فى معركة البرلس واستشهد مع من استشهد من الأبطال».
 
كان لسوريا حضور خاص فى هذه المعركة بمشاركة من الضابطين «جول جمال» و«نخلة اسكاف».. يذكر حسين:  «لقى جول وجه ربه، أما نخلة فتلقفه البحر الهائج بعد غرق زورقه، وظل إحدى عشرة ساعة يصارع الأمواج العاتية، ويقاوم قسوة الرياح، وبرودة المياه حتى وصل إلى شاطئ البرلس». 
كان جول جمال يدرس فى الكلية البحرية بالإسكندرية ضمن بعثة تضم 11 من أبناء سوريا، حسب برنامج «صدى المواطنة» على الفضائية السورية فى حلقة خاصة عنه، يؤكد البرنامج أنه تخرج فى «البحرية المصرية» فى مايو 1956، وكان الأول على زملائه السوريين، وتأجلت عودته إلى سوريا ليتدرب على معدات بحرية حديثة حصلت عليها مصر، غير أن الأقدار كانت تحمله إلى مصير آخر وهو الاستشهاد فى مياه مصر.
 
يصف «شمس الدين العجلان» فى الموقع الإلكترونى السورى «الأزمنة» حال اللاذقية حين تلقت خبر استشهاده قائلا: «قامت المدينة عن بكرة أبيها لتقيم احتفالا غير عادى، فالناس فى هياج وفرح وحزن وغبطة، أصوات التكبير من المآذن والجوامع تدعو للصلاة على روحه الطاهرة، أطفال ونساء وشيوخ، مسلمون ومسيحيون يدعون للصلاة على روح الشهيد »، وأرسل الرئيس جمال عبدالناصر، قنصل مصر العام فى حلب جمال بركات إلى والده يوسف جمال، وكان من المقاومين ضد الاحتلال الفرنسى لسوريا، ومنحه براءة النجمة العسكرية، ووجه عبدالحكيم عامر القائد العام للقوات المسلحة المصرية رسالة إلى نظيره السورى اللواء توفيق نظام الدين، قال فيها: «إن مصر التى دافعت عن حريتها واستقلالها تسعى إليك اليوم فأنت فى دوح أمين فى رحاب كريم، لكى تقول إن الفكرة التى عشت من أجلها تزهو والدعوة التى استشهدت فى سبيلها تزدهر وتنتصر».
 
وفى احتفال تأبين له يوم 9 نوفمبر 1956 بالكنيسة المريمية بدمشق، وبحضور الرئيس السورى شكرى القوتلى وكبار المسؤولين السوريين.. قال القوتلى: «بين شاطئ اللاذقية وشاطئ بورسعيد أيها الإخوة الأعزاء، استطاع جندى سورى ثاقب بصره وعميق إيمانه وعظيم حبه لوطنه وعروبته أن يرى حقيقة لا تخفى ويجب أن لا تخفى على أحد، وهى أن البارجة الفرنسية المعتدية الغادرة لو أتيح لها أن تقهر بالأمس بورسعيد، فإنها غدا ستقهر اللاذقية. إن العدو واحد وإن الوطن العربى واحد أيضا، وعندما وجد هذا الجندى المغوار نفسه إلى أحضان الخط، كان على يقين كبير بأنه لا يدافع عن مصر وسوريا وحدهما، بل عن العروبة وسلامتها وسيادتها».
 
ليس جول جمال وحيدا فى تاريخ نضالنا المشترك مسيحيين ومسلمين فى سبيل الدفاع عن أرض هذا الوطن، وفى سبيل الدفاع عن القومية العربية، فتاريخنا البعيد والقريب حافل بذكريات مشتركة سطر فيها السوريون والعرب فى جميع ديارهم مواقع غراء فى محاربة المغيرين الطامعين، والدفاع عن حرية هى للجميع، وعن أرض ورزق هما للجميع، وعن سيادة وعزة وكرامة هى للجميع.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

منافسة إٍسبانية فى قمة سلة الأهلى والزمالك الليلة

الزمالك يهزم ريد ستار الإيفوارى ويتأهل إلى نصف نهائى الكؤوس الأفريقية لليد

توقف جميع شبكات الاتصالات فى إسبانيا بعد 4 أسابيع من أزمة انقطاع الكهرباء

محامى عمرو وأحمد الدجوى: آخرون من العائلة سرقوا وادعوا على موكلينا

مروة عبد المنعم تتصدر الترند بسبب مناجاتها لله.. اعرف التفاصيل


الجيش الإسرائيلى يعلن اغتيال قائد منظومة الصواريخ التابعة لحماس شمال غزة

إنتر ميامى يوقف مفاوضات تجديد عقد ميسى

بمشاركة مصر.. قطر تعلن تفاصيل قرعة بطولتي كأس العرب ومونديال الناشئين

موعد مباراة بيراميدز وصن داونز فى نهائى دوري أبطال أفريقيا

رئيس الوزراء يفتتح المصنع الجديد لـ "سوميتومو" العالمية لإنتاج الضفائر الكهربائية.. مدبولى: أحد أكبر المصانع المتخصصة على مستوى العالم.. يوظف أكثر من 12 ألف عامل وحجم التصدير يصل لأكثر من 300 مليون يورو سنوياً


نيويورك تايمز: قطر أرادت "بيع" طائرتها الفاخرة حتى وضع ترامب عينيه عليها

إيلي كوهين.. ماذا تعرف عن أشهر جواسيس إسرائيل فى الستينيات

الهلال يقنع إنزاجى بعرض ضخم قبل كأس العالم للأندية

سيارة بنتايج تكشف حقيقة الرحيل عن الزمالك

موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025

موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 للعاملين بالدولة

تطورات واقعة سرقة مبالغ مالية ومشغولات ذهبية من فيلا نوال الدجوى

ذكرى رحيل سمير غانم.. تفاصيل الخلاف بين ثلاثى أضواء المسرح بسبب الأهلى والزمالك

البرلمان الأوروبى يتفق على منح الحكومة المصرية 4 مليارات يورو

نهاية الرحلة.. الأهلي يوجه الشكر إلى علي معلول نهاية الموسم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى