الكورة والسياسة.. كيسنجر في كأس العالم.. وفلسطين تكسب

عادل السنهوري
عادل السنهوري

طاردت السياسة كرة القدم لتحقيق أغراضها وأهدافها، وطموحها.. ومنحت كرة القدم السياسة ما أرادته وما سعت من أجله.

العلاقة بين الدائرة المستديرة ولعبة الشيطان بدت منذ انتشار اللعبة على الساحة الدولية واعتبارها اللعبة الشعبية الأولى علاقة غرام إجباري. فقد فطنت السياسة إلى إغراء كرة القدم وغوايتها للشعوب وأهميتها للأنظمة الحاكمة بشقيها،  الديمقراطي والديكتاتوري.

كأس العالم الحالية والتي تنظمها الشقيقة قطر لأول مرة في بلد عربي وما أثير حولها من جدل تداخل فيها السياسي بالكروي وسقوط أقنعة كثيرة غربية تشدقت بحقوق الإنسان واحترام الآخر، وعدم التدخل في الشئون الداخلية والإخاء الإنساني، وثبت زيف تلك المقولات بعد الاستعلاء الغربي واستكثاره تنظيم دولة عربية لكأس العالم، ورسخت المقولة الشهيرة للروائي والشاعر البريطاني روديارد كبلنج (1865 - 1936)  بأن "الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيان".

 

في كل كأس عالم تتداخل السياسة.. لكن يبقى التدخل الأكثر سفورا ما حدث من هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي الأشهر- مازال حيا يرزق- لدعم الانقلاب العسكري في الأرجنتين ضد حكومة السيدة إيزابيلا زوجة الرئيس السابق بيرون (الحكومة الشعبية) عام 76 لتحسين صورة الانقلاب وتلميعه أمام دول العالم رغم الاغتيالات والمذابح والاختفاء القسري لليساريين المعارضين، فيما عرف بإرهاب الدولة في ظل الحكم العسكري بقيادة  الجنرال جورجي فيديلا.

كيسنجر وظف كل الأوراق السياسية والنفوذ الأميركي لتنظيم الارجنتين لكأس العالم بل والفوز به – وهذا ما كشفت عنه الوثائق الأميركية لاحقا- ولم يجد أفضل من كرة القدم لتجميل صورة الانقلاب والدكتاتورية التي تدعمها واشنطن.

إنه عشق وسحر الدائرة المستديرة التي أنست العالم عام 78 مآسي الحكم العسكري للأرجنتين. ولم تكن صدفة أن تذاع مباريات هذا الكأس مباشرة عبر الأقمار الصناعية لكل دول العالم مجانا – الله يرحم الكابتن لطيف وحكاية الأقمار الصناعية التي أذهلت البسطاء أمثالنا في ذلك الوقت - وكان على منتخب الأرجنتين أن يحصل على كأس العالم "بأي شكل وبأي ثمن" كما وعد كيسنجر..! وفازت الأرجنتين  بكأس العالم بالفعل وحضر كيسنجر مراسم الفوز في المدرجات..!

في 82 أجمعت أوروبا والدول المتقدمة على منح أسبانيا تنظيم كأس العالم عقب وفاة الجنرال فرانكو في 1975، وتولى خوان كارلوس منصب ملك إسبانيا وقائد الدولة وفقا للقانون. والموافقة على الدستور الأسباني الجديد عام 1978 والانتقال للديمقراطية، وتحويل الكثير من سلطات الدولة إلى السلطات الإقليمية وتشكل التنظيم الداخلي على أساس الأقاليم ذاتية الحكم.. وأقيمت كأس العالم رغم المحاولات الانقلابية المستمرة للمتمردين والأوضاع السياسية غير المستقرة  لدعم الديمقراطية الجديدة  في أسبانيا.

وعندما أرادت جنوب افريقيا تنظيم كأس العالم لأول مرة في قارة أفريقيا كان الأسطورة التاريخية الأفريقية المناضل نيلسون مانديلا حاضرا وتقديرا له ولنضاله تم منح جنوب أفريقيا حق تنظيم كأس العالم عام 2010 .

العالم المتحضر الديمقراطي لم يصدق أن دولة عربية صغيرة مثل قطر سوف تنجح في التنظيم والإبهار وعندما حانت اللحظة، وأصبح الواقع مدهشا.. انهالت الاتهامات و" التلاكيك" – مثال ما فعله الفريق الألماني في مناصرة "المثلية" – والحرب الإعلامية السياسية ضد استضافة قطر للمونديال، حيث تعالت أصوات في الغرب لمقاطعة كأس العالم، مرة بحجة الدفاع عن حقوق العمال الأجانب ومرة آخري بحجة الدفاع عن حقوق المثليين.

هنا تتجلى فكرة عدم احتمال رؤية ومشاهدة دولة عربية تقدر وبامتياز تقريبا على تنظيم كأس العالم شاهده في المدرجات حتى الآن أكثر من 3 ملايين شخص.

وسط هذا النجاح المذهل حاولت إحدى القنوات التليفزيونية الإسرائيلية توظيف الحدث و"الاصطياد في المياة العكرة" وبأن "إحنا بقينا سمن على عسل وسلام وتطبيع". لكن كانت الصفعة من الجماهير الخليجية قبل المصرية والمغاربية بالرفض البائن ورددت هتافات فلسطين عربية.

وفشلت المحاولة اللئيمة وأعادت المدرجات العربية الروح من جديد لقضية العرب التاريخية.. لقد أرادوها لعبة سياسة، فكانت ركلة حاسمة من الجماهير وارتفعت أعلام فلسطين في المدرجات وتعانقت أعلام الجزائر مع المغرب وعلم مصر مع قطر والسعودية وباقي الدول العربية. وبدت كأس العالم في قطر في أبهى صورة للشعب العربي والروح العربية الواحدة خلف قصيته وتشجيعا لفريقه العربي المغربي.. أرادوها سياسة للتنغيص على العرب فجاء الرد سياسيا أيضا لكنه على طريقة الشعوب العربية..!.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

المراكز الصيفية لتنمية القدرات استثمار فى العقول.. أكثر من 200 لوحة فنية و100 طالب وطالبة فى معارض المراكز الصيفية بالغربية.. والمحافظ: دعم متواصل لصناعة جيل مبدع ومتميز.. صور

كالياري يفرض التعادل على فيورنتينا في الدوري الإيطالي.. فيديو

الأهلي يفوز على بالم هيلز بثلاثية نظيفة في افتتاح مشواره بدوري الكرة النسائية

فاكسيرا توجه رسالة مهمة حول لقاح الأنفلونزا .. تفاصيل

الداخلية تضبط 3 أجنبيات حولن منزلهن بالتجمع وكرا لممارسة أعمال منافية للآداب


أخطر 5 اعترافات لقاتلة أسرة دير مواس: "مشيت فى جنازتهم علشان أبعد الشبهة"

زوجة الأب سممت الجميع.. الداخلية تكشف سبب وفاة أسرة دلجا بديرمواس

بحضور الشناوي.. ريبيرو يعلن قائمة الأهلى لمواجهة غزل المحلة بدوري نايل

عمر مرموش يحتفظ بمركزه بقائمة أفضل 10 مهاجمين فى العالم 2025

أشعة جديدة لـ ياسين مرعي لحسم موقفه من مباراة الأهلي وبيراميدز


والد طالبة تعديل الرغبات يتنازل عن المحضر ضد المتسببة.. ويؤكد: كان يهمنى مستقبل بنتى

ريال أوفييدو ضد الريال.. فينيسيوس يعانى تهديفيا خارج الديار

ارتفاع عدد ضحايا حادث غرق "أبو تلات" لـ7 أشخاص.. قوات الإنقاذ النهري تعثر على جثة شاب طافية على سطح الماء.. إنهاء إجراءات تسليم جثامين الضحايا لذويهم.. والمحافظ: تحسن الحالات المصابة بمستشفى العامرية.. فيديو

الجولة الرابعة تحدى وصراع فى الدورى.. الأهلي يستهدف الفوز للمنافسة على القمة.. المصري يتمسك بالصدارة أمام الكبار.. 8 فرق تبحث عن أول انتصار.. بيراميدز يسعى لإيقاف نزيف النقاط.. والزمالك فى مهمة مثيرة أمام فاركو

الوطنية للانتخابات تعقد مؤتمرا صحفيا غدا لمتابعة تصويت المصريين بالخارج

النيابة تحقق فى بلاغ ضد الزمالك بسبب الدباغ.. والمحامى يكشف سر الرقم الناقص

دوناروما يرحب بالانضمام إلى مانشستر سيتي بسبب جوارديولا

القاهرة فى الظل 37 درجة.. الأرصاد تحذر من استمرار ارتفاع درجات الحرارة

متحدث الخارجية: الحديث عن تراجع دور مصر بالقضية الفلسطينية "عبث سياسي"

زوجان يتخليان عن ابنهما في المطار لانتهاء صلاحية جواز سفره.. والشرطة تتدخل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى