"دوائر التمكين" و"ذوي الهمم".. وتناغم رؤية مصر بين الداخل والخارج

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بقلم بيشوى رمزى

حالة من التكامل والانسجام، بين السياسات التي تتبناها الدولة المصرية، تعكس بجلاء وضوح المنهج، والهدف الذى تسعى إليه، سواء في الداخل أو الخارج، في إطار متكامل من الشراكة، والاندماج بين كافة أطراف المعادلة الاجتماعية، أو السياسية أو على المستوى الدولي، عبر استكشاف الإمكانات المتاحة، ومن ثم تطويرها، للاستفادة بها انطلاقا نحو التنمية، وهو ما يبدو في العديد من الخطوات، التي خرجت من إطار الاهتمام التقليدى، القائم على وضع الخطط، نحو الطابع المؤسساتي، الذي يمثل ترجمة فعلية، لتوسيع دور الدولة، بحيث لا يقتصر على فئات بعينها دوليا أو محليا، وإنما يبقى ممتدا في مختلف الدوائر المحيطة، في إطار مجابهة التحديات والأزمات، ذات الأبعاد العميقة من حيث تداعياتها.

ففي الوقت الذي اتسمت فيه الدبلوماسية المصرية بتمددها وتوسعها، لتتجاوز النطاق الإقليمي الضيق، نحو أفاق دولية أكبر، عبر توسيع دوائرها، في إطار ما أسميته استكشاف "النقاط الميتة"، في دوائر مصر الدبلوماسية، والتي اعتمدت في الماضي نهجا قاصرا على محدودية التحالفات، عبر الدوران في فلك القوى الدولية الكبرى، من خلال تحقيق طفرات كبيرة في العلاقات مع محيطها القارى، والانطلاق نحو أوروبا من بوابة الشراكة مع اليونان وقبرص في مجال الغاز، ثم مع تحالف "فيشجراد"، في الجانب الشرقي من القارة العجوز، نجد أن ثمة نهجا منسجما في الداخل، يعتمد توسيع ما يمكننا تسميته بـ"دوائر التمكين"، عبر تحويل كافة الفئات المهمشة إلى أطراف فاعلة ومشاركة في العملية التنموية.

فلو نظرنا إلى النهج الذي تتبناه الدولة المصرية، في إطار توسيع "دوائر التمكين"، نجد أن ثمة نهجا متدرجا، اعتمد خطوات منسجمة، وشاملة، تحولت من مجرد مشروعات وأفكار "على الورق"، إلى منظومات تحمل طابعا مؤسسيا، من شأنها تقديم الدعم إلى الفئات المستهدفة، ليس بالمنظور القديم، وإنما من خلال تأهيلهم للقيام بدور أكبر في عملية البناء القائمة، ليتحول مفهوم "الدعم"، في جوهره، من مساعدة تقدمها الحكومة، للفئات الضعيفة، إلى مفهوم أكثر اتساعا، يقوم على "الحماية"، من أزمات الحاضر، مع تعزيز قدراتهم لمواجهة المستقبل وما قد يحمله من مستجدات.

النموذج الأبرز في هذا الإطار، يتجسد في "ذوي الهمم"، حيث انطلقت الدولة، في التعامل معهم من الجانب النظري عبر تعميم الوصف (ذوى الهمم)، وهو ما يضفي انطباعا عن قدرات كامنة في تلك الفئة من المواطنين، مما يؤهلهم لخدمة الوطن، ليحل محل مصطلحات أخرى، اعتاد المجتمع على استخدامها، تحمل في طياتها انتقاصا من إمكاناتهم، بينما تلى الجانب النظري، خطوات تشريعية من شأنها تغليظ العقوبات على المتنمرين، مع كفالة حقوقهم في السكن والانتقال وممارسة الحقوق السياسية، وتوفير دخل ثابت، لتتحول بعد ذلك نحو مبادرة "قادرون باختلاف"، والتي تحظى باهتمام كبير من رأس الدولة، ليس في صورة الاحتفالية السنوية فقط، والتي يحرص على حضورها الرئيس عبد الفتاح السيسي، سنويا، وإنما في العديد من المبادرات التي من شأنها دمجهم في "دوائر التمكين" للاستفادة مما يتمتعون به من قدرات خاصة تؤهلهم للقيام بدور أكبر في العملية التنموية بمختلف صورها ومجالاتها.

ولعل مبادرة "قادرون باختلاف"، تحقق ارتباطا كبيرا مع غيرها من الخطوات التي اتخذتها الدولة المصرية، في عهد "الجمهورية الجديدة"، على غرار "حياة كريمة"، والتي دفعت حياة ألاف البشر من العشوائية نحو مستقبل أفضل، والاهتمام بالشباب، وتفعيل دورهم، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار أن نسبة كبيرة من "ذوى الهمم"، في مراحل سنية مبكرة، وهو ما ينطبق على الاهتمام الكبير بالمرأة، مما يخلق حالة من التناغم بين مختلف الخطوات التي تتخذها الدولة في إطار توسيع "دوائر التمكين"، فيتحول المجتمع إلى "بوتقة" تنصهر بداخلها كافة الفئات.

وهنا يمكننا القول بأن "دوائر التمكين" في رؤية الدولة المصرية هي بمثابة الوجه الآخر، للتوسع في "الدوائر الدبلوماسية"، حيث ترتكز في الأساس على حشد الفئات المهمشة، سواء دوليا أو إقليميا، لتحويلهم إلى أطراف فاعلة في المجتمع الدولي، في ظل أزمات العالم الجديد، بينما تعتمد نهجا مشابها في الداخل، يقوم على الانتصار للمستضعفين في المجتمع، ليصبحوا أحد أهم أدواتها في معركتها التنموية.

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تنسيق الدبلومات الفنية..75% حد أدنى لطلاب المدارس الفنية المتقدمة بالتنسيق

موعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025.. و"اليوم السابع" ينشرها بالدرجات

الأهلي يحسم مصير حسين الشحات قبل معسكر تونس

الصحة العالمية و اليونيسف: لا يزال أكثر من 14 مليون رضيع غير ملقحين فى العالم

الزمالك يجدد مفاوضاته مع الجزيرى للرحيل عن الفريق


وزارة العمل: فرص عمل فى لبنان بمجالات الزراعة براتب 500 دولار شهريا

خسارة كأس العالم للأندية تهدد طموحات ديمبيلى فى حصد الكرة الذهبية

اليوم.. صرف مساعدات تكافل وكرامة عن شهر يوليو 2025 بالزيادة الجديدة 25%

وزارة العمل واتحاد العمال يستعدان للانتخابات العمالية 2026.. ويؤكدان: مُهلة 3 أشهر للانتهاء من تحديث البيانات ويشمل 27 نقابة عامة تمثل أكثر من 3.5 مليون عامل.. وعيد مرسال: التصويت سيتم على 3 مراحل

تدريبات خاصة لمهاجمي ومدافعي الأهلي استعداداً للموسم الجديد


انتخابات 2025.. اختصاصات مجلس الشيوخ كما نص عليها القانون

أحمد حسام لاعب الزمالك يترقب موعد ومكان جراحة الصليبى

مشروع تطوير مصرف كتشنر بالدقهلية.. نقلة نوعية في تحسين البيئة العامة وصحة الأهالى وجودة المياه.. تأثير كبير متوقع للمشروع على حياة سكان بالمنطقة.. يخدم 11 مليون مواطن فى 3 محافظات.. صور

الأندية الأكثر تسجيلا فى كأس العالم للأندية 2025

500 جنيه غرامة للمتخلفين عن التصويت دون عذر.. اعرف التفاصيل

أكثر الفرق تحقيقًا لكأس العالم للأندية عبر التاريخ

زوجة تلاحق زوجها بدعوى حبس بعد طلبه تخفيض نفقات طفلتها

بعد خسارة نهائى مونديال الأندية.. السوبر الأوروبي ينتظر باريس سان جيرمان

البنك الأهلي يطالب أسامة فيصل بإغلاق ملف العروض والتركيز مع الفريق

لاحقته بـ 13 دعوى حبس.. تفاصيل خلاف زوجين بعد شهرين زواج بأكتوبر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى