المدن الجديدة.. و"إعادة هيكلة الجغرافيا" لـ"الجمهورية الجديدة"

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بقلم بيشوى رمزى
لا شك أن المدن الجديدة، والتي شرعت الدولة في تنفيذها في السنوات الماضية، وآخرها مدينة المنصورة الجديدة، تمثل جزء رئيسي من خطة التنمية المستدامة، عبر خلق مساحات جديدة يمكنها استيعاب النمو السكاني، مع الحرص تعزيز كافة العوامل التي من شأنها جذب مزيد من الاستثمارات، لخلق فرص عمل حقيقية للشباب، وبالتالي تقديم حلول واقعية لأزمتي البطالة والهجرة المتزايدة إلى العاصمة، ناهيك عن كونها جزء لا يتجزأ من استراتيجية، شاملة تقوم على توسيع حدود الأقاليم القائمة، من خلال اقتحام الصحراء، وتحقيق الترابط فيما بينها، من استغلال الإمكانات المتاحة في منطقة، لزيادة الانتاج في كافة المجالات، وبالتالي تحقيق الهدف الأهم في المرحلة الراهنة وهو الاكتفاء الذاتي في كافة، أو على الأقل معظم القطاعات، على غرار الزراعة والصناعة والطاقة.
 
الرؤية المصرية انطلقت مع مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، والتي تمثل نموذجا للمدن الذكية، وأكبرها في منطقة الشرق الأوسط، ثم العما على استنساخها في المحافظات الأخرى، سواء في الصعيد أو الدلتا، أو شمال مصر وشرقها، من خلال ما يمكننا تسميته بـ"إعادة هيكلة الجغرافيا الإقليمية" للدولة المصرية، من خلال توسيع مساحتها، وتدشين عواصم إدارية إقليمية لكل منطقة جغرافية تحقق التواصل مع كل محافظات الاقليم، وهو ما يمثل طفرة تنموية هامة، في ظل تدشين نطاق أكبر للمحافظات، بينما صارت ترتبط ببعضها عبر شبكة عملاقة من الطرق، مع تطوير وسائل المواصلات، مما ساهم إلى حد كبير في تحقيق الاتصال بين محافظات الاقليم الواحد من جهة، وبين أقاليم المحروسة من شرقها إلى غربها، من جهة أخرى، من خلال ترشيد الوقت والجهد والتكلفة، التي يستغرقها الوصول من منطقة إلى أخرى، وهو ما يمثل فرصة جيدة لتشجيع المستثمرين على الدخول إلى السوق المصرية وزيادة انتاجهم والترويج له عبر الوصول السهل إلى مختلف مناطق الجمهورية.
 
وهنا نجد أن "إعادة هيكلة الجغرافياالإقليمية" التي باتت تعتمدها الدولة المصرية، تقوم في الأساس على عاملي الانتاجية والاتصال، عبر تحويل المحافظات إلى بؤر منتجة، ومشاركة في العملية التنموية، بينما يتحقق التواصل فيما بينها عبر أدوات البنية الأساسية المستحدثة، من خلال شبكات الطرق والمواصلات والأهم من ذلك إعتماد التكنولوجيا الحديثة، وهي العوامل التي من شأنها خلق حالة من التكامل بين الأقاليم داخل الدولة المصرية، عبر تنويع مجالات الإنتاج، بدلا من الاعتماد على مناطق بعينها، خاصة في العاصمة وما حولها، لتكون مركزا للانتاج بينما تعاني الغالبية العظمى من مساحة الدولة للإهمال، على غرار ما شهدته مناطق الصعيد والدلتا، وما ترتب عليه من تجريف للأراضي وتنامي للبطالة وتدفق كبير من السكان للتكدس في القاهرة الكبرى، بينما باتت المناطق الصحراوية "مهجورة"، ليس فقط بسبب غياب الخدمات، وإنما في حقيقة الأمر لانعدام الطموح.
 
فلو نظرنا إلى فكرة تدشين مدن جديدة في قلب الصحراء، نجد أنها ليست جديدة تماما، ولكنها اقتصرت طيلة عقود على تقديم مشروعات سكنية بأسعار مناسبة، لتخفيف العبء على العاصمة، بينما تجاهلت تلك الرؤية القديمة قضية التنمية واستغلال تلك المساحات، ليس فقط لتقديم السكن المناسب للمواطنين، وإنما أيضا لتوفير فرص العمل المناسبة في محيطه، من خلال استغلال إمكاناتها وتوفير المزايا للمستثمرين حتى يمكنهم اقتحامها، وبالتالي لم تتمكن من الدولة من حل أزمة التكدس، في ظل بقاء مراكز العمل والإنتاج في العاصمة، لتظل حالة الازدحام مهيمنة على القاهرة، مع توافد سكان المدن الجديدة كل صباح لأعمالهم بها، رغم توفير مساكن في مناطق أخرى، وهو ما يفسر غياب الاستجابة من قبل قطاع كبير من المواطنين لفكرة الانتقال للحياة في المناطق الجديدة.
 
ونظرا لارتباط الحالة التنموية، في جزء كبير منها، بجذب الاستثمارات الأجنبية، نجد أن ثمة بعدا دبلوماسيا تتخلل الاستراتيجية المصرية في عملية "إعادة بناء" الأقاليم، يقوم على الترويج لها ولما تحمله من إمكانات كبيرة، من خلال استضافتها للأحداث الكبرى، على غرار مدينة العلمين الجديدة والتي استضافت رؤساء عدة دول عربية، في قمة جمعتهم بالرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو ما يساهم في إضفاء المزيد من الزخم الدولي لها، ناهيك عن كونها فرصة لتسليط الضوء على إمكاناتها الاستثنائية، وكذلك تقديم الوجه الحقيقي لـ"الجمهورية الجديدة"، والتي تسابق الزمن لتحقيق التنمية المستدامة.
 
وهنا يمكننا القول بأن بناء المدن الجديدة ليس مجرد "شو" إعلامي، وإنما جزء من استراتيجية مصرية متعددة الأبعاد، تحمل في طياتها أبعاد متداخلة، في القلب منها تحقيق التنمية الاقتصادية في الأقاليم المصرية، بعد عقود من التهميش التي عانته سواء على مستوى الجغرافيا أو السكان، بالاضافة إلى تخفيف العبء على كاهل العاصمة، ناهيك عن تقديم صورة مصر الجديدة للعالم.
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

إعلام إسرائيلى: اعتراض صاروخين أطلقا من شمال غزة باتجاه مناطق الغلاف

إصابة 16 شخصا فى حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالطريق الصحراوى الغربى بأسيوط

الزمالك يراقب موهبة مغربية جديدة لضمه في الميركاتو الصيفي

فصل التيار الكهربائى عن مدينة بنها بالكامل لإجراء أعمال صيانة شاملة غدا

تعديل على برنامج الأهلي في معسكر تونس والمباريات الودية


نهضة بركان يفاوض الأهلي لضم أشرف داري ورضا سليم

حفظ بلاغ اتهام أسرة محمود عبد العزيز للإعلامية بوسى شلبى بالتزوير

"حياة كريمة" تُغيّر وجه الريف فى سوهاج.. قرية كوم العرب نموذجًا للتنمية الشاملة.. مدارس لغات وأخرى فكرية لذوى الهمم.. وحدات صحية وإسعاف لخدمة أهالى القرية ضمن رؤية الرئيس والجمهورية الجديدة 2030.. صور

محمد صلاح لا يتوقف عن صناعة المجد.. الفرعون أفضل لاعب أفريقى فى تاريخ الدورى الإنجليزى.. هداف البريميرليج يقتحم قائمة ذهبية فى ليفربول بعد موسم استثنائى.. وشبكة عالمية: مفتاح فوز منتخب مصر بكأس أمم أفريقيا

ميعاد انطلاق الدعاية الانتخابية للمرشحين بانتخابات مجلس الشيوخ غدًا


برشلونة تسجل 20 حالة إصابة بضربة شمس ومخاوف من ارتفاع الوفيات نتيجة الحر

محافظ المنيا في حوار لـ"اليوم السابع": 1.5 مليار جنيه دخلت خزينة الدولة من تقنين أوضاع أراضى الدولة.. اللواء عماد كدوانى: سجلنا Ziro حوادث في مايو.. و"البيك أب" خارج منظومة نقل الركاب بنسبة 100%

الشركة الألمانية تجري مراسم قرعة الدوري للموسم الجديد 2025 -2026

مواعيد مباريات اليوم.. السويد ضد إنجلترا بأمم أوروبا للسيدات وتصفيات الدوري الأوروبي

بيراميدز يبحث عن جناح أجنبي لتعويض رحيل إبراهيم عادل

إنتر ميامى يتلقى هزيمة قاسية أمام سينسيناتى بمشاركة ميسى.. فيديو

نيمار يكتب التاريخ بهدف خيالى فى مباراة سانتوس وفلامينجو.. فيديو

هيئة الإسعاف: توفير تطبيق على الهواتف المحمولة لطلب الخدمات غير الطارئة

فاسكيز يودع ريال مدريد اليوم بعد مسيرة أسطورية

كاظم الساهر وأصالة يجتمعان بحفل غنائى.. اعرف الموعد والمكان

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى