سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 12 فبراير 1953 ..مصر وبريطانيا توقعان على اتفاقية تقرير مصير السودان.. وفترة انتقالية 3 سنوات تضمن تصفية النفوذ الأجنبى

صلاح سالم
صلاح سالم
نشبت الأزمة بين الحكومة المصرية وبين الحاكم العام للسودان البريطانى، حول وضع القائد المصرى فى الخرطوم الذى يقود خمسمائة جندى مصرى تحت قيادة الحاكم العام، فوفقًا لنظام البروتوكول فى سراى الحاكم العام، تقرر أن يدخل القائد المصرى مع من يدخلون إلى السراى فى الحفلات الرسمية من الباب رقم 2، لكن القائد المصرى احتج وأصر على أن يدخل مع كبار المدعوين من الباب رقم 1.
 
بدأت مباحثات طويلة وتبادل للمذكرات بين القاهرة والخرطوم، تطالب فيها الحكومة المصرية بدخول القائد المصرى من الباب رقم 1، وصدرت الصحف المصرية تحمل أنباء الأزمة ساعة بساعة تثبت مدى حرص الحكومة المصرية ودفاعها عن حقوق وكرامة مصر فى الخرطوم، وخيل للكثيرين وقتها أن الحرب قائمة لامحالة بين مصر وبريطانيا، أو أن مصر ستقوم بعزل الحاكم العام نتيجة تصرفه هذا.
 
استمرت الأزمة أيامًا، حتى اقتنعت بريطانيا ممثلة فى شخص الحاكم العام بأن القائد المصرى يجب أن يدخل فى حفلات الحاكم العام من الباب رقم «1»، وهكذا هدأت الأزمة التى وقعت قبل ثورة 23 يوليو 1952 ويرويها فى مذكراته «صلاح سالم» عضو مجلس قيادة ثورة 23 يوليو والذى تولى ملف السودان، باعتبارها نوعا من الانتصارات المصرية فى السودان، ويصفها قائلا: «مظاهر، شكليات، قشور، كلها لا تقدم ولا تؤخر من الحقيقة الواقعة وهى أن السودان انفصل منذ عام 1899 رغم إصرار كل الساسة المصريين على مواجهة شعب مصر فى كل خطبة سياسية أو حفلة انتخابية أو خطاب عرش بأن السودان جزء لا يتجزأ من الأراضى المصرية، لم يقولوا قط إنهم باعترافهم بوفاق 1899 قبلوا حكم إنجلترا وحدها واقعيًا للسودان، ومكنوها من فصم كل رابطة وتدمير كل علاقة بين القطرين».
 
يذكر «سالم» أن القضاء فى السودان أصبح دوائر من القضاء الإنجليزى، وقامت الحرب العالمية الثانية ووقفت مصر بجيشها على الحياد حتى انتهت وتفادت الزج بجيشها فى معارك هذه الحرب، أما السودان «الجزء الذى لا يتجزأ من مصر فأرسل جيشه إلى الكثير من ميادين القتال تحت الراية البريطانية، ويدلل «سالم» بذلك على أن بريطانيا كانت هى التى تسيطر فعليًا على السودان منذ توقيعها اتفاقية الحكم الثنائى مع مصر فى 19 يناير 1899، ووفقًا للدكتور محمد فؤاد شكرى فى كتابه «مصر والسودان»، فإن اتفاقية الحكم الثنائى أعطت لبريطانيا سلطة تعيين الحاكم العام للسودان، وأن لا يسرى على السودان أو على جزء منه شىء ما من القوانين أو الأوامر العليا أو القرارات الوزارية المصرية، ولا يجوز تعيين قناصل أو وكلاء قناصل أو مأمورى قنصليات بالسودان ولا يصرح لهم بالإقامة بها قبل المصادقة على ذلك من الحكومة البريطانية».
 
هكذا بقى حال السودان مع مصر محكوما باتفاقية الحكم الثنائى 1899، حتى كان توقيع اتفاقية تقرير مصيره بين مصر وبريطانيا، الخميس 12 فبراير، مثل هذا اليوم، 1953، وحسب سالم: «كان الغرض منها «إجلاء كل نفوذ أجنبى عن السودان خلال مرحلة انتقال فى سبيل تهيئة جو حر محايد يقرر السودان فيه مصيره دون أى ضغط أو تأثير من دولتى الحكم الثنائى»، وكانت هذه الاتفاقية حصيلة جهود اللجنة الخاصة بالسودان التى شكلتها ثورة يوليو، وتكونت من صلاح سالم، حامد سلطان، حسين ذوالفقار صبرى، والسفير على حسنى زين العابدين، ويذكر محمد فائق فى كتابه «عبدالناصر والثورة الأفريقية» أن الاتفاقية نصت على فترة انتقال مدتها ثلاث سنوات يتم فيها تصفية الإدارة الثنائية، ويكون للحاكم العام أثناء هذه الفترة السلطة الدستورية العليا، تعاونه لجنة خماسية فيها عضوان سودانيان، وعضو باكستانى، وآخر مصرى، علاوة على العضو الإنجليزى، وتقرر تأليف جمعية تأسيسية منتخبة لتقرير مصير السودان على أساس أحد الاختيارين: ارتباط السودان بمصر على أية صورة، أو الاستقلال التام أى الانفصال عن مصر، كما تقرر انسحاب القوات العسكرية المصرية البريطانية من السودان فورًا عندما يعلن السودان عن رغبته فى اتخاذ التدابير الخاصة بتقرير المصير.
 
يؤكد فائق: «كانت هذه الخطوة واعية لأن عبدالناصر بموافقته على أن يكون لشعب السودان الحق فى تقرير مصيره، وأثبت أنه يفكر ويتصرف بروح العصر، فقد أراد لأى رابطة تقوم مع السودان أن تكون منبثقة عن رغبة شعبية، وليست استنادا إلى حقوق مكتسبة من التاريخ أو حق الفتح كما كان يطالب البعض، كما رأى أنه مهما كان اختيار الشعب السودانى، فإن هذه الاتفاقية تضمن تصفية الوجود البريطانى فى السودان، وهذا هو ما كان يريده فى المقام الأول، فبقاء القوات البريطانية فى القطر الشقيق يهدد أمن وسلامة مصر، ولن يكون لجلاء هذه القوات عن مصر معنى حقيقى إذا كانت باقية فى السودان».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الداخلية تضبط متهما زعم صلته بتجار مخدرات وآثار واستعداده لتقديم معلومات عنهم

بعد إعلان رؤية هلال ربيع الأول.. تعرف على موعد المولد النبوى الشريف 1447

بعثة يد الأهلى تصل القاهرة بعد المشاركة فى البطولة الدولية الودية بالبوسنة

دار الإفتاء: غدا الأحد أول أيام شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا

رسميا.. أرسنال يعلن التعاقد مع إيبيريتشي إيزي


نائب رئيس مجلس الوزراء يقرر تكريم عامل مزلقان بني سويف لشجاعته

الداخلية تضبط تيك توكر استدرجت مواطنًا لمنزلها بالسلام وضربته

الداخلية تضبط تيك توكر تحرض على الفسق وبحوزتها كمية من مخدر الآيس بالهرم

النصر ضد الأهلى.. ركلات الترجيح تحسم كأس السوبر السعودي " فيديو "

ريبيرو يستقر على قيادة كريم فؤاد للجبهة اليسري للأهلى أمام المحلة


"العش بديلا".. ثنائية بيكهام وداري تقود دفاع الأهلى أمام غزل المحلة

صاحبة دعوى تعويض ضد الزمالك: تلقيت 1000 مكالمة سب وتنمر عقب نشر إعلان الدباغ

خست 16 كيلو.. طفلة فلسطينية تحول جسدها لهيكل عظمى ووالدتها تناشد بسرعة علاجها

كل ما تريد معرفته عن غيابات المنتخب قبل معسكر سبتمبر

سيدة تطالب بتعويض 20 مليون جنيه من الزمالك لظهور رقمها في إعلان "الدباغ"

تشكيل مباراة النصر ضد الأهلى في نهائي كأس السوبر السعودي

صفقة إيزاك إلى ليفربول تعجل برحيل 4 لاعبين من الريدز

براد بيت يعود للعمل بعد وفاة والدته.. تقرير: يتصرف بمهنية رغم المأساة الشخصية

تفاصيل الاعتداء على شاب أثناء سيره بصحبة زوجته فى الحوامدية

طلاب الثانوية العامة دور ثان يؤدون امتحان الأحياء والإحصاء والرياضيات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى