آفة حارتنا..الوصاية الفكرية واحتقار الاستماع وعشق الكلام وامتلاك مفاتيح الجنة والنار!

دندراوى الهوارى
دندراوى الهوارى
دندراوى الهوارى

بعيدا عن القضايا الخلافية، وتصادم وجهات النظر، تبقى القضية الجوهرية في فقدان المجتمع لفضيلة ثقافة الاستماع، والحد من الثرثرة الكلامية بشبق، وسيطرة الفتوى في كل المجالات، دون احترام للتخصص، كل يبدى رأيه في الأديان والفلسفة وعلوم الذرة والكيمياء والعلوم العسكرية والفلك والرياضيات والجيولوجيا والطب البشرى والطب البيطرى والهندسة والعلوم الزراعية، بأريحية تتصادم بعنف مع العلم والمنطق والعقل.

نحن جميعا نجهل ثقافة الاستماع، ولا صوت يعلو فوق صوت "الكلام" وترديد "الشعارات" وكلما تكلمنا كثيرا واستمعنا قليلا، شعرنا بالزهو إننا حققنا إنجازا، رغم أهمية الاستماع، والدليل أن الله سبحانه وتعالى خلق لنا أذنين، ولسان واحد، في رسالة واضحة أن الاستماع أهم كثيرا من الكلام.

وبجانب الجهل بثقافة الاستماع، وعدم القدرة على إدارة حوار المنطق والعقل واحترام التخصص، فإن هناك آفة خطيرة تتمثل في الوصاية الفكرية، فكل شخص قرأ "بوست" أو "تويتة" نصب نفسه وصيا فكريا على المجتمع، يكفر من يشاء، ويشيد بمن يشاء، وكأنه المالك الحصرى للمعرفة في مختلف المجالات، ودون احترام لثقافة الاختلاف، وأن الناس مذاهب ومشارب، ولو أراد الله أن يوحد الأفكار لجعل البشرية مستنسخين، متشابهين، في كل شيء. إذن الاختلاف طبيعة بشرية، خلقها الله بهذه الفطرة، فكيف إذن لأشخاص ينصبون أنفسهم أوصياء على الخلق، يرون في أفكارهم الأصح لا يقترب منها الباطل، وعلى الجميع اعتناقها والإيمان بها، وعدم ترك أي مساحة يمكن أن ينفذ من خلالها شخصا ما، ليُعبر عن رأى مغاير، بل يهددون كل من يخالفهم الرأي بالويل والثبور وعظائم الأمور.

الأخطر، هؤلاء الذين منحوا أنفسهم كل الحقوق الحصرية في امتلاك مفاتيح الجنة والنار، يمنحون من يشاؤون مفتاح دخول الجنة، ويمنعوه عن أخرين، كمل جعلت فئة من أنفسها وسطاء بين العباد، ورب العباد، يستخرجون من جعبتهم فتاوى تكفير أشخاص، وكم من فتاوى غريبة أثارت حالة من البلبلة، وسرعان ما تم تصويبها.

غياب ثقافة الاختلاف وقبول الأخر، بجانب انقراض ثقافة الاستماع، وعشق الكلام في كل شيء، دون علم أو تخصص، وتوظيف مواقع السوشيال ميديا، بجانب بعض المنصات الإعلامية، لفرض الأراء والأفكار عنوة، أمر يستحق وبشكل عاجل، إلى وقفة من النخب العاقلة، والمؤسسات الثقافية المعنية، والمنابر الإعلامية الرصينة، لإيجاد الحلول، وأرضية مشتركة، والتشجيع على إعمال العقل، ونبذ التعصب والتطرف، يمينا أو يسارا.

انطلاقا من ضرورة نبذ التعصب والتطرف، أؤكد إننى ضد كل ما هو متطرف، سواء أقصى اليمين، أو أقصى اليسار، ضد المنع المطلق، والإباحة المطلقة، ومع الوسطية والاعتدال، وعدم تكفير الأخر، والإيمان بالحوار، وتلقيح الأفكار، وتصحيح المفاهيم، وتدشين ثقافة الاستماع أكثر، والتحدث أقل، انطلاقا من قاعدة الإمام الشافعى: "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب".. وهنا نرى كيف للإمام الشافعى كان مؤمنا بحق الاختلاف، فلم يتزمت وتأخذه العزة برأيه، وذلك لأنه وعى كل الوعي أن العلم والمعرفة منهلان ينهل منهما الجميع، وكل يدلو بدلوه وحجته، بالعلم والتخصص والعقل والمنطق.

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الداخلية تكشف أسباب صوت فرقعة بموقف ملحق بمطار القاهرة

انقلاب سيارة محملة بالعنب على الطريق الدائرى اتجاه قليوب

الفحص الطبى يحسم مصير رمضان صبحى من العودة لقائمة بيراميدز أمام مودرن سبورت

شاهد بوسترات مسلسل أزمة ثقة قبل عرضه على قناة ON الأحد المقبل

الحذاء الذهبي ينهي خصومة مكة وكيان محمد صلاح.. اعرف التفاصيل


حسام حسن يدرس ضم محمد ربيعة وخالد صبحي لحل أزمة الدفاع أمام إثيوبيا وبوركينا

متحدث الخارجية الأمريكية السابق: نتنياهو أخبرنا أنه سيواصل الحرب لعقود

واقعة لاعبة الجودو دينا علاء.. هل تلقت القتيلة 3 رصاصات من الزوج لتفدى أطفالهما؟

اعترافات صادمة لعصابة الثقب الأسود: نضرب الأطفال ونجبرهم على التسول.. فيديو

تحت ستار تبرعات للخير.. القبض على "حازم" وبحوزته مخدارت بـ30 مليون جنيه بقنا


التنظيم والإدارة يعلن توقف امتحانات مركز تقييم القدرات غدا بسبب حريق بالجراج

حقيقة "الثقب الأسود" فى الهرم.. مصدر بـ"محافظة الجيزة" يكشف تفاصيل جديدة

الإسماعيلى يستفسر من اتحاد الكرة عن مصير شكوته ضد التحكيم فى الدوري

غدير ماتت من سوء التغذية..التجويع الإسرائيلي لغزة يقتل رضيع عمرها 5 شهور

إدارة ترامب تراجع بيانات 55 مليون أجنبي يحمل "فيزا أمريكا".. "AP" تكشف السبب

أجواء شديدة الحرارة.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس وتحذر من الرطوبة

اليوم.. ويجز يحيي حفلا غنائيا ضخما بمهرجان العلمين الجديدة

وزارة الأوقاف تفتتح 15 مسجدًا اليوم الجمعة ضمن خطتها لإعمار بيوت الله

هل يستحق المستأجر تعويض حال انتهاء المدة الانتقالية بقانون الإيجار القديم؟

"حب يا حب و قاعدة وبتفرج".. أغنيتان جديدتان لهيفاء وهبي من ألحان بلال سرور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى