سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 4 فبراير 1971.. الشاعر الفلسطينى محمود درويش فى مكتب محمد عروق رئيس إذاعة صوت العرب قبل أسبوع من الإعلان للعالم بوصوله إلى مصر للعيش فيها

محمود درويش
محمود درويش
استدعى الإعلامى محمد عروق، رئيس إذاعة صوت العرب، المذيع عبدالوهاب قتاية، إلى مكتبه، وقت ضحى 4 فبراير، مثل هذا اليوم، 1971، وحين دخل لاحظ وجود ضيف غريب لا يعرفه، فبادره «عروق» بالسؤال عن شعراء المقاومة الفلسطينية ومدى نصيبها فى برامج «صوت العرب».
 
كان «قتاية» وقتئذ المراقب المساعد للبرامج العقائدية ومنها الفكرية، ومعروفا بميوله الأدبية، وتقديمه لبعض البرامج الأدبية، ومتابعته وتعاطفه مع شعراء المقاومة، فراح يتحدث عن النصيب الوافر لهذا الشعر فى برامج «صوت العرب»، وسأله «عروق»: لمن من الشعراء؟ فرد «قتاية»: الجميع، رد «عروق» متعمدا إسماع الضيف: مثل من؟ أجاب «قتاية»: محمود درويش، قاطعه «عروق» قائلا، وهو يشير إلى الضيف: إذن سلم عليه، حسبما يذكر «قتاية» فى مقاله «سر الأسبوع الأول لمحمود درويش فى مصر»، بجريدة «العربى الأسبوعية الناصرية»، 31 أغسطس 2008.
 
يصحح «قتاية»، بهذه الواقعة الخطأ الشائع بأنه يحسب بداية حياة محمود درويش فى القاهرة من تاريخ نشر خبر وصوله فى «الأهرام» 10 فبراير 1971، أوعقد مؤتمر صحفى له 11 فبراير 1971، فى مبنى وزارة الإعلام والإذاعة والتليفزيون، بحضور وزير الإعلام محمد فائق، الذى تحدث فيه عن وصول «درويش» من موسكو إلى القاهرة بصحبة الصحفى عبدالملك خليل، مراسل «الأهرام» فى موسكو، وأعرب «فائق» عن اعتزاز مصر - مسؤولين ومثقفين - بالشاعر الكبير، وباختياره لها مقرا لإقامته، وقاعدة لمواصلة نضاله.
 
يتتبع الكاتب الصحفى، والناقد سيد محمود، القصة، فى كتابه «محمود درويش فى مصر..المتن المجهول»، مشيرا إلى أن الكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين، كان فى زيارة إلى موسكو، فى الوقت الذى كان «درويش» يدرس فيه هناك بمعهد العلوم الاجتماعية «معهد آسيا» بمنحة دراسية، واجتمع «بهاء» أثناء زيارته بأسرة تدريس قسم الشؤون العربية والشرقية بالمعهد، والتقى بعدها بـ«درويش»، وكتب «بهاء» قصة اللقاء فى «المصور» 5 فبراير 1971، قائلا: «كنت سعيدا بأن أراه وألمسه وأسمعه يتحدث، ويضحك ويبكى بشبابه وحيويته وجاذبيته الشخصية الشديدة، إننى أب لطفلين، ولكننى لم أشعر شعورا حقيقيا بمعنى «فلذة الكبد» إلا عندما رأيته، هذا قطعة منى، فلذة من كبدى حقا، وأنا أكتب هذه السطور يكون محمود درويش على الأغلب عاد إلى إسرائيل، إلى حيفا حيث محرم عليه مغادرة المدينة، ومحرم عليه أن يخرج من بيته بعد الثامنة مساء». 
 
يعلق سيد محمود:«المدهش أن درويش لم يعد إلى حيفا، واختار أن يأتى لمصر فى مشهد مهيب»، يتساءل: «هل لعب الأستاذ بهاء دورا فى إقناعه بالمجىء لمصر؟ وهل كان طرفا فى الخطة التى أعدها بعض رجال الدولة؟»، يذكر سيد محمود الإجابات التى حصل عليها،  قالت الكاتبة صافيناز كاظم: «ترتيبات الزيارة كانت معدة سلفا، وكان من المفترض أن تنجز خلال حياة الرئيس جمال عبدالناصر الذى توفى يوم 28 سبتمبر 1970»، وتكشف الكاتبة منى أنيس المقربة من «درويش»: «ترتيبات حضوره استغرقت نحو عام ونصف العام، قبل موت ناصر، الذى أفسد غيابه كل شىء جرى التخطيط له»، وقال محمد فائق: «كان وجود درويش معنا حدثا له دلالته الرمزية، لأنه عزز الأمل لدى الرأى العام فى احتضان المقاومة الفلسطينية والتأكيد أن النصر قادم لا محالة».
 
أما الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل، فقال للكاتب الصحفى محمد الشافعى، «الهلال» أول ديسمبر 2012:«كنت أحد أطراف عملية الترتيب لعدم عودته إلى فلسطين مرة أخرى، ليصبح أكثر حرية بعيدا عن الاحتلال، وحدث ذلك عندما كان ضمن وفد فلسطينى فى موسكو، وكنت ضمن وفد مصرى فى موسكو، وأخذنا درويش للسفارة المصرية، ومن موسكو جاء إلى القاهرة لينطلق بعدها يغرد بأشعاره فى كل العالم، وأذكر أن الدور الأكبر لعملية «تهريبه» كان لسفيرنا فى موسكو مراد غالب».
 
هكذا مضت ترتيبات دوائر مصرية معنية لمجىء الشاعر الكبير، وكل دائرة كانت تسلم الأخرى، حتى جاء الدور على «عروق» الذى استدعى «قتاية»، وعرفه بأن الجالس فى مكتبه هو محمود درويش، فتعانق معه بحرارة، ويصفه «قتاية»: «كان نحيلا جدا، ورقيقا كالطيف، حتى أننى أشفقت وأنا أعانقه أن تتكسر عظامه بين ذراعى»، يضيف: «كان الموقف عاطفيا مفاجئا، وغامضا مثيرا لعلامات استفهام كثيرة وأفكار عديدة، قطع تداعيها الأستاذ «عروق» قائلا: «الأستاذ محمود وصل أمس، وسيبقى معنا، لكننا لم نعلن وصوله، ولن نعلن ذلك، إلا بعد فترة راحة يستجمع فيها قواه وأعصابه ونفسه المرهقة، ولذلك رتبنا رحلة استجمام له فى الأقصر وأسوان، وستكون أنت مرافقه فى هذه الرحلة، ومعك الزميل فؤاد فهمى من صوت العرب، والأستاذ عبدالملك خليل، ستجدون كل شىء معدا وفى خدمتكم فى الأقصر وأسوان وموعد السفر غدا»، فماذا حدث بعد ذلك؟
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

70 % نتيجة التئام ترقوة إمام عاشور

70 % نتيجة التئام ترقوة إمام عاشور الثلاثاء، 19 أغسطس 2025 05:00 م

الأكثر قراءة

مصطفى حجاج يبدأ حفله بمهرجان القلعة بأغنية "يا بتاع النعناع"

مصادر للقاهرة الإخبارية: لا سبيل لخروج المحتجزين إلا المفاوضات على أساس مقترح ويتكوف

حياة كريمة فى البلد.. تجهيز وتشغيل 10 وحدات صحية ببنى سويف.. توريد تجهيزات طبية وغير طبية لـ10 وحدات أخرى.. افتتاح 4 وحدات لذوى الهمم بـ 4 مراكز.. والشريف أول وحدة طب أسرة ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل.. صور

محمد صلاح: الموسم الماضى كان الأفضل فى مسيرتى.. وهذه نصيحتى للشباب

وصول محمد صلاح إلى حفل PFA Awards لأفضل لاعب فى إنجلترا.. صور


مصرع والد محمد الشناوي في حادث سير بطريق الواحات

الرقابة على الصادرات: تقليص زمن الإفراج الجمركى إلى يومين بنهاية 2025

مصرع 3 وإصابة 7 فى تصادم تريلا وأتوبيس وسيارتين بالأوتوستراد.. صور

زينة تستكمل تصوير ورد وشوكولاتة فى القاهرة بعد انتهاء مشاهد لبنان

مصطفى كامل ينعى يحيى عزمى أستاذ الإخراج بالمعهد العالى للسينما


70 % نتيجة التئام ترقوة إمام عاشور

موعد حفل توزيع جوائز الأفضل في إنجلترا.. محمد صلاح يتصدر السباق

كيف يستعد المنتخب الوطني لمباراتي أثيوبيا وبوركينا فاسو في تصفيات المونديال؟

فيلم "فلسطين 36" لـ آن مارى جاسر يمثل فلسطين بجوائز الأوسكار عام 2026

حصاد المحترفين فى أوروبا هذا الأسبوع.. محمد صلاح ملك الإبداع

نتيجة تقليل الاغتراب.. مكتب التنسيق: تطبيق الـ10% لقبول تحويلات المتقدمين

أوس أوس ضيف برنامج فضفضت أوى على watch it غداً الأربعاء

موعد إجازة المولد النبوى الشريف 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص

قرار جمهورى بتعيين ماجد إسماعيل رئيسًا تنفيذيًا لوكالة الفضاء المصرية

إعلان القائمة المبدئية للمرشحين لمنصب رؤساء خمس جامعات أهلية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى