سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 6 فبراير 1975.. نجيب محفوظ عن أم كلثوم: «خير ما أعطته مصر للتاريخ».. ونعمات أحمد فؤاد تراها قدمت للدين والأدب ما لا تؤديه مئات المدارس والمواعظ

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ
كان نحو مليون فرد، يشيعون جثمان سيدة الغناء العربى أم كلثوم، يتقدمهم كبار رجال الدولة يوم 5 فبراير 1975، وكان المبدعون والمثقفون يبكونها، ويقدمون تقييما لمسيرتها الفنية والإبداعية التى امتدت لنحو نصف قرن، كانت خلالها إحدى الدعائم الكبرى للنهضة فى مصر والمنطقة العربية بأسرها.
 
حفل عدد «الأهرام»، 6 فبراير، مثل هذا اليوم، 1975، بمقالات لنجيب محفوظ، ويوسف السباعى، وسعدالدين وهبة، والفنان التشكيلى صلاح طاهر، والدكتور حسين فوزى، والدكتورة نعمات أحمد فؤاد، وصلاح منتصر، والناقدة آمال بكير، بالإضافة إلى كتابات مختصرة لسفير السودان، أحمد صلاح بخارى بعنوان: «هى جزء أصيل من شعبنا»، وسفير السعودية، فؤاد أحمد ناظر، بعنوان: «كسبت لفن الغناء العربى تقدير الدنيا»، والسفير المغربى عبداللطيف العراقى بعنوان: «كان صوتها الأمل فى سنوات الاستعمار»، و سفير الصومال، عبد الله آدم، بعنوان: «ليس منا من ينام ليلة أن تغنى حبيبتنا».
 
كان نجيب محفوظ، ينشر روايته «قلب الليل» مسلسلة فى «الأهرام» وقتئذ، وتنازل عن مساحته الأسبوعية المخصصة للرواية لتغطية حدث الوفاة، وقال فى مقاله عنها: «الفنان نوعان: فنان صاحب عبقرية فنية، وقد يكون فى الوقت نفسه إنسانا رديئا، وفنان صاحب عبقرية فنية، وفى الوقت نفسه صاحب عظمة إنسانية، من النوع الثانى بيتهوفن وموتسارت، ولقد كانت أم كلثوم فنانة عبقرية وإنسانة عظيمة، ستتبين عظمتها الإنسانية فى التزامها بالمبادئ السامية، مثل الأخلاق والوطنية والقومية والإنسانية، وهذا تفسير للزلزال الذى أحدثه موتها، والذى لا يكون عادة إلا للقادة والزعماء، وهى بذلك تمثل خير ما أعطته مصر للتاريخ، ألا وهو الفن الخالد والضمير الحى، وإنى أتنازل بكل خشوع عن المساحة المخصصة لروايتى قلب الليل، إلى قلب العالم العربى».
 
وكتبت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد «أم كلثوم جعلت الدين موضوعا للفن»، وقالت فيه: «ليست أم كلثوم صوتا فحسب، فقد أدت للدين والأدب، ما لا تؤديه مئات المدارس والمواعظ والخطب، كم قصيدة لشوقى يغنيها الآخرون فلا تميزها عن كلام غيره، وإن ميزناها فهيهيات أن ينفذ بها قائلوها إلى أغوار معانيها أو أغوار النفوس، بل إن «شوقى» عاش ومات، وكثير من شعره لا تدركه إلا قلة ممتازة هى قلة كطبيعة الامتياز، فما إن ترنمت أم كلثوم بنهج البردة حتى كبر الناس، فأداؤها الفريد ونطقها المثقف وإخراجها الفتان، وإلقاؤها المعبر البليغ، بهذا كله، الذى غدا لها أسلوب وطابع شخصية توضح خفى المعانى وتشرح مستتر الأساليب، وتؤاخى بين الأدب والموسيقى والغناء، وتقف لتشدو فتمثل الوحدة الفنية للفنون الثلاثة أصدق تمثيل، لقد استطاعت أم كلثوم - وحدها - أن تجعل الدين موضوعا من موضوعات الفن، والتأريخ لنهضتنا الحديثة سيتقف طويلا عند أم كلثوم بمجموعتها الهمزية ولد الهدى،  ونهج البردة، وسلو قلبى، وعرفات، والثلاثية المقدسة، وتأتى رباعيات الخيام - أو الجزء الذى غنته منها - لتمزج بين الدنيا والدين فى شفافية وصوفية».
 
تضيف «فؤاد»: «لقد أكسب أم كلثوم حفظ القرآن الكريم فى سن مبكرة هذا النطق المصقول، بما أكسبها من تقويم اللسان وسلامة مخارج للحروف من جوفية وحلقية وشفوية، كما أكسبها علما بصفات الحروف من حيث الشدة والرخاوة والإطباق والانفتاح والتكرير إلى آخر هذا الفن الدقيق، وإذا كان الغناء حرفة عند آخرين، فإنه عندها يرتفع من آلية الاحتراف إلى سماوية الفنان، إنه عندها موهبة ومقدرة، ومن آيات الموهبة عند أم كلثوم أنها حين تسجل على شريط تجيد، ولكنها حين تغنى ما سجلته للشعب، تتفوق على نفسها، إن الألفاظ من ناحية، واللحن من ناحية أخرى، يثير كل منهما عندها حالة نفسية تتسق مع جو الشعر واللحن، وهى بدورها تريد أن تنقل إحساسهما بهما إلى نفوس إنسانية حية، لا إلى آلة التسجيل، وتنقل المشاعر بحيث يشترك مع الفنان فيها سامعوه، هى بتذوقها للكلمة والنغمة تضفى عليهما من نفسها فوق ما أراده الشاعر والملحن، لقد كان زكريا أحمد يقول: ان صاحب اللحن أقدر عليه من المغنى والعكس مع أم كلثوم، أم كلثوم من مدرسة الارتجال النورى فى الألحان، ولهذا تسمع منها الأغنية من أغانيها مرات متتاليات فتتفتح لنا فى كل مرة عن جمال جديد، وندرك فى المرة التالية من ألوان أدائها ما فاتنا فى المرة السابقة، لهذا لا يمل سامعوها من التكرار، بل يطليونه ويفرضونه أحيانا».
 
تؤكد «فؤاد»: «بموهبة الصوت، بقدرة الأداء، بفن الإلقاء، بأسلوب الشخصية، بطاقة الاستمرار، بالدين، بالأدب الرفيع، بهذا كله مجتمعا ومتفرقا يضع تاريخ الفن العربى أم كلثوم فى مكان يعز فيه ومعه النظير».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بعد توجيهات الرئيس السيسى.. حملات مرورية لمواجهة الحوادث بالطريق الإقليمي

بمناسبة عاشوراء.. أول ظهور علنى لخامنئى منذ بدء حرب إيران وإسرائيل

جلسة خلال ساعات بين الزمالك وبيراميدز للتفاوض حول صفقات الصيف

إيقاف 7 مهندسين بسبب بناء جسر بزاوية 90 درجة فى الهند.. فيديو

بدون أسباب.. إقالة المتحدث باسم نتنياهو وتعيين زيف أغمون


نرمين الفقي تخطف الأنظار بصورها على البحر.. والجمهور: جمال طبيعى

ريال مدريد ينفرد برقم تاريخى فى كأس العالم للأندية تحت أنظار الأهلى

الزمالك يحصل على توقيع من 5 إلى 6 صفقات محلية بالانتقالات الصيفية

وزارة التعليم تحقق فى تداول أسئلة امتحان الرياضيات البحتة للثانوية العامة

الأهلى يرفض ضغوط وسام أبو علي للتراجع عن دفع 10 ملايين دولار للرحيل


العالم هذا الصباح.. سلاح الجو الأمريكى يعترض طائرة فوق نادى ترامب للجولف.. استشهاد 4 أطفال أشقاء فى قصف الاحتلال خيمة للنازحين غرب خان يونس.. ارتفاع عدد قتلى السيول فى تكساس إلى 43 بينهم 14 طفلا

تنسيق الجامعات 2025.. خريطة أماكن اختبارات القدرات لكليات الفنون التطبيقية

إدارة الزمالك تطالب جون إدوارد بتوفير 30٪؜ من ميزانية الكرة

ريبيرو يرفض صفقات تدعيم الجبهة اليمنى للأهلى بسبب هانى وعمر كمال

محمد شريف ينفذ برنامجا تدريبيا خاصا استعدادا للظهور فى معسكر الأهلى

مواعيد مباريات نصف نهائى كأس العالم للأندية 2025

وداعا للبلطجة.. محافظة القاهرة تطبق منظومة جديدة لتقنين وضع السايس.. فيديو

الزمالك يجدد عقد عبد الله السعيد لمدة موسمين

ريال مدريد يهزم دورتموند ويواجه باريس في نصف نهائي مونديال الأندية.. فيديو

فرص عمل للصيادلة بمرتبات شهرية تصل إلى 9400 جنيه.. تفاصيل

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى