الأزمات الدولية الطارئة.. تراجع "أممي" وصعود "إقليمي"

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى

التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة الأوكرانية، في الأيام الأخيرة، ربما أضفت المزيد من علامات الاستفهام، حول الدور الذي يمكن أن تلعبه الأمم المتحدة، في المرحلة الراهنة، لتحقيق الهدف الذي خلقت من أجله، وهو حفظ السلم والأمن الدوليين، في ظل تحرك موسكو، الذي أثار مخاوف كبيرة من احتمالات اندلاع حرب عالمية جديدة، سوف تقوض، إن حدثت، المنظمة الدولية الأكبر في العالم، على غرار ما شهدته "عصبة الأمم" قبل عقود، والتي انتهى دورها فعليا بعد نشوب الحرب العالمية الثانية في أواخر الثلاثينات من القرن الماضي، بينما تم حلها بعد نهايتها مباشرة، إثر عجزها عن منع الصراع الدامي الذى استمر لخمس سنوات كاملة، ليأكل معه الأخضر واليابس.

ولعل الموقف الأممي، في المرحلة الراهنة، أكثر خطورة إذا ما قورن بالوضع الذى كانت عليه "عصبة الأمم"، مع تراكم الأزمات، والتي لم تقتصر على الحرب الحالية، وإنما امتدت إلى الفشل الكبير من قبل المجتمع الدولي، في التعامل مع الأزمات الطارئة، وعلى رأسها وباء كورونا، وحالة الصراع مع الطبيعة، والتي تتجلى في قضية التغيرات المناخية، وهو ما يضع الكوكب بأسره في دائرة الخطر الداهم، والتي قد تدفعه نحو الفناء، إذا ما لم يكن هناك دور قوي من قبل المنظمة الدولية الأكبر لتوحيد كلمة كافة الدول حول العالم، نحو تحقيق الاستقرار، والأمن والسلم الدولي، وهي المفاهيم التي لم تعد تقتصر في نطاقها على مجرد العمل على احتواء صراعات تقليدية، سواء بين الدول أو في صورتها الأهلية، وإنما تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك.

الحديث عن التراجع الأممي، ربما ليس وليد اللحظة، فقد بدأ منذ نهاية الحرب الباردة، مع بروز دعوات الإصلاح، والتي أطلقها لأول مرة الدبلوماسي المصري المخضرم، دكتور بطرس غالي، عندما كان أمينا عام للمنظمة الدولية، في التسعينات من القرن الماضي، ولكن دون جدوى في ظل رغبة القوى الدولية الحاكمة في السيطرة على زمام الأمور، وتوطيد سيطرتها الأحادية على العالم، بينما تجلى بصورة أكثر وضوحا مع الغزو الأمريكي للعراق، رغم رفض الأمم المتحدة، لتشكل واشنطن تحالفا يبدو شكليا، مع كلا من فرنسا وبريطانيا، لإيجاد بديلا دوليا للشرعية الأممية، عبر ما أسميته في مقال سابق بـ"شرعية التحالفات"، لتكون الخطوة الأمريكية في العراق، بمثابة أحد المراحل المفصلية في تاريخ التراجع المتواتر الذى يشهده الدور الأممي، بينما كانت مواقف واشنطن في ظل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي اتسمت بعدائية شديدة، تجاهها، أحد الإرهاصات الهامة في هذا الإطار.

وهنا تبقى الحاجة ملحة إلى بروز الدور الذي تلعبه المنظمات الإقليمية، من أجل تحقيق الاستقرار في كل منطقة، ومن ثم مجابهة التحديات الكبيرة المترتبة على الأزمات الدولية الكبرى، سواء كانت صراعات، حتى وإن خرجت عن نطاقها الإقليمي والجغرافي، أو في صورتها الجديدة، كالأوبئة أو حالة "الصراع مع الطبيعة"، وهو ما يعنى اتساع نطاق الدور الذي تقوم به تلك المنظمات، لتتخطى مساحة جغرافية محدودة، إلى مناطق أكبر، في ظل الارتباط بتلك الأزمات، سواء من حيث التداعيات السلبية المترتبة عليها، أو حتى ما إذا كان بإمكانها خلق مساحة أكبر من المناورة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب لأعضائها في المستقبل.

ولعل النموذج الأبرز في هذا الإطار، يتجسد في جامعة الدول العربية، والتي تمثل الأزمة الراهنة بالنسبة لها، بمثابة "نقطة تحول" مهمة، من حيث الدور، في ظل ارتباط منطقتها بالحرب الدائرة حاليا بصورة غير مباشرة، نتيجة تداعياتها الاقتصادية من جانب، ناهيك عن ارتباطها اللصيق بمسألة الطاقة وأسعارها، والتي ترتبط بصورة مباشرة بأسواق النفط في العديد من الدول الأعضاء، من جانب أخر، بالإضافة إلى حاجة الدول أطراف الصراع، إلى الدعم الدولي، وهو ما يضفي المزيد من القوة إلى الموقف العربي، حالة التوصل إلى توافق بشأن الأزمة الراهنة.

الأهمية الكبيرة للأزمة الحالية في أوكرانيا، دفعت "بيت العرب" إلى التركيز عليها بصورة كبيرة عبر اجتماع غير عادي لمناقشة الأزمة، قبل عدة أيام، بناء على طلب تقدمت به مصر، بالإضافة إلى هيمنتها على أعمال مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، في دورته العادية، حيث تجلى الموقف العربي في تأكيد الأمين العام أحمد أبو الغيط، على أهمية المصلحة الوطنية العربية، لتكون محددا رئيسيا للموقف من الأزمة، في رسالة واضحة للتأكيد على ثقل الموقف العربي، والذي يرجع في جزء كبير منه إلى خروج دائرة الصراع من النطاق الجغرافي للمنظمة الإقليمية لأول مرة منذ عقود طويلة من الزمن، حيث كانت منطقة الشرق الأوسط، بمثابة "بؤرة" الحروب بالوكالة، والتي أثارت صراعات بينية وأهلية، مازالت قائمة حتى الآن.

وهنا يمكننا القول بأن الأزمة الأوكرانية، تمثل بجلاء فرصة مهمة لحشد الدعم الدولي للقضايا العربية، سواء عبر جهود الدول الرئيسية في المنطقة، التي تحظى بنفوذ كبير على المستوى الدولي، أو عبر المظلة الإقليمية، المتمثلة في "بيت العرب" لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب في المرحلة المقبلة.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمد إمام لأولاد عمته الراحلة: انتوا رجالة وقد المسئولية وكلنا فى ضهر بعض

الحسابات الفلكية تكشف موعد بداية شوال وأول أيام عيد الفطر 2026

نتيجة مباراة باريس سان جيرمان ضد فلامنجو فى نهائى كأس إنتركونتيننتال

نقابة المهن التمثيلية تتخذ الإجراءات القانونية ضد ملكة جمال مصر إيرينا يسرى

تحذير هام من الشبورة المائية.. حالة الطقس اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025


نادى شيكوبانزا السابق سبب إيقاف قيد الزمالك فى القضية السابعة

باريس سان جيرمان يتوج بكأس إنتركونتيننتال على حساب فلامنجو بركلات الترجيح

«الداخلية» تضبط 5 أشخاص لتوجيه الناخبين فى المحلة

باريس سان جيرمان ضد فلامنجو للأشواط الإضافية بتعادل إيجابى 1-1.. فيديو

هاكرز إيرانى يزعم اختراق هاتف رئيس حكومة الاحتلال السابق نفتالى بينيت


قرار عاجل من النيابة فى واقعة وفاة الفنانة نيفين مندور بالإسكندرية

أهداف مباراة منتخب مصر واليابان الودية مواليد 2009.. فيديو

السعودية تستقر على رحيل رينارد والبديل من داخل الدوري السعودى

مواعيد مباريات منتخب مصر فى بطولة أمم أفريقيا

أحمد صلاح: لا توجد نية لاعتزال الكرة الطائرة فى الوقت الحالى

رويترز: المملكة المتحدة تعفى حقل ظهر من العقوبات المفروضة على روسيا

رئيس الوزراء: سنناقش إنهاء إجراءات تحويل الدعم العينى إلى نقدى الأسبوع المقبل

قرار حكومى بالعفو عن باقى مدة العقوبة لبعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة

وزارة الداخلية تحبط محاولة 3 أشخاص توزيع أموال بمحيط لجان البساتين

تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى