أحمد حسن عوض يكتب: الذوق الشعرى

أحمد حسن عوض
أحمد حسن عوض

قد لا يلتفت الكثير ممن يحبون الشعر أو يستمتعون بقراءته وينتشون بسماعه وينخرطون فى حضور منتدياته المتنوعة ومتابعة أمسياته العديدة إلى تأمل مفهوم تذوق الشعر، فضلا عن مراجعة مفاهيم تلقى الشعر وآليات التعامل معه وكيفيات تأثيره على المنفعلين به والمعتادين على مجاورته لا محاورته، وهو أمر يبدو بديهيا لدى هؤلاء المكتفين بالمحبة، الواقفين على حدود المتعة، لكن المشكلة الحقيقية -فى تصورى الخاص- أن الاكتفاء بمحبة أى فن من الفنون دون الحرص على الإلمام بأصوله ومتابعة تحولاته وتطوره قد يشكل ما يمكن أن أطلق عليه المتعة المنقوصة؛ لأن الاكتفاء بالانتشاء اللحظى المؤقت دون السعى لرفد المتعة بالمعرفة وصقلها بالخبرة لن يجعل الفن يمارس تأثيره الحيوى الخلاق على محبيه، وسيظل أمر التذوق مرتهنا بلحظات التفاعل الوقتى العابر الذى قد يزول بزوال وقت مناسبات التلقى والتفاعل مع الفنون.

وإذا كانت هذه الظاهرة تصدق على أغلب الفنون فإنها تعد أكثر التصاقا بفن الشعر، لاسيما فى عقوده الخمسة الأخيرة؛ إذ سلك الشعر مسارين كبيرين: مسار المتخصصين الذى أوغل فى نخبويته مع جيل السبعينيات المتأثر بأونيس، ومسار الشعر العام المتأثر بنزار قبانى فى تحولاته الأخيره والمنشغل بالتعبير المباشر الممزوج بالمجازات البسيطة عن القضايا الوطنية والاجتماعية الكبرى، والمهتم بقصيدة الحب العامة التى تقف على حدود السطح العاطفى للذات دون الخوض فى خصوصيات التجارب العاطفية التى تميزها عن غيرها من تجارب الحب الأخرى، صحيح أنه ظلت هناك استثناءات قوية بديعة كتجربة محمود درويش وغيره من كبار الشعراء المخضرمين الذين كانوا يمثلون امتدادا لعنفوان قصيدة التفعيلة فى خمسينيات القرن العشرين، وصحيح أيضا أن قصيدة النثر المصرية تألقت بشكل لافت مع تسعينيات القرن، وظلت هناك أصوات شعرية موهوبة قادرة على الإضافة النوعية لفن الشعر وتوسيع رقعته، لكن اتساع مساحات الإبداع لم يوازه اتساع مساحات التلقى، وظل محبو الشعر بصورته القديمة الراسخة فى الأذهان بعيدين تماما عن التفاعل الحيوى مع تيارات الحداثة الشعرية الراهنة؛ لأنهم اكتفوا -كما أشرت- بالتعامل مع الشعر بحسبانه خطابا عاطفيا يتعاطونه فى أوقات فراغهم أو أوقات الأزمات السياسية التى يكون فيها الشعر كالخبز الساخن الذى تبرد سخونته بانقضاء الازمات أو خفوت الحماس، ومن ثم ظلوا أسرى مرجعياتهم الثابتة، ووقعوا فى كسل ذهنى مواز لكسلهم العاطفى، ولم يدركوا أن الشعر - شأنه شأن كل الأشياء فى الحياة - يخضع لقانونها الأزلى، وهو قانون التغير ومن ثم فإن تطور الشعر كان لابد أن ينطوى بالضرورة على تطور الذوق باعتباره لازما منطقيا متواشجا تواشج الإبداع والتلقي؛ وعلاج تلك المعضلة يكمن فى أن يسعى محبو الشعر إلى مغادرة مفهوم المحبة السلبية المكتفية بالاستماع العابر أو القراءة السريعة إلى المحبة الإيجابية المفعمة بروح التساؤل عن كل شعر جديد وطموح الإلمام بسياقاته الثقافية المحدثة التى لا تنفصل بكل تأكيد عن طبيعة عصرنا ونحولاته الراهنة.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تقرير عبد الرؤوف النهائى يحسم مصير ناصر منسى مع الزمالك

محمد عبد الله مطلوب فى الدوري البرتغالي.. واللاعب يحيل العروض للأهلي

إمام عاشور يوجه رسالة مؤثرة: مريت بمرحلة صعبة ومش مستنى آخد لقطة

مصدر مقرب من أحمد حمدى يكشف كواليس أزمته مع أحمد عبد الرؤوف

عمر كمال وأحمد رمضان بيكهام يشاركان أحمد عبد القادر حفل زفافه بالدقهلية.. صور


إنبى يوافق على رحيل مودى ناصر بشرط

أحمد عبد القادر نجم الأهلى يحتفل بزفافه وسط أسرته فى الدقهلية.. فيديو وصور

أهداف مباراة مصر ونيجيريا الودية

أسطورة ليفربول يوجه رسالة نارية إلى كاراجر: محمد صلاح لم يخطئ

حفل جوائز ذا بيست 2025.. عثمان ديمبيلى يتوج بأفضل لاعب فى العالم


القبض على أب متهم بقتل ابنه 9 سنوات بسبب خلافات أسرية

محامى عروس المنوفية: المتهم أقر فى التحقيقات بتعديه على زوجته حتى الموت

أحمد صلاح وسعيد يعودان للقاهرة بعد فسخ التعاقد مع طائرة السويحلى الليبى

يورتشيتش: حزين على خسارة الدورى.. وهناك أندية لا تتوقف فى الإشارة الحمراء

الحكومة توضح حقيقة فيديو وجود عيوب هندسية بكوبرى 45 الدولى بالإسكندرية

تجدد الخلافات بين شيرين عبد الوهاب وشقيقها والعودة إلى ساحات القضاء

تعرف على مهن الفنانين قبل الشهرة والنجومية

تعرف على رسالة حمزة عبد الكريم إلى الأهلى بسبب عرض برشلونة

الإعدام لسيدة وعشيقها بالمنوفية بعد قتلهما الزوج بحيلة شيطانية

يوسف بلعمرى يرفض عرضاً من الوداد المغربى تمهيداً للانتقال إلى الأهلى

لا يفوتك


2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش

2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 04:37 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى