إشكالية توظيف النصوص المقدسة فى نشر الدجل

محمد أحمد طنطاوى
محمد أحمد طنطاوى
بقلم : محمد أحمد طنطاوى

منشورات ورسائل تملأ الفضاء الأزرق، تدعو الناس للتواكل وتغييب السعي وإنكار أهمية العمل، والتعويل على المعجزات والخوارق، والحديث الذي ينكره العقل والقلب معاً، الذي يمتزج بالخرافة والدجل واستغلال النصوص المقدسة، في الترويج لعبارات ساذجة، وقد صادفني منذ عدة أيام منشور عن فضل قراءة بعض سور القرآن الكريم، وقد تعجبت كثيراً من هول ما رأيت، وسطحية استغلال كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، في نشر الخرافة والدجل بين الناس.

وبحسب المنشور الذى أتحدث عنه، فإن أردت شراء منزل، فلا تكلف نفسك عناء العمل، والسعى خلف الرزق لجمع المال الذى يمنحك فرصة بناء المنزل، لكن كل ما عليك هو قراءة سورة الحديد كل يوم ثلاثاء، وستحصل على المنزل الذى تريد، وهذا ربط عجيب وغريب لا يمكن لعاقل أن يصدقه، فمع التسليم أن قراءة القرآن وكافة النصوص المقدسة أمر محمود، ويدعو له الدين ويحض عليه، لكن لا يجب أن نتاجر بتلك النصوص في نشر الخرافة، وإشاعة الاتكالية والخمول بين الناس، وتفسير المقدسات من منظور يخدم مصالحنا الضيقة، ومطالبنا الدنيوية الرخيصة، فالمقدس لا يجب أن توظفيه لخدمة مصلحة، أو استغلاله في فوضى العبث الفيس بوكي من أجل اللايك والشير!

القرآن الكريم منهج متكامل، جاء لهداية البشر إلى طريق الحق، وحملت نصوصه إعجاز لغوى خاص، لم يعرفه العرب من قبل وهم أهل فصاحة وبلاغة، لذلك لا يمكن أن ننظر إلى هذا النص الرباني الإعجازي بصورة تخالف العقل والمنطق، فقد قال الله تعالى في كتابه المحكم " مَّنْ عَمِلَ صَٰلِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّٰمٍۢ لِّلْعَبِيدِ"، وقد قال أيضا:" فأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ"، فلو كان الأمر إعجازى فقط لصنع الله السفينة، وقدمها لنوح، لكنه كلفه بالعمل والسعي،  وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها"، فكل ما سبق يحض على العمل والسعي والاجتهاد والأخذ بالأسباب، وليس مجرد أن يقرأ سورة النمل حتى يعالج الأرق، أو سورة الذاريات لسداد الديون، أو سورة الانفطار للهدوء وحفظ الأسرار!

القرآن جاء لنفهم ونتدبر، ونعبد الله على الوجه الأمثل، فهذه فلسفته ورسالته، لا أن نستخدمه في الدجل ونشر الخرافة، فلو أن مريضاً يتألم، وأخبره أحدهم أن علاجه في قراءة السورة الفلانية في اليوم الفلاني، دون الذهاب للطبيب أو الأخذ بالأسباب، ثم ازداد مرض هذا الشخص، ولم يلمس تحسناً، فكيف ينظر بعد ذلك إلى النص المقدس؟ الذي تعامل معه بثقافة أشبه بـ "قراطيس" العطارة التي تشفى الناس من جميع الأمراض، لذلك يجب أن نتوقف عن النشر الجاهل لكلمات وعبارات تتعارض مع جوهر الدين ومبادئ العقيدة.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الحوثيون يغرقون سفينة تتعامل مع إسرائيل في البحر الأحمر بخمس صواريخ

رئيس الوزراء: مصر أولت اهتماما كبيرا لتطوير نظام الرعاية الصحية والخدمات الطبية

الحوثيون: استهدفنا ناقلة بضائع في البحر الأحمر وهي الآن معرضة للغرق

7 أخبار رياضية لا تفوتك اليوم

مها الصغير: أنا غلطت فى حق الفنانة ليزا.. أنا آسفة وزعلانة من نفسى


تعرف على نظام الامتحانات بالبكالوريا بعد موافقة البرلمان على تطبيقها

الزمالك يقترب من الإنجولي شيكو بانزا جناح استريا امادورا البرتغالي

الزمالك يسابق الزمن لحسم صفقة محمد علاء من الجونة

وزير التعليم: الطالب يختار أحد 4 مسارات فى البكالوريا و70% النجاح فى الدين

عودة حركة القطارات على خط القاهرة الإسكندرية والعكس


إخلاء سبيل إبراهيم سعيد بعد استئنافه على حكم حبسه بسبب نفقة طليقته

ريبيرو يخطر الأهلى برفض رحيل 7 نجوم بسبب أزمة وسام أبو علي

الرئاسة: الرئيس السيسى ونظيره الصومالى عقدا مباحثات ثنائية

فات الميعاد الحلقة 18.. دينا تواجه عمر بعد اكتشافها زواجه الثاني

وزير التعليم: "لو عايز تبقى مهندس وماجبتش مجموع البكالوريا هتديك الفرصة"

فيفا يحدد حكام مباريات نصف نهائي كأس العالم للأندية

المقابل المادى يحسم انضمام كارلوس فينيسوس لاعب توتنهام السابق للزمالك

الأجواء شديدة الحرارة.. تفاصيل حالة الطقس والظواهر الجوية المتوقعة اليوم

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 7يوليو 1977 العثور على الشيخ الذهبى وزير الأوقاف السابق مقتولا برصاصة فى عينه اليسرى من خاطفيه الإرهابيين أعضاء «التكفير والهجرة»

وزارة العمل تعلن عن وظائف فى الأردن بمرتبات تصل لـ450 دينارًا شهريًا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى