قوة العملة والاقتصاد العالمى.. رهانات دولية

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
ربما يبقى الحديث عما يمكننا تسميته بـ"صراع العملات" مهيمنا إلى حد كبير على الساحة الدولية في المرحلة الراهنة، في ظل امتداد الأزمة الأوكرانية، وإعلان موسكو تصدير الغاز لأوروبا الغربية بعملتها "الروبل"، في الوقت الذي اتجهت فيه دولا أخرى نحو اللجوء إلى عملات أخرى، وعلى رأسها "اليوان" الصيني، ليكون وسيلة التبادل، خاصة في مجال النفط، وهو ما يصب في خانة التوجه نحو قواعد جديدة للنظام الاقتصادي العالمي، والذي بات مرهونا منذ عقود بالدولار الأمريكي، تزامنا مع الصعود الكبير الذى حققته بكين في السنوات الأخيرة، إلى الحد الذي أزعج الولايات المتحدة، ودفعها إلى شن ما يشبه حربا تجارية عليها، مازالت لم تنته بعد، وإن توارت خلف الصراع الذى تشهده أوكرانيا في المرحلة الراهنة.
 
الخطوة الروسية تمثل انتقاما من الدولار، بينما في الوقت نفسه تعد تصديرا لصورة قوية للاقتصاد الروسي، وقدرته على المنافسة الدولية، على اعتبار أن الجانب الاقتصادي أحد أهم أبعاد المشاركة في القيادة الدولية، خاصة مع القيمة الاستراتيجية الكبيرة للسلعة التي تقدمها موسكو، لخصومها في الغرب، ناهيك عن غياب البديل اللحظي، الذي يمكنه تعويض النقص الكبير في إمدادات الغاز لأوروبا، حال أوقفت روسيا صادراتها للقارة العجوز، إذا ما وضعنا في الاعتبار حقيقة أن موسكو تقدم 60% من احتياجات الغاز للدول الأوروبية، وهو ما يعنى صعوبة معادلة هذه الكمية حاليا من بدائل أخرى، وبالتالي يبقى الحديث عن تغيير العملة المرتبطة بصادرات الغاز الروسي، بمثابة صفعة كبيرة، سواء للدولار أو لأوروبا الغربية في المرحلة الراهنة.
 
ولعل التساؤل الذي يدور في ذهني في اللحظة الدولية الراهنة، حول ما إذا كانت موسكو تستطيع أن تتحمل قوة عملتها، في ظل معركة كبيرة تخوضها، سواء على المستوى العسكري في أوكرانيا، أو دبلوماسيا، إثر عقوبات دولية متواترة تلاحقها اقتصاديا، وتهدف إلى تعجيزها، خاصة وأن ارتفاع قيمة العملة أو انخفاضها لا يقدم مؤشرا كليا على الوضع الاقتصادي للدولة، في ظل العديد من النماذج والسياسات التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة.
 
فلو نظرنا على سبيل المثال إلى النموذج الصيني، باعتباره أحد أهم أبطال المشهد الاقتصاد العالمي منذ سنوات، نجد أن الحكومة الصينية، واجهت اتهامات متلاحقة، حول تخفيض عملتها (اليوان) لتكون أقل من قيمتها الحقيقية، حتى وصلت الضغوط أوجها في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي دعا بكين إلى رفع قيمة العملة، بما يتناسب مع وضعها، دون استجابة، بل وأنه خاض صراعا مع رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، لاتخاذ الإجراءات التي من شأنها تقييد ارتفاع الدولار، وذلك لمجاراة قدرات بكين على التصدير واختراق الأسواق العالمية بمنتجاتها، بسبب أسعارها الرخيصة، إذا ما قورنت بالمنتج الأمريكي، بينما يبقى عامل الجودة محلا للتنافس، بين البلدين، مع الطفرة الكبيرة التي شهدتها الصناعة في بكين.
 
رؤية ترامب قامت على أساس حقيقة التغيير الكبير في قواعد الاقتصاد العالمي، والتي قامت في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، على قوة العملة باعتبارها معيار لقوة الاقتصاد، بينما أصبح الأمر مختلفا تماما في الوقت الحالي، حيث يبقى القدرة على الإنتاج والتنافسية، هما المعيار الحقيقي الذي تتحدد به قوة الدولة، وهو ما ترجمته كلماته التي وجهها في ذلك الوقت إلى جيروم باول ، قائلا "أريد أن تكون العملة الأمريكية عظيمة لدولتنا.. وليست القوية للغاية بما يفوق قدرتنا على التعامل مع الدول الأخرى"، وهو ما يمثل اعترافا ضمنيا من قبل "سيد البيت الأبيض" حينها بتراجع الاقتصاد الأمريكي رغم قوة الدولار، إلى الحد الذي لم تستطيع فيه واشنطن أن تتحمل قوة دولارها.
 
وهنا تصبح الخطوات الدولية التي من شأنها السيطرة على جموح الدولار، لا تغضب أمريكا كثيرا، حتى وإن أظهر مسؤولي واشنطن عكس ذلك، خاصة إذا ما راجعنا السياسات الأمريكية في صورتها الكلية في السنوات الأخيرة، والتي لم تشهد اختلافا جذريا بين الإدارات المتعاقبة، من جانب، ناهيك عن الأزمات الاقتصادية التي شهدتها أمريكا ومن ورائها العالم، وأبرزها الازمة المالية العالمية، بين عامي 2007 و2008، من جانب آخر.
 
الخطوة الروسية ربما تحمل مجازفة كبيرة، ورهانا على قدرة موسكو على تحمل قوة العملة في المرحلة الراهنة، في ظل الاعتماد الرئيسي على الصادرات النفطية، في ظل معركة محتدمة تنال، شاءت أم أبت، من وضعها الاقتصادي، وهو ما قد يدفع الحكومة الروسية إلى اعتماد نهج أكثر مرونة في إطار الحرب الكلامية الراهنة مع الغرب، يقوم على الوصول إلى حل وسط فيما يتعلق بالعملة المستخدمة مقابل صادراتها من الغاز، سواء كان اليورو، أو حتى اليوان الصيني، وهو ما يحقق رؤيتها فيما يتعلق بإيجاد بديل للدولار أو بالأحرى اعتماد سلة من العملات الدولية، سيكون الدولار بالطبع جزء منها، وليس المهيمن الوحيد.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تفاصيل سقوط تاجر مخدرات بأقراص الكيف فى الجيزة

صدمة لمانشستر سيتي قبل الديربي.. 13 إصابة في فترة التوقف الدولي

صحح مفاهيمك.. إدمان المواد الإباحية ظاهرة خطيرة تؤثر على الصحة النفسية والأخلاقية.. الأوقاف: ليست مجرد عادة سيئة وقد تكون مرضًا نفسيًا.. وتؤكد: من الكبائر وتضر بالنفس والعقل ويجب التوبة النصوح والرجوع إلى الله

تفاصيل التحقيق مع متهم بالاتجار فى النقد الأجنبى خارج نطاق السوق المصرفية

موعد مباريات الجولة السادسة من بطولة الدوري


أخبار الرياضة المصرية اليوم الأربعاء 10-9-2025

الأحزاب تكثف اجتماعاتها لحسم قوائم مرشحيها استعدادا لانتخابات مجلس النواب 2025.. مستقبل وطن: لجنة الترشيحات تعتمد معايير النزاهة والكفاءة وتراجع خططها التنظيمية والميدانية.. وانعقاد دائم للجنة "حماة الوطن"

رئيس وزراء قطر: نعيد تقييم دور الوساطة بعد الهجوم الإسرائيلى على الدوحة

نتنياهو: أدعو قطر وكل من يحمي حماس لطردهم.. ورئيس الموساد يصف الهجوم بالخطأ

تفاصيل جلسة فيريرا مع لاعبى الزمالك قبل مواجهة المصرى


الأهلى يقرر انضمام محمد يوسف ووليد صلاح الدين إلى لجنة التخطيط

8 جوائز لليوم السابع فى مسابقة جوائز الصحافة المصرية.. إنفوجراف

الصعق الكهربائى ينهى حياة لص حاول سرقة محول كهرباء فى أوسيم

وزير الدفاع الإسرائيلي: وجهنا اليوم ضربة موجعة للحوثيين في اليمن

إريكسن يصل إلى محطة جديدة في مسيرته ويطرق أبواب البوندزليجا

رئيس الوزراء: لا توجد زيادة فى أسعار الكهرباء حالياً

الصفقة الأغلى ..ألكسندر إيزاك يشارك في تدريبات ليفربول لأول مرة "فيديو وصور"

الزمالك يتعاقد مع يوسف رفعت لتدعيم فريق السلة

مشهد مثير فى شوارع القاهرة يكشف خلافًا ماليًا بين سائق ومقاول

الداخلية تكشف حقيقة محاولة تخدير سيدة فى سيارة نقل ذكى بالقاهرة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى