محمد على باشا فى مصر.. هل تعاون مع المماليك بعد خروج الحملة الفرنسية؟

محمد على باشا
محمد على باشا
أحمد إبراهيم الشريف
تمر اليوم ذكرى ميلاد محمد على باشا، مؤسس مصر الحديثة، حيث ولد فى 4 مارس من سنة 1769، وجاء إلى مصر عام 1799 ضمن فرقة عسكرية عثمانية للعمل على إخراج الفرنسيين من مصر، لكنّ القوات العثمانية انهزمت في موقعة "أبي قير البرية"، ومن ثمّ عاد إلى بلده.
 
وجاء محمد على إلى مصر مرة مرة أخرى عام 1801 ضمن جيش القبطان حسين الذي جاء ليساعد الإنجليز على إجلاء الفرنسيين عن مصر؛ فذاعت شهرته وعلا نجمه عند العثمانيين وبين عامة المصريين، وبعد جلاء الحملة الفرنسية رُقيّ إلى رتبة سرجشمة (لواء)، ثم رشح لمنصب رئيس القيادة العامة وقائد حرس القصر لدى الحاكم العام، وفي 9 يوليو عام 1805 وافق السلطان العثماني على طلب العلماء وقام بتعيين محمد علي واليًا على مصر وعزل خورشيد باشا.

لكن هل تعاون محمد على باشا مع المماليك قبل توليه حكم مصر؟

يقول كتاب تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر (الجزء الأول) لـ جرجى زيدان، كان محمد علي في جملة القوة البحرية، وقد تجند إليها في جملة من تجند في براوسطة بصفة معاون لعلي آغا ابن مربيه على ثلاثمائة جندي ألباني (أرناءوط).

فجاءت العمارة إلى أبي قير، وكانت الغلبة هناك للفرنساويين، ثم عاد علي آغا إلى بلاده تاركًا رجاله تحت قيادة محمد علي، وكان هذا قد ترقى إلى رتبة بكباشي.
 
ثم تغلب العثمانيون بمساعدة العمارة الإنكليزية وحملة الصدر الأعظم، ودخلوا البلاد وأخرجوا الفرنساويين منسحبين انسحابًا قانونيًّا، وجعلوا يهتمون بتأييد سلطة الباب العالي فيها.
 
وكان في الجنود العثمانية جماعات من الأرناءوط والإنكشارية والغليونجية، فتفرقت هذه الجنود لحماية مصر السفلى وبعض مدن الصعيد. أما الإنكليز فكانوا تحت قيادة الجنرال هتشنسون فنزلوا الإسكندرية ريثما يقيمون في القطر المصري واليًا عثمانيًّا يؤيد سلطة الباب العالي، ويكبح جماح المماليك الذين كانوا لا يزالون يحاولون الاستقلال.
 
فأقاموا محمد خسرو باشا وكان في الأصل من مماليك حسين قبطان باشا، وهو الذي سعى له في هذه الولاية فجاء القاهرة وقاصَّ الذين كانوا فيها من محالفي الفرنساوية، وكان في يده أوامر سرية بإعدام المماليك جملة بأي وسيلة كانت، فبعث إلى محاربتهم وكانوا في الصعيد فتضايقوا ولم يروا وسيلة إلا الالتجاء إلى فرنسا، فكتبوا إليها يستنجدونها متعهدين بإجراء كل ما تطلبه منه فلم يسعدهم الحظ بمساعدتها.
 
أما الحملة التي بعثها خسرو باشا إلى الصعيد فإنها عادت ولم تأتِ بفائدة، ثم حاربهم مرارًا في أماكن مختلفة وفي جملتها واقعة بعث إليها حملة من جنده وكان محمد علي قد ترقى إلى رتبة سرحشمة، وصار قائدًا لأربعة آلاف من الألبانيين فأمره أن يسير في رجاله مددًا لتلك الحملة، فسارت الحملة وحاربت المماليك وانكسرت قبل وصول محمد علي ورجاله فنسب قائدها انكساره إلى تأخر محمد علي عن المجيء، وأبلغ ذلك لخسرو باشا، وكان هذا حاقدًا على محمد علي فاستقبل ذلك البلاغ بالصدق، وأقر على إعدامه سرًّا، وكتب إليه أن يوافيه في منتصف الليل للمخابرة ببعض الشئون، فأدرك محمد علي مراده، ولم يُجب الدعوة ولم يرَ وسيلة لنجاته من مكيدته وعدوانه إلا بالالتجاء إلى المماليك فانحاز إليهم، وأخذ في مخابرتهم سرًّا وجهرًا فتمكنوا بذلك التحالف من إخراج خسرو باشا من القاهرة قهرًا، ففر إلى دمياط وأقاموا مكانه طاهر باشا، ثم قُتل طاهر واحتل محمد علي القلعة برجاله، فقام أحمد باشا والي الشرطة إذ ذاك بطلب الولاية فأخرجه المماليك من القاهرة ذليلًا، ثم اتحد الجميع وساروا لمحاربة خسرو باشا في دمياط فأسروه، وجاءوا به إلى القاهرة وحجروا عليه في القلعة.
 
أما الباب العالي فلما بلغه ما حصل في مصر بعث إليهم واليًا اسمه علي باشا الجزائرلي فلم يصل القاهرة إلا بعد شق الأنفس، ولما وصلها عمد إلى الكيد بالمماليك ومحمد علي فعادت العائدة عليه.
 
وكان للماليك زعيمان: الألفي والبرديسي يتنازعان السلطة، وكان الألفي قد سار إلى إنكلترا يطلب مساعدتها على رفيقه للاستئثار بالسلطة، فلما عاد من سفرته اغتنم محمد علي تلك الفرصة وأوغر صدر مناظره البرديسي عليه، فنصب له مكيدة لم يقع فيها ولكنه فر إلى الصعيد، فظن البرديسي أن جو القاهرة قد خلا له، ولكن محمد علي كان له بالمرصاد فحرك الألبانيين عليه وأوعز إليهم سرًّا أن يُثيروا ويطالبوا بمرتباتهم، فقاموا وهددوا البرديسي بالأذى إذا لم يدفع إليهم المتأخرات، فضرب على أهل القاهرة أموالًا، واستبد في تحصيلها بقساوة، فثاروا جميعًا عليه فاضطر إلى مغادرة القاهرة ولم يعد يرجع إليها، وكل ذلك سنة 1804.
 
فلما فر الأميران، لم يبقَ في القاهرة من رجال السلطة إلا محمد علي، فجمع إليه العلماء والمشائخ وتفاوضوا في إخلاء سبيل خسرو باشا، فأقروا على ذلك وأن يعود إلى منصبه فأعادوه، ولكنه لم يمكث فيه إلا يومًا واحدًا ثم أخرجوه من القاهرة إلى رشيد ومنها إلى الآستانة، وكل ذلك بمساعي محمد علي ودهائه وحسن سياسته.
 
ثم تظاهر أن الأمور لا تستقيم في مصر إلا بتنصيب والٍ عثماني حر، وأشار بتنصيب خورشيد باشا وكان في الإسكندرية، فوافقه العلماء والمشائخ في ذلك على أن يكون هو نائبًا عنه في الأحكام بصفة «قائمقام»، وبعثوا إلى الباب العالي يخبرونه بذلك ويسترحمون تثبيت انتخابهم فأجيب طلبهم.
 
غير أن خورشيد باشا رأى محمد علي مستأثرًا بالنفوذ عليه بمن معه من الجند الألباني فخاف عاقبة ذلك فاستقدم جندًا مغربيًّا (الدالاتية أو الدلاة) يكونون له عونًا وقت الحاجة، فأدرك محمد علي قصده فوقف له بالمرصاد، ثم جعل الدالاتية يسيئون معاملة أهل القاهرة، وينهبون ويقتلون اعتمادًا على نفوذ الباشا، فسئم أهل القاهرة منهم ولا سيما المشائخ والعلماء.
 
وفي 2 صفر سنة 1220 ورد لمحمد علي خط شريف بولاية جدَّة، فألبسه خورشيد باشا الفروة والقاووق المختصين بهذه الرتبة وقد توسم قرب تخلصه منه، فخرج محمد علي يريد الذهاب إلى جدة وفي نفسه ألا يخرج من مصر، فقامت العساكر وطالبوه بالعلوفة فقال: "هذا هو الباشا طالبوه بها"، وسار إلى منزله في الأزبكية (قرب أوتيل شبرد) وهو ينثر الذهب على الناس فازدادوا له حبًّا ولخورشيد باشا كرهًا.
 
وبعد ثلاثة أيام (لا ندري ما دار في أثنائها بينه وبين علماء البلاد ومشائخها) سار المشائخ والعلماء جميعًا إلى محمد علي في منزله ينادون بصوت واحد: "لا نقبل خورشيد باشا واليًا علينا"، فقال: "ومن تريدون إذن؟" قالوا: "لا نريد أحدًا سواك" فامتنع أولًا وجعل يرغبهم في خورشيد ويحملهم على الإذعان والسكينة، وهم لا يزدادون إلا إصرارًا على طلبهم، فوافقهم فأحضروا له الكرك والقفطان وألبسوه إياهما، وبعثوا إلى خورشيد أن ينزل من القلعة فأبى، فحاصروه فيها، وكتبوا إلى الباب العالي بذلك فورد الفرمان بولاية محمد علي في 11 ربيع آخر سنة 1220ﻫ/ 9 يوليو 1805 وعزل خورشيد باشا، فخرج هذا من القلعة بأمر من الآستانة، وغادر البلاد وفي نفسه من الغيظ على محمد علي ما ليس وراءه غاية.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مكتب التنسيق: إتاحة الفرصة للطالبة عائشة أحمد بإعادة ترتيب الرغبات مرة أخرى

وزير الثقافة يحضر عزاء الدكتور يحيى عزمى بمسجد الشرطة

التداوى بالطبيعة ينعش موسم السياحة العلاجية فى واحة سيوة.. حمامات رمال جبل الدكرور أحد أسرار الطبيعة المتوارثة عن الفراعنة لعلاج أمراض العظام المزمنة.. تخفيف آلام الروماتيزم والروماتويد وآلام المفاصل لمدة عام

البرازيلى خوان ألفينا لاعب الزمالك وزوجته فى زيارة للأهرامات.. صور

الداخلية تضبط متهما زعم صلته بتجار مخدرات وآثار واستعداده لتقديم معلومات عنهم


الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة خلال آخر أسبوع فى أغسطس

بعد إعلان رؤية هلال ربيع الأول.. تعرف على موعد المولد النبوى الشريف 1447

بدء عزاء يحيى عزمى بمسجد الشرطة بحضور أشرف زكى وإيهاب فهمى

الوكرة ضد الدحيل.. حمدى فتحى أساسيا فى قمة الدورى القطرى

رسميا.. أرسنال يعلن التعاقد مع إيبيريتشي إيزي


نائب رئيس مجلس الوزراء يقرر تكريم عامل مزلقان بني سويف لشجاعته

الداخلية تضبط تيك توكر استدرجت مواطنًا لمنزلها بالسلام وضربته

آرسنال ضد ليدز.. جيوكيريس يقود هجوم الجانرز فى الدورى الإنجليزى

شاهد تصوير جوي لأعمال تركيب القضبان وتشطيبات محطات القطار السريع.. صور

صاحبة دعوى تعويض ضد الزمالك: تلقيت 1000 مكالمة سب وتنمر عقب نشر إعلان الدباغ

تنفيذ حكم الإعدام على مندوب مبيعات أدين فى خطف طفل وقتله بالإسماعيلية

سيدة تطالب بتعويض 20 مليون جنيه من الزمالك لظهور رقمها في إعلان "الدباغ"

وزير الإسكان ومحافظ مطروح يتفقدان محطة تحلية مياه البحر "الرميلة 4"

"بكالوريا ولا ثانوية؟".. 10 فروق بين النظامين.. البكالوريا تجمع عدة مسارات وتعدد مرات دخول الامتحان.. تمنح فرصا محلية بمعايير عالمية وتنهى كابوس الثانوية العامة.. تؤهل لسوق العمل وقواعد التنسيق واحدة بالنظامين

160 مليار جنيه لدعم السلع التموينية بموازنة 26/25.. قفزة لحماية ملايين الأسر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى