سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 5 مارس 1963.. وفاة المفكر أحمد لطفى السيد.. تلميذ «الأفغانى» وأستاذ الجيل الذى اعتذر عن رئاسة الجمهورية بعرض من جمال عبدالناصر

أحمد لطفى السيد
أحمد لطفى السيد
سافر أحمد لطفى السيد إلى اسطانبول بتركيا فى صيف 1893، وعمره 21 عاما «مواليد 15 يناير 1872 بقرية «برقين، السنبلاوين، دقهلية».. كان لا يزال طالبا فى «مدرسة الحقوق» بالقاهرة، ووفقا لمذكراته «قصة حياتى»، مر فى أحد الأيام على إحدى مقاهى المدينة، فوجد فى المقهى بعض المصريين، وفيهم سعد زغلول وكان قاضيا بالاستئناف، والشيخ على يوسف، وحفنى بك ناصف، وقد تأهبوا لزيارة جمال الدين الأفغانى، فصحبهم إلى منزله.
 
كان «الأفغانى» يعيش وقتئذ فى تركيا ضيفًا على السلطان عبدالحميد، ولم يكن «لطفى السيد» رآه من قبل، ويتذكر أنه وجده «رجلا مهيب الطلعة، قوى الشخصية، لا نظير له بين أهل عصره فى عمله وذكائه وألمعيته، وأظهر ما رأيته فيه سعة الاطلاع، وقوة الحجة والإقناع، فكان يستوى عنده فى مجلسه الطالب مثلى، وأساتذته الحاضرون»..يضيف: «فى اليوم التالى ذكرت لسعد زغلول رغبتى فى التلمذة على السيد جمال الدين، وسألته عن السبيل الذى أسلكه لأكون تلميذا له، فأجاب سعد: اذهب إليه، واطلب منه ذلك، فقصدت إليه، فما كدت أقبل عليه حتى قام لتحيتى كالمعتاد، فقلت له: أنا لست زائرا، ولكنى تلميذ، فسر رحمة الله بذلك، وأخذ علىّ عهدا بأن ألازمه طوال إقامتى بالآستانة، وقد فعلت».. وعن تأثره به يقول: «وسع فى نفسى آفاق التفكير، وهدانى إلى أن المرء لا يستطيع أن يربى نفسه إلا إذا حاسبها آخر كل يوم على ما قدمت من عمل، وما لفظت من قول، وما خطر لها من خاطر»، وهكذا عاش «لطفى السيد» حياته حتى رحيله فى 5 مارس، مثل هذا اليوم، 1963.
 
حاز خلال رحلته على لقب «أستاذ الجيل»، ولخصت الدولة مسيرته حين منحته جائزة الدولة التقديرية فى أول عهدها عام 1958 بقولها: «كان رجلا فى أمة، وأمة فى رجل»، وفقا للدكتور «حسين فوزى النجار» فى كتابه «أحمد لطفى السيد، أستاذ الجيل»، مضيفا: «ما من قول أبلغ فى وصفه من هذا القول، فقد كان أمة وحده حين أخذ يعرف المصريين بأنفسهم ويهديهم إلى ذاتهم، ويفتح لهم آفاقا من الفكر، ويدلهم على معان جديدة للحياة غابت عنهم حين وقف بهم الجمود عن التطور ووقف بهم الجهل عن الارتقاء والتمدين».
 
هو من الجيل الذى تفتح وعيه بأثر الثورة العرابية، وحسب «النجار»: «كانت النكسة التى أعقبت الثورة حافزا لهذا الجيل على توقى نتائجها والخلاص من شرورها وأولها الاحتلال البريطانى وسيطرة الإنجليز على الحكم، فقام مصطفى كامل يدعو للجلاء ويؤلب الرأى العام فى الداخل والخارج ضد بريطانيا واحتلالها الغاصب للبلاد، وقام لطفى السيد يدعو للاستقلال والدستور»، ووفقا لما يرويه فى مذكراته، فإنه بعد أن عين وكيلا للنيابة فى بنى سويف كون جمعية سرية غرضها «تحرير مصر» عام 1896، والتقى بمصطفى كامل الذى أخبره بأن الخديو عباس الثانى يعلم كل شىء عن هذه الجمعية، وعرض عليه تأليف حزب وطنى تحت رئاسة الخديو، واجتمعوا فى منزل محمد فريد وألفوا الحزب الوطنى كجمعية سرية رئيسها الخديو، وتضم، مصطفى كامل، محمد فريد، وسعد الشيمى ياور الخديو، ومحمد عثمان، ولبيب محرم.. يتذكر: «من طرائف ما يذكر عن هذا الحزب أن الخديو كان اسمه بيننا: «الشيخ»، ومصطفى كامل «أبوالفداء»، وأنا «أبومسلم».
 
سافر إلى سويسرا ليحصل على جنسيتها كحماية له بنصيحة الخديو عباس، وهناك اتصل بالشيخ محمد عبده الذى كان فى منفاه، مما أغضب الخديو منه فكان فراقهما، وفى 1905 استقال من النيابة ليتحول إلى الصحافة، ويصدر جريدة «الجريدة» فى 9 مارس 1907، ويتردد عليها طه حسين فيعرف أسماء وألوانا من المعرفة لم يكن سيتاح له فى يوم من الأيام، حسبما يذكر فى سيرته «الأيام».. وفى نفس العام يصبح سكرتيرا لحزب «الأمة»، وتمضى الحياة بالرجل، يتلاحم فيها الفكر بالسياسة، ووفقا للنجار: «يترجم مؤلفات «أرسطو»، ويشارك فى الأعمال العامة، كان من مؤسسى الوفد المصرى عام 1919، ومن مؤسسى الجامعة المصرية وأول مدير لها، ووزيرا وعضوا بمجلس الشيوخ، ومفاوضا فى وفد المفاوضات المصرى مع الإنجليز، ورئيسا لمجمع اللغة العربية»، وبفضله تلتحق الفتيات بالجامعة لأول مرة، ويستقيل من رئاستها احتجاجا على قرار الحكومة بفصل تلميذه طه حسين عميد كلية الآداب. 
 
بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، ووفقا لما يذكره الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتاب «عبدالناصر والثقافة والمثقفون»، إعداد، يوسف القعيد، فإن جمال عبدالناصر كلف هيكل بأن ينقل إلى أحمد لطفى السيد اقتراحا بأن يتولى رئاسة الجمهورية بعد إقالة محمد نجيب، فرد: «كل واحد يتصدى لعمل عام ينبغى أن يبقى لتحمل مسؤوليته، أنا رجل فى نهاية عمرى، ليست عندى الصحة للدخول فى عمل جديد وتجربة جديدة تبدأ الآن بالكاد».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الأهلي يستطلع رأي ريبيرو بشأن عروض الإعارة لـ محمد عبد الله

اكتمال تطبيق "التأمين الصحى" بأسوان.. الرعاية الصحية: تنفيذ المرحلة الأولى للمنظومة بـ6 محافظات.. واستحداث وإدخال 22 خدمة متطورة.. وأحمد السبكى: الفاتورة تجاوزت 9 مليارات جنيه.. وإنهاء المرحلة الثانية قريبًا

مسيرة فنية كبيرة.. 19 عاما على رحيل النجم عبد المنعم مدبولى

الولايات المتحدة تتوقع تحصيل أكثر من 300 مليار دولار من الرسوم الجمركية بنهاية العام

محاولات أهلاوية لإعارة محمد ياسر في الدوري المحلي ..اعرف التفاصيل


محمد صلاح يزين قائمة الأكثر موهبة في تاريخ ليفربول

طائرة الريال تهبط فى نيويورك بعد تأخرها بسبب العاصفة وإلغاء مؤتمر ألونسو

قبل ما تشغل التكييف.. 9 نصائح تحميك من كارثة حريق مفاجئة

ارتفاع درجات الحرارة ينشر الفوضى فى أوروبا.. عواصف وفيضانات فى إيطاليا وتأجيل 13 رحلة جوية بعد موجة حر شديدة.. والأسماك النافقة تتسبب فى انسداد نهر فى التشيك.. واندلاع الحرائق فى عدد من الدول

للأزواج.. إجراء بمحكمة الأسرة لو زوجتك طالبتك بنفقات غير مستحقة


اختبارات القدرات 2025 تبدأ السبت.. هل يمكن استرداد الرسوم حالة الرسوب؟

حبيبتى ملاك الأغنية الوحيدة من كلمات أمير طعيمة بألبوم الهضبة "ابتدينا"

آمنة تحدت الظلام والأمية.. سيدة كفيفة عمرها 55 سنة من سوهاج تحفظ كتاب الله وترتله بأحكامه فى 8 سنوات.. كانت تسير مسافة بعيدة 3 مرات أسبوعيًا لأجل القرآن الكريم.. وتصبح محفظة وتحلم بالعمرة.. صور

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

تشيلسى يقصى فلومينينسى بثنائية ويتأهل لنهائى كأس العالم للأندية.. فيديو

غادة عبد الرازق ترد على اتهامها بالنصب وتتخذ الإجراءت القانونية

فلومينينسى ضد تشيلسى.. المتألق بيدرو يضيف الثانى للبلوز 0-2.. "فيديو"

الإسكندرية تواصل أعمال المشروعات التنموية لحل أزمة المرور.. هدم الجهه اليمنى من كوبرى المندرة بالكامل.. البدء فى تمهيد الطريق البديل المؤدى إلى الكورنيش.. المشروع يتضمن أعمال البنية التحتية وتطوير الميدان.. صور

وزير الإتصالات: سنترال رمسيس لم يعد صالحا فى الوقت الحالى حتى تتم أعمال التبريد

‌مصر تطلق أول برنامج لمكافحة نواقل الأوبئة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى