انتخابات فرنسا.. مستقبل أوروبا في صناديق الاقتراع

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
ربما يبدو طبيعيا أن تحظى الانتخابات الرئاسية في دولة بحجم فرنسا باهتمام كبير وترقب، حيث أنها دائما ما ترتبط بمستقبل البلاد، لسنوات قادمة في ظل مستجدات كبيرة على مختلف المستويات، سواء داخليا أو دوليا، أو حتى على المستوى القاري، جراء التزامن بينها وبين العديد من التطورات، أخرها الحرب الروسية الأوكرانية، في إطار صراع أكبر بين الغرب والشرق، بالإضافة إلى أزمات داخلية، ليس فقط في فرنسا، وإنما في أوروبا بأسرها، جراء التداعيات الاقتصادية الكبيرة، نتيجة تراكمات أزمة الوباء، وما تبعها من إغلاق، من جانب، والأوضاع الدولية الراهنة، والتي ترتبط مباشرة بحياة المواطنين، بسبب تأثيراتها على واردات الغذاء، والطاقة، والتي تأتي من دولتي الصراع، من جانب أخر، وهي الأمور التي من شأنها المزيد من الترقب لما ستسفر عنه نتائج الصناديق، في الانتخابات الراهنة في باريس، لتحليل تداعياتها، ليس فقط على مستوى الداخل، وإنما أيضا على المستوى الدولي برمته، وفى القلب منه المشهد الأوروبي.
 
ولعل الحالة الفرنسية تحظى بخصوصية كبيرة، إذا ما نظرنا إلى المشهد الانتخابي في باريس منذ 15 عاما، وتحديدا مع نهاية حقبة الرئيس الأسبق جاك شيراك في 2007، حيث كان أخر رئيس في فرنسا يحصل على أكثر من فترة رئاسية، حيث قبع على عرش الإليزيه في عام 1995، وبقى عليه لحوالي 12 عام، لتبدأ بعده مرحلة جديدة، يمكننا تسميتها بمرحلة "رؤساء الحقبة الواحدة"، بدءً من نيكولا ساركوزي، والذى فشل في الفوز بفترة ثانية في 2012، ثم فرنسوا أولاند، والذي آثر الانسحاب من المعترك الانتخابي في 2017، فيما يمثل اعترافا ضمنيا بالفشل في قيادة البلاد خلال سنوات حكمه، وهو ما يمثل انعكاسا صريحا لحالة من "التمرد" المجتمعي، عبر الصناديق الانتخابية، على العديد من الأوضاع الاقتصادية، والتي شهدتها البلاد، بينما تطورت بعد ذلك في إطار احتجاجات وعنف خلال حقبة الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، تحت إطار ما يسمى بـ"السترات الصفراء"، في أواخر 2018، واستمرت لعدة أشهر.
 
إلا أن المشهد الانتخابي في فرنسا، ربما يحمل هذه المرة العديد من الحسابات التي تبدو مختلفة عن سابقيه، في حالة من الارتباط التي تبدو واضحة بين الأوضاع في الداخل، والتي كانت سببا في "التمرد المجتمعي"، المشار إليه من جانب، والتطورات الكبيرة على الساحة الدولية، والتي باتت ترتبط مباشرة بحياة المواطنين من جانب أخر، وهو الأمر الذي يضفي المزيد من الزخم للانتخابات الرئاسية في باريس في المرحلة الراهنة، ليتحول الفرنسيين من الاختيار بين متنافسين طامحين في السلطة، وكل منهم يحمل أجندة من الوعود الاقتصادية تخص حياة المواطن، للاختيار بين رؤى سياسية تدور حول موقع فرنسا في العالم، في ظل الحاجة إلى دور قيادي من شأنه احتواء الأزمات الدولية الراهنة، تجنبا لتداعياتها.
 
الاختلاف الكبير في طبيعة الاختيار بين مرشحي الرئاسة الفرنسية، ربما دفع بعضهم لتبني خطابا مختلفا، فيما يتعلق بإدارة العلاقات الفرنسية مع محيطها الدولي، في انعكاس صريح لاختلاف المعايير لدى الشارع الانتخابي، والذى اقتصرت رؤيته قبل سنوات على أوضاع الاقتصاد في الداخل، لتمتد حاليا إلى العلاقات الدولية وتوجهاتها، وأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه فرنسا في المشهد العالمي، في ضوء حالة من المخاض، ستؤدى حتما إلى تغيير موازين القوى الدولية، مع صعود الدور الذي باتت تلعبه العديد من الدول، مما مكنها للقيام بدور أكبر، في إطار حالة من التعددية الدولية، من شأنها إنهاء حقبة "الهيمنة الأحادية".
 
نتائج الانتخابات الرئاسية في فرنسا في جوهرها تتجاوز البعد الداخلي، ومعايير الاختيار بين المواطنين الفرنسيين، وإنما تمثل أهمية كبيرة، في إطار المشهد الدولي برمته، سواء في إطار الدور الفرنسي، كما سبق وأن ذكرنا، أو من حيث مستقبل أوروبا نفسها، خاصة فيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، والذي يبقى في حاجة إلى قيادة مؤهلة يمكنها إحيائه، بعد صفعات متتالية، منذ الخروج البريطاني "بريكست"، أو تقاعد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والتي كانت بمثابة القائد الحقيقي لأوروبا الموحدة طيلة سنواتها في السلطة، لتصبح باريس هي "فرس الرهان" الأخير، للم الشمل الأوروبي مجددا، واستعادة قوته، خاصة مع الأزمات التي قد تطيح به، في ظل التخلي الأمريكي.
 
المشهد الانتخابي في باريس يبدو كذلك مهما لدول خارج الاتحاد الأوروبي، على غرار روسيا، وأوكرانيا، وهما طرفي الصراع الدولي الراهن، في ظل اعتماد فرنسا دور الوسيط المقبول، إلى حد كبير من الجانبين، وبالتالي يبقى استمرار دورها، في احتواء الصراع، وبالتالي الحد من تداعياته التي ترتبط مباشرة بحياة المواطنين، مرهونا إلى حد كبير بما سوف تسفر عنه اختيارات الناخبين في بطاقات الاقتراع.
 
وهنا يمكننا القول بأن الانتخابات الفرنسية تمثل أحد أهم النقاط الفاصلة في تاريخ أوروبا في المرحلة الراهنة، سواء فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، أو حتى مستقبل أوروبا، ناهيك عن الموقف من الناتو، والذي كان أحد أهم النقاط التي ارتبط بها الخطاب الانتخابي للعديد من المرشحين، بينما تبقى المفارقة أن ثمة لقاء غير مسبوق بين تلك القضايا التي لم تكن تشكل أولوية كبيرة لدى الناخبين، من جانب، قضايا المواطنين في الداخل من جانب أخر، وهو ما يزيد حالة الزخم التي ترتبط بالحدث الهام.
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

المحجور عليه أبرزهم.. تعرف على الفئات الممنوعة من التصويت في الانتخابات

المصري يبدأ اليوم المرحلة الثالثة من الإعداد للموسم الجديد ببور فؤاد

موعد مباراة تشيلسي وباريس سان جيرمان فى نهائى كأس العالم للأندية 2025

أجواء من البهجة ترسمها قصور ثقافة الأقصر عبر مبادرة "مصر تتحدث عن نفسها".. لقاءات تثقيفية حول كيفية الحفاظ على التراث الثقافى فى الصعيد.. وورش فنية وحكى لدعم الأطفال وتعريفهم بقيمة الموروثات الثقافية.. صور

خلاف دبلوماسى يدق بين أمريكا والبرازيل بسبب ترامب.. غضب بعد تهديده بفرض 50% تعريفات بسبب محاكمة بولسونارو.. خبراء: تدخل سافر وخطوة تدفع المحافظين للالتفاف حول لولا وانتقاد الرسوم الجمركية.. وسيلفا يتوعد


بين رمضان كريم 1 والجزء الثانى.. ذكريات وكواليس تصوير المسلسل لـسامح عبد العزيز

رودلفو لا رانجو: الزمالك اشترط الكشف الطبى على شيكو بانزا قبل التوقيع معه

إنفانتينو: نجاح هائل لكأس العالم للأندية وإيرادات تتخطى 2 مليار دولار

انتهت المراجعة وتنتظر اعتماد الوزير.. نتيجة الدبلومات الفنية على اليوم السابع

فاضل 220 يوم.. موعد شهر رمضان المبارك 2026 وأول أيامه


هيئة الإسعاف: الأطفال الأكثر إقبالًا على إجراء المكالمات المزيفة بادعاء الحرائق

أجواء شديدة الحرارة تصل ذروتها بهذا التوقيت والمحسوسة تقترب من الـ40 درجة

وظائف جديدة في شركة كهرباء بمرتبات تصل إلى 13 ألف جنيه.. تفاصيل

مانشستر يونايتد يحدد لبرشلونة سعر راشفورد

المتحدث باسم الدفاع المدنى فى غزة: نمر بيوم صعب للغاية بسبب كثرة المجازر

نتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. اعرف موعد إعلانها

ترقبوا نتيجة الدبلومات الفنية 2025 على موقع اليوم السابع

علاقة سامح عبد العزيز بابنته طيبة.. حب ودعم فى لوكشين التصوير معه

ضبط سائق تروسيكل غير مرخص اصطدم برجل مرور حال استيقافه فى الجيزة.. فيديو

وزارة التعليم تنفى إرجاء تطبيق 20% على الحضور لطلبة ثالثة إعدادى لعام 2027

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى