سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 21 إبريل 1800.. توقيع اتفاقية وقف «ثورة القاهرة الثانية» ضد الاحتلال الفرنسى.. وآلاف السكان يهجرون العاصمة ويتفرقون فى البلاد خوفا من انتقام كليبر

نابليون بونابرت
نابليون بونابرت
سعيد الشحات
بدأت الثورة فى حى بولاق ضد الاحتلال الفرنسى، الذى جاء إلى مصر فى حملة بقيادة نابليون بونابرت 1798، وكانت «ثورة بولاق» هى الثانية، واندلعت شرارتها يوم 20 مارس 1800، وكان نابليون غادر القاهرة إلى فرنسا، وحل كليبر محله، وفقا لعبدالرحمن الرافعى، فى الجزء الثانى من موسوعته، «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر»، مضيفا: «كان من زعماء هذه الثورة عمر مكرم، نقيب الأشراف، وأحمد المحروقى كبير التجار، والشيخ الجوهرى».
 
بدأت الثورة فى حى بولاق، وكان بطلها الحاج مصطفى البشتيلى، وينقل «الرافعى» عن «الجبرتى» قوله: «أما بولاق فإنها قامت على ساق واحدة، وتحزم الحاج مصطفى البشتيلى وأمثاله من دعاة الثورة، وهيجوا العامة وهيئوا عصيهم وأسلحتهم، ورمحوا وصفحوا، وأول مابدأوا به أنهم ذهبوا إلى وطاق الفرنسيين الذى تركوه بساحل البحر «النيل»، وعنده حرس منهم فقتلوا من أدركوه، ونهبوا جميع ما به من خيام ومتاع وغيره، ورجعوا إلى البلد، وفتحوا مخازن الغلال والودائع التى للفرنساوية، وأخذوا ما أحبوا منها، وعملوا كرانك حول البلد ومتاريس».
 
يعطى «الرافعى» نبذة بسيطة عن مصطفى البشتيلى بطل هذه الثورة، قائلا: «من أعيان بولاق، سمى البشتيلى نسبة إلى «بشتيل» التابعة للجيزة، وتكلم عنه الجبرتى لمناسبة اعتقاله قبل حوادث هذه الثورة بعدة أشهر، فذكر أن الفرنسيين اعتقلوه فى 4 أغسطس 1799، لما بلغهم من بعض الوشاة أن بوكالته قدورا مملوءة بارودا، ففتشوا الوكالة ووجدوا البارود فى القدور، فضبوطها واعتقلوه، ولما يذكر الجبرتى متى أفرجوا عنه قبل نشوب الثورة».
 
يؤكد «الرافعى»، أن الثورة عمت أنحاء القاهرة، وازداد جموع المنضمة تحت لوائها، وامتلأت بهم الشوارع والميادين والأسطح حتى بلغ عددهم خمسين ألف ثائر حاملين البنادق والأسلحة والعصى، واندفعت جموعهم تتقدمهم طائفة من المماليك والانكشارية، وانضم إليها النساء والأطفال، فكانت لهم نداءات وصيحات تصم الآذان، يذكر الرافعى: «أسرف الفرنسيون فى ارتكاب الفظائع لإخماد الثورة ولجأوا إلى الطريقة الوحشية وهى إضرام النار فى الأحياء الآهلة بالسكان، وإرسالها على المدينة وأهلها موتا أحمر، فأحدثت الحرائق تخريبا فظيعا فى القاهرة، واحترقت أحياء برمتها وتهدمت بيوت عامرة ودفنت تحت أنقاضها عائلات بأكملها، ومن الأحياء التى التهمتها النار خط الأزبكية وخط الساكت والفوالة والرويعى وبولاق وبركة الرطلى وما جاورها وباب البحر والخروبى والعدوى إلى باب الشعرية».
 
يذكر الدكتور عبدالعزيز محمد الشناوى، فى الجزء الثانى من كتابه «الأزهر جامع وجامعة»: «إزاء رفض الثورة التسليم أنذر كليبر العاصمة بالاستسلام، فلم يزد زعماء الثورة إلا إصرارا على مواصلة القتال، فأمر بالهجوم العام على حى بولاق وضربة بالمدفعية، وإشعال النيران فى البيوت والمتاجر والوكائل، وتناثرت جثث القتلى ودفنت عائلات بأكملها تحت الأنقاض أواحترقت فى لهيب النيران حتى دمر الحي، ثم تتابع هجوم الفرنسيين على سائر أحياء القاهرة، مثل باب اللوق، والمدابغ، والفجالة، وكوم أبى الريش، وباب الشعرية، والرويعي، وباب البحر، وحاقت بالثوار الفظائع والأهوال»، يصف الجبرتى الفاجعة التى عاش فيها الأهالى، قائلا: «جرى على الناس ما لا يسطر فى كتاب، ولم يكن لأحد فى حساب، ولا يمكن الوقوف على كلياته، فضلا عن جزئياته، منها عدم النور ليلا ونهارا، وعدم الطمأنينة، وغلو الأقوات، وفقدان الكثير منها خصوصا الأدهان، وتوقع الهلاك كل لحظة، والتكليف بما لا يطاق، وغلبة الجهلاء على العقلاء، وتطاول السفهاء على الرؤساء، وتهور العامة، ولغط الحرافيش، وغير ذلك بما لا يمكن حصره».
 
أمام هذه الأهوال، استأنف علماء القاهرة مسعاهم فى سبيل حقن الدماء، يذكر»الرافعى»: «انتهت مفاوضات التسليم باتفاق فى 21 إبريل، مثل هذا اليوم، 1800، ووقع عليه ناصف باشا، والأمير إبراهيم بك، وتعهد فيه العثمانيون والمماليك بالجلاء عن القاهرة فى خلال ثلاثة أيام، حاملين أسلحتهم وأمتعتهم ما عدا المدافع، ويتم جلاؤهم فى 25 ابريل 1800، وتعهدوا بمواصلة الجلاء حتى حدود سورية، وتعهد كليبر بالعفو عن جميع سكان القاهرة، والمصريين الذين اشتركوا فى الثورة، لكنه اشترط ألا يغادر المدينة أحد من المصريين بقصد اللحاق بالجيش العثمانى».
 
يؤكد «الرافعى»: «أخذ الأتراك والمماليك بعد التوقيع على معاهدة التسليم يعدون معدات الرحيل، ثم ارتحلوا بطريق بلبيس، ومعهم زعماء الثورة من المصريين أمثال عمر مكرم وأحمد المحروقى كبير التجار، وهاجر آلاف من السكان ممن توقعوا انتقام الفرنسيين، فتفرقوا فى البلاد، وكانوا محقين فى مخاوفهم لأن كليبر نقض عهده، فأمر بالاقتصاص من سكان القاهرة جميعهم بفرض غرامة جسيمة تنوء بها أكبر العواصم، وفرض على سكان القاهرة غرامة اثنى عشر مليون فرنك نصفها نقدا ونصفها عروضا، وألزم سكان المدينة بتسليم عشرين ألف بندقية وعشرة آلاف سيف وعشرين ألف طبنجة، وخص بعض كبار الأعيان والعلماء بنصيب فادح من هذه الغرامة». 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

سيحا حارس الأهلي يتعرض لحادث سيارة ويعلق: الحمد لله على فضله

شيرين عبد الوهاب: ياسر قنطوش لا يمثلنى قانونيا ولدى الخبرة الكافية لاتخاذ قرارتى

الزمالك يتظلم من قرار سحب أرض النادي بـ 6 أكتوبر ويؤكد صحة موقفه

مستشفى الأهلى.. 6 لاعبين خارج الخدمة فى مباراة غزل المحلة بسبب الإصابة

ابنة هوجان تطالب الشرطة بكشف لقطات الكاميرات لتوضيح ملابسات رحيل والدها


داكوتا جونسون.. كيف جمعت نجمة Fifty Shades of Grey ثروتها بعيدا عن التمثيل؟

ريبيرو يناقش مع جهاز الأهلى موقف محمد الشناوي من مباراة غزل المحلة

مقر عبادة الإله جحوتى.. مدينة الأحياء الأثرية تحكى تاريخ المنيا القديمة.. صور

الطقس اليوم.. ارتفاع طفيف ومؤقت فى درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 38 درجة

النصر يتحدى الأهلي في نهائي كأس السوبر السعودي


تفاصيل رسالة ريبيرو لنجوم الأهلي بعد "هوجة" الغيابات فى مباراة غزل المحلة

المصري يتصدر.. ترتيب دوري نايل قبل انطلاق الجولة الرابعة غدا

هل تفلت هدير عبد الرازق من الحبس.. تعرف على موعد الحكم عليها

نابولي يستهل حملة الدفاع عن لقب الدوري الإيطالي أمام ساسولو الليلة

تعرف على مباريات الإسماعيلى حتى نهاية أغسطس فى الدوري

وفاة الفنانة المعتزلة سهير مجدى

مواعيد مباريات اليوم السبت 23 - 8 - 2025 والقنوات الناقلة

بوتين من المركز النووى الفيدرالى بـ"ساروف": علماؤنا أنشأوا درعا نوويا قويا للبلاد

تارا عماد تفاجئ جمهور حفل ويجز.. وتشاركه أغنية "أميرة" فى مهرجان العلمين

اليوم غلق باب التقديم على فرص عمل فى السعودية بمرتبات 80 ألف جنيه شهريا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى