"صناعة سدد الغاب" موروث تاريخى وإرث شعبى أصيل حافظ عليه أبناء قرية كفر طنبول الجديد بالدقهلية.. روادها يؤكدون: الحرفة مصدر دخلنا الرئيسى ونورثها لأبنائنا وأحفادنا.. فيديو وصور

صناعة سدد الغاب
صناعة سدد الغاب
الدقهلية - مرام محمد

بين الزراعات والطرق وأمام البيوت وحولها، حشد من النساء والرجال والأطفال يسعون وراء رزقهم، الكثير من عيدان البوص المتناثرة والسدد والحصائر المتراصة، ألواح خشبية معلقة تحمل أعواد الغاب بأربطة سوداء، تظللها سواعد فتية يشع بريقها بابتسامة رضا ترتسم الوجوه وتغمر القلوب وأياد "شقيانة" تعمل بإخلاص وتفان.

تاريخ حى حفر سطوره أبناء قرية كفر طنبول الجديد التابعة لمدينة السنبلاوين، رواد صناعة "سدد الغاب" فى محافظة الدقهلية على مدار عقود طويلة، إذ استطاعوا بكفاحهم وإبداعاتهم وإتقانهم لعملهم أن يحافظوا على صناعة عريقة شارفت على الاندثار، وتمثل لجميع أبناء القرية مصدر رزقهم ودخلهم الوحيد.

عند شروق الشمس وحلول الصباح، يتسابق محمد فتحى صاحب الـ41 عاما وصديقه وعدد من عمال اليومية فى صناعة سدد وحصائر الغاب ونسجها وتشكيلها على أعتاب القرية، يقفون أمام ألواح خشبية مثبتة بجوار بعضها على جنبات تلك القرية، وأمامهم سدد يقومون بصناعتها واحدة تلو الأخرى بأيديهم التى تلتف حول أعواد الغاب والأقمشة الملونة التى يحركونها بتناغم وانسجام عكس بعضها فى إيقاع واحد.

وبوجه يكسوه الاحمرار من شدة الحرارة، وهو يشجع زملائه على مواصلة عملهم الشاق فى نهار رمضان، غلب على "محمد" الحديث وقال لـ"اليوم السابع"، أن "قرية كفر طنبول الجديد، تعد إحدى أقدم القرى المصرية المعروفة بصناعة سدد الغاب، حيث تعد المهنة موروث تاريخى قديم ورثوه واحترفوا صناعته منذ عشرات السنين، ومصدر الدخل الأساسى لسكان القرية، اللذين لا يزالون يكافحون بالعمل فيها؛ ليحافظوا على رزقهم ورزق أبنائهم".

وتابع: "صناعة سدد الغاب تعد من الحرف اليدوية الدقيقة والشاقة التى تحتاج للمهارة والخبرة والصبر، حيث يعكفون فى ساحة عملهم لساعات طويلة، ينظفون بأيديهم أعواد الغاب، ومن ثم يقومون برص الأعواد بعد تنعيمها وتسويتها جنبا إلى جنب بطريقة مهندمة ومنظمة، لتتشابك مع بعضها البعض وتتماسك بأربطة القماش الناتجة من مخلفات المصانع، والتى تقوم بدورها بشد وتثبيت أعواد الغاب وزيادة قوتها وتماسكها، مشيرا إلى أنهم يكافحون بمهارتهم وإبداعهم فى صناعة السدد التى تستخدم كأسقف وأبواب لمنازل غير القادرين، أو كأعشاش وأسوار لحظائر المواشي، أو تعريشة للزرائب؛ ليحافظوا على مهنة أجدادهم من الاندثار.

واستطرد أن للغاب أنواع عديدة تختلف عن بعضها البعض من حيث الجودة والسعر والاستخدام، فهناك الغاب البلدى وهو الفرز الأول من الغاب ويعد أجود وأفضل أنواع الغاب على الإطلاق؛ لمتانته وقدرته على تحمل مختلف الظروف البيئية، والبقاء لسنوات طويلة، وقدرته الفائقة على تطرية وتهدئة الجو صيفا، وامتصاص أشعة الشمس وتدفئة البيوت شتاء، و"الحجن"، و"الريحي"، وهما أقل جودة وصلابة وسعر وأكبر حجما من النوع الأول، ويستخدمان أيضا فى صناعة العشش وسدد المنازل، ولكنهما لا يعيشان طويلا؛ لهشاشتهما وضعف قوامهما.

وأوضح أن لسدد الغاب طريقتين فى الصنع، فيقومون بتقشير أعواد الغاب البلدى وتنظيفها من الأشواك يدويا أو بالشقرف فى حالة كانت السدة ستستخدم كصبة وتعريشة للمنازل والبيوت، أما فى حالة كان الغاب من الأنواع الضعيفة والهشة المليئة بالأشواك فيتركونها كما هى دون تنظيف لتضفى الأشواك سماكة وقوة للغاب، بعكس الغاب البلدى الذى يتمتع بالصلابة والمتانة والقوة، مشيرا إلى أن سدد الغاب المليئة بالأشواك تستخدم كتعريشة للمزارع والزرائب؛ نظرا لهشاشتها ورخص ثمنها.

وفى لحظة تأمل، غلب على أسامة مسعد صاحب الـ42 عاما الحديث وهو يثبت أعواد الغاب مع بعضها البعض ويربطها بالحبال، قائلا: "من يوم ما وعيت على الدنيا وانا شايف أبويا وجدودى بيصنعوا سدد الغاب، كل القرية كانت بتشتغل نفس الشغلانة، كنت براقبهم وهما بيشكلوا السدد ويصنعوها، لحد ما اتعلمتها وبقيت أقف وأصنع معاهم".. وواصل "أسامة" حديثه بالقول: "محدش فى البلد ميعرفش يصنع سدد الغاب، هى صنعتنا الوحيدة اللى كبرنا واتربينا عليها، ومصدر رزق كل واحد فى البلد".

وتابع: "بننزل نشتغل من الصبح لحد آخر النهار، وبنقسم الشغل ما بينا لحد ما نخلص طلبية السدد المطلوبة مننا لإن ده أكل عيشنا وفاتح بيوت أهل البلد كلهم، فمنا اللى بيروح يشترى الغاب من على الجسور فى البحيرة والمنوفية والشرقية، فكل ما الغاب يخلص من محافظة نروح نجيبه من محافظة تانية، ومنا اللى بيقشر الغاب بإيديه من الشوك، ومنا اللى بيصنع ويشكل السدد".

وأوضح أن صناعة "سدد الخوص" غية تحتاج للمهارة والصبر وخفة اليد، وحرفة عظيمة تستر الفقراء عوضا عن الحديد الصلب والأسمنت، مشيرا إلى أنهم يعملون ليل نهار بعزم وصبر وإرادة لتوفير حياة كريمة لأبنائهم وتأمين مستقبل أفضل لهم، فى ظل ما تواجهه المهنة من مخاطر تهدد بقائها واعتماد قلة بسيطة على شراء سدد الغاب من غير القادرين فى الأرياف والقرى الفقيرة، وأصحاب المزارع والأراضى والزرائب والعشش.

 

صناعة سدد الغاب (1)
صناعة سدد الغاب (1)

 

 

 

صناعة سدد الغاب (4)
صناعة سدد الغاب (4)

 

صناعة سدد الغاب (6)
صناعة سدد الغاب (6)

 

صناعة سدد الغاب (9)
صناعة سدد الغاب (9)

 

صناعة سدد الغاب (10)
صناعة سدد الغاب (10)

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مشوار الإسماعيلى والطلائع فى كأس عاصمة مصر قبل لقاء الليلة

النيابة تستمع لأقوال أحفاد نوال الدجوى فى واقعة سرقة الذهب والدولارات

بلومبرج: تراجع ترامب عن محادثات السلام فى أوكرانيا يمنح بوتين انتصارا

الزمالك يكثف المفاوضات لضم صفقات جديدة بعد حل أزمة القيد

حمادة هلال يعلن عن جولة فنية بأمريكا الشمالية بعد نجاح حفله فى تورنتو


رابط التقدم على وظائف المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسى 2026

جلسة بين الأهلي وفاركو لحسم التعاقد مع ياسين مرعي وعمرو ناصر

إيلي كوهين.. ماذا تعرف عن أشهر جواسيس إسرائيل فى الستينيات

الأهلي يترقب وصول عروض خليجية لبيع أليو ديانج في الصيف

سيارة بنتايج تكشف حقيقة الرحيل عن الزمالك


موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025

بريطانيا تحذر مواطنيها: استحموا أسرع قبل فرض قيود لاستخدام المياه وحظر الخراطيم

موعد صرف مرتبات شهر مايو 2025 للعاملين بالدولة

موعد انطلاق مباريات الجولة الثامنة لمرحلة حسم دوري نايل والقناة الناقلة

تطورات واقعة سرقة مبالغ مالية ومشغولات ذهبية من فيلا نوال الدجوى

رئيس الوزراء يفتتح اليوم مصنع "سوميتومو" لإنتاج الضفائر الكهربائية للسيارات

نهاية الرحلة.. الأهلي يوجه الشكر إلى علي معلول نهاية الموسم

جلسة حاسمة مع عبد الله السعيد فى الزمالك بعد أزمة التجديد

موعد مباراة الأهلي أمام فاركو فى الدوري المصري والقناة الناقلة

قطار تالجو.. مواعيد وأسعار الرحلات على خطوط السكة الحديد

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى