العرب والأزمة الأوكرانية.. تعزيز مفهوم "الوساطة الجماعية"

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بقلم : بيشوى رمزى
ربما تبقى الأزمة الأوكرانية فاصلا مهما في تاريخ النظام الدولي، كونها شاهدا مهما على التغيير الكبير الذى يشهده العالم، سواء من حيث التحول من الأحادية إلى التعددية، فيما يتعلق بالقيادة، من جانب، أو من حيث الأدوار الذي يمكن أن يؤديها أعضاء المجتمع الدولي، سواء في إطار الدول أو المنظمات الدولية من جانب أخر، مع تراجع الدور الذي تلعبه بعضها، في ظل عدم قدرتها على مجاراة الواقع الجديد، أو صعود البعض الأخر، ممن نجحوا في تقديم أنفسهم باعتبارهم قوى مؤثرة يمكنها إحداث تغيير حقيقي، في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وهو ما يمثل امتدادا للحالة التي شهدها العالم، خلال أزمة الوباء، مع فشل بعض الدول الكبرى في احتواء الفيروس وتداعياته، رغم إمكاناتها الكبيرة، في الوقت الذي نجحت فيه دولا أخرى، طالما وضعت في عداد الدول النامية، ليس فقط في التعامل مع الأوضاع داخلها، وإنما أيضا تقديم يد العون للدول الأخرى، مما ساهم في إبراز دورها.
 
إلا أن التغيير لم يقتصر على مجرد تغير الأدوار بين القوى الفاعلة في المجتمع الدولي، وظهور أدوار مؤثرة لكيانات ودول ربما لم تكن تحظى بنفوذ كبير خارج مناطقها الجغرافية قبل سنوات معدودة فقط، وإنما امتد ليشمل بعض المفاهيم، وعلى رأسها مفهوم "الوساطة"، والذي تحول في الآونة الأخيرة نحو إطار أكثر جماعية، على عكس الماضي القريب، حيث اقتصر على دور تقوم به دولة للتقريب بين دولتين متصارعتين، حيث بات المفهوم أكثر اتساعا، نظرا لتوسع الحالة الصراعية، بين المعسكرات الكبرى، على غرار الأزمة الأوكرانية الراهنة، والتي تمثل في جوهرها امتدادا للحرب بين الشرق والغرب فيما يعد بمثابة إعادة لمشاهد الحروب العالمية، والحرب الباردة، في انعكاس صريح لتمدد نطاق الصراع وهو ما يحمل تداعيات كبيرة ليس فقط على المنطقة الجغرافية للصراع، وإنما على العديد من مناطق العالم.
 
التداعيات الكبيرة والشاملة للأزمة الأوكرانية، تفسر التحركات العربية، تحت مظلة الجامعة العربية للقيام بدور الوساطة، عبر مجموعة الاتصال الوزارية العربية، والتي التقت مؤخرا بوزيرى الخارجية الروسي سيرجي لافروف، والأوكراني دميترى كوليبا، في إطار مساع دولية لرأب الصدع الراهن، واحتواء تداعياته، ويمثل انعكاسا لخطورة الأزمة وامتدادها، في ظل ارتباطها بالعديد من شعوب العالم، بينما تحمل في الوقت نفسه تغييرا مهما في الدور الجماعي العربي، ليتجاوز محيطه الجغرافي وأزماته الداخلية، في إطار دور دولي أكبر، وهو الأمر الذي ظهرت بوادره، في العديد من المشاهد السابقة، وأقربها الجلسة التي عقدها مجلس الأمن الدولي، قبل أيام، لتعزيز التعاون مع "بيت العرب"، وهو ما يعكس اعترافا ضمنيا بالدور الذي يمكنه القيام به، ليس فقط على مستوى أزمات الداخل العربي، وإنما فيما يتعلق بالمحيط الدولي برمته.
 
التحرك العربي، في إطار الجامعة العربية، حمل في طياته بعدا جديدا لمفهوم "الوساطة"، عبر "الجماعية" في القيام بالدور، في إطار وفد من وزراء الخارجية العرب، يحمل في طياته انسجاما عربيا، ربما لم نشهده لسنوات طويلة، ويتناسب طرديا مع "جماعية الصراع"، على اعتبار أن الأزمة، في جوهرها، ليست روسية – أوكرانية، وإنما امتداد لصراع طويل الأمد بين الغرب والشرق.
 
ولعل مشهد الوساطة بين المعسكرات المتصارعة، ليس بالجديد تماما، حيث تبقى الدبلوماسية المصرية صاحبة السبق فى هذا الصدد، خاصة فيما يتعلق بالقضية المناخية، حيث تقوم بدور مهم وبارز في تقريب الرؤى بين معسكرى الدول المتقدمة والنامية، حول مسألة تقليص الانبعاثات الكربونية، عبر مساعيها لتعميم تجربتها البيئية في محيطها الجغرافي من جانب، والترويج لحق الدول النامية في تحقيق التنمية الاقتصادية، من جانب أخر، بينما ساهمت بجزء كبير، في دعم "الوساطة الجماعية" للعرب، عبر التداخل في الأزمة الراهنة في أوكرانيا، منذ اللحظة الأولى لاندلاعها عندما دعت إلى اجتماع غير عادي على مستوى المندوبين الدائمين، بعد أيام من انطلاق العملية العسكرية الروسية، مما ساهم في تداخل عربي على خط الأزمة، والتي هيمنت كذلك على اجتماع وزراء الخارجية والذى انعقد في 9 مارس الجاري.
 
وهنا يمكننا القول بأن التداخل العربى على خط الأزمة الأوكرانية، يمثل مشهدا مهما، يحمل العديد من الأبعاد، أبرزها تجاوز النطاق الإقليمى، تحت مظلة جامعة الدول العربية، بمباركة دولية، وهو ما يفتح مساحة جيدة للمناورة حول قضايانا العربية، من جانب، كما يمثل في الوقت نفسه تعزيزا لمفهوم "الجماعية"، في إطار تحرك عربي جامع للعديد من الدول الأعضاء، فيما يتعلق بمسألة الوساطة، بينما يبقى دليلا جديدا على إمكانية صعود قوى عربية، وعلى رأسها مصر، يمكنها القيام بدور أكبر فى مستقبل النظام الدولى، والذى يشهد في المرحلة الحالة حالة "مخاض"، تنبئ عن تغييرات عميقة فى بنيته.
 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ليفربول يستضيف كريستال بالاس فى أجواء احتفالية بختام الدوري الإنجليزي

موعد إعلان بطل دوري 2025 بعد رفض المحكمة الرياضية الشق المستعجل لبيراميدز

فى أول تصريح بعد إعلان إصابته بالسرطان.. بايدن: "أشعر بحال جيدة"

برشلونة يواجه بيلباو فى معركة ختام الدوري الإسباني

امتحانات نهاية العام.. موعد إعلان وظهور نتيجة الفصل الدراسى الثانى 2025


موعد مباراة الزمالك وبيراميدز فى نهائى كأس مصر 2025

مانشستر سيتي يبحث عن تذكرة التأهل لدوري أبطال أوروبا أمام فولهام

موعد مباراة بيراميدز وصن داونز فى "إياب" نهائى دوري أبطال أفريقيا

أرسنال يواجه ساوثهامبتون فى لقاء تحصيل حاصل بختام الدوري الإنجليزي

الأهلي يطلب من ريفيرو تحديد موعد ظهور الصفقات الجديدة فى التتش


بوريس جونسون يستقبل طفلته الرابعة.. صور

صفارات الإنذار تدوى فى جميع أنحاء أوكرانيا

قطع المياه عن هذه المناطق بالقاهرة لمدة 8 ساعات.. تعرف على التفاصيل

ملخص وأهداف مباراة بي إس جي ضد ريمس في نهائي كأس فرنسا

«الداخلية» تكشف تفاصيل حادث انفجار المنيا: أنبوبة بوتاجاز السبب

دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي الحجة لعام 1446فى هذا الموعد

نادى أرسنال للسيدات يتوج بلقب دورى أبطال أوروبا بهدف ضد برشلونة

هيئة البث الإسرائيلية: الجيش أدخل ألوية المشاة والمدرعات النظامية إلى غزة

قضية أحمد فاتح تُشعل الجدل.. حقيقة أول رجل عربى يلد طفلة

بعد قليل.. قطع المياه عن هذه المناطق بالقاهرة لمدة 8 ساعات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى