سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 9 إبريل 1847.. محمد على باشا يضع حجر أساس مشروع القناطر الخيرية.. و«عباس الأول» يفكر فى خلع أحجار الهرم الأكبر لاستكمال البناء توفيرا للنفقات

محمد على
محمد على
كان محمد على باشا يعطى زراعة القطن عناية كبيرة، لكن كانت هناك مشكلة جوهرية تقابله، وهى أن القطن زراعة صيفية، وأن نظام الرى المتبع فى الوجهين القبلى والبحرى وفى مصر الوسطى يكاد يكون واحدا تقريبا، وهو رى الحياض الذى يعتمد على مياه الفيضان، وهو نظام لا يصلح إلا للزراعات الشتوية، كما أنه لا يمكن زرع الأرض بمقتضاه إلا مرة واحدة فى السنة، فضلا عن أنه لا يصلح للزراعات الصيفية كالقطن وقصب السكر والأرز، مما ألجأ المزارعين إلى استخدام السواقى، وهو عمل شاق يحتاج إلى جهد مائة ألف رجل على الأقل يستخدمون حوالى خمسين ومائة ألف ثور، هذا إلى جانب أن الأفدنة التى يمكن ريها بهذه الوسيلة لم تزد على ربع مليون فدان، أى ما يقرب من 1 على 12 من الأراضى الصالحة للزراعة، وفقا للمؤرخ الدكتور محمد فؤاد شكرى، وعبدالمقصود العنانى، وسيد محمد خليل، فى الجزء الأول من كتاب «بناء دولة مصر محمد على».
 
يذكر «شكرى» أن الباشا حاول إصلاح نظام الرى فى أقاليم الدلتا فأكثر من حفر القنوات وإقامة الآلات الرافعة لكنها لم تكن كافية، فقرر إحداث تغيير جوهرى بالانتقال من «رى الحياض» إلى «الرى الدائم» طوال السنة، وذلك بإنشاء القناطر ذات العيون والأهوسة، كما أراد أن ينشئ قناطر كبرى تضبط مياه النهر فى رى أراضى الدلتا وقت انخفاض النيل، ومن هنا بدأ الطريق إلى إنشاء مشروع القناطر الخيرية، «ويعد أكبر مشروعات الرى فى العالم وقتئذ»، وفقا لعبدالرحمن الرافعى فى كتابه «عصر محمد على».
 
اقترح الفرنسى «لينان» كبير مهندسى محمد على إنشاء تلك القناطر على فرعى النيل ودمياط ورشيد قريبًا من رأس الدلتا، لتنظيم توزيع المياه بين الفرعين فى الصيف وتنظيم سيرها وقت الفيضان.. يؤكد «شكرى»: «وافق الباشا، وطلب إلى «لينان» تقدير النفقات وحاجات العمل، وكان من المنتظر أن يستصلح حوالى مائتى ألف أوثلاثمائة ألف فدان خلف القناطر، وفى 22 مايو 1834 بدأ العمل رسميا فى إقامة القناطر، غير أنه سرعان ما تعرض المشروع للنقد، فقرر محمد على عرض المسألة على لجنة من المهندسين وموظفى «الأعمال العمومية» تتألف من 17 عضوا، وعقدت اجتماعها 10 يونيو 1838 وأقرت المشروع، لكن محمد على رفض المضى فيه، ونقل المواد التى جمعت عند القناطر للانتفاع بها فى أعمال أخرى».
 
ظل أمر القناطر مهملا حتى قدم إلى مصر المهندس الفرنسى «موجيل» لإنشاء حوض بميناء الإسكندرية لترميم السفن، ووفقا لشكرى: «لما علم «موجيل» بمشروع «لينان» اقترح على الباشا مشروعا جديدا للقناطر يشمل استحكامات كان محمد على يرغب وقتئذ فى إقامتها عند التقاء فرعى النيل حتى يجعل من هذا الوضع مركزا حربيا صالحا للدفاع عن مصر، فوافق الباشا على مشروع «موجيل»، وطلب إلى «لينان» أن يقدم إليه كل معلومات ووثائق ورسوم تساعده فى إعداد مشروعه الجديد، وفرغ «موجيل» من مشروعه فى يناير 1843، وبدأت الأعمال بكل همة فى بناء القناطر، ولكن العمل توقف، ثم استؤنف، وأخذ يتوقف خاصة فى أوقات الفيضان ثم يستأنف، وأخيرا احتفل محمد على بوضع حجر الأساس فى 9 إبريل، مثل هذا اليوم، 1847، وكان يشترك مع «موجيل» فى كل أعمال القناطر المهندسان المصريان، مصطفى بهجت، ومحمد مظهر، وفى منتصف يونيو 1847 أمر الباشا ابنه «إبراهيم» بالقيام إلى القناطر الخيرية والتروى مع «موجيك بك» فى الوسائط المؤثرة لتشهيل وإنهاء الأشغال».
 
يؤكد «شكرى»: «فى 19 مارس 1847 قررت الجمعية العمومية فتح ثلاث ترع رياحات من ثلاث جهات، جوانب القناطر الخيرية فى البحيرة والمنوفية والشرقية ليصل ما تحجزه القناطر من مياه إلى كل ناحية، وفى 31 مايو 1847 بدأت أعمال الحفر فى الترع الثلاث».. يذكر «الرافعى»: «استمر العمل فى المشروع ثم اعتراه البطء والتراخى لما أصاب الحكومة من الفتور فى أخريات أيام محمد على، ثم توقف العمل بعد وفاته أثناء ولاية «عباس الأول» بحجة أن حالة الخزانة لا تسمح، وارتأى عباس توفيرا للنفقات أن تؤخذ الأحجار اللازمة للبناء من الهرم الكبير، ولكن «لينان» أقنعه بفكرة أن اقتلاع الأحجار من الهرم يقتضى من النفقات ما يزيد عن نفقات اقتلاعها من المحاجر».
 
يذكر «شكرى» فى 1853 أوحى إلى «موجيل» بالاستقالة فخلفه «مظهر بك»، ثم تعطل العمل إلى أن جاء سعيد باشا، فاستؤنف من جديد حتى تم إنشاء القناطر نهائيا عام 1861.. يضيف شكرى: «كان لإقامة القناطر الخيرية والعناية بغيرها من وسائل الرى وشؤون الزراعة، آثار ظهرت فى زيادة مساحة الأراضى المزروعة من مليونى فدان فى 1821 إلى 3 ملايين و865 ألف فدان فى 1840، كما ظهرت فى زيادة المحصولات الزراعية وتنوعها».   
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

"تنظيم الاتصالات": تعويض العملاء المتأثرين بتعطل الخدمة بعد حريق السنترال

استمرار عمليات السيطرة على حريق سنترال رمسيس

المركزي الإسرائيلي يبقي معدلات الفائدة دون تغيير للمرة 12 ويخفض توقعات النمو

الداخلية تضبط سائقين استعرضا بسيارات معرضين حياة المواطنين للخطر.. فيديو

5 سيارات إطفاء تحاول إخماد حريق سنترال رمسيس بمنطقة وسط القاهرة.. صور


تحركات سريعة للجبهة الوطنية استعدادا لانتخابات "الشيوخ".. أمين عام الحزب: مرشحونا على النظام الفردى اختاروا رمز السيارة وسندفع بـ 12 مرشحا للقائمة.. والقصير:غرفة عمليات مركزية تتابع سير العمل على مدار الساعة

حريق داخل سنترال رمسيس والحماية المدنية تحاول السيطرة على النيران

أمريكا تلغى تصنيف جبهة النصرة "هيئة تحرير الشام" فى سوريا كمنظمة إرهابية

الفريق أحمد خليفة يتفقد المنظومة التعليمية بمعهد ضباط الصف المعلمين 


مها الصغير: أنا غلطت فى حق الفنانة ليزا.. أنا آسفة وزعلانة من نفسى


الزمالك يقترب من الإنجولي شيكو بانزا جناح استريا امادورا البرتغالي

طبيب بايدن يمثل أمام الكونجرس ضمن التحقيق حول صحة الرئيس السابق

رسميًا.. الكرواتي إيفان راكيتيتش يسدل الستار على مسيرته نهائيًا

وزير التعليم: "لو عايز تبقى مهندس وماجبتش مجموع البكالوريا هتديك الفرصة"

تفاصيل علاقة العندليب والمجوهرات بمعسكر الأهلي فى طبرقة التونسية..صور

باختصار.. أهم الأخبار العربية والعالمية حتى الظهيرة.. استشهاد 3 فلسطينيين إثر قصف الاحتلال الإسرائيلى خان يونس.. إندونيسيا: بركان جبل "لاكى لاكى" يطلق سحابة من الرماد.. ماسك يربط حزبه الجديد بالـ"بتكوين"

روبوت المرور الذكى.. خطوة مصرية رائدة لخلق شوارع أكثر أمانًا وتنظيمًا.. الداخلية تطلق روبوتات للحد من الأخطاء والتحاور مع المواطنين.. المهمة رصد المخالفات وإرسالها لغرفة المرور فورا بكفاءة عالية.. صور

أحمد السقا يقدم الأكشن بطريقة جذابة واحترافية فى أحمد وأحمد.. التفاصيل

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 7يوليو 1977 العثور على الشيخ الذهبى وزير الأوقاف السابق مقتولا برصاصة فى عينه اليسرى من خاطفيه الإرهابيين أعضاء «التكفير والهجرة»

مزاد "الأساتذة القدامى" لدار سوثبى يكسر ركود سوق الفن.. يحقق 14.5 مليون جنيه إسترلينى.. لوحة لتيرنر تحقق مفاجأة من 500 جنيه إسترليني إلى 2 مليون فى عام واحد.. ولوحة بيزنطية حققت 825 ألف جنيه إسترلينى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى