سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 12 مايو 1915.. اللقاء الأول بين طه حسين وزوجته «سوزان» فى فرنسا أثناء بعثته العلمية و«بعده لم يعرف اليأس إليه سبيلا»

طه حسين
طه حسين
كانت الساعة بين السادسة والسابعة مساء 12 مايو، مثل هذا اليوم، 1915، وبين عاصفتين من تلك العواصف التى تهب على بعض مدن فرنسا، وتبشر باقتراب الصيف، عند هذه اللحظة بين العاصفتين سمع طه حسين طرقا على بابه، يتذكرها قائلا: «كنت أنتظر هذه الزيارة، لكنى كنت أخشى أن تكون العاصفة حائلا يزعج انتظارى، فُتح الباب، ودخلت فتاة بصحبة والدتها، كان طبيعيا ألا تكون محادثتنا سهلة، محادثة قليلة التنوع، لكنى شعرت فى داخلى أن هذه المحادثة ستستدعى أخرى، وأن علاقتنا لن تتوقف هنا، وكان قلبى يطفح فرحا وأملا، وقررنا فى الحقيقة أن نلتقى بعد ظهيرة كل يوم، وكنا نقرأ الكثير من الكتب، أدب وفلسفة وتاريخ».
 
كانت هذه الفتاة هى سوزان بريسو، التى صارت حبيبة وزوجة طه حسين ورفيقة رحلته فى فرنسا ثم فى مصر، تتذكر فى مذكراتها «معك»، ترجمة، بدر الدين عردوكى، مراجعة، محمود أمين العالم، قصة أول لقاء: «أول مرة التقينا فيها كانت فى 12 مايو 1915 فى «مونبلييه»، ومنذ زواجنا كنا نحتفظ لهذا اليوم بوضع خاص، لم يكن ثمة شىء فى ذلك اليوم ينبئنى بأن مصيرى كان يتقرر، ولم يكن بوسع أمى التى كانت بصحبتى أن تتصور أمرا مماثلا، وكنت على شىء من الحيرة، إذ لم يسبق لى فى حياتى أن كلمت أعمى، لقد عدت إليه أزوره بين الحين والآخر فى غرفته التى كانت غرفة طالب جامعى، كنا نتحدث وكنت أقرأ له بعض الفصول من كتاب فرنسى، ولعل القدر كان قد أصدر قراره بالفعل، فقد كان هناك أعمى آخر هو الأستاذ الإيطالى الذى كان يدرسه اللغة اللاتينية قد أدرك ذلك، وقال له: سيدى هذه الفتاة ستكون زوجتك».
 
كانت سوزان فى العشرين من عمرها، متعلمة وقليلة الثروة، بحاجة إلى أن تكسب قليلا من المال، اقترحت أن تكون قارئة لطالب شاب أجنبى أعمى، وضع لهذا الغرض إعلانا صغيرا فى صحيفة محلية، وكان هذا الطالب فى بعثته العلمية إلى فرنسا، طالبا مسجلا منذ 7 يناير 1915 بوصفه طالبا حرا لنيل الليسانس فى التاريخ والجغرافيا بكلية الآداب بمونبلييه، يتحدث فى سيرته «الأيام» عن ظروفه القاسية فى مدينة «مونبلييه» خاصة فى الليل حين يتفرق عنه رفاقه جميعا، وعن المشقة التى كان يلقاها فى الجامعة، والانتفاع بما كان يسمع من الدروس وتحدى تحسين لغته الفرنسية، وتعلم اللاتينية، لكنه رغم كل ذلك ووفقا لقوله: «راض عن حياته كل الرضا، مطمئن إليها أشد الاطمئنان، لا يتمنى إلا أن يمضى فيها حتى ينتهى إلى ما قدر له من غاية، واثق بأنه سيبلغ من هذه الحياة ما يريد».
 
يضيف: «فى هذه الحياة الحلوة المرة القاسية اللينة التى يحبها أحيانا كأشد ما يكون الحب، ويضيق بها أحيانا أخرى كأشد ما يكون الضيق، وإذا الحياة تبتسم له فجأة فى يوم من أيام الربيع ابتسامة تغير حياته كلها تغييرا، وإذا هو لا يعرف الوحدة ولا يجد الوحشة حين يخلو إلى نفسه إذا أظلم الليل، وكيف تجد الوحدة أو الوحشة إلى نفسه سبيلا، وكيف تبلغه تلك الخواطر التى كانت تؤذيه وتضنيه وتؤرق ليله، وفى نفس صوت عذب رقيق يشيع فيه البر والحنان، ويقرأ عليه هذا الأثر أوذاك من روائع الأدب الفرنسى القديم»، يتذكر، أنه حين سمع صوتها يقرأ عليه شيئا من شعر «راسين» أحس كأنه خلق خلقا جديدا، ومنذ تلك الساعة التى سمع فيها ذلك الصوت لم يعرف اليأس إلى نفسه سبيلا، ولم يعرف أنه أحب الحياة قط كما أحبها فى الثانى عشر من مايو فى ذلك العام، ولم يعرف أنه أقبل على الدرس كما أقبل عليه منذ ذلك اليوم».
 
تتذكر هى يوم أن أعترف لها بحبه قائلة: «ذات يوم قال لى: اغفرى لى، لا بد من أقول لك ذلك، فأنا أحبك»، صرخت وقد أذهلتنى المفاجأة بفظاظة: ولكنى لا أحبك، كنت أعنى الحب بين الرجل والمرأة، فقال بحزن: آه، إننى أعرف ذلك جيدا، وأعرف جديا كذلك أنه مستحيل» تؤكد: «ويمضى زمن، ثم يأتى يوم آخر أقول فيه لأهلى أننى أريد الزواج من هذا الشاب، وكان ما كنت أنتظره من رد الفعل: كيف؟ من أجنبى؟! وأعمى؟! وفوق ذلك كله مسلم؟! لا شك أنك جننت تماما»، تضيف: «كان لا بد من النضال بالطبع بسبب ذلك القرار، وجاءنى أكبر عون من عم لى، وكنت أكن له إعجابا عظيما، وكان هذا العم قسا، فقد حضر ليتعرف به، وتنزه معه وحيدا فى حقول «البيرنيه» مدة ساعتين، ثم قال لى عند العودة: «بوسعك أن تنفذى ما عزمت عليه، لا تخافى، بصحبة هذا الرجل يستطيع المرء أن يحلق بالحوار ما استطاع إلى ذلك سبيلا، إنه سيتجاوزك باستمرار».   
 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

موسم كارثي يطارد إنتر ميامى قبل مواجهة الأهلي فى كأس العالم للأندية

ذكرى رحيله.. كيف عاش سمير صبرى حياته بين الفن والرياضة؟

موعد مباراة الأهلي أمام فاركو فى الدوري المصري والقناة الناقلة

دمار وتجويع.. الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الوضع فى غزة.. وجوتيريش يؤكد: ما يتعرض له الفلسطينيون تجاوز كل حدود البشاعة والقسوة.. ومفوض حقوق الانسان: حصار الاحتلال يفاقم المجاعة.. وهناك تدمير ممنهج لأحياء بأكملها

مسؤول أممى: استئناف دخول المساعدات إلى غزة ليس إلا "قطرة فى محيط" مما هو مطلوب


القناة الناقلة لمباراة الزمالك وبيراميدز فى نهائى كأس مصر 2025

موعد مباراة بيراميدز وصن داونز المرتقبة فى نهائى دوري أبطال أفريقيا

قرارات النيابة فى واقعة سرقة فيلا نوال الدجوى.. تعرف عليها

حالة الطقس المتوقعة اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025 فى مصر

نوال الدجوى.. ماذا قالت التحريات الأولية عن سرقة فيلا 6 أكتوبر ؟


الأرصاد تحذر: شبورة ورياح مثيرة للرمال والأتربة على هذه المناطق غدًا

كريم محمود عبد العزيز ضيف أولى حلقات "فضفضت أوى" على Watch it

نور الشربينى تصل القاهرة برفقة أسرتها بعد التتويج ببطولة العالم للاسكواش

لامين يامال يرتدى الرقم 10 ويوقّع عقدا تاريخيا مع برشلونة فى عيد ميلاده الـ18

فهد المولد.. هل يعود إلى الملاعب بعد غيبوبة تجاوزت 8 أشهر وأرقام مميزة؟

جيش الاحتلال يعلن إدخال 5 شاحنات تحمل مساعدات إنسانية إلى غزة

بصحبة زوجته والقط.. أول صورة لجو بايدن بعد إعلان إصابته بالسرطان

إيلي كوهين جاسوس إسرائيلي اقترب من منصب رئيس وزراء سوريا.. قناة "كان": شارك في خلية تستهدف تخريب مصر بالستينيات.. إيكونوميك تايمز: أرشيفه تضمن مفاتيح شقته في دمشق ورسائل من أرملته تطالب بالإفراج عنه

شاهد فرحة الحجاج المصريين لدى وصولهم مدينة رسول الله.. فيديو وصور

القوات المسلحة: سقوط طائرة تدريب أثناء تنفيذ أحد الأنشطة التدريبية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى