طىُّ الألم.. رواية هالة البدرى عن الفقد والتداوى بالكتابة

أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
بقلم أحمد إبراهيم الشريف
إن الكتابة الصادقة المحفوفة بالمشاعر هى أقصر الطرق إلى القلب، هذه حقيقة تكشفها الكتابات الحقة، ومن ذلك رواية "طيُّ الألم" للكاتبة الكبيرة هالة البدري، والصادرة مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، والتى انتهيت من قراءتها مؤخرا، كنت مسكونا خلال زمن قراءتها بشجن كبير دفعني لتأمل الحياة والموت.
 
ومن هنا يمكن القول إن "طي الألم" أكثر من رواية أدبية، إنها وقفة مع النفس فى لحظة فارقة، هي لحظة الفقد، وليس أي فقد، إنه فقد يغير كل شيء حيث رحيل الزوج والسند، فالبطلة التى تعمل كاتبة تجد نفسها فى موقف صعب، حيث الزوج الحبيب يبدأ رحلة المرض السريع التى تنتهى بالرحيل، نعم إنه رحيل حسبما أصرت الكاتبة طوال الرواية أن تكتب، لم تقل موتًا أو وفاة، إنه رحيل، انتقال، لكنه انتقال صعب، كانت له تبعاته النفسية.
 
وتأتي رواية "طيُّ الألم" مصحوبة بحس الكاتبة الروائية والصحفية المترصدة للمعانى والمتنبهة للتفاصيل كلها، من البداية إلى النهاية، من المنزل وحديقته، من شجرة المانجو التى كانت فى حاجة إلى الشمس، إلى صدور الرواية بعد 20 عاما من كتابتها، مرورا بالأبناء الحالمين المكلومين بفقدان الأب، وبالحديث عن المستشفيات والعلاجات وما يتم فيها، بالتخطيط للمنزل الجديد، بالسفر والأصدقاء الجدد، بالكتابة وهمومها، بالآخرين المحيطين بنا لكنهم لا يعلمون شيئا عن آلامنا، يظنوننا قد تجاوزنا الوجع، لكن ذلك لم يحدث.
 
فى الرواية خطان مهمان، الأول يرتبط بالمرض والبحث عن الطريقة الأفضل للعلاج ثم الرحيل، والثاني يرتبط بما بعد موت "أحمد"، بعامين من الألم المتواصل، رغم المحاولةوالمقاومة والسفر والكتابة والتظاهر بالحياة، لكن طيف أحمد كان حاضرا فى كل شيء، حتى أن هذين العامين انتهيا بالكتابة عن مرحلة المرض والرحيل.
 
إن  هالة البدرى تقول لنا فى نهاية الرواية إن ما كتبته هو جزء من سيرتها،  صاغته بطريقة فنية، فوثقت للحقيقى بذكر أحداث واقعية وشخصيات حقيقية مثل الكتاب الكبار بهاء طاهر وجميل عطية وطاهر البرنبالى، وبعدد من أسماء أعمالها الأدبية منها روايتها البديعة "ليس الآن"، وكل ذلك أعطى مصداقية للعمل الأدبى وجعل كل ما فيه مصدقا.
 
أما الجانب الفنى فتمثل فى أكثر من زاوية منها اللغة المعبرة الدالة على الألم والفرح، والتزاوج الزمنى بين لحظتى مرض أحمد ورحيله، وزمن الكتابة، الذى تم بعد عامين، كما أشرنا من قبل، هذا التداخل كان فى صالح الرواية.
 
لقد ظلت شخوص "طي الألم" حية قادرة على الحركة وإثارة الشجن بل إنها تدفعنا أحيانا للبكاء، حيث نجحت هالة البدري أن تعيد اللحظة الماضية بكل ما فيها من تفاصيل مفرحة ومؤلمة، حيث تجسد كل شيء من جديد، ورحنا نترقب ما تكشفه التحاليل وما يقوله الأطباء وما يحدث فى المستشفيات، وفى لحظة معينة نسينا أنها تتحدث عن ماضٍ، بل والأغرب أننا لم نخضع لفكرة الرحيل تمامًا، فعلى الرغم من أنها صرحت بذلك من البداية، لكن حب الزوجة وحرصها على النجاة أثر علينا نفسيا فرحنا نتمنى النجاة لأحمد ونرجو له السلامة، وعند رحيلة تفاجأنا.
 
نعم كانت الرواية محاولة لـ طي الألم داخل الكتابة، لكن الألم ظل ظاهرا قويا عبرت عنه الكتابة لكنها لم تطوه فى داخلها وتكتمه.    
 
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الانتقال الجماعى شعار الميركاتو الصيفى فى الدورى المصرى.. ثنائى فاركو الأحدث

ليبيا تطرد وزراء داخلية إيطاليا واليونان ومالطا ومسؤولا أوروبيا

رئيس اتحاد البنوك: سنراعى حالات سداد أقساط القروض للعملاء مع تأثر الخدمات

سجل بياناتك لتصلك نتيجة الثانوية العامة 2025

انتظام صرف الخبز المدعم للمواطنين بجميع المحافظات على مستوى الجمهورية منذ الخامسة صباحا.. شريف فاروق: ماكينات الصرف مزودة بشرائح اتصال متعددة.. وغرفة عمليات تتابع سير العمل لحظة بلحظة


الأردن وإسبانيا يؤكدان دعمها لجهود مصر وقطر وأمريكا لوقف الحرب على غزة

الحكومة خارج الخدمة بعد حريق سنترال رمسيس.. انتقادات برلمانية واستدعاء وزير الاتصالات تحت القبة.. رئيس النواب: الضرر جسيم ولا نقبل التهوين.. نواب: أين الميكنة والتحول الرقمي؟.. ومحمود فوزى يكشف تفاصيل الحادث

تأجيل نظر دعوى بطلان الحجز على ممتلكات إبراهيم سعيد لـ22 يوليو

الصحف العالمية: ترامب يحيى الحرب التجارية بفرض رسوم جمركية على حلفاء أمريكا.. لقاء ترامب ونتنياهو انتهى دون تحقيق إنجاز فى سلام الشرق الأوسط.. وإسبانيا تسجل أكثر من 2100 حالة وفاة بسبب موجة الحر فى عام 2025

رسائل رئيس النواب فى نهاية الفصل التشريعى الثانى: المجلس لم يكن قاعة للتداول بل صوتا للأمة.. التنوع السياسى مصدر قوة.. تصدينا لحزمة من التشريعات شديدة الحساسية.. والرئيس السيسي قدم نموذجا فريدا فى القيادة


النيابة العامة تعلن إجراءات التحقيق فى حريق سنترال رمسيس وصولًا لأسبابه

إيقاف ثنائي سان جيرمان حتي نهاية مونديال الأندية وباريس يلجأ للإستئناف

القائمة الوطنية من أجل مصر تواصل خطواتها نحو ترسيخ الديمقراطية وتعزيز المشاركة السياسية.. عقد الاجتماع التنسيقي الثاني بمقر حماة الوطن.. و5 توصيات أبرزها التوافق على أهمية التمسك بالمعايير الموضوعية

الحكومة: نظام الثانوية العامة قائم ومستمر و"البكالوريا" بديل اختيارى

الحكومة: سنترال رمسيس سيظل خارج الخدمة أسبوع أو أكثر مع استمرار الخدمات

تفاصيل إلغاء جلسة البورصة لأول مرة بسبب حريق سنترال.. إدارة سوق المال أجرت اختبارات عديدة للتأكد من إجراءات الربط مع شركات السمسرة ومصر للمقاصة والبنوك.. وتعليق التداول لتحقيق تكافؤ الفرص

الحسابات الفلكية: الصيف يستمر 92 يوما و39 ساعة وهذا موعد بداية فصل الخريف

ترتيب الكرة الذهبية 2025.. صدارة فرنسية ومحمد صلاح رابعًا

الأهلى يخطر أشرف دارى بموقف النادى من العروض الخارجية خلال ميركاتو الصيف

ريبيرو يستفسر عن تطورات الصفقات الجديدة فى الأهلي قبل التحضير للموسم الجديد

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى