لماذا رفعت جامعة القاهرة رسوم انتساب المؤهلات العليا لـ 11 ألف جنيه؟!

محمد أحمد طنطاوى
محمد أحمد طنطاوى
بقلم محمد أحمد طنطاوى

المادة 19 من الدستور المصري تؤكد أن التعليم حق لكل مواطن، وهدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه في مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقاً لمعايير الجودة العالمية، والتعليم إلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية. ورغم وضوح نصوص هذه المادة إلا أن البعض مازال يستهدف تسليع التعليم ليصبح للقادرين فقط على دفع نفقاته.

عرفت بالصدفة البحتة أن أسعار نظام الانتساب لحملة المؤهلات العليا في جامعة القاهرة 11 ألف جنيه سنوياً، وقد أصابني الذهول من الارتفاع غير المبرر لهذه الرسوم، فلم تكن تتجاوز 400 جنيه   سنوياً بأي حال قبل نحو 10 سنوات تقريباً، بما يعنى أنها تضاعفت حوالي 25 مرة، مع العلم أنه مع دفع كل هذه الأموال لا يتم اتباع نظام معين في المحاضرات أو مواعيد خاصة، أو اهتمام ملحوظ، بل يعامل الطالب بنفس البرامج العادية التي تستخدمها الكلية مع خريج الثانوية العامة.

أسعار الانتساب الموجه للطلبة خريجى الثانوية العامة لا تزيد عن 2500 جنيه تقريباً، وهو أيضا رقم تضاعف حوالي 5 مرات، لكنه مازال مقبولاً وفي مقدور الكثير من الفئات توفيره، لذلك أتساءل: لماذا لا يتساوى طالب الانتساب القادم من الثانوية العامة مع طالب الانتساب الذي يحمل مؤهل عالي ويرغب في أن يسلك تخصص جديد أو يحاول الاستزادة من العلم، أو يغير طريقة حياته بحثا عن فرصة أفضل، أو حتى يدرس من أجل الدراسة، فهذه قضية تستحق الاهتمام والمتابعة من جانب وزارة التعليم العالي ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات.

حرمان غير القادرين من التعلم جريمة متعددة الأبعاد، تنعكس بصورة سلبية على المجتمع، وتحرم الفقير من تغيير وضعه الاجتماعي والاقتصادي، فالفقراء في مصر   يحتاجون التعليم أكثر من غيرهم، فليس لديهم ما يتكئون عليه، ولا أمل لديهم في تغيير حياتهم إلا من خلال مستوى تعليمي لائق يكفل لهم مكانة أفضل ومستقبل يحمل البشائر.

مهما اختلفت أفكار الناس والمجتمعات حول معايير التقدم، وأولويات البناء والتنمية، إلا أن التعليم يظل الطريق الأول والسبيل الوحيد لجودة الحياة، خاصة لدى الدول الفقيرة أو النامية التي تطمح لمستوى معيشي أفضل ومعدلات نمو معقولة، لذلك لا يمكن أن نحرم من يرغب في التعلم بسبب تقديرات الربح والمكسب، التي يتم تحديدها دون مراعاة للطبقات الفقيرة، التي لن يتغير وضعها الاجتماعي أو الاقتصادي كما ذكرت إلا بالتعلم واكتساب المعارف والخبرات الجديدة.

البعض يفكر في دراسة مجالات مختلفة، بعد التعليم الجامعي، مثل الحقوق والآداب والسياسة وغيرها، إلا أن عقبة عدم القدرة على توفير الأموال اللازمة تظل عقبة أمام هذا الحلم، خاصة في ظل تعدد أعباء الحياة، وأولويات الإنفاق، وموجة التضخم التي تجتاح العالم كله، لذلك يجب أن يخرج التعليم الحكومي من هذه المعادلة، ويتم تقدير أرقام عادلة، يمكن للعامة والطبقات الفقيرة سداداها، نحن فقط نحتاج إلى قراءة واعية لنص المادة 19 من الدستور، وعلى رؤساء الجامعات إعادة النظر  في الرسوم المالية التي يتم فرضها على من يسعون للتعلم، وتمديد مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل غير القادرين على دفع النفقات، وهذا إن لم يكن من باب تكافؤ الفرص، فمن باب الإنسانية والرأفة بالفئات الفقيرة.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

حصة المجال الصناعي..

حصة المجال الصناعي.. الأربعاء، 08 يونيو 2022 11:17 ص

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

القانون ينظم ضوابط فحص الطلبات بعد غلق باب الترشح بانتخابات الشيوخ

التنقيب عن الآثار.. جريمة تخنق التاريخ والداخلية تلاحق لصوص الحضارة

اتحاد الكرة يستقر على إقامة السوبر المصري بمشاركة 4 فرق

بعد 42 يوما من الرحيل عن الأهلى.. على معلول يرفض عروض خليجية غير مقنعة

مواعيد القطارات على خط القاهرة أسوان والإسكندرية أسوان والعكس اليوم السبت


مواعيد مباريات منتخب الناشئين فى كأس العالم قطر 2025

تعرف على موعد صرف تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة

غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك

طلاب الهندسة الحيوية بالإسكندرية ينجحون فى تصميم ذراع روبوت بـ6 درجات حرية.. "6-DOF" يُستخدم كمساعد لأطباء الجراحة فى المستشفيات.. تنفيذه يكلف نحو 22 ألف جنيه.. وأعضاء هيئة التدريس يشيدون بالمشروع.. صور

موعد انطلاق فترة إعداد الأهلي للموسم الجديد


الجارديان: ترقب أوروبى حذر مع تصاعد تهديدات ترامب الجمركية

هل سيتم تخفيض تنسيق الثانوي العام بالقاهرة ؟.. اعرف التفاصيل

زى النهارده.. هدف بشعار "غزل الملاعب" بين متعب وغالى فى مباراة الأهلى ودجلة

شقيق حامد حمدان: أخى فى حالة نفسية سيئة ومستعد للعب للزمالك دون شروط

شيماء منصور تكتب: في محراب الملك لير.. حين يتجدد سحر الفخراني على خشبة المسرح

ماكينات حفر الخط الرابع للمترو لا تتوقف.. طاقم مصرى يصل الليل بالنهار لإنجاز المشروع.. المكينة تحفر 22 مترا يوميا والنفق حلقات خرسانية يتم تركيبها وتصنيعها محليا.. وهذه طرق تأمين العمال تحت الأعماق.. صور وفيديو

الهيئة الوطنية تنشر آلية استعلام المواطنين عن مقر اللجان بانتخابات مجلس الشيوخ

سر تجدد اشتعال النيران في سنترال رمسيس.. مدير الحماية المدنية الأسبق يوضح

الدفع بـ4 خزانات مياه استراتيجية لإخماد حريق مصنع مدينة بدر.. صور

مادويكي على أعتاب أرسنال مقابل 50 مليون إسترليني

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى