سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 16 يونيو 1880..الخديو توفيق يجرد والده «إسماعيل» المعزول بفرمان عثمانى من قصوره التى بناها أو امتلكها وينقلها إلى ملكية الحكومة

الخديو توفيق
الخديو توفيق
اهتم الخديو إسماعيل بمظاهر التقدم الحضارى والعمرانى، فنقل مقر الحكم من القلعة بأسوارها العالية وسراديبها وأسرارها إلى قصر عابدين الذى بناه المهندس المعمارى «دى كوريل ديل روسو»، وزخرفه مجموعة من الفنانين الإيطاليين والفرنسيين والأتراك والمصريين، وانتقل إلى السكن فيه عام 1874، وفقا للدكتور عبدالوهاب بكر فى كتابه «البلاط الملكى ودوره فى الحياة السياسية المصرية من إسماعيل إلى فاروق».
 
كان قصر عابدين واحدا من سلسلة قصور وسرايات بناها إسماعيل فى فترة حكمه منذ 1863 حتى خلعه بفرمان من «الباب العالى العثمانى» يوم 26 يونيو 1879، وتولى ابنه «توفيق»، الذى قرر قبل أيام من مرور عام على توليه تجريد والده من ملكية هذه القصور وغيرها.. يذكر عبدالرحمن الرافعى فى كتابه «الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزى»: «أصدر الخديو توفيق أمره فى 16 يونيو، مثل هذا اليوم، 1880 باعتبار القصور التى بناها والده إسماعيل أو التى امتلكها هو وأفراد العائلة الخديوية ملكا للحكومة، وألحقت بالأملاك الأميرية المعدة للمنفعة العامة، وقد بنى الأمر على أنه تبين من حسابات نظارات المالية ومن ذخائر الدائرة الخاصة أن العقارات والسرايات وملحقاتها صار بناء بعضها وشراء البعض الآخر بمال الحكومة، وأنها لازمة للمصالح العمومية أو لإقامة خديو مصر، وأنها كانت لغاية الآن مخصصة لما ذكر، وحيث إن العقارات المذكورة لا يصح بناء على ذلك أن تكون ملكا لأحد الناس، وإن كانت قد تحررت بها حجج بأسماء بعض عائلتنا».
 
حدد أمر الخديو توفيق القصور والعمارات وهى: «سراى عابدين، سراى الإسماعيلية، سارى القصر العالى، المكان الكائن بخط الإسماعيلية والذى كان معروفا بمخزن الموبيليات، مطبعة بولاق وما يتبعها من الآلات والمهمات والأبنية، اسطبلات بولاق، سراى الجزيرة، وما يتبعها من المبانى والحديقة البالغ مساحة كل ذلك 62 فدانا، والأراضى التى تتبعها ويبلغ مقدارها 3595 فدانا، سراى الجيزة وما يتبعها من المبانى والحديقة ومقدار كل ذلك 517 فدانا، اللوكاندة والكشك والحمامات وملحقاتها بحلوان، حديقة النزهة بالإسكندرية، سراى الرمل «مصطفى باشا» وما يتبعها من المبانى والقشلاقات والاسطبلات، سراى أدفينا، سراى المنصورة، سراى الروضة، سراى المنيا».
 
يذكر الدكتور يونان لبيب رزق، فى القسم الأول من الجزء الثانى لموسوعته «الأهرام - ديوان الحياة المعاصرة»: «من بين تلك السرايات اختار توفيق أن يقيم فى سراى الإسماعيلية، وأن يجرى مقابلاته فى سراى عابدين إذا كان مقيما فى القاهرة، وفى سراى رأس التين عندما ينتقل إلى الإسكندرية فى فصل الصيف».
أدى بناء إسماعيل لقصوره، إلى أن يكون أول من يطبق فكرة «البلاط» التى عرفتها أوروبا مع قيام الممالك القومية خلال القرن التاسع عشر، وفقا لتأكيد يونان لبيب رزق، مضيفا، أنها بلغت ذروتها فى عصر الملك لويس الرابع عشر بفرنسا «1643 - 1715»، وهو ما بدأ إسماعيل فى القيام به بعد بناء عدد من القصور، وانتقاله من القلعة حيث كان يحكم الباشوات إلى سراى عابدين التى أصبحت مقرا للحكم وموضعا للمناسبات الاجتماعية ومؤسسة لها موظفوها الذين عرفوا برجال القصر».
 
يقدم أحمد شفيق باشا، رئيس ديوان الخديو عباس الثانى فى مذكراته «مذكراتى فى نصف قرن» صورة تفصيلية عن الحياة الداخلية فى هذه القصور.. يذكر: «كان إسماعيل يقيم أغلب أوقاته فى عابدين مع البرنسيسات زوجاته الأربع حتى زواج ولى عهده توفيق باشا، فقد انفصلت والدته بعد زواجه، وأقامت فى سراى القبة، عقب صدور الفرمان السلطانى بجعل ولاية مصر وراثية فى أكبر أولاد إسماعيل، وأشار السلطان على الخديو بأن يعقد على والدة توفيق، فصدع بالأمر فصارت زوجته الرابعة، أما البرنسيسات الثلاث فكانت تقيم كل واحدة منهن فى «بلك»، وهو مسكن خاص مستقل، ولكل منهن «قلفاوات» توزع عليهن الوظائف المختلفة من خازندارة وشماشرجية.. إلخ، وكان للقلفاوات خادمات خصوصيات من الجوارى السود، وفتيات شركسيات يدربنهن للقيام بما تقوم به القلفاوات إذا ما كبرن، أما إسماعيل فكان له «بلك» تقفل أبوابه عند دخوله فى المساء، وكانت له أيضا حاشية خصوصية من المحظيات والجوارى».
 
يضيف «شفيق باشا»: «كان سموه «إسماعيل» يتناول الطعام مع البرنسيسات على الطراز الأوروبى، وكان الأسطى إبراهيم الذى خلف طاهيا فرنسيا فى القصر، يرسل الأطعمة المخصصة للخديو على سنة آل سلاطين آل عثمان فى أوان ملفوفة بالقماش، ومختوم عليها بالشمع الأحمر إلى غرفة متصلة بالحرم فيتسلمها محمد بك الناغى والسفرجى الخصوصى لإسماعيل، ثم يخرج من هذه الغرفة فتتسلمها أربع سفرجيات من الجوارى تفك أختام الأطعمة وتقدمها إلى المائدة، وهذا فى الأوقات التى تسمح لسموه بتناول الطعام مع البرنسيسات، وكانت تقدم الأطعمة فى أوان من الفضة، إلا فى المناسبات الخاصة فكانت من الذهب، ومن الأطعمة المشهورة فى السراى صنف «الرز الخديو» المصنوع بخلاصة الرؤوس الضأن أو البقرى والديكة الرومية بكيفية مخصوصة».

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

طلائع الجيش يواجه الإسماعيلى اليوم فى إياب ربع نهائى كأس عاصمة مصر

تطورات واقعة سرقة مبالغ مالية ومشغولات ذهبية من فيلا نوال الدجوى

رئيس الوزراء يفتتح اليوم مصنع "سوميتومو" لإنتاج الضفائر الكهربائية للسيارات

عمرو يوسف يتحوّل من محتال إلى بطل شعبي في فيلم "درويش".. اعرف الحكاية

البرلمان الأوروبى يتفق على منح الحكومة المصرية 4 مليارات يورو


نجوم يبحثون عن المجد في مونديال الأندية بعد موسم كارثي

مستشار وزير خارجية أوكرانيا: التفاؤل موجود بشأن وقف إطلاق النار لكننا نتعامل بحذر

الجولة الأخيرة من دوري نايل تحسم صراع عاشور ومنسى وفيصل على لقب الهداف

ذكرى رحيله.. كيف عاش سمير صبرى حياته بين الفن والرياضة؟

إسبانيا تأمر منصة "إير بى إن بى" بإزالة آلاف إعلانات الإيجار السياحية فى البلاد وسط مخاوف أزمة الإسكان


بوتين: مستعدون للتعاون مع أوكرانيا للتوصل إلى اتفاقية سلام

لقطات جديدة من بروفات مسرحية "الملك وأنا" قبل عرضها فى عيد الأضحى

رامى ربيعة مدافع الأهلى والفراعنة يحتفل بعيد ميلاده الـ"32" اليوم

3 مناطق أمريكية فى مرمى الطوفان.. خبراء يحذرون من الـ ميجا تسونامى

19 دولة أوروبية واليابان وكندا وأستراليا يحذرون من خطر المجاعة فى غزة

سلطات فرنسا تعلن مصرع مهاجر وإنقاذ أكثر من 60 آخرين فى بحر المانش

حالة الطقس المتوقعة اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025 فى مصر

فحص الخلافات العائلية ورفع البصمات.. مواصلة التحريات لكشف ملابسات سرقة نوال الدجوى

مصطفى غريب يضفى حالة من الكوميديا على أحداث فيلم المشروع X

زيلينسكي: ننتظر مقترح روسيا بعد اتصال بوتين وترامب

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى