سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 3 يونيو 1957.. مصر تشحن مركب «إخوان إيلوكس» بالبصل وأدوات زراعية علنا وبالسلاح سرا إلى الجزائر فى كفاحها المسلح ضد الاحتلال الفرنسى

احمد بن بيلا
احمد بن بيلا
سعيد الشحات
تلقى الملحق العسكرى المصرى فى العاصمة الإسبانية «مدريد» تكليفا، بمحاولة استئجار مركب بضاعة ذات حمولة كبيرة وسريعة من شركة ملاحة إسبانية، لنقل شحنة بصل وأدوات زراعية من الإسكندرية إلى مراكش بالمغرب، فتعاقد «الملحق العسكرى» مع شركة تتبعها مركب «إخوان ايلوكس»، وفى مصر تم الاتصال بوكلاء الشركة، وهم «إخوان محمد ياقوت النجار»، لعمل ترتيبات استقبال المركب، كانت هذه الشحنة فى حقيقتها غطاء وتمويها لعملية سرية كبيرة، هى إرسال سلاح من مصر إلى الثوار الجزائريين، أثناء اشتعال الثورة الجزائرية المسلحة ضد الاحتلال الفرنسى، حسبما يذكر فتحى الديب، مسئول الشؤون العربية برئاسة الجمهورية، فى كتابه «عبدالناصر وثورة الجزائر».
 
كان «الديب» هو مهندس الاتصال بقادة الثورة الجزائرية منذ بدء كفاحها المسلح بقيادة أحمد بن بيلا فى نوفمبر 1954، ويزيح فى كتابه الستار عن الدور المصرى الرائد فى مساندة الثورة الجزائرية، ويكشف عن أسرار الحصول على السلاح الذى تم تأجير مركب «إخوان إيلوكس» لحمله إلى الجزائر، يذكر أنه سافر من يوم 15 يناير 1957 إلى ألمانيا والسويد والنمسا وتشيسلوفاكيا «قبل تقسيمها إلى التشيك، وسلوفاكيا»، بجواز سفر باسم محمد إبراهيم حسن، وبصفته حامل حقيبة دبلوماسية كان يتم تسهيل الحركة له بين دول أوروبا، وكان معه فى هذه الرحلة جزائرى يحمل جواز سفر باسم «وزانى حامد»، بينما هو فى الحقيقة طبيب جراح بشرى اسمه «إدريس» ويقيم فى مراكش بالمغرب، ويتولى مسؤولية شراء السلاح لجيش التحرير الجزائرى.
 
ويقول إن سفره جاء بعد أن تلقى رسالة حملها «وزانى» من قائد ولاية وهران التابع لجيش التحرير، عبدالحفيظ بوصوف، يطالبه فيها بالتدخل بعد مراوغة تاجرين دوليين متخصصين فى عمليات تهريب السلاح، أحدهما فرنسى ويدعى «فراى»، والثانى «دنماركى» ويدعى «أريكسون»، وجاءت المراوغة بعد أن وقع «وزانى» على عقد معهما لصفقة من الهاونات والرشاشات والبنادق يتم شحنها من مخازن مخلفات الحرب العالمية الثانية بألمانيا الغربية، وقام بإيداع مليون دولار لهذا الغرض فى أحد البنوك السويسرية استلمهم من «بوصوف»، يؤكد الديب أنه أطلع الرئيس عبدالناصر على البرقية، فكانت تعليماته إليه بالسفر، والتأكيد عليه بأهمية استخلاص المبلغ أو اتمام الصفقة مع ضمانات وصولها، وسافر الديب ومعه «وزانى»، ونجح «الديب» فى تنفيذ مهمته السرية والتخلص من التاجرين الدوليين «فراى» و«أريكسون» بحيل بارعة تنقل خلالها من ألمانيا إلى السويد ثم النمسا، ويروى كل ذلك فى كتابه بالتفصيل وبوقائع تصلح لفيلم سينمائى.
 
وفى نهاية المطاف زار ومعه «وزانى» العاصمة التشيكية «براغ» لشراء السلاح منها، والتقى مسؤولين تشيك عن طريق المستشار العسكرى المصرى إسماعيل فريد لإنجاز الصفقة، وقبل الوصول إلى هذه الخطوة استخدم «فراى» و«أريكسون» وسائل ترهيب باحتمالات القتل، وترغيب بالنساء والخمر، وفشلت جميعها.. يكشف «الديب» أن فى إتمامه لصفقة السلاح التشيكية، كان يجرب السلاح فى ميدان رماية بنفسه، ويفاصل فى ثمنه حتى أبلغوه: «تقديرا للحكومة المصرية وللرئيس جمال عبدالناصر قررنا إجراء تخفيض 30% لكل أنواع الذخيرة التى سيتم التعاقد عليها مع الالتزام بكل الشروط فى إعداد السلاح بلا أى علامات، وإتمام إجراءات الشحن ويفضل أن تكون أحد موانئ بولندا».
وصلت الصفقة يوم 3 مايو 1957 إلى ميناء الإسكندرية، واستقرت فى المخازن المعدة، وبدأت مهمة شحنها إلى «جبهة وهران»، فجاءت فكرة استئجار مركب بضاعة كبيرة وسريعة من شركة إسبانية، تكون مهمتها المعلنة «شحن بصل وطلمبات رفع مياه إلى مراكش»، ويؤكد «الديب»، أنه طلب من عبدالحفيظ بوصوف، قائد جبهة وهران بموافاته باسم شركة مغربية يثقون فيها ليتم الشحن من الاسكندرية باسمها كشحنة تجارية عادية، وبالفعل زوده «بوصوف»، باسم الشركة المغربية المرشحة، أما فى مصر فكانت شركة «الشرقية للملاحة والتجارة» هى المعنية بتصدير «الطلمبات والبصل»، وهى شركة أسسها «الديب» خصيصا يوم 28 يونيو 1956 برأسمال 20 ألف جنيه لتمتلك مراكب تجارية، وتكون ستارا لعمليات تهريب السلاح للجزائر.  
 
يذكر «الديب»، أن مدير «الشرقية للملاحة والتجارة» استخرج إذن تصدير عادى لطلمبات رفع المياه والبصل، ويكشف أنه لجأ إلى الدكتور عبدالمنعم القيسونى وزير الاقتصاد لتسهيل الإجراءات حفاظا على السرية، ويؤكد أن عملية الشحن تمت تحت إشرافه شخصيا، وفى صباح 3 يونيو، مثل هذا اليوم، 1957 أبحرت المركب، ويكشف «الديب»: «أرسلت خطابا حمله رسول خاص إلى ملحقنا العسكرى فى مدريد لأضعه فى الصورة ولما يجب أن يقوم به الإخوة الجزائريون فى ميناء الوصول، ومحددا له الصناديق المعبأة بطلمبات المياه والبصل»، ووصلت المركب يوم 13 يونيو وكانت المفاجأة فى انتظارها، حيث صادرتها السلطات الإسبانية، واتهم الجزائريون أطرافا مغربية فى ذلك.  

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الأهلى يفاوض زد لشراء مصطفى العش بشكل نهائى

البلاط السلطاني يعلن وفاة حماة السلطان هيثم بن طارق

رسميًا.. المجلس الأعلى للإعلام يتلقى شكوى الزمالك ضد إعلان "اتصالات"

رسميًا.. حفل الكرة الذهبية الإثنين 22 سبتمبر بالعاصمة الفرنسية باريس

القوات المسلحة: سقوط طائرة تدريب أثناء تنفيذ أحد الأنشطة التدريبية


الموساد يكشف عن 2500 وثيقة وصورة وممتلكات للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين

جنود إسرائيليون يتنكرون في زى نسائى لاختطاف قائد بحركة حماس.. تفاصيل

مقترح الرابطة يمنح قبلة الحياة لـ3 أجانب فى الأهلي قبل مونديال الأندية

بعد أن فقد وعيه.. طائرة تقل 200 راكب تسافر من ألمانيا لإسبانيا بدون طيار

تعيين رئيسة النقل بـ"إيجماك" يثير غضب المستثمرين لمخالفته قانون الكهرباء بالفصل عن القابضة.. اختيار عضو "جهاز المرفق" ورئيس التفتيش التجارى بمجالس الإدارات يشكك في قانونيتها.. والوزير يوجه بمراجعة القرارات


400 فرصة متاحة.. فتح باب التطوع لخدمة الحجاج بالحرمين.. اعرف التفاصيل

موعد مباراة الأهلى والزمالك فى نصف نهائي سوبر السلة

التحريات بسرقة الدكتورة نوال الدجوي: أحد المترددين على الفيلا وراء الواقعة

تزوجى من غيرى ولا تحرمى نفسك من شىء.. آخر كلمات إيلى كوهين فى وصيته

النيابة تحقق فى سرقة ملايين الدولارات من مسكن الدكتورة نوال الدجوى بأكتوبر

أمن الجيزة يفحص مشتبه بهم لكشف هوية المتهم بسرقة مسكن الدكتورة نوال الدجوي

برايتون ضد ليفربول.. سجل حافل يدعم محمد صلاح فى موقعة "فالمر"

مواعيد مباريات الجولة الثامنة من مرحلة حسم الدوري والقناة الناقلة

سرطان البروستاتا الشرس..ماذا نعرف عن حالة بايدن الصحية بعد تشخيص إصابته؟

"ليلة التتويج".. موعد آخر ظهور للأهلى وبيراميدز فى الجولة الأخيرة للدوري

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى