خبز على طاولة الخال ميلاد.. المجتمع الليبى تحت مجهر الكتابة

أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
أحمد إبراهيم الشريف
انتهيت، مؤخرا، من قراءة رواية "خبز على طاولة الخال ميلاد" للكاتب الليبى محمد النعاس، والتى حصلت مؤخرا على الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر"، وأول ما يمكن الإشارة إليه فى هذه الرواية أن محمد النعاس لديه فهم معين لفن الرواية، وهذا أمر جيد، سواء اتفقت مع هذا المفهوم أو اختلفت معه، لأن الكاتب الذى لا يملك مفاهيمه الخاصة للفن الذى يكتب فيه لن يصل إلى شيء، ويمكن ملاحظة عدة عناصر نفهم بها عالم الرواية:

المجتمع الليبى يدفع الثمن

أراد محمد النعاس أن يقدم لنا المجتمع الليبى (المدينة والقرية) فى فترة فارقة فى تاريخها، فترة تولى العقيد للحكم، فى مقارنة واضحة بين ما قبل وما بعد، فترة تكشف أن المجتمع تراجع إلى الخلف، أن الحريات فُقدت، والجمال تراجع، والأحلام ضرب خيال، كل شيء صار فى حالة يرثى لها، المؤسسات بكل ما فيها من تعقيد، والقرية بكل ما فيها من تنميط، إذن الرواية إدانة للمرحلة، وكاشفة عن النظرة التى راحت تحاصر كل شيء، وارتفاع نغمة السلفية بكل ما فيها.

الشخصيات.. الجميع ضحايا

ليس "ميلاد" فقط هو الشخصية المأزومة فى الرواية، الجميع كذلك (زينب والمدام والعبسى والعم محمد، والأخوات) وغيرهم الكثير، الجميع لديه ما ينغص عليه يومه، لكن "ميلاد" لديه الأزمة الكبرى، لأن كل ما يقوم به مخالف للمجتمع فهو متآكل الروح، به رقة أنثوية، تأثر بالحياة مع أخواته البنات، وعلى الرغم من عمله خبازا أمام الفرن، لكن نار الفرن لم تنضج روحه كما يريد المجتمع، كل هذا مع أنه فى مجمله شخصية محبة للجمال وضد القبح، لا يحتمل وجود أرض بور أو حديقة غير مشذبة، ولو تركه الناس فى حاله لعاش حياة هادئة، لكنه مصطلى بالنار بين أبيه وابن عمه العبسى، تلقى العديد من الصفعات على الوجه والروح تكفى لتدمير أى إنسان، وقد راهن على الحب لكن الحب لم ينصفه.

لقد نجح محمد النعاس فى رسم الشخصيات، خاصة شخصية العبسي، ابن العم، إن دوره مهم جدا، لأنه بمثابة النقيض لشخصية "ميلاد" هو صورة طبق الاصل من الرجل الشرقى بكل ما فيه.
أما "زينب" فيحسب لمحمد النعاس أنه جعلنا نحبها حتى النهاية، لن نستطيع أن نكرهها، بل نتعاطف معها، ومن الممكن اعتبارها رمزا لليبيا، الحالمة بمكانة تليق بها، لكن هذه الأحلام تتحطم على كل المستويات، إنها ضحية بامتياز، لا أحد معها، حتى أسرتها لا نجد وجودا سوى لعمها الذى يبدو أنه آذاها أكثر مما أفادها، وأخوها الصديق القديم لميلاد، الذى ظل مجرد شبح نسمع عنه ولا نراه.
من الشخصيات التى ظهرت بصورة مكتملة "صالحة" الأخت الكبرى، بكل ما فيها من شموخ وبكل ما فى أفكارها من رجعية، بكل ما فى قلبها من حنان وما فى روحها من مقاومة، لكن الزمن تبدل والحال تغير، فانزوت لأن أفكارها لم تعد تليق بما استجد.
وتظل المدام "حلم" بها بعض التطرف، لكنها تصلح أن تكون المستقبل، بميزاته وعيوبه، لقد أجاد "النعاس" فى تقديمها جميلة مشرقة.
 
فى النهاية نقول، احتفظ محمد النعاس بالقدرة على التشويق طوال الرواية، فقد جعلنا نريد أن نعرف المصائر كيف تنتهى، وجعلنا نتعلق بالشخصيات ولا نتركها تمر مرور الكرام. 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

المغرب والإمارات في صدام ناري بنصف نهائي كأس العرب 2025

مواعيد مباريات الجولة الثانية في كأس عاصمة مصر

الأهلي يبدأ اليوم الاستعداد لمواجهة سيراميكا بعد إجازة الـ48 ساعة

تفاصيل تكريم عبد الحميد بسيونى من الفيفا بسبب هاتريك تاريخى فى عيد ميلاده

تعليمات دخول حفل تامر حسنى فى قصر عابدين


تعرف على أرقام جروس مع الزمالك فى ذكرى عودته لخوض الولاية الثانية

مواجهة مونديالية بين السعودية والأردن في نصف نهائي كأس العرب 2025

مواعيد مباريات اليوم الإثنين 15-12-2025 والقنوات الناقلة

الحضرى: مفيش أى مدرب هيرضى يشتغل 4 أشهر فقط وهذه كواليس ركلة جزاء السولية

تعرف على بدائل يزن النعيمات لتدعيم هجوم الأهلى فى يناير


الاقتراع بجولة الإعادة من المرحلة الثانية لانتخابات النواب بالخارج.. اليوم

محاميه طلب البراءة.. الجنايات تكشف سبب عقوبة المعتدى على الطفل ياسين؟

حالة الطقس اليوم الإثنين 15 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار غزيرة بهذه المناطق

وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال

طارق خيرى: فخور بالفوز باللقب التاريخى الأول مع سيدات الأهلى

بدء مؤتمر الهيئة الوطنية لإطلاع الرأي العام على أحداث أول أيام إعادة المرحلة الثانية بانتخابات النواب

تعرف على مصير أحمد الأحمد البطل الأسترالي مُنقذ ضحايا هجوم سيدني

7 معلومات عن شقيقة عادل إمام أرملة مصطفى متولى

ترامب يشيد بالبطل الأسترالي أحمد الأحمد: أنقذ أرواحا كثيرة في هجوم سيدني

تحذير عاجل.. نوة الفيضة الصغرى تضرب الإسكندرية غدا والأمواج ترتفع 3 أمتار

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى