نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الثانى

"البيئوقراطية" والعودة إلى الفحم.. "مقامرة" أوروبا غير المحسوبة

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
ربما كان القرار الذى اتخذته دول أوروبية مؤخرا بالعودة مجددا إلى الفحم، وأبرزها ألمانيا وإيطاليا والنمسا، يمثل محاولة صريحة للخلاص من الهيمنة الروسية التي امتدت عبر أنابيب الغاز، الذى أمدت القارة العجوز بشرايين التنمية والدفء، في ظل مخاوف كبيرة من الرد الروسي على العقوبات الغربية، وتضع الجانب الأوروبي من "المعسكر الغربي"، بين رحى تجريدها من أحد أهم مصادر الطاقة في المرحلة الراهنة، وأنظفها، وسندان التجرد من الحليف الأمريكي، والذي وإن تخلى عن حزمة من وعوده تجاه الشركاء، يبقى أحد أهم الداعمين لأوروبا، وتجريده من أداة الشرعية التي تمتع بها لعقود طويلة من الزمن، وفتحت أمامه الأفاق، حتى يمكنه فرض رؤيته على المجتمع الدولي، دون قيود، منذ الهيمنة الأحادية المطلقة على العالم، في أعقاب الحرب الباردة.
 
إلا أن التحرك الأوروبي، لا يقتصر في تداعياته على مجرد الصراع الراهن بين روسيا والغرب، وتداعياته الكبيرة، وإنما تمتد إلى منطقة جغرافية غير محدودة من العالم، في ظل تنامي ظاهرة التغير المناخي، والتي تفوق في خطورتها الصراع القديم المتجدد، والذي يعود زمنيا إلى حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ليستمر لعقود طويلة إبان الحرب الباردة، لتتحقق مهادنة مرحلية في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي، ليعود الصراع تدريجيا، عبر الدبلوماسية أولا، عندما تحفظت موسكو على الغزو الأمريكي للعراق في 2003، ثم امتد إلى مناوشات عسكرية بعد التدخل الروسي في جورجيا عام 2008، والاعتراف باستقلال إقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، ثم تأججت الأمور مع قرار ضم شبه جزيرة القرم في 2014، لتصل إلى الذروة مع الأزمة الأوكرانية الحالية، وانطلاق العملية العسكرية في فبراير الماضي.
 
ولكن تبقى "المهادنة" احتمالا غير مطروح على "طاولة" الطبيعة، إذا ما بدأ فعليا صراعها مع العالم، مع تنامي ظاهرة التغيرات المناخية، بينما تتجاوز تداعياتها آثار الاشتباكات الدبلوماسية، أو العمليات العسكرية المحدودة، أو حتى الصراعات العالمية، من أجل السيطرة والنفوذ، وهي التداعيات التي ربما تتأثر بها أوروبا أكثر من غيرها، وبالتالي تبقى "مقامرة" العودة إلى الفحم، والذى يمثل أكثر مصادر الوقود الأحفوري تلويثا للبيئة، من قبل قيادات بارزة في الاتحاد الأوروبي، غير خاضعة لما يمكننا تسميته بـ"نظريات التنمية غير المسؤولة"، التي طالما تبناها الغرب منذ الحقبة الاستعمارية، والتي اعتمدت نهجا قائما على استنزاف موارد الدول الفقيرة، لتحقيق أهداف النمو، دون النظر إلى أوضاع تلك الدول ومستقبل أجيالها، مما ساهم في جزء كبير منه في الحالة التي آل إليها الكوكب، خاصة وأن القارة العجوز، بحكم الجغرافيا سيطالها "بطش" الطبيعة لا محالة.
 
وهنا تبقى "المهادنة" هي الخطوة المنتظرة من العالم، في إطار ما سبق وأن أسميته في مقال سابق بـ"البيئوقراطية"، والتي تمثل أحد أهم الأسس التي ينبغي أن تقوم عليها الحقبة الجديدة من النظام الدولي، حتى يمكنه مواكبة الطبيعة الجديدة للأزمات العالمية، التي تتجاوز نطاق الزمن والجغرافيا.
 
وأما على الجانب السياسي، فيبقى قرار "العودة إلى الفحم"، بمثابة تراجع كبير عن المكانة التي تحظى بها القارة العجوز، والتي وقفت خلال السنوات الماضية، في موقف المدافع عن البيئة، في ضوء أمرين، أولهما الخروج عن الإطار الدولي الجديد، الذي فرضته الأزمات المستحدثة، والقائم على "البيئوقراطية"، بالإضافة إلى كونه مدخلا جديدا للانقسام داخل الاتحاد الأوروبي، والذي سبق له وأن استاء قبل سنوات قليلة إثر قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بالانسحاب من اتفاقية باريس المناخية، وهو ما يمثل حالة من "الانقلاب على الذات"، إذا ما وضعنا في الاعتبار حقيقة مفادها أن القرار الذى اتخذته عدة دول أوروبية يفوق في أضراره مجرد الانسحاب من اتفاق ذو طبيعة سياسية أكثر منه عملية.
 
وهنا يصبح القرار الذى اتخذته دولا أوروبية، بمثابة "مقامرة" غير محسوبة إلى حد بعيد، ليس فقط بسبب التداعيات المتوقعة، والتي تبقى كارثية، وإنما أيضا فيما يحمله في طياته من بذور جديدة للتراجع الكبير للقارة العجوز على المستوى الدولي، إلى الحد الذي يمثل فيه مثل هذا القرار "مسمارا" جديدا في نعش أوروبا الموحدة، بالإضافة إلى تراجع الثقة الدولية في قدرتها على التعامل كقوى دولية، يمكنها التأثير في الأحداث، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الأزمات والقدرة على احتوائها.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق "بينيت" يسعى لتشكيل تكتل بديل لائتلاف نتنياهو

ترامب: أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق بشأن غزة قريبا جدا

تونس على موعد مع غينيا الاستوائية لحسم الصعود إلى كأس العالم 2026

أرض الحضارة.. معبد الأوزوريون في سوهاج أسطورة فرعونية تحكي أسرار الخلود والعالم الآخر.. تم اكتشافه عام 1903.. يتكون من ممر طويل مائل طوله 60 مترًا وعرضه مترين ونصف.. وعلماء آثار: تصميم نادر.. صور

خروج رنا رئيس من غرفة العمليات.. ووالدتها تؤكد: تعرضت للإجهاض قبل شهر


مواعيد مباريات اليوم الاثنين 8 - 9 - 2025 فى ملاعب العالم والقنوات الناقلة

مفيدة شيحة باكية فى عيد ميلادها: أنا ست بـ100 راجل

وفاة الفنان مصطفى الخضرى والعزاء غدا الثلاثاء

عمرو سماكة: المنتخب الثانى "معمول للشو".. واختيار حلمى طولان قرار خطأ

الفرحة تعم 7 قري بالدقهلية بعد الاتفاق على تنفيذ محطة معالجة الصرف الصحى.. المشروع بتمويل أوروبي قيمته 4.3 مليون يورو.. المشروع مطلب للأهالي منذ سنوات.. وتقليل معدلات التلوث بالمجاري المائية أبرز فوائده


أسما شريف منير ترتدى الحجاب وتعلق: قرار من القلب

ألمانيا ضد أيرلندا الشمالية.. التعادل الإيجابى 1-1 يحسم الشوط الأول

بعد اهتمام الأهلى.. مصدر: تكلفة ضم إبراهيم عادل 7 ملايين دولار

جانتس: رد إسرائيل على مقترح ترامب للصفقة يجب أن يكون بنعم

سبحان الخالق.. الآن شاهدوا الخسوف الكلى.. قرص القمر اختفى تماما

7 مليارات شخص يشاهدون الخسوف الكلي للقمر.. صور

تطورات إصابة محمد شحاتة قبل مباراة الزمالك والمصري

تأييد براءة الراقصة "دوسة" من تهمة التحريض على الفسق والفجور

تحطم صالة الوصول في مطار رامون الإسرائيلي بسبب قصفه من اليمن.. صور

كريستيانو رونالدو يواصل كتابة التاريخ فى كرة القدم برقم استثنائي

لا يفوتك


حرب غزة.. والخطر الاستراتيجى الأكبر

حرب غزة.. والخطر الاستراتيجى الأكبر الإثنين، 08 سبتمبر 2025 12:22 ص

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى